هل ينهي الوسيط الأمريكي أزمة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل؟

هل ينهي الوسيط الأمريكي أزمة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل؟


12/06/2022

يترقب لبنان زيارة كبير مستشاري الولايات المتحدة الأمريكية لشؤون أمن الطاقة العالمية، عاموس هكوستين، القادم إلى المنطقة للتوسط بين لبنان وإسرائيل واستئناف المفاوضات غير المباشرة حول ترسيم حدودهما البحرية المتنازع عليها.

وأعلن البيت الأبيض، أمس، أنّ عاموس هوكستين، سيتوجه إلى لبنان غداً في زيارة تستغرق يومين الهدف منها بحث حلول دائمة لأزمة الطاقة في البلاد والتأكيد على رغبة الإدارة الأمريكية في توصل لبنان وإسرائيل إلى قرار بشأن ترسيم الحدود البحرية.

 وزارة الخارجية الأمريكية: إدارة بايدن ترحب بالروح التشاورية والصريحة للطرفين للتوصل إلى قرار نهائي من شأنه أن يؤدي الى قدر أكبر من الاستقرار والأمن والازدهار لكل من لبنان وإسرائيل والمنطقة

وبحسب بيان لوزارة الخارجية الأمريكية، فإنّ إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تأمل في توصل لبنان وإسرائيل إلى قرار نهائي بشأن مسألة ترسيم الحدود البحرية "لقدرتها على جلب مزيد من الاستقرار والأمن والرخاء" للبلدين والمنطقة ككل.

وقال البيان، إنّ "الإدارة ترحب بالروح التشاورية والصريحة للطرفين للتوصل إلى قرار نهائي من شأنه أن يؤدي الى قدر أكبر من الاستقرار والأمن والازدهار لكل من لبنان وإسرائيل والمنطقة".

إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تأمل في توصل لبنان وإسرائيل إلى قرار نهائي بشأن مسألة ترسيم الحدود البحرية

عون وميقاتي يبحثان الملف

وقبيل زيارة الوسيط الأمريكي، التقى الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس، مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وفق بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية، وجاء فيه أنّ عون استقبل ميقاتي في العاصمة بيروت، وعرض معه الأوضاع العامة والتطورات الأخيرة في البلاد، ولبحث ملف ترسيم الحدود البحرية.

وأشار البيان، إلى أنه "خلال الاجتماع تمّ عرض الموقف اللبناني من موضوع ترسيم الحدود البحرية الجنوبية"، عشية زيارة الوسيط الأمريكي إلى بيروت.

وقد طالبت لبنان، الولايات المتحدة بالتدخل لحسم أزمة ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، والتي تعول عليها بيروت لاستكمال عمليات الاستكشاف والتنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط.

 تأتي هذه التحركات بالتزامن مع ارتفاع حدة التوتر المحفوف بالمخاطر على جانبي الحدود، منذ وصول الباخرة اليونانية "إنرجان باور"، مطلع الأسبوع الجاري، إلى حقل كاريش الواقع عند الخط 29، المدرج في أجندة التفاوض غير المباشر بين لبنان وإسرائيل.

وأعلن رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، أنه اتفق مع الرئيس اللبناني ميشال عون على دعوة الوسيط الأمريكي عاموس هوكستين للحضور إلى بيروت؛ للبحث في مسألة استكمال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية الجنوبية.

وكان الرئيس اللبناني قال في 9 حزيران (يونيو) الجاري، إنّ "لبنان سيطلب من الوساطة الأمريكية إعادة تحريك المفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال الإسرائيلي، حول ترسيم الحدود البحرية".

الباخرة "إنرجان باور"

وتأتي كل هذه التحركات بالتزامن مع ارتفاع حدة التوتر المحفوف بالمخاطر على جانبي الحدود، منذ وصول الباخرة اليونانية "إنرجين باور"، مطلع الأسبوع الجاري، إلى حقل كاريش الواقع عند الخط 29، المدرج في أجندة التفاوض غير المباشر بين لبنان وإسرائيل.

وكانت إسرائيل قد أعلنت أنّ الباخرة اليونانية المخصصة للحفر والاستخراج تمركزت على مسافة كيلومترات جنوب حقل كاريش، وأنّ أعمالها ستنحصر بما وراء الخط 29 الذي يفاوض عليه لبنان.

محلل سياسي: إسرائيل استغلت الظروف الإقليمية والدولية الناجمة عن انشغال العالم بالحرب الدائرة في أوكرانيا، إذ لم يعد لبنان مركز اهتمام

وإنرجين باور، هي وحدة بحرية لإنتاج الغاز ومعالجته، إلى جانب تخزين المكثفات، تعتزم إسرائيل استخدامها في حقل كاريش الذي يعدّه لبنان ضمن المنطقة البحرية المتنازع عليها، حسب معلومات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، وفق ما أورده موقع "الطاقة" المتخصص.

الخلفيات التاريخية

وكان كل من لبنان وإسرائيل قد انخرطا في مفاوضات غير مباشرة بينهما على ترسيم الحدود البحرية الجنوبية عام 2011، وفق مرسوم الأمم المتحدة 6433/2011 المتعلق بمنطقة تبلغ مساحتها 860 كيلومتراً مربعاً، يحدها "الخط 23".

إلا أنّ تلك المفاوضات توقفت بعدما أعلن الوفد اللبناني، بقيادة اللواء بسام ياسين، نيته المطالبة بمساحة إضافية تبلغ 1430 كيلومتراً مربعاً يحددها "الخط 29" الذي يقسم حقل كاريش.

قبيل زيارة الوسيط الأمريكي، التقى الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس، مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي

والمساحة الإضافية التي تطالب بها بيروت، تمتد إلى جزء من حقل كاريش للغاز، الذي خصّصته إسرائيل لشركة "إنرجين" اليونانية للتنقيب فيه.

ومع ذلك، لم تتخذ السلطات اللبنانية قراراً بتعديل المرسوم 6433 لجعل المطالبة بالمساحة الإضافية رسمية، وبدلاً من ذلك وجهت رسالة رسمية إلى الأمم المتحدة تفيد بأنّ حقل كاريش يقع ضمن منطقة متنازع عليها.

وأقرّ الرئيس اللبناني علناً، في شباط (فبراير) الماضي، بأنّ حدود لبنان البحرية تنطلق من إحداثيات الخط 23؛ لأنه يعتقد أنّه لا توجد "حجج تبرهن" الخط 29.

 كانت الولايات المتحدة قد عبرت في الماضي عن رغبتها في حث الجانبين اللبناني والإسرائيلي على التفاوض بشكل مباشر، في ضوء الجهود التي بذلها الدبلوماسي الأمريكي فريدريك هوف (2010 – 2012) بهذا الخصوص

ثم عادت المفاوضات غير المباشرة مرة أخرى بين إسرائيل ولبنان، قبل 3 أعوام، برعاية الولايات المتحدة والأمم المتحدة، إلا أنّ الملف جُمِّدَ خلال الأشهر الماضية بعد عدّة جولات. حسبما أوردته منصة "الطاقة" المتخصصة.

ويرى البعض أنّ عدم توحيد السلطات اللبنانية مواقفها، والخلاف الدائم بين الأطراف السياسية، أحد أكبر العراقيل الأساسية التي تضعف موقف لبنان في مفاوضات تقسيم الحدود البحرية الجنوبية مع إسرائيل، وما يتبعها من إمكانات توفر كميات كبيرة من الغاز لبلد يعاني كل أصناف الأزمات الاقتصادية، وعلى رأسها الطاقة.

ارتباك لبناني واستغلال إسرائيلي

وتعليقاً على هذه التطورات، اعتبر الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، سركيس أبو زيد، أنّ إسرائيل "استغلت الظروف الإقليمية والدولية الناجمة عن انشغال العالم بالحرب الدائرة في أوكرانيا، إذ لم يعد لبنان مركز اهتمام".

وقال أبو زيد في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية": "لبنان يمر حالياً في مرحلة إرباك وفوضى اقتصادية ومالية وعدم بلورة الوضع داخل مجلس النواب، بمعنى أنه يفتقر إلى أكثرية واضحة وصريحة تتخذ القرارات، وقد استفادت إسرائيل من هذه الحالة اللبنانية والإقليمية والدولية لفرض أمر واقع جديد، من ناحية استخراج النفط وفرض شروطها في عملية ترسيم الحدود".

المحلل السياسي سركيس أبو زيد: الوضع الاقتصادي والمالي في إسرائيل ولبنان يحتم إيجاد حل دبلوماسي وسياسي منصف

ونوه أبو زيد إلى أنّ "ردود الفعل التي حصلت، والتخوف من اشتعال حرب، ساعد على تحرك بعض القوى داخل إسرائيل من أجل احتواء هذا الموضوع وعدم الذهاب إلى مواجهة عسكرية".

كما أشار إلى أنّ "الموقف الرسمي اللبناني، خاصة موقف الرؤساء الثلاثة، يحتمل نوعاً من الالتباس وعدم الوضوح، وربما في عمليات المفاوضة والعمل الدبلوماسي، الالتباس البنّاء يمكن أن يكون مفيداً أحياناً، لكن في الحالة اللبنانية من المفترض أن يتم اتخاذ موقف واضح وصريح، للمساعدة على حصول التفاف شعبي وسياسي حول الموقف الرسمي اللبناني بما يعطيه قوة وفعالية".

وختم أبو زيد حديثه بالقول: "أمامنا العديد من الأصوات والمبادرات من أجل توحيد الموقف اللبناني ومن أجل العودة إلى المفاوضات، وذلك من أجل احتواء الأزمة وعدم الذهاب إلى مواجهة عسكرية يكون لها خطورة على الجميع، خاصة أنّ الوضع الاقتصادي والمالي في إسرائيل ولبنان يحتم إيجاد حل دبلوماسي وسياسي منصف، يشكل مخرجاً للأزمة الاقتصادية والمالية التي يعاني منها البلدان".

وكان تلفزيون "إل بي سي آي" اللبناني، قد أجرى في شباط (فبراير) من عام 2021، حواراً مع الوسيط الأمريكي، ونشرته سفارة الولايات المتحدة في بيروت على موقعها الإلكتروني، وتلقى سؤالاً بشأن انقسام اللبنانيين إلى فريقين، أحدهما مؤيد للخط 23، والآخر للخط 29.

ورد الوسيط الأمريكي قائلاً: "أنا هنا في لبنان لأسمع من الحكومة اللبنانية.. أعتقد أنّ الجميع يفهم أنه الوقت المناسب للابتعاد عن الضغوط الخارجية التي يواجهها الطرفان، وفي المفاوضات لا يحصل كل طرف على كل ما يريده، لذلك أنا متفائل جداً، وأثق بأنّ لبنان سيكون به موقف موحد، وإسرائيل أيضاً، ما يجعلنا قادرين على إنجاز المهمة".

كما نفى في حواره ما تردد عن أنه في حالة فشل المفاوضات سيدشن صندوقاً للغاز في المنطقة، ثم يُقسم بين الجانبين، وقال: "إنّ أقاويل وسائل الإعلام كانت الأبرز في مسألة تسوية الحدود البحرية الجنوبية بين إسرائيل ولبنان".

وكانت الولايات المتحدة قد عبرت في الماضي عن رغبتها في حث الجانبين؛ اللبناني والإسرائيلي، على التفاوض بشكل مباشر، في ضوء الجهود التي بذلها الدبلوماسي الأمريكي فريدريك هوف (2010 – 2012) بهذا الخصوص.

مواضيع ذات صلة: 

ماذا تعرف عن حقل "كاريش" المتنازع عليه بين لبنان وإسرائيل؟

لبنان خارج الزمن والجغرافيا

ما الدور الذي سيلعبه "المستقلون" ونواب "التغيير" في لبنان؟


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية