هل ينجح الأخوة الأعداء في ترسيم المستقبل الفلسطيني؟

هل ينجح الأخوة الأعداء في ترسيم المستقبل الفلسطيني؟


07/10/2020

بعد انقسام فلسطيني استمر 14عاماً وأثّر في كافة مناحي الحياة، السياسية والاجتماعية والاقتصادية للفلسطينيين، ينوي طرفا الانقسام، فتح وحماس، توحيد الصفوف وإنهاء الانقسام، وإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني، خلال فترة أقصاها 6 أشهر، لمواجهة مخططات الاحتلال الإسرائيلي، والإدارة الأمريكية الساعية لإنهاء القضية الفلسطينية.

وتمّ الاتفاق على ذلك خلال لقاءات استمرت عدة أيام، خلال الشهر الماضي، في تركيا، جمعت عدداً من قيادات الحركتين، وتمّ التشاور بين القيادات على ضرورة إنهاء الانقسام، ولحمة الشعب الفلسطيني، بعد انقسام فرّق بينهم طوال السنوات الماضية، وكان له أثر كبير على القضية الفلسطينية.

المصالحة خطوة تنعكس على الجانب الإداري والسياسي؛ حيث يتوقف الفلسطينيون الظهور برأسَين وبرنامجين، ويختفي مشهد الصراع والتآكل الداخلي الذي أفقد القضية الفلسطينية هيبتها، واحترامها لدى الآخرين

ويأتي هذا الاتفاق بعد أن فشلت كافة الاتفاقيات التي تمّت خلال السنوات الماضية، والتي كان أهمها اتفاق الشاطئ، عام 2014، واتفاق القاهرة عام 2107، وربما يكون هذا الاتفاق هو الحاسم لتوحيد الفلسطينيين في وجه الاحتلال.

وقال أمين سرّ حركة فتح، جبريل الرجوب، في تصريحات صحفية: "نحن اليوم في المحطة الأخيرة والمفصلية لترسيم المستقبل الفلسطيني من خلال بناء شراكة لكلّ مكونات النظام الفلسطيني، وهي العملية التي ستتمخّض عنها انتخابات ديمقراطية بالتمثيل النسبي، تؤسّس لمخرجات تستند على أسس واضحة.

أمين سرّ حركة فتح، جبريل الرجوب

 وأضاف: "الرهان المقبل سيكون على أرضية صلبة، أساسها شعب واحد، مع هوية نظام سياسي واضح وموحد، يقوم على تعددية تمثّل الجميع، بشكل ديمقراطي من خلال انتخابات حرة ونزيهة.

اقرأ أيضاً: هل تكفي سلة العمادي لإخراج حماس من أزماتها العالقة؟

من جهة أخرى، قال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري: "أعتقد أنّنا أحرزنا هذه المرة توافقاً جوهرياً وحقيقياً فيه إرادة ومصداقية ومسؤولية وإحساس بالخطر يتجاوز كلّ الخلافات، والانقسام أضرّ بقضيتنا الوطنية ونعمل على إنهائه".

وأضاف: "خلال شهر تشرين الأول (أكتوبر)، سنخوض حواراً مستنداً إلى الشراكة في مؤسسات منظمة التحرير، والسلطة الفلسطينية، وسننتخب مجلساً تشريعياً ورئيساً للشعب الفلسطيني ومجلساً وطنياً"، والمجلس الوطني عبارة عن برلمان في المنفى.

اقرأ أيضاً: انتخابات حماس القادمة: ولاءات لأنقرة وطهران.. متى تلتفت الحركة لوطنيتها؟

وأعلنت حركة فتح، السبت الموافق 2 تشرين الأول (أكتوبر)، أنّه تمّ التوافق على إصدار مرسوم رئاسي بإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية تباعاً، وهذه الانتخابات ستكون الأولى منذ آخر انتخابات جرت قبل نحو 15 عاماً.

وساد التوتّر بين حركتَي فتح وحماس بعد الانتخابات، وما لبث أن تطوّر إلى اشتباكات دامية، وسيطرت حماس عسكرياً على قطاع غزة، عام 2007، وطردت حركة فتح منه، وبات حكم عباس يقتصر على الضفة الغربية.

نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري

فهل تنجح المصالحة الفلسطينية بعد فشل إتمامها خلال السنوات الماضية؟ ولماذا تمّ اختيار هذا التوقيت؟ وهل تتم الانتخابات الفلسطينية دون منغصات؟ وكيف سوف تخدم المصالحة القضية الفلسطينية؟ وهل ستتم المصالحة دون شروط من كلا الطرفان؟ وهل هناك ضغوط دولية وعربية لإتمام المصالحة؟ وما هو موقف الاحتلال الإسرائيلي من ذلك؟

 هل ستنجح المصالحة الفلسطينية؟

في سياق الردّ على تلك التساؤلات يقول الكاتب والمحلل السياسي، أكرم عطاالله، في حديثه لـ "حفريات": إنّ "مستقبل المصالحة مرتبط برغبة الأطراف الفلسطينية، وهذه المرة تبدو على قدر أكبر من الجدّية عن المرات السابقة، كونها تتعلّق بمخاوف عديدة، ربما الحالة التي تعيشها القوى والأحزاب الفلسطينية، خصوصاً بعد التطورات في الإقليم، وهناك خوف من إيجاد بدائل في ظلّ الأزمة السياسية التي تشهدها الساحة الفلسطينية.

المحلل السياسي هاني حبيب لـ"حفريات": إنهاء الانقسام من خلال الانتخابات هو شكل من أشكال الالتفاف على العقبات، ومن الأجدى إنهاء كافة الخلافات القائمة قبل التوجه لصناديق الاقتراع

وعن الأسباب التي ستؤدي إلى نجاح المصالحة الفلسطينية هذه المرة، قال عطا الله إنها تتمثل في "حالة الضغط التي تتعرض لها الأطراف الفلسطينية، فهناك قدر من الهواجس وظروف ذاتية وموضوعية أدّت إلى أن تؤخذ هذه المرة بجدّية، وأن تنجح وتكون كافة الأطراف تحت مظلة واحدة ومرجعية واحدة بدلاً من التشتت.

ويتابع: "المصالحة تضمن سيطرة حركة فتح على النظام السياسي الفلسطيني، وأيضاً وجود حركة حماس بالنظام نفسه كونها عانت بعد انقلابها على الشرعية، وأصبحت مرفوضة من قِبل الجميع، ووجودها بالنظام السياسي الفلسطيني هو مكسب لها، لذلك وافقت على إتمام المصالحة والمشاركة بالانتخابات القادمة".

ضغوطات وإغراءات

ويبين عطالله؛ أنّ حركة حماس تعرضت لإغراءات وضغوطات خارجية لإتمام المصالحة الفلسطينية، تتمثّل برغبة قطر وتركيا في فكّ ارتباط الحركة بمحمد دحلان، وعدم التقرب من مصر، وأن تبقى مقرَّبة من المحور الذي تدعمه كلٌّ من أنقرة والدوحة.

ويرى المحلل والكاتب السياسي؛ أنّ طرفَي الانقسام مدفوعان تجاه المصالحة الفلسطينية بسبب الأزمات السياسية والمالية التي مرّا بها، في الآونة الأخيرة؛ لذلك وجدا أنّ المصالحة هي السبيل الوحيد لتخطي تلك الأزمات.

اقرأ أيضاً: ما تداعيات العلاقة بين حماس وحزب الله على القضية الفلسطينية؟

ويخبر عطاالله "حفريات"؛ بأنّ المصالحة هي خطوة تنعكس على الجانب الإداري والسياسي؛ حيث يتوقف الفلسطينيون الظهور برأسَين وبرنامجين، ومشهد الصراع والتآكل الداخلي الذي أفقد القضية الفلسطينية هيبتها، واحترامها لدى الآخرين.

هل إسرائيل راضية عن المصالحة الفلسطينية؟

لا يمكن القول إنّ إسرائيل راضية عن المصالحة الفلسطينية إلا إذا كانت هذه المصالحة هي تهيئة للنظام السياسي الفلسطيني، وتمهيداً لخطة سياسية كبيرة جداً، فإذا منع الإسرائيليون المصالحة والانتخابات يمكن القول إنّهم غير راضين عن ذلك، أما في حال التزامهم الصمت؛ فإنّ ذلك يعني رضاهم عمّا يحدث، وهذا يعني أنّ هناك شيئاً يجب أن ينتبه إليه الفلسطينيون" يقول عطالله.

اقرأ أيضاً: استثمارات حماس تخنق المتنزهات في غزة وتستولي على الأملاك العامة

ويؤكد أنّ الأسباب التي سوف تؤدي لنجاح المصالحة بالوقت الراهن، هي أنّ الجانبيَن، فتح وحماس، يعيشان حالة من الخوف والضغط، وفقدان المسار، فحماس غير قادرة على أن تقاوم بعد انقطاع المال عنها، والسلطة لا تستطيع أن تفاوض في ظلّ الأزمة السياسية التي تعاني منها، الأمرُ الذي أفقدها دورها الوظيفي.

ويتوقّع عطاالله، أن يكون هناك شروط داخلية من قبل الحركتين، وهي أن تكون الرئاسة لحركة فتح والرئيس محمود عباس، إضافة إلى اشتراط حركة حماس بأن تكون صاحبة قرار في أي نظام سياسي فلسطيني جديد.

وينوّه إلى أنّ الأموال القطرية التي تحصل عليها حركة حماس كل شهر سوف تزداد في حال إتمام المصالحة الفلسطينية وإجراء الانتخابات، وأنّ الفلسطينيين توجهوا نحو هذه الخطوة بعد ضمانهم تلقي الدعم القطري الفترة المقبلة، لافتاً إلى أنّ حماس سوف تستفيد من الأموال التي سوف تدخل أكثر من استفادتها بالوقت الحالي.

عقبات كثيرة!

في المقابل؛ يرى الكاتب والمحلل السياسي، هاني حبيب، أنّ هناك عقبات كثيرة سوف تواجه إجراء الانتخابات الفلسطينية، ومنها الاحتلال الإسرائيلي الذي يريد بقاء الانقسام، وأطراف إقليمية، وأطراف فلسطينية ترى أنّ المصالحة تضرّ بمصالحها.

اقرأ أيضاً: تفرّد حماس ببلديات غزة يثير موجة من الانتقادات والرفض الشعبي

ويشير في حديثه لـ "حفريات": إلى أنّ "إنهاء الانقسام الفلسطيني وإجراء انتخابات فلسطينية حلم كلّ فلسطيني، وسوف تعيد الحياة إلى الشارع الفلسطيني، وتشكّل عقبة أساسية أمام كلّ المتآمرين على القضية الفلسطينية، التي تضرّرت بشكل كبير خلال السنوات الماضية بفعل تداعيات الانقسام".

اقرأ أيضاً: علاقات تركيا وحماس... كيف عمّت الفائدة إسرائيل؟

ويقول: "على الرغم من الأجواء الإيجابية التي سادت الاجتماعات الأخيرة في تركيا، والبيانات المشتركة التي صدرت عن قادة حركتَي، فتح وحماس، إلا أنّ هناك مؤشرات تدلّ على عدم تحقيق هذه الجولة من المصالحة، بالتالي؛ يصبح مصيرها كباقي الجولات السابقة، وذلك نتيجة عدم وجود ثقة بين الجانبين، وعدم معالجة الأسباب الرئيسة التي أدّت إلى الانقسام قبل ١٤ عاماً".

يضيف: "إنهاء حالة الانقسام من خلال الانتخابات هو شكل من أشكال الالتفاف على العقبات، ومن الأجدى إنهاء كافة الخلافات القائمة قبل التوجه لصناديق الاقتراع، والاتفاق على برامج محددة، ورؤية وطنية واحدة، حتى لا نعود إلى المربع الأول، ويتكرّر ما حدث بعد الانتخابات الأخيرة، عام 2006".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية