قطر تتجرّع العلقم: هل استجابت لابتزازات تركيا وتحدت ترامب؟

تركيا

قطر تتجرّع العلقم: هل استجابت لابتزازات تركيا وتحدت ترامب؟


16/08/2018

تجرّعت قطر أمس علقم دعايات الصداقة والأخوّة والتضامن التي سوّقتها في علاقتها مع تركيا، وهي علاقة كيدية اختارتها الدوحة مع أنقرة وطهران، في مواجهة جوارها الخليجي، بعد المقاطعة السعودية والإماراتية والبحرينية والمصرية.

وفي خطوة ستغضب، بلا أدنى ريب، إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وتقلب ميزان العلاقة بين واشنطن والدوحة، قالت تركيا إنّ أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وعد، خلال لقاء جمعه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، باستثمارات مباشرة في اقتصادها بقيمة 15 مليار دولار.

الاستجابة القطرية للابتزاز التركي

وجاءت الاستجابة القطرية للابتزاز التركي، بعد فشل محاولة إقناع الكويت دعم الاقتصاد التركي الذي يعاني من أزمة حادة. وأفادت الأنباء أنّ وزارة المالية الكويتية رفضت تقديم أية قروض لتركيا أثناء زيارة خاطفة قام بها وزير الخزانة والمالية التركي وصهر أردوغان، براءت البيرق، الذي التقى نظيره الكويتي نايف الحجرف في اجتماع قصير لم يتجاوز 40 دقيقة عقده في مطار الكويت.

بعد الرفض الكويتي القاطع الاستثمار في اقتصاد يتجه نحو الانحدار أجرى أردوغان اتصالاً هاتفياً مع أمير قطر

وحسب المصادر، فقد طلب البيرق من نظيره تقديم دعم مالي يقدر بـ500 مليون دينار كويتي، أي ما يصل إلى 1.6 مليار دولار أمريكي، من أجل دعم وإنقاذ الليرة التركية.

وبعد الرفض الكويتي القاطع، الاستثمار في اقتصاد يتجه نحو الانحدار يوماً بعد يوم، أجرى أردوغان، اتصالاً هاتفياً مع أمير قطر، في محاولة لحثه على تقديم الدعم المالي العاجل للتخفيف من حدة الأزمة الاقتصادية.

اقرأ أيضاً: مساعدات قطرية لإنقاذ الليرة التركية.. وهذا رد أردوغان

وجاءت الاستجابة القطرية لابتزازات أردوغان في ظل تهديدات قالت مصادر لم يتم التوثق من صحتها إنها وصلت حد التلويح بإغلاق القاعدة العسكرية التركية في قطر التي أنشئت بعد مقاطعة الدوحة، حيث تعهد الجانب التركي آنذاك بحماية المصالح القطرية، بما فيها تأمين الحراسات المشددة لقصر الأمير ومرافق الدولة الحساسة.

فشلت محاولات إقناع الكويت بدعم تركيا

حملة إعلامية تركية ضد قطر

وجاء الاستجابة القطرية في أعقاب حملة إعلامية تركية ضد قطر، بدأتها صحيفة "تقويم" التركية المقرّبة من الحكومة، حيث قالت إنّ حالة من الإحباط سادت المجتمع التركي بسبب "الصمت القطري" تجاه الأزمة التي تعصف باقتصاد البلاد، مذكّرة الدوحة بأنّ أنقرة وقفت معها في أزمتها التي ما تزال مستمرة. كما استعرضت الصحيفة ما وصفته بالدعم التركي الكبير الذي قدمته أنقرة للدوحة على مختلف الأصعدة، بعد مقاطعة غالبية دول الخليج لها لاتهامها  بـ"دعم الإرهاب وتدخلها في شؤون الدول الأخرى، وعلاقاتها مع إيران".

اقرأ أيضاً: ماكماستر: قطر وتركيا الراعيتان الأساسيتان لأيديولوجيا التطرّف

وقالت الصحيفة إنّ تركيا سيّرت عشرات رحلات الشحن الجوية إلى قطر، ووقفت معها جنباً إلى جنب خلال المقاطعة، إلا أنه يجب الاعتراف بأنّ حكومة قطر تتجاهل الآن الوضع في تركيا، ولا تقدّم الدعم السياسي والاقتصادي والإنساني اللازم.

وتساءلت الصحيفة: "كيف تكون هذه صداقة؟"، واصفة صمت الدوحة بـ"الخيانة".

وتطرقت جريدة "الصباح" الموالية للحكومة أيضاً لصمت قطر، لكن بطريقة أقل حدة، ولجأت لتذكير المجتمع التركي بموقف أنقرة في دعم الدوحة.

لا أحد مع أردوغان

واكتشف الرئيس التركي في الأزمة الأخيرة أنّ لا أحد يمكن أن يقف إلى جانبه في المغامرات غير المحسوبة، تماماً مثلما سمع في السابق مواقف صريحة تحثه على عدم إغضاب دول الخليج ومصر لحسابات ضيقة، وإلا لكان الآن قد وجد داعمين من الحجم الكبير للخروج من أزمته المالية، كما قالت صحيفة "العرب".

اقرأ أيضاً: كيف أثرت عفرين في الليرة التركية؟

وربما يكون أردوغان قد تفاجأ حين سمع كلاماً أكثر دعماً له من رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بالمقارنة مع حلفائه الذين كان يراهن على أنهم سينقذونه، لكنهم اكتفوا بمبادلته الوعود تماماً مثلما كان يفعل معهم.

نجح الابتزاز التركي المعطوف على التهديد والوعيد، فزار أمير قطر تركيا والتقى رئيسها، واستجاب على ما يبدو لشروطه. وأكد السفير القطري في أنقرة سالم بن مبارك آل شافي أنّ تركيا "حليف استراتيجي.." وأنّ بلاده "لن تتردد في تقديم الدعم اللازم للجمهورية التركية".

وتأتي الاستجابة القطرية للابتزاز التركي في ظل تراجع واضح للاقتصاد القطري؛ حيث كشف تقرير حديث لمصرف قطر المركزي، عن هبوط بنسبة 82% في استثمارات قطر بالسندات والأذونات الأجنبية منذ أيار (مايو) 2017 حتى نيسان (إبريل) 2018.

دعم الدوحة لأنقرة سيغضب إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ويقلب ميزان العلاقة مع قطر

ووفقاً للتقرير، فقد بلغ إجمالي قيمة استثمارات الدوحة في السندات والأذونات الأجنبية 15 مليار ريال (4.1 مليار دولار) حتى نهاية نيسان (أبريل) 2018. بينما بلغت استثماراتها في السندات والأذونات حتى نهاية أيار (مايو) 2017 (قبيل المقاطعة بأيام) نحو 82.46 مليار ريال (22.6 مليار دولار).

وفي أول شهور المقاطعة، انخفضت استثمارات الدوحة في السندات والأذونات، بنحو 33.2 مليار ريال (9.1 مليار دولار)، إلى 49.19 مليار ريال (13.4 مليار دولار).

اكتشف الرئيس التركي أنّ لا أحد يمكن أن يقف بجانبه في مغامراته غير المحسوبة

مفاجآت الأيام المقبلة

الأيام المقبلة ستكون حبلى بالمفاجآت في هذا الملف المتدحرج، فالرئيس ترامب لن يقف مكتوف الأيدي، وهو يرى ما يعتقد أنها "حليفته"؛ أي قطر، تتضامن مع خصمه اللدود أردوغان، وتلقي له بطوق النجاة، مع إقرار المراقبين وخبراء المال والاقتصاد بأنّ المليارات القطرية لن تسعف الاقتصاد التركي المتهاوي.

اقرأ أيضاً: هل يودي انهيار الليرة التركية بالسلطان أردوغان؟

وتعتقد أوساط تركية أنّ الخطوة الأولى لوقف انهيارات الاقتصاد، هي الإفراج عن القس الأمريكي المحتجز آندرو برانسون، وأنّ المدخل إلى ذلك متوفر بعد أن وجه الأخير التماساً للمحكمة التركية لإطلاق سراحه، مشيرة إلى أنّ هذه الخطوة قد تكون بإيعاز من الرئاسة التركية، أو من وسطائها في الأزمة لفتح كوة ضوء في نهاية النفق.

الصفحة الرئيسية