انتخابات 2018: مؤشرات جديدة على طبيعة المعركة السياسية لحزب الله

لبنان

انتخابات 2018: مؤشرات جديدة على طبيعة المعركة السياسية لحزب الله


04/04/2018

كشف المرشح السابق عن المقعد الشيعي في دائرة بعلبك-الهرمل، في البقاع الشمالي، الشيخ عباس الجوهري، عن تعرض سائقه لإطلاق نار في حي الشيخ حبيب في البقاع، بعد اعتراض سيارة دفع رباعي لسيارة السائق وإطلاق النار في الهواء وشتم الشيخ. وقد اعتبر الجوهري، في اتصال مع صحيفة "النهار" اللبنانية أنّ ما سمّاه (التهديد بالقتل يأتي اليوم استكمالاً لعمليات التهديد التي وجّهت له منذ إعلان الترشح للانتخابات، وما رافق ذلك من عمليات تخوين وتهديد من "حزب الله" تحديداً)، مؤكداً أنّ "الملثّمَينِ تابعان لأحد المسؤولين في حزب الله". بدوره، روى سائق عباس أنّه أثناء توجّهه إلى البقاع أوقفته السيارة بالقرب من جامع "الإمام علي"، و"أنزلوني من السيارة بالقوة، موجهين الشتائم والتهديد إليّ وإلى الشيخ عباس"، مضيفاً "عندما توقفت بعض السيارات للاستفسار عما يحصل أطلق المسلحان النار في الهواء لترهيب الناس قبل أن يفرّا من المكان".

المرشح عباس الجوهري

مكاسب انتخابية بوسائل غير سياسية

مثل هذا الحادث، وغيره كثير، إنما يُقدّم مؤشرات ودلائل جديدة على طبيعة المعركة السياسية المقبلة في أيار (مايو) المقبل، ومن ذلك:

أولاً، أنّ المعركة الانتخابية في لبنان تدخل مرحلة "كسر عظم" من طرف "حزب الله" لتحقيق مكاسب انتخابية بوسائل غير سياسية، وأن الرسالة التحذيرية للشيخ الجوهري جاءت، على ما يبدو، على خلفية دعمه لائحة منافسة للثنائية الشيعية (حزب الله وحركة أمل) في دائرة بعلبك- الهرمل.

ثانياً، أنّ حادث إطلاق النار المشار إليه لا ينفصل عن موقف "حزب الله" من الجوهري؛ الذي كرر موقفه المعارض لمشاركة "حزب الله" في الحرب في سوريا إلى جانب بشار الأسد، واعتبر تلك المشاركة "خطيئة تاريخية وإستراتيجية، كما أنّها مستنكرة ومدانة".

المعركة الانتخابية في لبنان تدخل مرحلة كسر عظم من طرف حزب الله لتحقيق مكاسب انتخابية بوسائل غير سياسية

ثالثاً، أنّ هذا الاعتداء يأتي بعد حملة ممنهجة قادها الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، ضد اللوائح المنافسة في دائرة بعلبك-الهرمل، وعلى وجه الخصوص اللائحة التي تضم كلاً من تيار "المستقبل" و"القوات اللبنانية" ومستقلين شيعة، كما تذكر صحيفة "العرب" اللندنية. واعتبر الشيخ عباس الجوهري أنّ ما حدث مرتبط كذلك بحملة التخوين والتحريض التي يتعرض لها المرشحون الشيعة المعارضون؛ وخصوصاً في البقاع الشمالي. وأشار في تصريحات صحافية إلى أنّه "لن يتراجع عن مواقفه وهو ينتظر رصاصتين في القلب؛ في ظل وجود القوى الشيعية المهيمنة على الطائفة؛ الذين حوّلوا بعض شبابها إلى مجموعة من القتلة".

"حزب الله" والاغتيال المعنوي لمعارضيه

وفي سياق سعي "حزب الله" لممارسة الاغتيال المعنوي لشخصيات المرشحين المعارضين له، وصف نصرالله مؤخراً المنافسين على دائرة بعلبك-الهرمل بـ"المقتاتين على مائدة السفارات" وداعمي "النصرة وداعش"، مشدداً على أنّه "لن نسمح لهم بأن يمثلوا المنطقة في المجلس النيابي".

هناك حملة تخوين وتحريض يتعرض لها المرشحون الشيعة المعارضون وخصوصاً في البقاع الشمالي

وكان الجوهري قد أوقف قبل أيام من طرف جهاز الأمن العام؛ بعدما تبين أنّ بحقه مذكرة توقيف غيابية بجرم مخدرات!! وقد اعتبر كثيرون أنّ هذا التوقيف ذو بعد سياسي ومرتبط بتشكيله لائحة منافسة لـ"حزب الله" في دائرة بعلبك-الهرمل التي يعتبرها الحزب أحد معاقله الرئيسية، وأنه لا يجوز بأي حال السماح بأي خرق فيها. وبعد إخلاء سبيله، قرر الجوهري سحب ترشيحه عن مقعد بعلبك- الهرمل، معلناً دعمه للائحة المستقلين الشيعة المتحالفين مع "القوات" و"المستقبل"، كما تفيد "العرب" اللندنية.

 

 

أم المعارك الانتخابية؟

وتقول دوائر سياسية لبنانية إنّ "حزب الله" يعتبر دائرة بعلبك –الهرمل أم المعارك الانتخابية، وأنّ الاعتداء الأخير وقبله اعتقال الشيخ الجوهري، وتخوينه للمنافسين، واتهامهم بالإرهاب، تكشف أنّه مستعد للذهاب بعيداً في هذه المعركة. وكان الأمين العام لـ "حزب الله" أكد في خطاب له خلال مناسبة دينية في شباط (فبراير) الماضي أنّ "دائرة بعلبك - الهرمل في الانتخابات المقبلة ستكون محط أنظار أمريكا وبعض القوى المحلية لأسباب عدة، أبرزها تاريخها مع المقاومة، وهذه الدائرة تعني حزب الله، وسيضعون جهودهم في هذه الدائرة، والخرق فيها أمر طبيعي بسبب القانون النسبي". وأضاف: "على أهل المقاومة أن يتحملوا مسؤولياتهم في هذه الدائرة فالعين عليها، من السفارة الأمريكية وغيرها؛ إذ عندما يتحدثون عن اللوائح من أهم الدوائر التي يفكرون بها بعلبك – الهرمل... وأنا أتحدث عن معلومات".

أكثرية من قتلى "حزب الله" في سوريا من بعلبك-الهرمل

في سياق ذي صلة، لفت موقع "وور أون ذا روكس" في دراسة تحليلية أعدّها مايكل أيزنشتات وكندل بيانتشي، ونُشرت في منتصف كانون الأول (ديسمبر) الماضي إلى أنّ الشريحة الأكبر من قتلى "حزب الله" في الحرب السورية ينحدرون من محافظة بعلبك-الهرمل، الواقعة شمال شرق لبنان، على الحدود مع سوريا. بل أشارت الدراسة أيضاً إلى أنّ 20% من "الشهداء" الذين سقطوا خلال الفترة 1982-2000 ينحدرون من بلدات في هذه المحافظة مقارنة مع نحو 28% لـ "الشهداء" الذين سقطوا خلال الأعوام الأخيرة. وأضافت الدراسة (ترافق هذا التحول مع ظهور جرى مؤخراً للعديد من "الشهداء" من قرى تقع عبر الحدود اللبنانية-السورية بما في ذلك زيتا والديابيه وحويك-بالقرب من مدينة القصير السورية- والتي لم تكن ضمن البلدات التي انحدر منها "الشهداء" خلال الفترات السابقة، وهذا يشير إلى أنّ قاعدة التجنيد الجغرافية لـ "حزب الله" توسعت مع مرور الوقت). وأفادت الدراسة بأنّ منطقة بعلبك-الهرمل تعاني فقراً مدقعاً، ما قد يشير إلى أنّ العوامل الاقتصادية أصبحت تُشَكِّلُ دافعاً أهم للمجندين مما كان عليه الأمر في الماضي.

 

 


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية