"25 يناير".. الأمل والكابوس

"25 يناير".. الأمل والكابوس

"25 يناير".. الأمل والكابوس


28/01/2024

محمود حسونة

25 يناير 2011، يومٌ التفَّ المصريون حوله، ثم عادوا واختلفوا عليه. اتفقوا على أنه الأمل في تحقيق أحلام شعب في «العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية»، خرجوا بالملايين يتظاهرون سلمياً، مطالبين بما يرونه حقاً لهم، انحازت إليهم الأجهزة الأمنية، وبدلاً من أن تصطدم بهم قامت بحمايتهم، وحراسة تجمعاتهم، حتى لا يندس بينهم من لا يريدون خيراً للبلاد، اعترافاً من الدولة بمشروعية مطالبهم، ولكن خفافيش الظلام الذين انتظروا الفرصة منذ أكثر من 80 سنة للانقضاض على الدولة، اخترقوا التظاهرات في يومها الرابع وحولوها من سلمية إلى تظاهرات غضب، لتخرج من رحم المشهد العظيم كوارث كبرى في يوم جمعة الغضب: عنف، وقتل، واختطاف، وسرقة للمحال، وتخريب المنشآت، وترهيب وترويع للآمنين، وحرق لأقسام الشرطة، وتهريب للمساجين، واعتداء على الأجهزة الأمنية.

ضاعت هيبة الدولة وسقطت من عليائها، ولم يكن هناك من حلّ للحفاظ على بقاياها سوى في نزول القوات المسلحة إلى الشوارع، وتحمّل مسؤولية حماية الشعب ممن يستهدفونه، ويسعون لتفكيك مفاصل الدولة. فَطِن قطاع من المصريين إلى أن ما يحدث في بلادهم ليس ثورة، ولكنهم التزموا الصمت، فلم يعد مسموحاً للحكماء أن يتكلموا بعد أن خرجت الثعابين من جحورها، واعتلت المشهد الإعلامي، مهمتها الأساسية تهييج الناس، ودغدغة المشاعر، وبث الكراهية، وتجميل القبح الأخلاقي باللعب على وتر تكريس الحريات الفردية، على حساب قيم المجتمع وحقوق المجموعات. وبعد تنحّي الرئيس مبارك، وتسلّم القوات المسلحة مسؤولية إدارة البلاد، أدركت القيادة العسكرية أن الوقوف في وجه هذا الطوفان ستكون نتيجته حرباً أهلية، وأن الخروج بمصر من هذا المستنقع لن يكون سوى بالحكمة، والتعامل اللين مع الأطراف الساعية لاختطاف الدولة، من دون إغفال اليقظة الكاملة، ووضعهم تحت المراقبة.

ومثلما ثار الشعب في 25 يناير، ثار في 30 يونيو مطالباً بإسقاط حكم المرشد، وساعياً لاستعادة الدولة المختطفة، ووضعها على طريق المستقبل بعد أن عادت إلى الماضي وكان يمكن أن تغرق فيه عقوداً وعقوداً، لولا اليقظة الشعبية التي أدركت أن مصر الحضارة والتاريخ ستصبح معهم ولاية بلا تاريخ، ولا مستقبل.

13 سنة مرت على 25 يناير 2011، وقبل حلوله كل عام، تتوهم خفافيش الظلام إمكانية تكرار ما حدث فيه، ينتظرون فرصة ثانية لهدم الدول، يخرجون على مواقع التواصل الاجتماعي لبث سمومهم، دعوات العصيان المدني، دعوات للنزول إلى الشوارع، تجاوزات في حق القيادة، متوهمين أن الشعب المصري، بل وجميع الشعوب العربية لم تستوعب الدرس، سواء الشعوب التي اكتوت بنار ما أسموه الربيع العربي، أو تلك التي لم يجرؤ صنّاعه وداعموه ومموّلوه على الاقتراب منها.

اليوم تمر 13 عاماً على ذكرى جمعة الغضب التي اقتحمت خلالها الجماعة الإرهابية صفوف المصريين أصحاب النهج السلمي والمطالب العادلة، ليحوّلوها إلى ثورة عنف وترهيب ودم، وليكون هو اليوم الذي بدأت فيه الجماعة الإرهابية كتابة نهايتها، سياسياً ودينياً وفكرياً.

عن "الخليج" الإماراتية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية