أطباء يعتلون منابر المساجد في غزة للتوعية بفيروس كورونا

كورونا

أطباء يعتلون منابر المساجد في غزة للتوعية بفيروس كورونا


31/03/2020

تغريد علي

في خطوة جديدة ومشهد لم يعهده المصلون في قطاع غزة، اعتلى أطباء يرتدون المعاطف البيضاء والكمامات الطبية منابر المساجد في قطاع غزة، في 20 آذار (مارس) الجاري، لإلقاء خطب الجمعة بدلاً من الأئمة والخطباء، والذين اعتاد المصلون على مشاهدتهم، وذلك لمخاطبة المصلين لاتباع الإجراءات الوقائية الصحيحة، تجنباً لتفشي وباء كورونا (كوفيد 19)، جامعين في خطبهم بين النصائح الطبية والوعظ الديني، وتأتي هذه الخطوة بعد حملة واسعة قامت بها مؤسسات مجتمعية بتعقيم مساجد القطاع كافة، بهدف توفير متطلبات الأمن والسلامة ضدّ انتشار الفيروس بين السكان.

اقرأ أيضاً: هل يمكن أن أصاب بفيروس كورونا مرتين؟

وجاءت هذه المبادرة بالتعاون بين نقابة الأطباء الفلسطينيين ووزارة الأوقاف والشؤون الدينية، بهدف تقديم شرحٍ لسكان القطاع حول كيفية انتشار فيروس كورونا وطرق الوقاية من الإصابة به، والحديث عن فوائد الحجر الصحي المنزلي، وأعراض الإصابة بفيروس كورونا المستجد، وكيفية التعامل مع الحالات المشتبه في إصابتها.

مخاطبة المصلين لاتباع الإجراءات الوقائية الصحيحة، تجنباً لتفشي وباء كورونا

وكانت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية أصدرت تعليمات للمصلين، تضمّنت دعوة كبار السنّ والأطفال والمرضى إلى الصلاة في بيوتهم وعدم الذهاب إلى المساجد، فيما دعت من يرغب في الصلاة بالمسجد إلى إحضار سجادته، وعدم استخدام مرافق المساجد في الوضوء والتباعد في الصفوف.

الإسلام حرص على سلامة الإنسان وكرّمه وفضّله على كثيرين من خلقه، وطالب بحفظ صحته وحمايته من المخاطر المحيطة

وجابت مركبات تابعة لشرطة المرور بغزة، شوارع قطاع غزة لتوجيه إرشادات إلى المواطنين عبر مكبرات الصوت للوقاية من فيروس "كورونا"، كما قررت الشرطة إغلاق المقاهي، والمطاعم، وصالات الأفراح، والأسواق الشعبية، ومنع إقامة بيوت العزاء، والحفلات الأسبوعية، وتعطيل الصلاة بداخل المساجد، وذلك في جميع محافظات قطاع غزة، اعتباراً من 22 آذار (مارس) الجاري وحتى إشعار آخر.

وتأتي هذه الإجراءات بعد إعلان وكيل وزارة الصحة في قطاع غزة، في 22 آذار (مارس) الجاري، عن تسجيل أول حالتي إصابة بفيروس كورونا في قطاع غزة، وأضاف في مؤتمر صحفي؛ "الحالتان لمواطنين اثنين عائدين من باكستان، وكانتا بين المحجوزين، وتمّ عزل الحالتين بمستشفى رفح الميداني"، مؤكداً أنّ المصابَين لم يدخلا القطاع، ولم يتم تسجيل أيّة حالة داخل قطاع غزة.

خطوة إيجابية

بدوره، تحدّث الدكتور محمد غنيم، الذي قام بإلقاء خطبة الجمعة بالمسجد العمري الكبير في مدينة غزة، عن أنّ "هذه الخطوة تأتي استجابة لدعوة وزارة الأوقاف والشؤون الدينية باختيار عدد من الأطباء من ذوي الخبرة والاختصاص للحديث حول مخاطر فيروس كورنا، وكيفية انتقاله للأشخاص، والطرق اللازمة لاتخاذ الإجراءات الوقائية الصحية لتجنب انتشار الوباء"، مبيناً أنّ "المنابر وضعت منذ عهد الرسول، صلّى الله عليه وسلم، لمناقشة أمور البلاد والعباد، ولم تكن مقتصرة على الأمور الدينية فقط".

اقرأ أيضاً: هل يؤسس "كورونا" لتحالفات دولية جديدة؟

وبيّن غنيم، في حديثه لـ "حفريات"؛ أنّ "ظهور أطباء متخصصين على منابر المساجد هو سابقة جميلة وخطوة إيجابية تدلل على الفهم الصحيح لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، والذي يهدف لمناقشة القضايا التي تعصف بالسكان، وتشكل هاجساً لهم في حياتهم، وهو الأمر الذي لم تعهده مساجد غزة منذ عشرات الأعوام، لتعريف السكان وتوعيتهم بالطرق المختلفة لانتقال الفيروس، وكيفية تكاثره داخل الجسم، وما يسببه من تأثير كبير على البلدان التي ينتشر بها، إضافة إلى التعرف على الأعراض الجسدية التي تؤكد إصابة الشخص بالفيروس وانتقال العدوى إليه".

هذه الخطوة تأتي استجابة لدعوة وزارة الأوقاف باختيار عدد من الأطباء للحديث حول مخاطر كورونا

ولفت إلى أنّ "الخطبة التي تمّ إلقاؤها قامت بتسليط الضوء على الإجراءات الاحترازية التي يجب على السكان اتخاذها والتي تضمن سلامتهم، من خلال اتّباع عدة طرق صحية، كتجنب المصافحة والتقبيل، وعدم التواجد في الأماكن المزدحمة، وغسل الأيدي بشكل مستمر بالماء والصابون والمواد المعقمة، مع ضرورة الالتزام بتعليمات الجهات الصحية، وكذلك إبراز دور العديد من المبادرات التي قامت بها مؤسسات مجتمعية فلسطينية لتعقيم المساجد والمدارس والشوارع والأسواق، والتي من شأنها مواجهة الفيروس قبل أن ينتقل إلى الأشخاص، مع ضرورة تفعيل المزيد منها لتجنب مخاطر انتقال العدوى بين السكان".

سلوكيات جديدة
ويقول الطبيب أحمد حمدان، لـ "حفريات" إنّ "وقوف الأطباء على منابر المساجد جاء حرصاً من المعنيين لتوعية السكان في قطاع غزة بفيروس كورونا، وسبل الوقاية منه، وعدم الاستهتار بالوباء وتوخي الحيطة والحذر، لتوعية المواطنين بالمخاطر التي قد تتسبب في إنهاء حياتهم، في حال عدم اتّباعهم للأساليب الوقائية الصحية التي توصي بها الجهات المختصة"، مشيراً إلى أنّ "هناك حالة من الخوف والقلق الشديدَين لدى كثيرين من السكان بغزة، وكان لا بدّ من هذه الخطب للتهدئة من روعهم، ودعوتهم لاتّباع الأساليب السليمة للمحافظة على صحتهم".

المواطنة إنعام موسى لـ"حفريات": السكان في غزة يعيشون حالة من الخوف والقلق كلما اكتشفت حالات جديدة مصابة بفيروس كورونا

وتابع حمدان، الذي قام بإلقاء خطبة الجمعة في مسجد خالد بن الوليد شمال غزة: "لا بدّ من اتّباع السكان في غزة لسلوكيات جديدة تكون أكثر جدية من أيّ وقت سبق، مع اتساع رقعة انتشار الفيروس والذي أصبح يتهدد ليس فقط الفلسطينيين بل كافة السكان حول العالم، واتخاذ خطوات جريئة تكاد تكون غريبة على المجتمع الفلسطيني، كالبعد عن الزيارات الاجتماعية، وعدم المصافحة والتواجد في الأماكن المكتظة، وتجنب المشاركة في الأفراح والأتراح التي تزدحم بالزائرين، والبقاء داخل المنازل، وكذلك الاهتمام بالنظافة الشخصية الكاملة".

اقرأ أيضاً: لماذا تساعد الصين أوروبا في مواجهة وباء كورونا؟

وعمّا هو مطلوب من السكان بغزة لتجاوز هذه المحنة العصيبة يقول حمدان: "الخوف المتزايد يعتبر أحد أبرز الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الاضطرابات النفسية لدى الأشخاص، وهي من شأنها أن تؤثر بشكل مباشر على الجهاز المناعي، الذي يعدّ خطّ الدفاع الأول ضدّ الفيروسات المعادية، وعليه يجب على جميع السكان التعايش مع الظروف الحالية طبيعياً مع توخي الحذر، وتجنب التواجد في الأماكن المزدحمة".

 

 

قبول شعبي

وعبّر المواطن تيسير صبرة عن تأييده لخطوة صعود طبيب على منبر المسجد لتوعية السكان، وتوجيههم بكيفية التعامل مع الأخطار المحدقة، كانتشار فيروس كورونا، واتخاذ الإجراءات الاحترازية الواجب اتباعها لمواجهة انتشاره، وتجنب الإصابة به".

اقرأ أيضاً: كيف يخوض الجزائريون معركتهم مع كورونا؟
وبيّن صبرة (45 عاماً)، وهو من حي الشجاعية شرق غزة؛ أنّ "هذه الخطب تجنب قطاع غزة حدوث أزمة صحية كبيرة بين سكانه، بعد أن أصبحت الحياة في القطاع شبه متوقفة، نتيجة إلى تقييد حرية الحركة والتنقل، وإغلاق المساجد والمقاهي وصالات الأفراح وغيرها، بعد حالة الخوف والقلق التي أصابت أعداداً كبيرة من المواطنين، خوفاً من إصابتهم بفيروس كورونا".

اقرأ أيضاً: الحب في زمن كورونا: خطوبة آية وباسم "أونلاين"

وقالت المواطنة إنعام موسى (34 عاماً)، من مدينة غزة: "السكان في غزة يعيشون حالة من الخوف والقلق مع اكتشاف حالات جديدة مصابة بفيروس كورونا، وكان لا بدّ من هؤلاء الخطباء الأطباء لتوعية المواطنين بكيفية مواجهة الفيروس وتجنب الإصابة به، واستقاء المعلومات الصحيحة منهم، بعد انتشار عدة إشاعات داخل المجتمع من أفراد جهات غير معروفة، تتحدث عن أرقام زائفة بخصوص أعدد المصابين، والآثار المرضية التي يحدثها عليهم في المستقبل".

السكان في غزة يعيشون حالة من الخوف والقلق

ودعت موسى وزارة الأوقاف إلى عقد المزيد من هذه الخطب، ليس فقط على منابر المساجد أيام الجمعة، بل أن تشمل حملات التوعية بعد أداء كافة الصلوات المفروضة، مشيرة إلى أنّ الإسلام حرص على سلامة الإنسان وكرّمه وفضّله على كثيرين من خلقه، وطالب بحفظ صحته وحمايته من كافة المخاطر المحيطة.

يذكر أنّ الناطق باسم الحكومة الفلسطينية، إبراهيم ملحم، أعلن في ساعة مبكرة أول من أمس، الأحد، تسجيل 6 إصابات بفيروس كورونا، ليرتفع إجمالي عدد المصابين إلى 104.

اقرأ أيضاً: شوارع السعودية خالية بسبب كورونا: الترقب سيد المكان

وتم، بحسب ملحم، "تسجيل 6 إصابات بفيروس كورونا، في بلدة قَطنة شمال غرب القدس، منها 5 إصابات لعائلة واحدة بينهم طفلة في الثانية عشرة من عمرها، و3 نساء تتراوح أعمارهن بين (30- 50) عاماً، ورجل ثلاثيني وآخر خمسيني، ما يرفع حصيلة الإصابات في أراضي السلطة الوطنية الفلسطينية إلى 104".
ومن ضمن الإصابات أيضاً، 9 حالات في قطاع غزة، فيما البقية في الضفة الغربية.
وسجلت فلسطين أولى الإصابات بالفيروس في الخامس من الشهر الجاري، بمدينة بيت لحم، بعد اختلاط فلسطينيين بسياح يونانيين، تبين إصابة بعضهم، بعد عودتهم إلى بلدهم، وبحسب وكالات أنباء.



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية