هل يفاقم قاسم سليماني عزلة قطاع غزة؟

هل يفاقم قاسم سليماني عزلة قطاع غزة؟


11/01/2021

اعتبر قيادي فلسطيني أنّ رفع صورة سليماني في مناطق مختلفة من قطاع غزة من شأنه أن يزيد من عزلة قطاع غزة، عربياً ودولياً، من خلال استغلال ذلك العمل للزجّ بجميع سكان قطاع غزة، الذين يعانون ظروفاً معيشية واقتصادية سيئة، بانحيازه لما يسمى "محور الممانعة الإيراني"، في حين تقتصر هذه العلاقات على بعض الجماعات التي ترتبط بمصالح مشتركة مع النظام الإيراني"، وفق ما ذهب إليه عضو المكتب السياسيّ لجبهة النضال الشعبيّ، محمود الزق.

اقرأ أيضاً: هل تضحّي تركيا بالإخوان وحماس للتقرّب من إسرائيل؟

وفوجئ سكان قطاع غزة، في 28 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، برفع حركة حماس لوحة ضخمة تحمل صورة قائد فيلق القدس في الحرس الثوريّ الإيرانيّ، قاسم سليماني، الذي قضى مع عدد من قيادات وأعضاء في "الحشد الشعبي بغارة جوية أمريكية، في الثالث من كانون الثاني (يناير) 2019، قرب مطار العاصمة العراقية بغداد.

عضو المكتب السياسيّ لجبهة النضال الشعبيّ، محمود الزق

وتضمّنت الصورة التي رُفعت على لوحة كبيرة في شارع الرشيد بغزة، اقتباسات من كلمة رئيس المكتب السياسيّ لحماس، إسماعيل هنية، خلال مشاركته في جنازة سليماني، الذي وصفه هنية حينها بـ "شهيد القدس".

 "الركن الشديد" 

ويأتي رفع صورة سليماني في قطاع غزة مع مناورة "الركن الشديد" العسكرية، والتي نفذتها الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية المسلحة، في 29 كانون الأول (ديسمبر)، وكذلك بالتزامن مع اقتراب الذكرى الأولى لمقتل سليماني.

لكنّ سكان القطاع الذين ضاقوا ذرعاً بإجراءات حركة حماس المتواطئة مع إيران، كان لها رأي آخر، عبر تصدر "هاشتاغ" "#غزة_لعنت_روح_سليمانيالترند على موقع تويتر، ليمزّق شبان غاضبون الصورة بعد ساعات من رفعها على لوحة إعلانية في مدينة غزة، صورة قائد فيلق القدس، التابع للحرس الثوري الإيراني، الجنرال الراحل قاسم سليماني.

المصالح المشتركة بين بعض الفصائل الفلسطينية والنظام الإيراني يجب أن لا تغفل ما قامت به الميليشيات الإيرانية من مجازر بحق الأبرياء في سوريا

ولم تكترث حركة حماس بحالة الغضب السائدة في قطاع غزة بعد نشر صور سليماني، ليعتقل جهاز الأمن الداخلي، التابع لها، الشيخ السلفي مجدي المغربي، في 31 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بتهمة تمزيقه ملصقاً لصورة سليماني على لافتة كبيرة في غزة.

وشنّت إسرائيل هجوماً إعلامياً ضدّ حركة حماس في قطاع غزّة، بسبب قيام الأخيرة برفع صورٍ ضخمةٍ للجنرال الإيرانيّ، قاسم سليماني، وقال أوفير غيندلمان، الناطق الرسميّ بلسان رئيس الوزراء الإسرائيليّ: "صورة ضخمة لقاسم سليماني بغزة! الميليشيا الإيرانيّة، حماس، تُكرّم القاتل الجماعيّ الذي ذبح مئات الآلاف من السوريين والعراقيين واليمنيين والفلسطينيين (في مخيم اليرموك)"، على حدّ زعمه.

"عملاء إيران"

وتابع قائلاً في تغريدةٍ نشرها على حسابه الرسميّ في موقع "تويتر":"هكذا تحالف عملاء إيران بغزة مع مَنْ يحتل أربع عواصم عربية، وفي الوقت نفسه هم يطلبون تضامناً عربياً"، مختتماً أقواله بالاستغراب: "والله اللي استحوا ماتوا!".

وهذه المرة الثانية التي ترفع فيها صورة سليماني في غزة، كانت الأولى في مجلس عزاء أقامته الفصائل (حركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية ولجان المقاومة الشعبية) له في القطاع، وخلاله رفعت صور كبيرة للشخصية الإيرانية، دون أن تبقى معلقة في شوارع القطاع الرئيسة.

وعلى هامش مجلس العزاء الذي نظِّم لسليماني، في غزة، في الرابع من كانون الثاني (يناير) 2019، قال إسماعيل رضوان، القيادي في حركة حماس: "سنبقى في قطاع غزة أوفياء لمن دعم فلسطين وطور إمكانات الفصائل".

اقرأ أيضاً: ماذا قدّم سليماني لحركة حماس فور تسلمها السلطة بغزة؟... الزهار يكشف

وكان القيادي في حركة حماس، محمود الزهار، قد كشف، في مقابلة مع قناة "العالم" الإيرانية، تفاصيل لم يسبق للحركة الإسلامية الفلسطينية أن تحدثت عنها، فيما يتعلق بالدعم المالي الذي كانت تتلقاه من إيران.

وقال الزهار، في المقابلة التي بثت في 27 كانون الأول (ديسمبر) الماضي؛ إنه تسلّم، عام 2006، من قائد فيلق القدس، الجنرال قاسم سليماني، الذي قتل في مطلع العام الحالي بغارة أمريكية على موكبه ببغداد، 22 مليون دولار.

عزل قطاع غزة

ويرى عضو المكتب السياسيّ لجبهة النضال الشعبيّ، محمود الزق في تصريح لـ "حفريات" أنّ "المصالح المشتركة بين بعض الفصائل الفلسطينية والنظام الإيراني يجب أن لا تغفل ما قامت به الميليشيات الإيرانية من مجازر بحق الأبرياء في سوريا والمخيمات الفلسطينية التي تتواجد بداخلها، ويجب أن يكون الموقف الفلسطيني منحازاً لقضاياه العادلة، دون الخوض في تحالفات من شأنها إدخاله في متاهات تخرجها عن موقفها الوطني، والذي من شأنه الإضرار بالقضية الفلسطينية".

المحلل السياسي طلال أبو ركبة لـ"حفريات": أعداء القضية الفلسطينية يحاولون، بشتى الطرق، شيطنة النضال الفلسطيني، باستغلال بعض الأخطاء؛ مثل رفع صور سليماني

وبعد إدانة المدّعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية الفصائل الفلسطينية ووصف بعضها بالإرهابية، سيوظف ذلك، وفق الزق، من قبل عدة أطراف دولية، وحتى الاحتلال الإسرائيلي، "في شيطنة العمل الكفاحي الفلسطيني، طالما بقي التحالف مع إيران مستمراً، لذلك لا بدّ من التخلي عن جميع التحالفات الإقليمية بالمنطقة، دون أن نكون طرفاً مع أيّ محور، وأن يتم التعامل على أنّ فلسطين قضية عادلة وقابلة للانتصار، طالما لم يتم زجّها في الأزمة الإيرانية التي تتعرض لها حالياً".

مصالح مشتركة

بدوره، استبعد الأكاديمي والمحلل السياسي، طلال أبو ركبة، خلال حديثه لـ "حفريات"، أن "يتسبب رفع صورة سليماني في قطاع غزة أية عزلة لحركة حماس والفصائل الفلسطينية المناوئة لها"، مبيناً أنّ القطاع يعيش في عزلة تامة منذ الانسحاب الإسرائيلي الأحادي الجانب من قطاع غزة، عام 2005م، ولم تكن حركة حماس حينها على رأس النظام السياسي الفلسطيني؛ حيث ركّز الاحتلال منذ تلك اللحظة على الاستمرار في عزل القطاع، عبر التوجه نحو تعميق الانقسام الحاصل منذ العام 2007، وأعطى الفرصة للمجتمع الدولي وإسرائيل بأن يكون الكفاح المسلح ضدّ الاحتلال شكلاً من أشكال الإرهاب".

 الأكاديمي والمحلل السياسي، طلال أبو ركبة

وتابع: "العلاقة بين حركة حماس وبعض الفصائل الفلسطينية الأخرى مع النظام الإيراني هي علاقات تقوم على أساس المصالح المشتركة"، مشيراً إلى أنّ "إيران لم تكن يوماً من الأيام وحدها المهيمنة على قرارات بعض الفصائل الفلسطينية في كافة الفترات المختلفة، بل كان لقطر وتركيا دور آخر في هذه الهيمنة، لتتماشى تلك المصالح الإستراتيجية مع أهداف هذه الدول في المنطقة".

شيطنة النضال الفلسطيني

ولفت أبو ركبة إلى أنّه "لا يمكن الحديث عن هيمنة مطلقة بعد حالة النفور التي شهدتها العلاقة بين إيران وحماس خلال الأزمة السورية، والتي أدّت إلى حالة من العزلة بين الطرفين، لكن سرعان ما عادت العلاقات إلى طبيعتها، نظراً للحسابات والتوازنات والاعتبارات التي تربط هذه الأطراف ببعضها، ما يجعلها في حاجة ماسة إلى هذا التقارب مع اللهجة التصعيدية الأمريكية والإسرائيلية ضد إيران".

اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون.. توتر بين حماس وتركيا ورهانات على التطرف

وأكّد أنّ "حالة الشرذمة التي أصابت الهوية العربية، وانهيار النظام العربي بعد الاحتلال الأمريكي لبغداد، عام 2003، وانطلاق موجات الربيع العربي، كلّ ذلك أدّى إلى خروج قوى إقليمية مهيمنة على الوطن العربي، كان هدفها لعب أدوار مختلفة، في اليمن وسوريا وليبيا، ليكون لها حضور بارز، في ظلّ غياب الموقف الرسمي العربي لجامعة الدول العربية، ما سمح لهذه الدول بأن تتمدّد على حساب الهوية العربية".

وأوضح الباحث والأكاديمي الفلسطيني؛ أنّ "أعداء القضية الفلسطينية يحاولون، بشتى الطرق، شيطنة النضال الفلسطيني، باستغلال بعض الأخطاء؛ مثل رفع صور سليماني، الذي كان يشغل منصب قائد فيلق القدس الأسبق، والمصنف على قوائم الإرهاب العالمية، لإظهار الفلسطيني كإرهابي، كما حدث قبل عدة أعوام من توظيف الاحتلال لصورة الشهيد الطفل، محمد الدّرة، على أنّه طفل يهودي، كنوع من البروباغندا الإسرائيلية، لتشويه نضال الشعب الفلسطيني، والذي يقاتل من أجل نيل الاستقلال وإنهاء الاحتلال".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية