11 سبتمبر: كيف انتهز ترامب آلام الأمريكيين لتعزيز الكراهية؟!

11 سبتمبر

11 سبتمبر: كيف انتهز ترامب آلام الأمريكيين لتعزيز الكراهية؟!


13/09/2019

كيف أساءت الاستخبارات الأمريكية تقدير التهديد المتزايد الذي أنتج أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001؟ وكيف استثمر دونالد ترامب مرشحاً ورئيساً ذلك الحدث الرهيب لتعزيز مكانته الشخصية، درسان من بين دروس عادة ما يستذكرها باحثون وكتاب أمريكيون في استعادة الهجمات التي صارت الأكثر دموية على أرض بلادهم.

اقرأ أيضاً: مع ذكرى 11 سبتمبر.. أزمات تكبر وترامب لا يكترث
وفي استعادة ذكرى الحدث/ الزلزال كتبت بربرة مارزاني، في موقع "هيستوري"، عن التقصير الاستخباراتي الأمريكي فـ "من بين الخطوات الخاطئة: عدم مشاركة المعلومات بين وكالات الاستخبارات والاستجابات الفاترة للمؤشرات التي أعلنتها الهجمات السابقة، والفشل في فهم حجم طموحات الإرهابيين".
اعتقد بن لادن أنّ "قتال العدو البعيد" من شأنه أن يجبر القوة العظمى على الانسحاب من الشرق الأوسط

بذورٌ أثمرت شجرة الإرهاب؟
وتؤكد مارزاني أنّ الحدث كان بالنسبة لمعظم المواطنين الأمريكيين (ومن حول العالم)، بمثابة صدمة، لكن بالنسبة للمحققين الأمريكيين والدوليين، كانت علامات التحذير من الهجوم تختمر لأكثر من عقد من الزمان، كما تشير إلى ذلك البذور الرئيسية التالية التي أثمرت في 9/11:

بالنسبة للمحققين الأمريكيين والدوليين كانت علامات التحذير تختمر لأكثر من عقد من الزمان

*في الثمانينيات، انضم من سيكونون "قادة المستقبل" في تنظيم "القاعدة"، بمن فيهم أسامة بن لادن، وأيمن الظواهري وغيرهم في حرب أفغانستان ضد الاتحاد السوفييتي، وهي تجربة ساعدت في تطرفهم في العقد الذي تلا ذلك.
فعندما غزا السوفييت أفغانستان في كانون الأول (ديسمبر) العام 1979، واجهوا مقاومة شديدة من قبل المقاتلين الأفغان المعروفين باسم "المجاهدين"، الذين أعلنوا الحرب المقدسة، أو "الجهاد ضد السوفييت الكفار". حصل المجاهدون بسرعة على الدعم من أجزاء أخرى من العالم الإسلامي؛ حيث تدفق الآلاف إلى أفغانستان وباكستان للقتال أو دعم المقاومة الأفغانية، من بين هؤلاء المؤيدين: بن لادن وغيره من قادة المستقبل للجماعات المتطرفة.
*في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، وصلت إلى السلطة في أفغانستان ما بعد الحرب مجموعةٌ إسلامية أصولية تُعرف باسم "طالبان"، تتألف بشكل أساسي من المجاهدين السابقين. لقد استولوا على البلاد في العام 1996، وأنشأوا نظاماً قمعياً قاسياً قدم الدعم والحماية لبن لادن، الذي عاد إلى البلاد مع متطرفين آخرين، وسرعان ما أسس هناك تنظيم "القاعدة".

اقرأ أيضاً: 11 سبتمبر والحرب على الإرهاب: أبرز المحطات والأحداث
تم إنشاء "القاعدة"، جزئياً، لـ "عولمة الصراع بين الإسلام الأصولي والعالم الغربي"، وتحقيقاً لهذه الغاية، استخدم قادتها تقنيات الاتصالات الجديدة في التسعينيات – القنوات الفضائية والشبكة العالمية (الإنترنت) - لنشر رسائلهم الجهادية في العالم الإسلامي الأوسع ولجذب المناصرين لقضيتهم.

تفاخر ترامب أنّ تدمير البرجين جعل مبناه الأعلى في منطقة مانهاتن السفلى بنيويورك
*كما سعت "القاعدة" والجماعات المتطرفة الأخرى إلى الانتقام مما اعتبروه عقوداً من سوء المعاملة الذي تعرضت له الدول العربية على أيدي الغرب. أشار بن لادن وآخرون على وجه التحديد إلى "معاهدة سايكس بيكو" العام 1916، وهي مفاوضات سرية خلال الحرب العالمية الأولى أقامت دولاً عربية جديدة على أنقاض الإمبراطورية العثمانية.
وقال بن لادن في أحد خطاباته الأولى بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر): "ما تذوقه أمريكا الآن هو شيء ضئيل مقارنة بما كنا نتذوقه منذ عشرات السنين.. لقد كان العالم الإسلامي يتذوق هذا الذل وهذا التدهور منذ 80 عامًا.. الآن يجب أن ننتقم ونعكس الحال".

سعى تنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة الأخرى إلى الانتقام مما اعتبروه عقوداً من سوء المعاملة الغربية

بالنسبة إلى بن لادن، كان المثال الرئيسي على هذا "الإذلال" هو وجود القوات الأمريكية وقوات التحالف في المملكة العربية السعودية (تضم بعضاً من أقدس المواقع الإسلامية) خلال حرب الخليج العام 1991 ضد الزعيم العراقي آنذاك صدام حسين. لقد استخدمها كإحدى الذرائع لإعلانه الجهاد ضد الولايات المتحدة.
اعتقد بن لادن أنّ "قتال العدو البعيد" من شأنه أن يجبر القوة العظمى على الانسحاب من الشرق الأوسط بالكامل، مما يسمح للمتطرفين مثل؛ "القاعدة" بالسيطرة وإزاحة "الأعداء القريبين"، بما في ذلك المملكة العربية السعودية ومصر وبلدان المسلمين الأخرى.
عدم الإدراك؟
حيال تلك المؤشرات كانت وكالات الاستخبارات الأمريكية بطيئة في إدراك ما تحمله من تهديد جدّي.

اقرأ أيضاً: الكشف عن موعد محاكمة المتهمين باعتداءات 11 سبتمبر
فأول هجوم "جهادي" على الأراضي الأمريكية، تمثل بتفجير استهدف مركز التجارة العالمي في شباط (فبراير) 1993، وأسفر عن مقتل ستة أشخاص وجرح أكثر من ألف. اعتقلت السلطات العديد من الإرهابيين بعد فترة وجيزة، لكن العقل المدبر، رمزي أحمد يوسف، لم يتم القبض عليه إلا بعد عامين، عندما اكتشف المحققون أدلة على المزيد من المؤامرات الإرهابية - بما في ذلك محاولة اغتيال مخططة لاستهداف البابا يوحنا بولس الثاني وتفجير طائرات أمريكية. كان لدى المتآمرين أيضاً صلات بعمر عبد الرحمن، وهو متطرف مصري يُعرف باسم "الشيخ الأعمى"، الذي أدين لاحقاً بالتخطيط لتدمير العديد من معالم مدينة نيويورك.

ترامب زار الموقع بعد يومين من الهجوم وأجرى بعض المقابلات لا يوجد دليل على أنّه انحنى للمساعدة في إزالة الأنقاض

طوال التسعينيات من القرن الماضي، قام بن لادن وآخرون بتمويل وإنشاء مراكز تدريب الإرهابيين في الشرق الأوسط وإفريقيا، بالإضافة إلى خلايا لتدريب المجندين في مدن غربية مثل؛ هامبورغ بألمانيا؛ ولكن لم تنشئ وكالة الاستخبارات المركزية أي خلية أو وحدة لتعقبه إلا في العام 1996 وعرفت باسم "محطة أليك" لملاحقة بن لادن، في العام ذاته، أعلن بن لادن الجهاد ضد الولايات المتحدة، وفي العام التالي، وفي أول مقابلة له مع صحفي تلفزيون غربي (موفد سي إن إن بيتر أرنيت)، أوضح بن لادن "خطط القاعدة ضد أمريكا".
لم يتضح الأمر إلا بعد تفجير سفارتين أمريكيتين في كينيا وتنزانيا في آب (أغسطس) 1998، والذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص، وبدأ المحققون الأمريكيون في البحث عن صلات أسامة بن لادن والقاعدة في تعميق ثقافة الإرهاب في العالم.

كان ترامب يستخدم الألم والغضب المرتبطين بـ11 سبتمبر لتعزيز الكراهية ضد المسلمين والترويج لنفسه

ترامب و11/9 .. تاريخ طويل من الكذب؟
وفي استذكاره للحدث كتب بول والدمان في صحيفة "واشنطن بوست" أنّ الرئيس ترامب سافر في 2018 إلى شانكسفيل، في ولاية بنسلفانيا؛ حيث تم إسقاط الرحلة 93 في 11 أيلول (سبتمبر) 2001، من قبل مجموعة من الركاب الذين ضحوا بحياتهم لإنقاذ الآخرين حين انقضوا على الخاطفين.

اقرأ أيضاً: إمام مسجد النور يربط أحداث 11 سبتمبر بمذبحة نيوزيلندا.. بهذه الطريقة
يعتقد الكاتب "على الرغم من أنّ الدخان كان ما يزال يرتفع حرفياً من مركز التجارة العالمي (الذي تحطم في الهجمات على نيويورك)، فقد رأى (الرئيس ترامب) أنّ الهجوم الإرهابي على أمريكا يمثل فرصة لـ "الترويج الذاتي"؛ لقد حوّله في النهاية إلى سلاح من الكراهية السياسية، ولكن في أعقاب ذلك مباشرة، رأى ترامب أنّها فرصة لتعزيز علامته التجارية".
ويعدّد الكاتب "بعض الأشياء التي قام بها الرئيس فيما يتعلق بأحداث 11 سبتمبر":

اقرأ أيضاً: بوبي فيشر: عبقري الشطرنج الأمريكي الذي فرح بهجمات 11 سبتمبر
*تفاخر ترامب أن تدمير البرجين التوأمين (مركز التجارة العالمي) جعل مبناه الأعلى في منطقة مانهاتن السفلى بنيويورك.
*تقدم ترامب بطلبٍ وتلقى 150 ألف دولار من أموال الدولة التي تهدف إلى مساعدة الشركات الصغيرة المتضررة من الهجمات، على الرغم من حقيقة أنّ عمله لم يتأثر. كان من المفترض أن يغطي الصندوق الخسائر غير المؤمنة للشركات الصغيرة، لكن ترامب تلقى بطريقة أو بأخرى 150 ألف دولار من أموال دافعي الضرائب. أشار طلبه إلى "خسارة الإيجار" و"التنظيف" و"الإصلاح"، ومع ذلك، لم تتلف أي من ممتلكات ترامب فعلياً في الهجوم.
*في تظاهرة في العام 2016 ، قال ترامب: "كل شخص ساعد في إزالة الأنقاض - وكنت هناك، وشاهدتها، وساعدت قليلاً - لكنني أريد أن أخبركم: هؤلاء الناس كانوا مذهلين. فبإزالة الأنقاض. تحاول أن تجد حياةً إضافية".
الحقيقة هي أنّ ترامب زار الموقع بعد يومين من الهجوم وأجرى بعض المقابلات، لا يوجد دليل على أنّه انحنى للمساعدة في إزالة الأنقاض، وهو ما كان سيتذكره الناس بالتأكيد.

اقرأ أيضاً: ألمانيا ترحّل أحد المدانين بهجمات 11 سبتمبر إلى المغرب.. من هو؟
*قدم ترامب ادعاءات كاذبة أخرى حول علاقته الشخصية بـ 9/11 وإليك بعض ما قاله في تجمع عام 2015، واصفاً ما رآه من شقته في برج ترامب خلال وقوع الهجمات: "لدي نافذة في شقتي كانت تستهدف تحديداً مركز التجارة العالمي بسبب جمال وسط مدينة مانهاتن بالكامل، وشاهدت الناس وهم يقفزون. وشاهدت وصول الطائرة الثانية. قفز الكثير من الناس وشاهدتها، شاهدت ذلك". الحقيقة أن برج ترامب (Trump Tower ) يقع على بعد أربعة أميال من موقع مركز التجارة العالمي، ولم يكن من الممكن أن يرى ترامب الناس يقفزون من المبنيين بعد ضربهما!
*زعم ترامب أنّه "فقد المئات من الأصدقاء" في مركز التجارة العالمي، ولكن عندما استفسر الصحافيون عن ذلك، لم يتمكن ترامب من استذكار اسم صديق واحد من بينهم!
*أخبر ترامب مراراً وتكراراً كذبة عنصرية عن احتفال الأمريكيين المسلمين بالهجمات. فهو ردّد مراراً أثناء حملته الانتخابية "لقد شاهدت عندما سقط مركز التجارة العالمي، شاهدت في مدينة جيرسي بولاية نيوجيرسي، كان الآلاف والآلاف من الناس يهتفون بينما كان هذا المبنى يسقط، كان الآلاف من الناس يهتفون".
في اليوم التالي، واجه جورج ستيفانوبولوس من شبكة "أي بي سي نيوز" ترامب بحقيقة أنّ الشرطة والصحافيين الذين حققوا في هذه الشائعات يقولون إنّ شيئاً من هذا لم يحدث قط، أجاب ترامب أنّه شاهده على شاشة التلفزيون، على الرغم من أنّه لا يوجد فيديو في أي مكان لمثل هذا الشيء يحدث، ثم قال: "كان هناك أشخاص كانوا يهتفون على الجانب الآخر من ولاية نيو جيرسي، حيث لديك عدد كبير من السكان العرب".
المشكلة هنا، كما يقول الكاتب "ليست فقط خيانة الأمانة، لقد كان ترامب يستخدم الألم والغضب المرتبطين بيوم 11 سبتمبر لتعزيز الكراهية ضد المسلمين الأمريكيين، وممارسة الكذب من أجل القيام بذلك".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية