كيف سيخدم عزوف الناخبين التونسيين عن "الانتخابات البلدية" حركة النهضة؟

كيف سيخدم عزوف الناخبين التونسيين عن "الانتخابات البلدية" حركة النهضة؟


06/05/2018

تبدو الأجواء الانتخابية محمومة في تونس، مع بدء المنافسة في أول انتخابات بلدية تشهدها البلاد بعد الانتقال السياسي في 2011، إذ ستتوج انتخابات اليوم، الأحد، مسار الانتقال السياسي في البلاد.

وبرغم ما تقوم به حركة النهضة المحسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، من إجراءات غير متوافقة مع مبادئها المتعصبة؛ مثل إشراك يهودي في قوائمها، واستجلاب نساء علمانيات غير محجبات –سافرات وفق وصف أعضاء الجماعة- ويرتدين ثياب جينز ممزقة… إلّا أن العامل الحاسم في الانتخابات لا يتوقف على تلك المظاهر الشكلية، فالصندوق الانتخابي ومدى مشاركة الناس في الاقتراع، يظلان هما الحكم في تقرير مصير المتنافسين.

وعلى الرغم من أهمية الانتخابات البلدية، ودورها في الحد من حالة الفوضى التي تعيشها البلديات، بسبب تدني الخدمات والتلوث البيئي، والصورة السلبية التي نقلتها تلك الأجواء عن تونس، خصوصًا في أعين السياح الأجانب الذين انخفضت زياراتهم في السنوات الأخيرة، إلّا أن الخشية من إحجام المؤهلين للانتخاب يظل هو العائق، بحسب ما حذّرت منه مؤسسات حقوقية ومدنية؛ إذ صرّح المتحدث باسم منظمة “مراقبون” التي تتولى مراقبة سير الانتخابات، لوكالة “د ب أ” الألمانية، أن سبب ذلك العزوف يعود “لأزمة الثقة بين الناخب والسياسي من جهة، وتأخر هيئة الانتخابات في إطلاق حملة للتوعية بأهمية الاقتراع”.

بالإضافة لوجود بوادر عزوف للناخبين عن المشاركة في الانتخابات، بعد أن سجلّت مشاركة الأمنيين والعسكريين المسجلين نسبة ضعيفة لا تتجاوز 12%.

كما صرّح مراقبون للشأن التونسي، بأن عزوف المواطنين عن الانتخابات، سيصب في صالح حركة “النهضة” بالذات، وهو ما سيفقد الانتخابات قيمتها الديمقراطية في حال انخفضت نسبة المشاركين، ويفقد الانتخابات دورها في التجديد، وإبراز تكتلات مستقلة، تساهم في تغيير الواقع الراهن في البلاد.

وأرجع مراقبون عدم تأثر النهضة من عزوف الناخبين، بتماسك القاعدة الشعبية لحركة “النهضة” بسبب الولاء المطلق والالتزام الذي يبديه عناصرها لتنفيذ القرارات، فقد استطاعت النهضة من قبل إنجاح المرشح (المستقل) في الانتخابات البرلمانية التكميلية عن دائرة ألمانيا، عبر أوامر عليا لعناصرها بضرورة التصويت له، على الرغم من اعتراف المرشح بميوله الفكرية لتنظيم داعش.

وحالة الالتزام تلك تُعتبر غير متوفرة بالمستوى ذاته في بقية الأحزاب المدنية، مما يعتبر أي عزوف عن الانتخابات بمثابة إخلاء الساحة لمرشحي النهضة، وتكريس لحكم الأحزاب الحالية.

"أخونة" تونس: من الشارع إلى الرئاسة

أهمية الانتخابات البلدية ستنعكس على هوية الدولة التونسية لأمد طويل، خصوصًا أن المنافسة الحقيقية تبدو بصورة مركزة بين العلمانيين والقوى المدنية من جهة، وحركات الإسلام السياسي من جهة ثانية. وتحاول النهضة من خلال هذه الانتخابات، السيطرة على المحليات والبلديات، من أجل “أخونة” تونس من القاعدة، مما يؤهلها للفوز بالانتخابات البرلمانية والرئاسية المتوقع حدوثها في العام القادم.

وباتت خطة الغنوشي في الترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، بادية للعيان، سيما وأن النظام الداخلي للنهضة ينص على أن يكون رئيس الحركة هو مرشحها لانتخابات الرئاسة. ويبدو هذا واضحًا أكثر بعد الجدل الذي أثارته نشاطاته في الفترة التي سبقت الانتخابات البلدية، حيث كثّف من زياراته للقرى والأقاليم، وبالغ في التقاط الصور مع المواطنين، خصوصًا النساء، للظهور بمظهر مدني، ومنصف للمرأة!

ويرى محللون سياسيون، بأن ما تقوم به النهضة من نشاطات انتخابية، مثل الاعتراف بمواطنة الطوائف غير المسلمة، وترشيح نساء غير محجبات، لا يتلاءم مع واقعها الأيديولوجي المتزمت المرتبط بحركة الإخوان المسلمين، وهي محاولة لتصدير نفسها على أنها حزب سياسي مدني عصري، من أجل خداع الناخبين، كما عملت الحركة على إنشاء قوائم من المستقلين لتتستر وراءهم من أجل جذب فئات جديدة من المصوتين!

عن "كيوبوست"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية