الإمارات: 3 محاور لمكافحة التطرف والإرهاب

الإمارات

الإمارات: 3 محاور لمكافحة التطرف والإرهاب


27/05/2018

قال مقصود كروز، المدير التنفيذي للمركز الدولي للتميز في مكافحة التطرف العنيف "مركز هداية"، ومقره أبوظبي، إنّ تعزيز مهارات "التفكير النقدي" لتفكيك مقولات الجماعات الإرهابية يعد العلاج الأنجع للتطرف، وأضاف أنّ الإمارات تتبنى إستراتيجية من 3 محاور لمكافحة الإرهاب والتطرف، مؤكداً، في حوار مع صحيفة "الاتحاد" الإماراتية أمس أنّ هذه الظاهرة متعددة الأبعاد، وتتطلب منهجية ذات ركائز متنوعة.

مبضع النقد والمهارات الحياتية

وشدد كروز على أنّ تعزيز مهارات "التفكير النقدي"  من شأنه أنْ يَعرِض مقولات المتطرفين والمتشددين على مبضع النقد للتحقق من صحة أطروحاتها من عدمه، ومن هنا، فإنّ التعليم يلعب دوراً محورياً في الوقاية من التطرف وتعزيز المناعة الفكرية ضد جميع أشكال الأفكار المنحرفة والهدامة. وأشار إلى أنّ للأسرة دوراً جوهرياً في الحماية من براثن التطرف عبر تعزيز الحوار والمناقشة، واستيعاب احتياجات الجيل الشاب، واحتواء صراعاته الفكرية والانفعالية والسلوكية، ومساعدته للمضي قُدماً نحو مستقبل واعد. وأوضح أنّ هناك اتفاقاً بين المتخصصين على أهمية تنمية المهارات الحياتية ومهارات التفكير النقدي والإبداعي والابتكاري لدى الطلاب في مراحل التعليم المبكرة، وذلك من أجل تعزيز ثقتهم بأنفسهم، وقدرتهم على التعبير عن آرائهم، وقدرتهم على ممارسة التفكير المنهجي، والقيام بمناقشة مختلف الأفكار وغربلتها وتقييمها. وأكد أهمية تفعيل دور الشباب والاستفادة من الأنشطة الرياضية والدرامية والمسرحية والفنية، كطرق ووسائل فعالة للتواصل مع الشباب، ومعالجة التحديات ذات الصلة ببعض القضايا، مثل الصحة، والسلامة، والعنف، والصراعات، والتطرف. وتتيح هذه الأنشطة المجال لتشجيع الإبداع وتنمية مهارات التفكير النقدي؛ وذلك من خلال وضع الإستراتيجيات، وتعزيز روح العمل والتعاون الجماعي، هذا إضافةً إلى تعزيز المعرفة الثقافية من أجل التصدي لخطاب التطرف.

مقصود كروز، المدير التنفيذي للمركز الدولي للتميز في مكافحة التطرف العنيف "مركز هداية"

إستراتيجية شاملة

وقال المدير التنفيذي لـ"مركز هداية" إنّ دولة الإمارات لم تدخر جهداً في مكافحة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله ومظاهره، وذلك منذ تأسيسها في العام 1971، وكانت من أوائل الدول التي اعتمدت إستراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب والتطرف من خلال ثلاثة محاور رئيسية، هي: المحور القانوني والتشريعي، والمحور الديني والثقافي، والمحور الإعلامي والاجتماعي.

المحور التشريعي والقانوني

فقد أصدرت دولة الإمارات القوانين والتشريعات المعنية بمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف ومنها المرسوم بقانون اتحادي رقم (1) لسنة (2004) بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية، والذي أصدره  مؤسس دولة الإمارات الراحل، الشيخ زايد بن سلطان، وقانون اتحادي رقم (39) لسنة 2006 في شأن التعاون القضائي الدولي في المسائل الجنائية الذي أصدره رئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد، والقانون الاتحادي رقم (7) لسنة 2013 في شأن إنشاء "مركز هداية الدولي للتميز  في مكافحة التطرف العنيف"، والذي استضافته الدولة في ديسمبر 2012 بإمارة أبوظبي، ويُعد أول "مؤسسة بحثية وتطبيقية" مستقلة لمكافحة التطرف العنيف بجميع أشكاله ومظاهره، وذلك من خلال تقديم أنشطة الحوار والتدريب والبحوث، والذي تأسس من خلال "المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب"، والذي تترأس الدولة من خلاله بالمشاركة مع المملكة المتحدة "جماعة عمل مكافحة التطرف العنيف"، ونبذ خطاب الكراهية، بالإضافة إلى القانون الاتحادي رقم (7) لسنة 2014 بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية، والذي يتبنى رؤية شاملة لمفهوم الإرهاب، تصب بجميع عناصرها في باب حماية حقوق الأفراد وسلامتهم، وتحقيق الأمن والاستقرار والتعايش السلمي في المجتمع.

يلعب التعليم دوراً محورياً في الوقاية من التطرف وتعزيز المناعة ضد الأفكار المنحرفة والهدامة

وكان آخر التدابير التشريعية والقانونية الهادفة إلى تعزيز مكافحة ظاهرة التطرف والإرهاب، إصدار دولة الإمارات في تموز (يوليو) 2015 مرسوماً بقانون يقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها، ومكافحة جميع أشكال التمييز، ونبذ خطاب الكراهية، وتجريم التمييز بين الأفراد أو الجماعات على أساس الدين أو العقيدة أو المذهب أو الملة أو الطائفة أو العرق أو اللون أو الأصل الاثني، ومكافحة استغلال الدين في تكفير الأفراد والجماعات، بعقوبات رادعة للأفراد والجمعيات والفعاليات الداعية لازدراء الأديان أو التمييز أو إثارة خطاب الكراهية.

المحور الديني والثقافي

ويتمثل المحور الثاني في إستراتيجية الإمارات لمكافحة التطرف في الجانب الديني والثقافي؛ حيث قامت الدولة من خلال الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف بغرس قيم الوسطية والاعتدال والتعايش والتسامح في المجتمع وتعزيزها، باعتبارها حائط الصدّ الرئيسي في مواجهة التطرف الذي يتربص بالمجتمعات العربية والإسلامية، والإسهام في تنمية الوعي الديني والثقافة الإسلامية من خلال دعم الجهود البنّاءة، التي تسير في اتجاهات عدة، لعل أبرزها: دعم جهود إصلاح الخطاب الديني، والعودة إلى الصورة السمحة للدين الإسلامي الحنيف على أساس من شأنه التصدي لنزعات التطرف والتشدد التي يحاول البعض فرضها على الخطاب الديني.

من المهم تفعيل دور الشباب والاستفادة من الأنشطة الرياضية والفنية كوسائل فعالة للتواصل مع الشباب

وفي هذا الصدد قال كروز: تحرص الإمارات على دعم المؤسسات الدينية الوسطية في العالمين العربي والإسلامي، وفي مقدمتها "الأزهر الشريف". وترعى الهيئة برنامج "تدريب الأئمة الأفغان"، والذي تخرج فيه دفعات عدة، ويتم بالتعاون مع "دار زايد للثقافة الإسلامية" و"مركز هداية الدولي للتميز في مكافحة التطرف العنيف"، كما تستضيف الإمارات "مجلس الحكماء المسلمين"، والذي تأسس في 19 يوليو 2014، واتخذ العاصمة الإماراتية أبوظبي مقراً له، ويسعى إلى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وترسيخ قيم ومبادئ الدين الإسلامي الحقيقية السمحة البعيدة كل البعد عن الغلو والتطرف والعنف، وذلك من خلال جمعٍ من علماء الأمة الإسلامية وخُبَرائها ووُجَهائها ممن يتسمون بالحكمة والعدالة والاستقلال والوسطيَّة، وكسر حدَّة الاضطراب والاحتراب التي سادت مجتمعات كثيرة من الأمَّة الإسلاميَّة في الآونة الأخيرة، وتجنيبها عوامل الصِّراع والانقسام والتشرذُم. كما أنّ من أهم مبادرات الإمارات في هذا المجال أيضاً "منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" والذي استضافته الإمارات لعامين متتاليين، وخرج بمجموعة من التوصيات والمبادرات المهمة في مجال تعزيز السلم وصناعة السلام، ولاسيما "إعلان مراكش لحقوق الأقليات الدينية في العالم الإسلامي"، في حزيران (يونيو) 2016.

قامت الدولة بغرس قيم الوسطية والاعتدال والتعايش والتسامح

المحور الإعلامي والاجتماعي

أما المحور الثالث لإستراتيجية الإمارات للتصدي للتطرف والإرهاب، فيتمثل في الجانب الإعلامي والاجتماعي؛ حيث تتبنى الدولة العديد من المبادرات المعنية بالاتصالات الإستراتيجية ودور وسائل التواصل الاجتماعي في مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، ولعل أبرزها:"مركز صواب"– وهو مبادرة تفاعلية أطلقت في تموز (يوليو) 2015 بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ للعمل على تسخير وسائل الاتصال والإعلام الاجتماعي على شبكة الإنترنت من أجل تصويب الأفكار الخاطئة، وإتاحة مجال أوسع لإسماع الأصوات المعتدلة – والذي يأتي ضمن إطار تعزيز جهود التحالف الدولي في محاربة "داعش".

تمويل الإرهاب

وكان وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبدالله بن زايد، لدى لقائه منتصف الشهر الجاري وزير الخزانة الأمريكي، ستيفن منوشن، قد أكد الدور الريادي الذي ظلت تقوم به دولة الإمارات في المنطقة على مدى أكثر من عشر سنوات في مجال مكافحة تمويل الإرهاب، بما في ذلك سن قوانين جديدة، وتحديد الجهات التي تموّل الجماعات المتطرفة، وتطبيق تلك الإجراءات بصرامة. وشدد الوزيران، حسبما أفادت "الاتحاد" الإماراتية (18/5/2018)، على أهمية توخي الحيطة والحذر من قبل جميع الدول، لمراقبة جهود إيران التي تقوم باستغلال المؤسسات المالية التابعة لها لتحويل الأموال وتمويل الأنشطة المزعزعة للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. كما نوّه الوزيران بالتعاون الوثيق المستمر بين الجهات المشاركة في "مركز مكافحة تمويل الإرهاب" لاستخدام إمكانيات المركز بالتعاون مع الشركاء في منطقة الخليج بقصد الحيلولة دون تمويل التنظيمات المتطرفة، وأشادا بالجهد المشترك بين البلدين الذي نجح مؤخراً في تعطيل شبكة ضخمة لتحويل الأموال لـ"فيلق القدس"- التابع لـ"الحرس الثوري الإيراني"، بهدف تمويل أنشطته الضارة والجماعات التي تعمل بالوكالة عن إيران في المنطقة.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية