بعد إعادة فتح دور السينما.. السعودية أكثر حيوية وتنوعاً ومرحاً

بعد إعادة فتح دور السينما.. السعودية أكثر حيوية وتنوعاً ومرحاً


02/05/2018

ينظر كثيرون إلى النّمر الأسود "Black Panther" أحدث أفلام شركة مارفل والّذي يدور حول أبطال خارقين - على أنّه نقطة تحوّل في السّينما؛ إنّ الفيلم يبشّر بعصر جديد يؤخذ فيه بعين الاعتبار، ولأوّل مرّة، الأبطال الخارقون سود البشرة.

وبعرضه في الرّياض هذا الأسبوع، يكون فيلم النّمر الأسود أيضاً هو أوّل فيلم تجاريّ يُعرض في دور السّينما العامّة في المملكة العربيّة السّعوديّة منذ أكثر من 30 عاماً.

وهناك مغزى اقتصاديّ لخطوة إعادة فتح دور السّينما لأوّل مرّة في قرننا هذا. فلن يكون على السّعوديّين السّفر خارج حدود المملكة وملء خزائن المجمّعات السّينمائيّة في دبي أو البحرين ليشاهدوا معركة تي تشالا، البطل الخارق، ضدّ الشّر في مملكة واكاندا الخياليّة. لكنّ الخطوة تمثّل أيضاً شيئاً أكثر أهميّة من مجرّد توسيع خيارات التّرفيه المتاحة أمام السّعوديّين.

السبعينيات المُنفتحة

قليلون في الغرب هم الذين على وعي بأنّ القيود المفروضة على التّرفيه دخلت حيّز التّنفيذ في العقود الأخيرة من عمر المملكة. ويتذكّر أفراد من عائلتي نشؤوا في الرّياض، في السّبعينيّات، متعة مواكبة أحدث الإصدارات السّنيمائيّة إلى أن تحوّل البلد نحو تفسير أكثر محافَظة للإسلام.

وفي تلك الأيام السّابقة على الحظر، جرى عرض العديد من الأفلام في أندية كرة القدم. وكانت مدينة جدّة تتفاخر بوجود نحو 30 دار سينما تعرض كلاسيكيّات عربيّة وبِضْع إصدارات هوليوديّة. كما قامت عائلات حجازيّة شهيرة بعرض أفلام في السّاحات الخلفيّة لبيوتها. وكان الأمر مختلفاً بعض الشّيء في المقاطعة الشّرقيّة؛ حيث كانت شركة أرامكو النّفطيّة تشغّل أفلام رعاة البقر والرّعب لآلاف العمّال الغربيّين الموجودين لديها وذلك في دور سينما أكثر حداثة في مدينة الظهران.

لوبيتا نيونقو - ناكيا (يسار) وليتيسيا رايت - شوري (يمين)

الصّحوة: تزمّت وخنق للمجتمع

لكن انطفأ ضوء آلالات العرض السّينمائيّة عندما تعرّضت الحكومة لضغوط متزايدة من رجال دين حركة الصّحوة وأتباعهم الّذين احتلوا المسجد الكبير عام 1979، مستهدفين إسقاط العائلة المالكة وفرض نظام دينيّ أكثر تزمّتاً على البلاد.

على أنّ عمليّة خنق رجال الدّين لعادات المُشَاهدة عند ملايين السّعوديّين قد تغيرت في الأعوام الأخيرة مع تقدّم الإنترنت ووسائل التّواصل الاجتماعيّ.

نصف سكان المملكة هم دون سن الثّلاثين، ويشاهدون على نحو متزايد عروضاً وأفلاماً عبر الإنترنت

إنّ نصف سكان المملكة هم دون سن الثّلاثين، ويشاهدون على نحو متزايد عروضاً وأفلاماً عبر الإنترنت. وقد خفّفت معرفتهم ودرايتهم بالتّقنيات الرقميّة من سرعة الصّخب العام الّذي يروم رفع الحظر المفروض على السّينما. لكنّ رفع الحظر مفيد في الحفاظ على صلابة معدّلات التّوافق حول ولي العهد الشّاب، محمّد بن سلمان، بما أنّ هذا الإجراء سيعزّز نظرة الشّباب السّعوديّ إليه على أنّه واحد منهم، يرى العالم كما يرونه.

عائدات ماليّة ووظائف وتمكين للمبدعين

في شباط (فبراير) الماضي، أعلن القصر الملكيّ أنّه سينفق 64 مليار دولار على مدى العقد القادم لتطوير صناعة التّرفيه، مع وجود الآلاف من الفعاليات التي تتراوح من عروض سيرك دي سولي إلى فرقة مارون فايف.

ومن المتوقّع أن يصل العائد على هذا الاستثمار إلى 133 مليار دولار سنويّاً، ممّا يدرّ بدوره عائدات مطلوبة بشدّة ويوفّر الآلاف من فرص العمل للعاطلين عن العمل - وكلّها مكوّنات رئيسة في رؤية 2030 لمحمّد بن سلمان.

بجانب إلغاء الفصل بين الجنسين في دور السّينما فإنّ رفع الحظر سيكون جرعة أدرينالين للصّناعات الإبداعيّة في المملكة

وتلك أيضاً أخبار سارّة للنّساء الّلواتي، على الرّغم من تخرّجهن من الجامعة بأعداد أكبر بكثير من الرّجال، يمثّلن 22 في المائة فقط من القوى العاملة. وتَعِد الهيئة العامّة للتّرفيه في المملكة بتوفير حوالي 200,000 فرصة عمل لكلا الجنسين بحلول عام 2030.

وإلى جانب إلغاء الفصل بين الذكور والإناث في دور السّينما، فإنّ رفع الحظر سيكون بمثابة جرعة أدرينالين للصّناعات الإبداعيّة في المملكة. فالمزيد من المبدعين ذوي الموهبة يمكن أن ينتقلوا من يوتيوب إلى إعلام التّيار الرّئيس، مدفوعين إلى حدّ كبير بالنّجاح الّذي حقّقه مؤخّراً فيلم "بركة يقابل بركة" لمحمود صبّاغ، وهو أوّل فيلم من إنتاج سعوديّ يعرض في مهرجان "كان"، والّذي حطّم الصّور النّمطيّة في إطار كوميديّ رومانسيّ. كما يفوز سعوديون بجوائز في مهرجانات سينمائيّة عربيّة ودوليّة أخرى.

رؤية 2030: أكثر من إصلاحات اقتصاديّة

والمسألة الدينية أيضاً لها نصيبها من المُعالجة. فالتّصريحات القويّة حول العودة إلى إسلام أكثر اعتدالاً قد أسكتت الأصوات المتشددة. وإلى الآن، نجد ردود فعل الأصوات المحافِظة الّتي تُعارض الإصلاحات أكثر خجلاً ممّا كان يخشاه الكثيرون.

لقد خلبت وتيرة الإصلاح الهائلة لُبّ البلد. وتمثّل رؤية 2030 شيئاً أكثر أهميّة من تعويم أرامكو أو محاولة إعادة التّوازن إلى الاقتصاد. إنّها تتعلّق بجعل المملكة العربيّة السّعوديّة أكثر حيويّة وتنوّعاً. وأكثر مرحاً.

وكما يقول إيفرت روس إلى  تي تشالا في النّمر الأسود: "لقد رأيت كائنات فضائيّة تهبط من السّماء. لكنّني لم أر قطّ شيئاً كهذا"، وعلى هذا المنوال سيفكّر الملايين من السّعوديّين بشأن طوطمهم المُقبل الّذي سيقوم زعيمهم الرّاديكاليّ الجديد بإسقاطه.

نجاح العتيبي-الإندبندنت- 22 نيسان 2018

المصدر: Showing Black Panther in Saudi Arabia is one of the first steps to fighting radical Islam




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية