مصر في زمن الكورونا: الحياة "أون لاين"

كورونا

مصر في زمن الكورونا: الحياة "أون لاين"


23/03/2020

بدأ المخرج المصري، أحمد رشوان، في استقبال ضيوف عرض فيلمه الأحدث "قابل للكسر"، من بطولة الفنانة حنان مطاوع، في عرضه العالمي الأول، بمهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، في التاسع من آذار (مارس) الجاري، غير أنّ وباءً عالمياً ظهر في الصين قبل شهور تسبّب في وقف عرض الفيلم قبل موعده بساعات، وإيقاف جميع فعاليات المهرجان، وتعطيل وزارة الثقافة المصرية لجميع الفعاليات الجماهيرية في الدولة.

وصل حجم المعاملات الإلكترونية في مصر إلى ٢ مليار دولار في ٢٠١٩ بحسب تقرير لجنة الاتصالات بمجلس النواب

بعد 72 ساعة من الموقف الذي واجهه رشوان، اكتشفت أول بؤرة مصابة بفيروس كورونا في مركب سياحي بمدينة الأقصر، ليعود رشوان إلى القاهرة بصحبة المخرج التونسي، مروان طرابلسي، أحد ضيوف المهرجان، وبعد عودتهما انتشرت مطالبات الجميع على منصات التواصل الاجتماعي في القاهرة، بالبقاء في المنزل، فالخطر أصبح قريباً، في تلك اللحظة تجاوز رشوان ما حدث في الأقصر، وبدأ بصحبة طرابلسي بدعم المطالبات بالبقاء في المنزل، بإتاحة أفلامهم السابقة مجاناً على المنصات الإلكترونية.
رشوان قال عن الفكرة في تصريح لـ"حفريات": "بدأها هادي زكاك من لبنان، عندما نشر بشكل مجاني فيلمه "يا عمري"، في تلك اللحظة قررت بصحبة طرابلسي المشاركة بنشر أفلامنا السابقة، دعماً لهاشتاج خليك في البيت".
"العالم أون لاين" هو لسان حال الجميع في مصر الآن

لسان حال الجميع
"العالم أون لاين" هو لسان حال الجميع في مصر الآن؛ أوقفت الدولة التعليم في المدارس والجامعات، وأطلقت مواقع إلكترونية تباعاً، أتاحت عليها الكتب الدراسية، ومحاضرات ودروس مسجلة، وأيضاً امتحانات إلكترونية، تستعدّ لاستقبال 23 مليون طالب في المراحل العمرية ما قبل التعليم الجامعي، طبقاً لإحصائية الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في القاهرة.

اقرأ أيضاً: إسبانيا مرعوبة من كورونا ومن مخاوف "سيناريو إيطاليا"
ربما أجبرت كورونا المصريين على البقاء في المنزل، والبحث عن بدائل للحياة "أون لاين"، تقلل من الاختلاط والتجمعات، بيد أنّ الإحصائيات المنشورة عن استخدام المصريين للإنترنت غير بعيدة عن ذلك العالم، بحسب تقرير "we are social" لأبحاث الإنترنت، نشرت جريدة "المال" جزءاً منه، وصل عدد مستخدمي منصات السوشيال ميديا إلى 40 مليون مستخدم، يمثلون 40% من إجمالي عدد السكان، البالغ 100 مليون نسمة، ويصل عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي عبر الهاتف الذكي 38 مليون مستخدم، ما يعادل 38%.

اقرأ أيضاً: كورونا: روحاني وورقة التوت
التقرير أكّد أنّ كلّ مصريّ يقضي ما يقرب من 3 ساعات و4 دقائق يومياً على المنصات والتطبيقات المختلفة، ويستخدم 35% وسائل التواصل أثناء العمل، ويستخدم موقع الفيسبوك 39 مليوناً بواقع 36% من الإناث، و64% من الذكور، و11 مليون متابع لموقع إنستغرام؛ منهم 58% من الذكور، و42% من الإناث.
ويبلغ عدد مستخدمي واتس أب 2.36 مليون مستخدم؛ 79% من الرجال، و21% من النساء، ويأتي سناب شات في المرتبة الرابعة بعدد 3.05 مليون مستخدم، 73% من الرجال، و24% من الإناث، وفي المرتبة الأخيرة "لينكد إن" بعدد 3.06 مليون مستخدم؛ 71% من الذكور، و29% من الإناث.

اقرأ أيضاً: فيروس كورونا... مَن وراء إعادة تشكيل العالم؟
ربما كان الاستخدام قبل أزمة كورونا للترفيه، أو التواصل الاجتماعي عموماً، غير أنّ الوضع اختلف الآن، فمصير طفلك الدراسي أصبح متوقفاً على اختبارات يجريها على موقع إلكتروني، بعد قرارات أعلنتها وزارة التعليم في مصر، بإقرار التعليم عن بعد عن طريق موقع إلكتروني أطلقته الوزارة، إلى جانب أنّ تسوق البضائع ومستلزمات البيت بشكل آمن يجنبك كورونا لن يحدث إلا عن طريق التسوق من خلال المتاجر الإلكترونية.
 تأخّر المصريون كثيراً في تقبل الأمر

خليك في البيت
حملات أطلقها شباب مصري على منصات التواصل الإجتماعي، من أجل تجنّب تفشي الوباء، دفعت مؤسسات عديدة لاستبدال البيع الإلكتروني بالتواصل المباشر، منها ما أعلنت عنه الدار المصرية اللبنانية في القاهرة، من خلال حملات ترويجية على السوشيال ميديا، شارك فيها الأدباء، أشرف العشماوي، وطارق إمام، وهشام الخشن، وأحمد القرملاوي، تطالب القراء بالتزام منازلهم، وشراء الكتب "أون لاين".

اقرأ أيضاً: ما حقيقة هذه النصائح المتداولة حول فيروس كورونا؟
مديرة النشر في الدار، نرمين رشاد، قالت في تصريح لـ "حفريات": "لدينا شعور كناشرين بمسؤولية مجتمعية أمام ما يحدث، أطلقنا الحملة بالتنسيق مع أدباء من مصر، دعماً للتسوق الإلكتروني منعا للتجمعات، وتقليل الخروج من المنزل". مضيفة: "من جانب آخر؛ إيقاف معارض الكتاب العربية تسبّب بخسائر كبيرة لصنّاع الكتاب في المنطقة العربية، خسائر الدار المصرية اللبنانية، وحدها وصلت 50%، وأصبح التوجه إلى التسوق الإلكتروني محاولة للخروج من الأزمة".

اقرأ أيضاً: هل القرب من التكنولوجيا والانفصال عن الطبيعة وراء تفشي كورونا؟
الناشر زياد إبراهيم، مدير "بيت الياسمين للنشر"، أطلق مؤخراً متجره الإلكتروني لبيع كتب الدار "أون لاين"، موضحاً في تصريح لـ "حفريات": "توقف معارض بيع الكتب دفعنا للبحث عن بديل، وفي ظلّ تلك الظروف كان التسوق الإلكتروني هو الحلّ الأمثل، ورغم أنّ المسألة في بداياتها، ومن الصعب تحديد جدوى التسوق الإلكتروني من عدمها الآن، فإنّ البدايات مبشرة".

اقرأ أيضاً: بسبب كورونا: إسرائيل في أسوأ أحوالها
ربما تأخّر المصريون كثيراً في تقبل الأمر، البعض قلّل من خطورة كورونا، تهاون استمر حتى ظهيرة السبت 21 آذار (مارس) الجاري، عندما فوجئ الجميع بإعلان الأرثوذكس والكاثوليك والإنجيليين في مصر إغلاق كنائسهم، ووقف الصلوات، ثم أعلن شيخ الأزهر إغلاق الجامع الأزهر، أكبر مساجد القاهرة وأهمها، بعد ذلك بدقائق قليلة أعلنت وزارة الأوقاف في مصر غلق المساجد وإيقاف صلاة الجماعة، في محاولة من المصريين لتجاوز المجهول المنتظر، الجميع يتحدث بقلق عن القادم، وبداية تفشي الوباء.

العالم الافتراضي هو الحلّ
الكاتب والباحث المصري في مجال الثقافة الرقمية، محمد سيد ريان، يرى أنّه "لأعوام طويلة ظلّ دعاة الثقافة الرقمية والتعليم الإلكتروني ينادون بضرورة الإيمان بالحلول الرقمية لمعظم الاحتياجات البشرية، وأهمية البديل الإلكتروني كمؤثر فعال في العالم الواقعي. ولكن ظلّ الأمر ينمو ببطء".

اقرأ أيضاً: الجزائريون منقسمون حول محاربة "كورونا".. لهذه الأسباب
يضيف ريان، في تصريح لـ "حفريات": "عام ٢٠١٨؛ وصلت أعداد الحاصلين على كورسات عبر الإنترنت إلى أكثر من 100 مليون متعلم، وفق إحصائيات موقع "Class Central"، وفي مصر وصل حجم المعاملات الإلكترونية إلى ٢ مليار دولار في ٢٠١٩، بحسب تقرير لجنة الاتصالات بمجلس النواب، وفي الوقت الحالي؛ أصبح التطور الرقمي يفوق التطور الثقافي، الذي بدوره يفوق التطور البيولوجي، كما يشير المتخصصون في مجال تكنولوجيا المعلومات".

عدد مستخدمي منصات السوشيال ميديا بلغ 40 مليون مستخدم يمثلون 40% من إجمالي عدد السكان الـ 100 مليون نسمة

فى ظلّ الأجواء الطارئة التي يمرّ بها العالم، مع تفشي فيروس كورونا المستجد، فإنّ النظرة تغيرت للأمور، فقد أصبح الحلّ الرقمي حتمياً وليس بديلاً: "في رأيي؛ هذا هو الاختبار الحقيقي لوجود الثقافة الرقمية والتعلم الإلكتروني في حياتنا، وسيترتب عليه نتائج كبيرة، أبرزها تغيير سلوك القارئ – لا المتلقي – في عصر الحتمية الرقمية".
ويرى محمد سيد ريان أنّه ستنشأ مجالات معرفية وتخصصات جديدة برؤية رقمية تناسب هذا العالم الذي من الواضح أنه سيتغير شئنا أم أبينا:"ربما نخرج من تلك الأزمة وقد أصبح الرقمي هو الأنسب والأمثل وغيره هو البديل الهامشي".

اقرأ أيضاً: هل حقاً حصل الكلوركين على الموافقة كعلاج لوباء كورونا؟
وبحسب ريان يظل السؤال هو مدى قدرة البنية المعلوماتية الحالية على مواكبة هذا التطور، وكذلك مدى استيعاب الكوادر البشرية لهذا التغيير، ليصبح الطلاب والمحاضرون في فصول إلكترونية، والكتّاب والقرّاء في معارض مفتوحة "أون لاين" للكتاب، مع الاتجاه العالمي نحو اختيار التجارة الإلكترونية كطريقة آمنة للتعامل البشري في ظلّ المخاطر.

الصفحة الرئيسية