لماذا تخرق إيران حظر السلاح وتدعم الإرهابيين في الصومال؟

إيران والصومال

لماذا تخرق إيران حظر السلاح وتدعم الإرهابيين في الصومال؟


02/08/2018

خلال الأشهر الثلاثة الماضية، تنامت الأنشطة الإرهابية المرتبطة بمجموعة حركة الشباب المجاهدين التابعة لتنظيم القاعدة في منطقة جالجادود في ولاية غالمود في سط الصومال؛ حيث استولت الجماعة على مساحات جديدة من القرى والمناطق الريفية، بما في ذلك تلك المطلة على ساحل المحيط الهندي.
وتشير هذه الوتيرة المتسارعة من الانتشار والأنشطة الإرهابية للحركة، إلى فعالية علاقتها الخارجية مع داعميها، وأولها النظام الإيراني؛ فقد ظهرت وثائق عدة تبين ارتباط الحركة مع النظام الإيراني وحصولها منه على السلاح مقابل تصدير اليورانيوم إلى إيران.
أدلة تشير إلى وصول أسلحة إلى طول ساحل بونتلاند

أسلحة لحركة الشباب
مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أعرب عدة مرات، آخرها نهاية العام الماضي، عن قلقه إزاء ضبط شحنات أسلحة من إيران إلى الصومال. وقبل ذلك وفور ظهور الحركة  كذراع مسلح لاتحاد المحاكم الإسلامية أصدرت أعلى هيئة لاتخاذ القرار في الأمم المتحدة تقريراً مؤلفاً من 86 صفحة تظهر فيه بأنّ طهران سعت للحصول على كميات كبيرة من اليورانيوم من الصومال مقابل توريد أسلحة لمتطرفي الشباب.

اقرأ أيضاً: حركة الشباب المجاهدين الصومالية: كلما خفت بريقها توحّشت أكثر
وفي تقريره الأخير في عام 2017 ذكر فريق الرصد الدولي المختص بالصومال أنّ منطقة بونتلاند تعتبر المدخل الرئيسي للتدفقات غير المشروعة للأسلحة في الصومال، وحدد فريق الرصد قناتين لتهريب الأسلحة إلى بونتلاند، هما شحنات كبيرة آتية من ساحل مكران في إيران تنقل بواسطة مراكب شراعية متوسطة الحجم وعابرة للمحيطات، وشحنات أصغر حجماً من اليمن تنقل عادة في زوارق قادرة على إتمام الرحلة في يوم واحد.

رغم قطع العلاقات بين مقديشو وطهران ما تزال مؤسسة الإمام الخميني تعمل ما يمثل جزءاً من القوة الناعمة الإيرانية

وتوصّل فريق الرصد إلى أدلة تشير إلى وصول أسلحة إلى طول ساحل بونتلاند من فندلا إلى ألولا بمعدل شحنة واحدة تقريباً في الشهر، كما تمكن الفريق من جميع أدلة عن ثلاث شحنات إلى بونتلاند، إحداها مصدره جمهورية إيران الإسلامية، واثنتان مصدرهما اليمن، بما في ذلك شحنة متهجة إلى تنظيم الدولة الإسلامية في منطقة باري في بونتلاند.
ومنذ استعادة قوات بونتلاند بلدة قندلا من الفصيل التابع لتنظيم الدولة الإسلامية في كانون الأول (ديسمبر) 2016، يبدو أنّ محور تهريب الأسلحة قد تحول شرقاً من قنلا إلى منطقتين في محيط البلدتين الساحليتين، هما أولَا وهَابو الواقعتان في الجزء الشمالي الشرقي من بونتلاند.
هل حركة الشباب قادرة على تصدر اليورانيوم إلى إيران؟
تقول الرواية الرسمية إنّ الأسلحة إلى الحركة الإرهابية هي بمقابل نقلها رواسب معتبرة من اليورانيوم في منطقة غالمودوغ إلى إيران، وكان من المفترض أن تتراجع إيران عن برنامجها النووي بموجب شروط الاتفاق المبرم مع إدارة الرئسي الأمريكي السابق باراك أوباما.

اقرأ أيضاً: الصومال: حركة الشباب الإرهابية تجبر الأهالي على التنازل عن أطفالهم
وأحدث كشف لتلك الرواية هي رسالة دبلوماسية بعثها وزير الخارجية الصومالي السابق يوسف جراد عمر في 11 آب (أغطسطس) 2017 إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتحدثت الرسالة عن قيام حركة الشباب بتزويد إيران باليورانيو  من مناجم سيطرت عليها في منطقة غالمودوغ. ودعت الرسالة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تحرك عسكري أمريكي عاجل، لمنع حركة الشباب من نقل المزيد من اليورانيوم من المناطق التي استولت عليها إلى إيران.

ولم تعلق وزارة الخارجية الأمريكية على الرسالة التحذيرية، لكن بحسب قناة "فوكس نيوز" الأمريكية، لم يعارض المسؤولون الأمريكيون صحتها، وأحالوا أية تفسيرات إعلامية لحكومة الصومال.

اقرأ أيضاً: احتدام صراع النفوذ والمصالح في الصومال
لكن في الجانب الآخر، ثمة من يشكك بقدرات حركة الشباب بنقل اليورانيوم إلى إيران؛ حيث يرى الكثير من المراقبين بأنّ هذه الرسالة تقف وراءها أهداف سياسية، أولها الحصول على مزيد من المساعدات الأمريكية بشأن محاربة الإرهاب، ومن ضمن من يشكّك بصحة الرواية الرسمية سيندي فيستركارد؛ وهي كبيرة المساعدين في برنامج الضمانات النووية في مركز ستيمسون؛ حيث قالت في مقال نشرته على الموقع الإلكتروني للمركز: "إن مزاعم الرسالة هو تشويه جسيم للحقيقة، وحتى لو كان لدى حركة الشباب القدرة على تخصيب اليورانيوم. سيتمكن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من معرفة ما إذا كان يتم نقلها إلى إيران. بموجب الخطة المشتركة من العمل التي توصلت إليها إيران وست قوى أخرى (هي الولايات المتحدة والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والمملكة المتحدة) بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي في تموز (يوليو) عام 2015. التي من شأنها أن ترصد جميع عمليات النقل والتجارة من مركزات اليورانيوم الخام".

سيندي فيستركارد، كبيرة المساعدين ببرنامج الضمانات النووية بمركز ستيمسون

وتردف فيستركارد: "علاوة على ذلك، فإن إيران إذا أرادت شراء اليورانيوم، فيمكنها القيام بذلك بشكل مباشر من خلال "قناة للمشتريات" التي وضعتها خطة العمل المشتركة التي أقرها قرار مجلس الأمن الدولي رقم (2231) في عام 2015 للدول التي ترغب في نقل السلع أو التكنولوجيا النووية أو ذات الاستخدام المزدوج بشرط موافقة مجلس الأمن على هذه الأنشطة، خصوصاً بما يتعلق أي استحواذات من جانب إيران في نشاط تجاري في دولة أخرى يتضمن تعدين اليورانيوم أو إنتاج المواد النووية".
القوة الناعمة لإيران في الصومال
على المتسوى السياسي، افتتحت إيران سفارتها في الصومال عام 2012  بعد قطيعة دامت أكثر من عقدين من الزمن. وباشرت طهران بعد ذلك أنشطتها الإغاثية والثقافية، عبر مكتبين تابعين لها، أحدهما لجمعية الهلال الأحمر الإيراني، والآخر لمؤسسة الإمام الخميني الخيرية. وأشرفت الجمعيتان على مخيمات عديدة في العاصمة مقديشو، إلى جانب مستوصف كبير، يستفيد منه المرضى القادمون من مختلف مناطق الصومال.

مجلس الأمن الدولي أعرب عدة مرات عن قلقه إزاء ضبط شحنات أسلحة من إيران إلى الصومال

رغم ذلك، لم تستمر العلاقات الرسمية بين البلدين طويلاً، ففي كانون الثاني (يناير) 2016 ، قطعت مقديشو رسمياً علاقاتها مع طهران وطردت سفيرها في مقديشو، متهمة إياها بنشر التشيّع في الصومال.
لكنّ إيران لم تتوقف عن الاستفادة من هامش العمل الإنساني في الصومال الهش والفقير في تمرير أجنداتها، حيث تعمل مؤسسة الإمام الخميني للإغاثة بمساعدة الآلاف من النازحين في الداخل الصومالي، الذي يعانون من الجفاف الذي وصفته وكالات المعونة التابعة للأمم المتحدة بأنه الأسوأ الذي يصيب القرن الإفريقي.

قطعت مقديشو رسمياً علاقاتها مع طهران

في المحصلة، رغم قطع العلاقات بين مقديشو وطهران، إلا أنّ الأخيرة لا تزال تحتفظ بمكتب رسمي لمؤسسة الإمام الخميني الخيرية في العاصمة، ويمثل هذا جزءاً من القوة الناعمة الإيرانية، وترعى المؤسسة مراكز تعليم للقرآن والعلوم الدينية في مقديشو،  في محاولة لتعزيز المذهب الشيعي بين الصوماليين. وبحسب مراقبين فمن غير المستبعد أن تكون هذه المكاتب حلقة وصل بين النظام الإيراني وبين حركة الشباب.

اقرأ أيضاً: ما طبيعة الدور القطري والتركي في الصومال؟


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية