
شكل تصنيف الحكومة الألمانية حزب "البديل من أجل ألمانيا" تنظيماً متطرفاً، هزة سياسية في البلاد، نظرا لما تحمله من مفارقة في الحياة السياسية الألمانية، فالحزب الذي قد يواجه الحظر نتيجة ذلك التصنيف، سيجد نفسه أمام الاتهامات ذاتها التي سبق أن تقدم بها لحظر الاتجاهات السياسية ذات الطابع الإسلامي والمنبثقة عن تنظيم "الإخوان" وتفرعاته في البلاد.
وبحسب تقرير لموقع "إرم نيوز"، فإن هذه الخطوة تعني أن ألمانيا بدأت تعاني من التطرف "في مواجهة التطرف"، خاصة أن بعض الأصوات بدأت تتعالى لتشير إلى أن حزب "البديل" قد يسعى لاستثمار الموقف الرسمي منه في زيادة شعبيته، وهو دور سبق أن لعبه "الإخوان" خاصة مع تداول مصطلح "الإسلاموفوبيا" لمحاولة إظهار نفسه في موقع الضحية، وكسب مزيد من التعاطف.
تصنيف الحزب، الذي تأسس العام 2013، جاء بعد تقييم وتحليل استمر لنحو 3 سنوات أجراه "المكتب الاتحادي لحماية الدستور" (جهاز الاستخبارات الداخلية الألماني) لتصريحات قادته، وعلاقاتهم مع شخصيات ومجموعات يمينية متطرفة. حسبما يذكر موقع قناة "دويتشه فيلله" الألماني.
وخلُص المكتب إلى أن الحزب يصنف الألمان على أساس عرقي، ولا يرى في المواطنين من أصول مهاجرة، خاصة القادمين من دول ذات أغلبية مسلمة، مواطنين ألماناً.
هو دور سبق أن لعبه "الإخوان" خاصة مع تداول مصطلح "الإسلاموفوبيا" لمحاولة إظهار نفسه في موقع الضحية
وكان الحزب مصنفاً في البلاد على أنه "حالة اشتباه بالتطرف اليميني"، واستغل حالة القلق من الهجرة المتزايدة، ليؤسس خطاباً عنصرياً، وسط المخاوف التي بدأت تبديها مجموعات سياسية حيال انتشار مجموعات تناسخت من تيار "الإخوان".
وتأسيساً على خطاب "التطرف في مواجهة التطرف"، بدأ حزب "البديل" يحقق قفزات سياسية أوصلته العام 2017 إلى البرلمان الاتحادي ليكون "أول حزب يميني قومي يدخل البوندستاج منذ نهاية الحرب العالمية الثانية".
ويأتي تصنيف الحزب بوصفه "تنظيما يمينياً متطرفاً" وسط وضع سياسي حساس في البلاد التي تنتظر تشكيل حكومة جديدة، إضافة إلى توتر ألماني، وأوروبي بشكل عام، في العلاقة مع الولايات المتحدة، بخصوص الأزمة في أوكرانيا، وهو ما يزيد احتمالات التصعيد السياسي، سواء من داخل الحزب الذي أبدى عدد من السياسيين الأمريكيين دعمه، وانتقدوا القرار الحكومي، (وزير الخارجية الأمريكي وصف القرار بأنه "استبداد")، أو من الأحزاب التي قد تطالب بتطوير خطوة التصنيف تلك، نحو اللجوء إلى القضاء وحظر نشاط الحزب، وهو ما ينذر بحالات توتر محتملة، وتصعيد في التطرف.
وتنذر التحديات التي يواجهها الواقع السياسي الألماني بأن يصبح "البديل من أجل ألمانيا" النسخة الأوروبية لتنظيم الإخوان، الذي سبق له أن وصل إلى الحكم في بلدين عربيين وفشل في إدارتهما، كما كان المظلة التي خرجت من تحتها أكثر التنظيمات تطرفاً، كالقاعدة، وداعش، وغيرهما.
وذكر موقع "إرم نيوز" أن هناك جوانب كثيرة يتقاطع فيها تطرف "الإخوان" مع تطرف "البديل" فالتياران انطلقاً بدعاية "إصلاحية"، سرعان ما كشفت عن حقيقتها المتطرفة، وإن كان "البديل" أكثر سرعة في ذلك، فبعد نحو عامين على تأسيسه انتصر الجناح القومي في الحزب على جناحه الليبرالي، وبدأ التوجه نحو اليمين.