إخوان ليبيا وحقيقة المراجعة

إخوان ليبيا وحقيقة المراجعة


20/01/2019

ميلاد عمر المزوغي

المتعارف عليه ان الشخصيات العادية والاعتبارية (المؤسسات الخاصة والعامة) وأيضا الدول، تسعى على فترات إلى تقييم عملها ومدى تحقيقها لأهدافها ومدى قبول الآخرين لها ومن ثم العمل على تجنب الأخطاء وتعديل الخطط وقد يستلزم الأمر تغيير المسار ولكن بالتأكيد ليس 180 درجة لتحقيق الأهداف المشتركة للجميع ولو بالحد الأدنى.

بعيدا عن التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وتاريخه المليء بالمآسي لشعوبنا العربية والإسلامية، فإخوان ليبيا مارسوا الخداع والتدليس بان ترشح بعض الاعضاء بصفة فردية في انتخابات العام 2012 البرلمانية ومن ثم شكلوا حزبا لهم حمل نفس اسم حزب اردوغان ما يدل على مدى الترابط بينهم ان لم نقل مدى تبعيتهم له التي تجلت في زياراتهم المتكررة، ولكنهم رغم ذلك لم ينالوا الاغلبية المطلقة لحكم البلد، بل أصبحوا حجر عثرة في وجه قيام المؤسسات بدورها.

رأوا في تولي مرسي حكم مصر حلما لهم بإقامة الخلافة الاسلامية، قدموا له منحة الملياري دولار، لكن حلمهم اصبح كابوسا مع سقوط مرسي بالضربة القاضية على يد ابناء مصر وجيشها المغوار، وفي سبيل الابقاء على الوضع القائم في ليبيا تحالفوا مع انصار الشريعة وغيرها من التنظيمات الارهابية وخاصة في بنغازي حيث عمدت تلك التنظيمات إلى تكفير كل مخالف لهم في الفكر، اعتبروا كافة ابناء القوات المسلحة والأجهزة الامنية بمختلف رتبها اهدافا حيوية وجب التخلص منها بكافة الطرق، لأنهم لا يؤمنون بجيش موحد وقوة امنية ولاؤها للوطن، بل حرس وطني يأتمر بأوامرهم.

انتخابات العام 2014 اظهرت إلى حد ما حجمهم الحقيقي، فعمدوا إلى احراق مطار طرابلس واجلاء سكان بعض الاحياء ومن ثم الاستيلاء على العاصمة وما تمثله من ثقل شعبي وسياسي، تم التحكم في كل مقدرات الدولة، قفل القنوات الاعلامية التي تخالفهم الرأي، اعتقال بعض النشطاء وأصحاب الراي المخالف.

لقد شاهدنا عبر قنواتهم، تباكيهم، ودموع التماسيح التي لم تنفك يذرفونها لكي يستجلبوا بها عطف الآخرين واصمّت آذاننا اصواتهم النشاز عندما كانت قوات الجيش تتقدم في كل المحاور في بنغازي وخاصة محور قنفوذة الذي بسقوطه ادركوا ان مشروعهم قد تم وأده وإلى الابد.

قطر الداعمة للإخوان المسلمين تتعرض لمقاطعة من أشقائها بفعل القلاقل التي احدثتها بتلك الدول. ربما تطول المقاطعة وذلك رهنا بمدى استجابتها لتحقيق المطالب وفي جميع الأحوال ان الغرب وأميركا على وجه الخصوص يسعون للاستحواذ على مدخرات شعوب المنطقة ومحاولة بث الفرقة بينها لتعيش حالة عدم الاستقرار وإهدار الاموال في شراء الاسلحة والاقتتال فيما بينها، عندما تعصف الأجواء بتنظيم الإخوان العالمي يسارع اخواننا في الوطن إلى الحديث عن المراجعة، نتمنى ان تكون المراجعة هذه المرة ليست بسبب الضغوط التي يبدو انها كبيرة جدا (محاولة شيطنة الاخوان عالميا) والتي قد تحوّل الأجسام إلى أشلاء متناثرة عديمة الأهمية تكون طعاماً في متناول القوى المفترسة التي تتربص بالبلد، بل نتمناها مراجعة حقيقة تعيد اللحمة الوطنية إلى أبناء البلد الذي اصبح يفتقر إلى ابسط مقومات الحياة، حيث الطوابير المختلفة بما فيها الطوابير على "دار الموتى" والمقابر، اصبحت معلما رئيسيا بالدولة الليبية!

ليبيا اليوم دوله بلا سياج خارجي يحميها، و لا يوجد بها نظام استخباراتي او امني وطني، بل نجد أنّ مخابرات العالم تنتعش بها وكل الدول تتطاول عليها، وأصبحت ساحة للصراع الإقليمي والدولي، ليبيا اليوم بحاجة إلى تكاثف جهود كل ابنائها بمختلف توجهاتهم السياسية والفكرية وأعراقهم، لأجل بناء الدولة العصرية التي يحظى فيها الجميع بنفس القدر من الاحترام وتحمل المسؤولية وفق الديمقراطية الغربية من خلال صناديق الاقتراع.

عن "ميدل إيست أونلاين"



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية