هل يكفي موقف بايدن الصارم تجاه إيران لتهدئة مخاوف الحلفاء الإقليميين؟

هل يكفي موقف بايدن الصارم تجاه إيران لتهدئة مخاوف الحلفاء الإقليميين؟


17/07/2022

ترجمة: محمد الدخاخني

تحذير الرّئيس الأمريكيّ، جو بايدن، من أنّه سيكون على استعداد لاستخدام القوّة العسكريّة ضدّ إيران لمنعها من حيازة أسلحة نوويّة، يُعطي إِيمَاءَة تمسّ الحاجة إليها لحلفاء واشنطن الرّاسخين في الشّرق الأوسط عن جدّيّة بايدن في التّعامل مع طهران.

في وقتٍ تقول فيه "الوكالة الدّوليّة للطّاقة الذّرّيّة"، وهي الهيئة التي ترعاها الأمم المتّحدة والمسؤولة عن مراقبة النّشاط النّوويّ الإيرانيّ، إنّ طهران شرعت في تخصيب اليورانيوم على جيل جديد من أجهزة الطّرد المركزيّ المتطوّرة في منشأة "فوردو" الموجودة تحت الأرض، هناك أسباب كافية لقلق بقيّة المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت إيران ثقتها العسكريّة المتزايدة من خلال استعدادها تزويد روسيا بمئات الطّائرات من دون طيّار لمساعدتها في حملتها العسكريّة في أوكرانيا.

دول الخليج، مثل المملكة العربيّة السّعوديّة، حيث سيُنهي بايدن جولته المكّوكيّة في المنطقة في نهاية الأسبوع، لديها تجربتها الخاصّة في التّعامل مع التّهديد الذي تُشكّله الطّائرات من دون طيّار إيرانيّة الصّنع. وقد خلص محقّقون أمريكيّون إلى أنّ هذه الطّائرات من دون طيّار شاركت في الهجوم المميت الذي شُنّ ضدّ منشآت نفطيّة سعوديّة في عام 2019، بينما استُخدمت تقنيّة مماثلة في الهجوم الذي شنّه متمرّدون حوثيّون يمنيّون مدعومون من طهران ضدّ أبو ظبي في كانون الثّاني (يناير).

الرئيس الأمريكي جو بايدن يحضر قمة الأمن والتنمية لمجلس التعاون الخليجي في مدينة جدة السعودية

وكانت المخاوف بشأن التّهديد العسكريّ الإيرانيّ المتصاعد سبب توتّرات أخيرة بين واشنطن والقادة الموالين للغرب في المنطقة.

في هذا السّياق، إذاً، تُعدّ التّأكيدات التي قدّمها بايدن فيما يتعلّق بموقف إدارته من طموحات إيران النّوويّة خطوة مشجّعة.

ردّ قوي

في مقابلة مع المحطّة الإذاعيّة الإسرائيليّة "إن 12"، يوم الأربعاء، أدلى بايدن بردّ قويّ عندما ضُغط عليه بشأن ما إذا كان على استعداد لاستخدام القوّة لمنع إيران من الحصول على أسلحة نوويّة. قال الرّئيس: "إذا كان هذا هو الملاذ الأخير، فنعم، لا يمكن لإيران الحصول على سلاح نوويّ".

بايدن ليس غريباً عن الشّرق الأوسط؛ فقد زار المنطقة في عدد من المناسبات خلال فترات عمله عضواً في مجلس الشّيوخ، وفيما بعد، نائباً للرّئيس باراك أوباما

بايدن ليس غريباً عن الشّرق الأوسط؛ فقد زار المنطقة في عدد من المناسبات خلال فترات عمله عضواً في مجلس الشّيوخ، وفيما بعد، نائباً للرّئيس باراك أوباما. لكن هذه هي الزيارة الأولى له منذ تولّيه الرّئاسة العام الماضي. حتّى اندلاع الأزمة الأوكرانيّة في شباط (فبراير)، لم يُظهر اهتماماً كبيراً بالتّعامل مع الحلفاء الإقليميّين. أصرّ مسؤولو الإدارة مراراً وتكراراً على أنّه فيما يتعلّق بالبيت الأبيض في ظلّ حكم بايدن، لم يُنظَر إلى الشّرق الأوسط على أنّه أولويّة.

دفع الغزو الرّوسيّ لأوكرانيا، والارتفاع اللاحق في أسعار النّفط - الذي شَهِد ارتفاع التّضخّم إلى أعلى مستوى له في 40 عاماً في الولايات المتّحدة - بايدن إلى تغيير رأيه. سيكون أحد أهدافه إقناع الدّول المنتجة للنّفط في المنطقة بزيادة الإنتاج في محاولة لتخفيف الضّغط على أسعار النّفط العالميّة. وسيحتاج إلى هذا لمساعدة حزبه، الحزب الدّيمقراطيّ، في محاولة تجنّب الهزيمة في انتخابات التّجديد النّصفيّ، في تشرين الثّاني (نوفمبر).

إهمال 18 شهراً

بعد إهمال بايدن للمنطقة خلال أوّل 18 شهراً من تولّيه المنصب، يبقى أن نرى مدى استجابة القادة الإقليميّين لالتماساته. لقد حاول، بالتّأكيد، قول كلّ التّصريحات الصّحيحة قبيل الرّحلة. في مقال رأي نشرته صحيفة واشنطن بوست هذا الشّهر، أعلن بايدن أن طموحه الرّئيس هو إظهار "الدّور القياديّ الحيويّ" لأمريكا في المنطقة.

مسؤولون كبار بالجيش الإيراني يتفقدون طائرات بدون طيار في قاعدة تحت الأرض في مكان مجهول بإيران

في هذا السّياق، ستساعد تعليقات الرّئيس القويّة بشأن إيران، بالتّأكيد، على تهدئة مخاوف مفادها أنّ هوس واشنطن بإبرام اتّفاق نوويّ مع طهران يجري على حساب معالجة المخاوف الأمنيّة الإقليميّة. تأتي زيارة بايدن، بالتّأكيد، في وقت يُفكّر فيه بشكل كبير في تحسين الأمن الإقليميّ إلى مستوى يمكن فيه احتواء التّهديد الإيرانيّ إلى مستوى يمكن التّحكّم فيه.

أدّى التّحسّن الأخير في العلاقات بين إسرائيل والخليج، بعد التّوقيع على "اتّفاقيات أبراهام" غير المسبوقة في عام 2020 إلى تحسّن الأجواء الإقليميّة، وهو ما قد يكون له تداعيات عميقة على التّرتيبات الأمنيّة المستقبليّة في المنطقة.

التّعاون الدّفاعيّ

وقد أدّى ذلك إلى تكهّنات، في الأسابيع الأخيرة، بأنّ تحسين التّعاون الدّفاعيّ ممكن بين إسرائيل والعديد من جيرانها العرب. وتردّدت أنباء عن إجراء محادثات سرّيّة في منتجع شرم الشّيخ المصريّ ووضع ترتيبات مشتركة بشأن الدّفاع الجويّ، خاصّة فيما يتعلّق بالتّهديد الذي تمثّله أنظمة الصّواريخ الباليستيّة الإيرانيّة المتطوّرة. واحتمال إنشاء تحالف دفاعيّ جويّ إقليميّ قد جذب انتباه إدارة بايدن، بالتّأكيد، وسوف تُطرح القضيّة خلال اجتماعات بايدن مع القادة الإسرائيليّين والعرب خلال جولته.

ستساعد تعليقات الرّئيس القويّة بشأن إيران، بالتّأكيد، على تهدئة مخاوف مفادها أنّ هوس واشنطن بإبرام اتّفاق نوويّ مع طهران يجري على حساب معالجة المخاوف الأمنيّة الإقليميّة

كما قال المتحدّث باسم "مجلس الأمن القوميّ الأمريكيّ"، جون كيربي، قبيل مغادرة بايدن إلى الشّرق الأوسط، فإنّ أحد أهداف البيت الأبيض هو إنشاء "دفاع جويّ أكثر تعاوناً حقّاً" في مواجهة التّهديد المتزايد من إيران. قال كيربي: "هناك تقارب متزايد بين دول المنطقة القلقة بشأن برنامج الصّواريخ الباليستيّة [الإيرانيّ] المتقدّم ودعمها للشّبكات الإرهابيّة".

لا تزال مثل هذه المناقشات في مرحلة مبكّرة، لكن في وقتٍ تبدو فيه إدارة بايدن حريصة على إعادة بناء الثّقة مع حلفائها العرب، فإنّ هذه المناقشات ليست مكاناً سيئاً للبدء.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

كون كوغلين، ذي ناشونال، 14 تمّوز (يوليو) 2022



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية