صفقة سلام من 15 بنداً... هل تنجح المفاوضات في إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية؟

صفقة سلام من 15 بنداً... هل تنجح المفاوضات في إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية؟


17/03/2022

مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية أسبوعها الرابع اليوم، أفادت تقارير إعلامية أنّ "تقدّماً كبيراً" تمّ إحرازه في المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا، فقد نقلت صحيفة "فايننشال تايمز" الأمريكية عن (5) مصادر، وصفتهم بـ"المطلعين"، قولهم: إنّ "أوكرانيا وروسيا حققتا تقدّماً كبيراً في خطة سلام مؤقتة تشمل وقف إطلاق النار وانسحاب روسيا، إذا أعلنت كييف الحياد، وقبلت فرض قيود على قواتها المسلحة."

اقرأ أيضاً: تداعيات الأزمة الأوكرانية على المسألة الإيرانية

وقال اثنان من المفاوضين الأوكرانيين والروس: إنّ المفاوضين الأوكرانيين والروس ناقشوا مسودة الاتفاق المقترح بالكامل لأول مرّة الإثنين الماضي، إلّا أنّ طبيعة الضمانات الغربية للأمن الأوكراني -وقبولها من قبل موسكو- يمكن أن تكون "عقبة كبيرة" أمام أيّ صفقة، بالإضافة إلى حالة أراضي البلاد التي استولت عليها روسيا في عام 2014، على حدّ قول الصحيفة الأمريكية، في إشارة إلى ضمّ شبه جزيرة القرم من جانب روسيا عام 2014 بدعم من الانفصاليين.

مسودة من (15) نقطة

إلى جانب وقف إطلاق النار، وانسحاب روسيا، تقتضي مسودة خطة السلام المطروحة أن تتخلى أوكرانيا عن طموحاتها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "الناتو" كواحدة من بين (15) نقطة أخرى شملتها المسودة.

ووفقاً للصحيفة الأمريكية، فإنّ المسودة تشمل أيضاً إلزام كييف بالتعهد بعدم استضافة قواعد عسكرية، أو تلقي أسلحة أجنبية، مقابل الحماية من الحلفاء مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وتركيا.

وأضاف مصدر أوكراني مطلع على المفاوضات: "نحتاج إلى الضغط عليهم حتى لا يكون لديهم خيار آخر" سوى الموافقة على اتفاق سلام.

 

طبيعة الضمانات الغربية للأمن الأوكراني -وقبولها من قبل موسكو- يمكن أن تكون "عقبة كبيرة" أمام أيّ صفقة

 

 من جهته، قال ميخايلو بودولاك، كبير مستشاري الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لـ"فايننشيال تايمز": إنّ أيّ صفقة ستشمل "مغادرة قوات الاتحاد الروسي على أيّ حال أراضي أوكرانيا"، التي سيطرت عليها روسيا منذ بدء الغزو في 24 شباط (فبراير)، أي المناطق الجنوبية على طول آزوف والبحر الأسود، وكذلك الأراضي الواقعة شرق وشمال كييف.

اقرأ أيضاً: ما موقف الأمريكيين من تدخل بلادهم في أزمة أوكرانيا؟.. استطلاع جديد يجيب

ووفقاً للمستشار الأوكراني، ستحتفظ أوكرانيا بقواتها المسلحة، لكنّها ستضطر إلى البقاء خارج التحالفات العسكرية مثل الناتو، والامتناع عن استضافة قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها.

وقال السكرتير الصحفي لبوتين ديمتري بيسكوف أمس: إنّ حياد أوكرانيا على أساس وضع النمسا أو السويد أمر محتمل، مضيفاً: "تتمّ حالياً مناقشة هذا الخيار بالفعل، ويمكن اعتباره محايداً"، وقال سيرجي لافروف وزير الخارجية الروسي: إنّ "الصيغ المحددة تماماً" كانت "قريبة من الاتفاق" في المفاوضات.

وعلى الرغم من أنّ الدستور الأوكراني يلزمها بالسعي للحصول على عضوية الناتو، إلّا أنّ زيلينسكي ومساعديه قللوا بشكل متزايد من فرص البلاد في الانضمام إلى التحالف العسكري عبر الأطلسي "الناتو"، وهو احتمال تعتبره روسيا استفزازاً.

وفي هذا الصدد، قال بودولاك: "لا يوجد نظام فعّال للأمن الأوروبي الآن، والذي سيديره الناتو. وبمجرّد اندلاع حرب خطيرة في أوروبا، تنحّى الناتو بسرعة"، مضيفاً أنّ أوكرانيا كجزء من أيّ صفقة "ستحتفظ بالتأكيد بجيشها الخاص"، وقلل مستشار الرئيس الأوكراني من أهمية حظر القواعد الأجنبية في أوكرانيا، قائلاً: إنّ القانون الأوكراني منع ذلك بالفعل.

نقاط خلافية

لم تخلُ المفاوضات ومسودة الاتفاق، شأنها شأن أيّ محادثات، من النقاط الخلافية، غير أنّ نقطة الخلاف الكبرى هي مطالبة روسيا بأن تعترف أوكرانيا بضمّها لشبه جزيرة القرم عام 2014 واستقلال دويلتين انفصاليتين في منطقة دونباس الحدودية الشرقية.

وفي هذا الشأن، قال مستشار الرئيس الأوكراني: إنّ بلاده رفضت هذا الأمر، إلّا أنّها مستعدة لـ"تقسيم المسألة".

 

تقتضي مسودة خطة السلام المطروحة بأن تتخلى أوكرانيا عن طموحاتها للانضمام إلى "الناتو" كواحدة من بين (15) نقطة أخرى

 

إلى ذلك، قال اثنان من المصادر المطلعة: إنّ الصفقة المفترضة تضمّنت أيضاً أحكاماً بشأن تكريس حقوق اللغة الروسية في أوكرانيا، حيث يتمّ التحدث بها على نطاق واسع، على الرغم من أنّ الأوكرانية هي اللغة الرسمية الوحيدة.

وقبيل الغزو الروسي في 24 شباط (فبراير) الماضي، برّرت روسيا العملية العسكرية في أوكرانيا بأنّها محاولة لحماية المتحدثين بالروسية في أوكرانيا، ممّا أطلقت عليه "إبادة جماعية" من قبل "النازيين الجدد". وأظهرت مقاطع فيديو جنوداً أوكرانيين يغمسون الرصاص الحي في دهن الخنزير قبل استخدامه في قتل مسلمي الشيشان في المعارك الدائرة.

ليس هناك منتصر حتى الآن

غياب تحقيق أيّ انتصار عسكري، حتى ولو كان محدوداً، قد يدفع الجانب الروسي إلى إطالة أمد العملية العسكرية في أوكرانيا، فقد قال مصدر روسي مطلع على المفاوضات: "كلّ طرف يحتاج إلى الفوز لبيعه للناس، يمكن لبوتين أن يقول إنّنا أردنا منع أوكرانيا من الانضمام إلى الناتو ووضع قواعد وصواريخ أجنبية في أراضيها، إذا فعلوا ذلك، يمكن لبوتين وقتها أن يقول: لقد تحققت أهدافنا".

 

المسودة تشمل أيضاً إلزام كييف بالتعهد بعدم استضافة قواعد عسكرية أو تلقي أسلحة أجنبية من أمريكا وحلفائها

 

ولم يُظهر بوتين حتى الآن أيّ إشارة على عزمه التوصل لحل، بل تعهد أمس الأربعاء بأن تحقق موسكو كلّ أهدافها الحربية في أوكرانيا، وفقاً للصحيفة الأمريكية. وقال في خطاب متلفز: "لن نسمح أبداً لأوكرانيا بأن تصبح معقلاً للأعمال العدوانية ضدّ بلدنا"، غير أنّ المصدر الروسي قال: إنّ "التسوية المقترحة، إذا تمّ الاتفاق عليها، يمكن أن تمنح الجانبين طريقة مقنعة لإعلان النصر في الحرب."

مذكرة بودابست

على الرغم من أنّ موسكو وكييف قالتا إنّهما أحرزتا تقدّماً بشأن شروط الاتفاق، فإنّ المسؤولين الأوكرانيين يشكّكون في أنّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ملتزم تماماً بالسلام، ويُخشى أن تشتري موسكو الوقت لإعادة تجميع قواتها واستئناف هجومها.

وفي 1994 وقّعت روسيا وأوكرانيا ما يُعرف بـ"مذكرة بودابست"، حيث وافقت موسكو على احترام سيادة أوكرانيا وحدودها الوطنية مقابل موافقة كييف على التخلي عن ترسانتها النووية، إلّا أنّ هذه الاتفاقية "فشلت" على حدّ قول الصحيفة الأمريكية، عندما ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم في 2014.

ووفقاً لموقع "ذا كونفرسيشن" البريطاني، تتكّون مذكرة بودابست من سلسلة من الضمانات السياسية، حيث تلتزم الدول الموقعة "باحترام استقلال أوكرانيا وسيادتها والحدود الحالية لأوكرانيا"، إلّا أنّ معنى التأكيدات الأمنية تُرك غامضاً عمداً.

ونقل الموقع عن دبلوماسي أمريكي سابق شارك في محادثات بودابست عام 1994، ستيفن بيفر: كان من المفهوم أنّه إذا كان هناك انتهاك، فسيكون هناك ردّ من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وبينما لم يتمّ تحديد هذا الردّ بشكل صريح، يشير بايفر إلى أنّ "هناك التزاماً على الولايات المتحدة بموجب مذكرة بودابست لتقديم المساعدة لأوكرانيا، ومن شأنه أن يشمل المساعدة العسكرية الفتاكة"، الأمر الذي كان جلياً عقب ضمّ روسيا لشبه جزيرة القرم، حيث كثفت الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة ما أُطلق عليه "تقوية" القوات المسلحة الأوكرانية، من خلال التدريب وتوفير أسلحة "فتاكة"، وسط اتهامات لواشنطن مؤخراً بأنّها تدير نحو (30) مختبراً بيولوجيّاً لإجراء "تجارب بيولوجية خطيرة" في أوكرانيا، إلّا أنّه لم يُعرف على الفور ما إذا كانت تلك المختبرات تأتي ضمن مساعدات الأسلحة "الفتاكة".

ما علاقة إسرائيل بهذه الخطة؟

بينما تتهرّب إسرائيل من محادثات السلام في الشرق الأوسط، ذهبت لتتوسط لإحلال السلام بعيداً عن الأراضي العربية، حيث نقلت "فايننشال تايمز" عن (3) مصادر مطلعة قولها: إنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت كان الوسيط الدولي الرئيسي في المفاوضات، بعد زيارة مفاجئة لموسكو في 5 آذار (مارس)، وقد أجرى محادثات متتالية مع بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قبل يومين.

 موقف الولايات المتحدة

صرّح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس أمس الأربعاء بأنّ واشنطن ترحب بعبارات الأمل والتفاؤل بشأن المحادثات الدبلوماسية بين روسيا وأوكرانيا، إلّا أنّه قال: إنّ الولايات المتحدة تريد أن ترى "خفضاً للتصعيد" من روسيا، ولم يكن هناك "مؤشر ملموس" على أنّ بوتين "يُغيّر مساره".

 

نقطة الخلاف الكبرى هي مطالبة روسيا بأن تعترف أوكرانيا بضمّها للقرم عام 2014، واستقلال دويلتين انفصاليتين في دونباس

 

وعلى الرغم من التقدّم في محادثات السلام، تعرّضت المدن الأوكرانية لقصف عنيف لليوم الثالث على التوالي، بينما قالت كييف: إنّها تشنّ هجوماً مضادّاً ضدّ الغزاة الروس، على حدّ قول "فايننشال تايمز".

وأمس، وافق الرئيس الأمريكي جو بايدن على حزمة من المساعدات العسكرية الجديدة لأوكرانيا بقيمة (800) مليون دولار، شملت الأسلحة المضادة للطائرات والطائرات بدون طيار، من أجل تعزيز دفاعات أوكرانيا ضدّ الغزو الروسي.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية