4 زيارات إماراتية تكشف عن مستويين من مواءمة الاقتصاد والسياسة

4 زيارات إماراتية تكشف عن مستويين من مواءمة الاقتصاد والسياسة


22/08/2021

تتنامى المؤشرات على سعي إماراتي واضح لبناء مزيد من الجسور وتعزيزها مع دول الإقليم، حتى لو اختلفت التوجهات، هنا وهناك، بين دولة الإمارات وهذه الدول.

ويبدو أنّ ما شجّع الإمارات على ذلك أنه، أولاً، يعدّ استجابة لبعض التحولات في مواقف دول إقليمية كانت على خلاف حادّ مع شركاء الإمارات وحلفائها في المنطقة العربية. هذا الأمر يتعلق بشكل واضح في حالة تركيا، التي خطت في الأشهر الماضية خطوات جدية للتقارب مع مصر والسعودية، واتجهت لضبط ولجم القنوات التي يديرها "الإخوان المسلمون" من تركيا.

أما الدافع الثاني للإمارات، الذي يشجعها، على ما يبدو، على التفاعل مع هذه الديناميات الإقليمية المتغيرة باتجاه خفض التوتر والتصعيد وتبريد الصراعات، فهو صِفة المرونة في السياسة الخارجية الإماراتية، التي لطالما ابتعدت عن التشبث بمواقف حادّة، ما دام هناك نافذة محتملة قد تحول دون القطيعة والخيارات الصِفرية.

أربع زيارات إماراتية

وخلال الأيام والأسابيع الماضية، راقب المحللون أربع زيارات مهمّة، على الأقل، لمسؤولين إماراتيين كبار؛ اتخذت مستويين: أولهما اتجه نحو مزيد من تمتين العلاقات وترسيخها وتعميقها مع الأصدقاء والشركاء والحلفاء، وهو ما تجلى في زيارة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى السعودية في تموز (يوليو) 2021 ولقائه ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان؛ عقب توصل الإمارات من جهة والسعودية وأوبك+ من جهة ثانية إلى اتفاق لتسوية بخصوص نصيب الإمارات الجديد من الإنتاج النفطي. كذلك تأتي ضمن هذا المستوى زيارتا مستشار الأمن الوطني الإمارتي، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، إلى مصر في الحادي عشر من الشهر الجاري ولقائه الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وإلى الأردن في الحادي والعشرين من الشهر الجاري ولقائه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.

وقد تجاوزت الاستثمارات الإماراتية المباشرة في مصر 15 مليار دولار وبنسبة مساهمة تجاوزت 13% من إجمالي الاستثمار الأجنبي العالمي في نهاية عام 2020، بحسب صحيفة "الاتحاد" الإماراتية.

 

خلال الأيام والأسابيع الماضية، راقب المحللون أربع زيارات مهمّة لمسؤولين إماراتيين كبار اتخذت مستويين: أولهما اتجه نحو مزيد من تمتين العلاقات وترسيخها وتعميقها مع الأصدقاء والشركاء والحلفاء

 

وقد ناقش مستشار الأمن الوطني الإماراتي مع العاهل الأردني أمس "سبل تطوير التعاون (بين البلدين) في المجالات كافة، خصوصاً الاقتصادية والفرص الاستثمارية المتاحة"، كما تطرق إلى "الأزمات التي تشهدها المنطقة، ومساعي التوصل إلى حلول سياسية لها"، وتم تأكيد "مواصلة التنسيق والتشاور بين البلدين الشقيقين حيال مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك وعلى رأسها القضية الفلسطينية"، بحسب ما أوردت صحيفة "الغد" الأردنية.

المستوى الثاني من الزيارات الإماراتية استهدف إبداء حسن النوايا باتجاه تخفيف حدة التوتر مع جيران ولاعبين إقليميين، بينهم وبين الإمارات تباينات في وجهات النظر تجاه قضايا الإقليم وشؤونه. في هذا السياق، على ما يبدو، كانت زيارة الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان إلى تركيا ولقاؤه الرئيس رجب طيب أردوغان في الثامن عشر من الشهر الجاري. ولربما من الممكن أن نضع حضور الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش الإماراتي، مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، إبراهيم رئيسي، في الخامس من الشهر الجاري.

مقاربة الإمارات

مقاربة دولة الإمارات الجديدة أن "تباين التوجهات تجاه بعض القضايا لن يقف حجر عثرة أمام التواصل وتعزيز فرص الاستقرار والازدهار والتنمية"، على حد قول الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات.

قرقاش كتب على حسابه في "تويتر"، أول من أمس، أن "الإمارات في مرحلة بناء الجسور وتعزيزها وترميمها... مرحلة تعزيز العلاقات مع الجميع، ومواءمة الاقتصاد والسياسة". وأكد المسؤول الإماراتي البارز أن  بلاده تنطلق "في هذا الاتجاه برصيد راسخ من المصداقية، وشبكة واسعة من العلاقات"، وفق وصفه.

تركيا: لدينا إرادة لتحسين العلاقات مع الإمارات

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال بعد محادثات نادرة أجراها يوم الأربعاء (18/8/2021) مع الشيخ طحنون بن زايد إن "بلاده والإمارات كانتا على تواصل في الأشهر الماضية وتمكنتا من إحراز بعض التقدم".

وأضاف أردوغان، كما نقلت وكالة "رويترز" للأنباء، أنه "ناقش الاستثمار في تركيا مع مستشار الأمن الوطني الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد"، مشيراً إلى أن تقدم المحادثات بصورة جيدة يعني أن الإمارات سيكون لها "استثمارات ضخمة" في تركيا.

وتابع الرئيس التركي قائلاً إنه منفتح على لقاء ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

وكان المتحدث باسم الخارجية التركية، تانجو بيلغيتش، قد قال في الخامس والعشرين من حزيران (يونيو) 2021، إن بلاده تولي أهمية كبيرة لأمن واستقرار منطقة الخليج، معرباً خلال مؤتمر صحافي، عن رغبة أنقرة في تطوير التعاون مع دول الخليج والمنطقة.

وأشار بيلغيتش، بحسب تقرير نشرته حينها قناة "الشرق" التلفزيونية السعودية، إلى أنه "لا توجد مشكلة سياسية ثنائية بين تركيا والسعودية"، مؤكداً أن "هناك إرادة لدى الطرف التركي لتحسين العلاقات مع دولة الإمارات العربية المتحدة"، معتبراً أن "العلاقات التركية المصرية مهمة للغاية لاستقرار وازدهار المنطقة".

 

المستوى الثاني من الزيارات الإماراتية استهدف إبداء حسن النوايا باتجاه تخفيف حدة التوتر مع جيران ولاعبين إقليميين، بينهم وبين الإمارات تباينات في وجهات النظر تجاه قضايا الإقليم وشؤونه

 

وكانت أنقرة عيّنت في نيسان (أبريل) 2021 سفيراً جديداً لها لدى دولة الإمارات هو توجاي تونتشر.

وعانت تركيا في السنوات الأخيرة عزلة إقليمية أثّرت كثيراً بشكل سلبي على اقتصادها؛ وذلك بسبب خلافاتها مع جيرانها مثل اليونان وقبرص، فضلاً عن مشاكلها مع شركائها الغربيين؛ وخاصة فرنسا والولايات المتحدة. كما عانت أنقرة توتراً في علاقاتها مع مصر والسعودية والإمارات؛ على خلفية تدخل تركيا في الشؤون العربية، ودعمها لجماعات متطرفة ومصنفة إرهابية.

تفاؤل إماراتي

لكن يلمح المراقبون تغيّراً في الخطاب التركي في الأشهر الأخيرة باتجاه تخفيف حدة الخلافات مع هؤلاء الشركاء والجيران واللاعبين الإقليميين، كما وضعت أنقرة إعلاميي القنوات الموالية لـ"الإخوان" التي تعمل من أراضيها، أمام خياري "التوقف تماماً عن بث برامجهم التي تنتقد القاهرة ودولا خليجية أو الرحيل عن تركيا".

وتبدو الإمارات متفائلة؛ حيث وصف الوزير السابق أنور قرقاش اللقاء الإماراتي-التركي بقوله "اجتماع تاريخي وإيجابي للشيخ طحنون بن زايد مع فخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكان التعاون والشراكات الاقتصادية المحور الرئيسي للاجتماع". وأضاف، على حسابه على تويتر: "الإمارات مستمرة في بناء الجسور وتوطيد العلاقات، وكما أن أولويات الازدهار والتنمية محرّك توجهنا الداخلي فهي أيضاً قاطرة سياستنا الخارجية"، وفق قوله.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية