هل يخسر بايدن الانتخابات المقبلة لموقفه من الحرب على غزة؟

هل يخسر بايدن الانتخابات المقبلة لموقفه من الحرب على غزة؟

هل يخسر بايدن الانتخابات المقبلة لموقفه من الحرب على غزة؟


13/11/2023

ترجمة: محمد الدخاخني

استطلاعات الرّأي قَيّمة لأنّها تفتح نافذةً وتُتيح للمرء سماع وفهم ما يقوله النّاس وما قد تُنبئنا به وجهات نظرهم عن المستقبل. وهكذا، على مدى العقود الثّلاثة الماضية، ومن خلال العمل مع أخي جون زغبي، استطلعنا آراء الجالية العربيّة الأمريكيّة حول مجموعة من المواضيع السّياسيّة.

ومن الواضح أنّ العرب الأمريكيّين يتأثّرون بالدّمار والخسائر في الأرواح النّاجمة عن العنف المُميت المستمرّ بين الإسرائيليّين والفلسطينيّين. ولكن بالنّظر إلى أنّه لم يكن من الواضح إلى أيّ مدى سوف تتجاوب الجالية مع الأمر، فقد أجرينا استطلاعاً لإلقاء نظرة فاحصة على كيفيّة تفاعلها مع الصّراع، وتأثيره على حياتهم، وكيف يشعرون تجاه تعامل إدارة بايدن معه، وما قد تعنيه ردود أفعالهم بالنّسبة إلى انتخابات 2024.

انخفاض في الدعم  العربي لبايدن

وكانت النّتائج مذهلة أكثر ممّا تصوّرنا؛ فهناك انخفاض كبير في الدّعم العربيّ الأمريكيّ للرّئيس جو بايدن، وتعامله مع التّدمير الإسرائيليّ المستمرّ لغزّة هو السّبب وراء هذا التّحوّل في المواقف.

عندما سئلوا لمن سيصوّتون في عام 2024، قال 17 في المائة فقط إنّهم سيصوّتون لبايدن، في تناقصٍ ملحوظ مع نسبة الـ 59 في المائة التي صوّتت له في عام 2020. وانخفضت، أيضاً، نسبة تأييد الرّئيس بين العرب الأمريكيّين من 74 في المائة في عام 2020 إلى 29 في المائة في استطلاع هذا العام.

الصلاة في مركز دار الهجرة الإسلامي في فولز تشيرش، فيرجينيا، أواخر الشهر الماضي

ولمعرفة السّبب وراء هذا الانخفاض الحادّ في التّأييد، لا يحتاج المرء إلى النّظر أبعد من ثُلثي العرب الأمريكيّين الذين يقولون إنّ لديهم وجهة نظر سلبيّة تجاه تعامل الرّئيس مع أعمال العنف الحالية في فلسطين وإسرائيل، ويعتقد ثلثان مُماثلان أنّ الولايات المتّحدة يجب أن تدعو إلى وقفٍ لإطلاق النّار من أجل إنهاء الأعمال العدائيّة.

لا يظهر التّأثير الإجماليّ لوجهات النّظر السّلبيّة تجاه بايدن وسياساته فقط في الانخفاض الكبير المتوقّع في دعم النّاخبين له في عام 2024، ولكن للأمر، أيضاً، تأثير كبير على التّفضيلات الحزبيّة: هذا هو أوّل استطلاع، خلال 26 عاماً من استطلاع آراء النّاخبين العرب الأمريكيّين، لا تدّعي فيه الأغلبيّة أنّها تفضّل الحزب الدّيمقراطيّ.

هناك مستويات عالية من القلق بشأن التعبير علناً عن وجهات نظرٍ داعمة لحقوق الفلسطينيين، وخوف على السلامة الشخصية أو خوف من التعرّض للتمييز

خلال الدّورتين الانتخابيّتين لعامي 2008 و2016، فاق عدد الدّيمقراطييّن العرب الأمريكيّين عدد الجمهوريّين بنسبة اثنين إلى واحد. وفي استطلاع هذا العام، يعتبر 32 في المائة من العرب الأمريكيّين أنفسهم جمهوريّين، مقابل 23 في المائة فقط مّمن يعتبرون أنفسهم ديمقراطيّين. وهناك نمو مطّرد في نسبة أولئك الذين يعتبرون أنفسهم مستقلّين – وكان هؤلاء يدعمون في السّابق الحزب الدّيمقراطيّ.

ويُظهِر الاستطلاع، أيضاً، أنّ العرب الأمريكيّين يشعرون بالقلق إزاء التّداعيات الدّاخليّة للحرب والخطاب السّاخن الذي صاحب تداعياتها في الدّاخل. ويشعر 8 من كلّ 10 عرب أمريكيّين بالقلق من أن تؤدّي أعمال العنف الحالية إلى إثارة التّعصّب المناهض للعرب، في حين يشعر الثّلثان بالقلق على نحو مُماثل إزاء احتمالات معاداة السّاميّة.

أيضاً، هناك مستويات عالية من القلق بشأن التّعبير علناً عن وجهات نظرٍ داعمة لحقوق الفلسطينيّين، وخوف على السّلامة الشّخصيّة أو خوف من التعرّض للتّمييز. وأفاد 6 من كلّ 10 عرب أمريكيّين بأنّهم يعانون من التّمييز، أي بزيادة قدرها 6 في المائة منذ نيسان (أبريل) من هذا العام.

عرب أمريكيون يعانون من التمييز

ومن الجدير بالذّكر أنّ هذا القلق يبرز بشكل أكبر بين المسلمين من العرب الأمريكيّين (70 في المائة) والعرب الأمريكيّين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و34 (74 في المائة)، الذين أفادوا بأنّهم يعانون بالفعل من التّمييز. ويشعر نصف العرب الأمريكيّين بالقلق إزاء مواجهة التّمييز في المدارس وأماكن العمل ومجتمعاتهم المحلّيّة بسبب الحرب بين إسرائيل وغزّة.

أخيراً، من المهمّ الإشارة إلى أنّ المستويات العالية من الدّعم لحقوق الفلسطيّنيين والشّعور السّلبيّ المرتفع تجاه سياسات الرّئيس هي وجهات نظر مشتركة بين جميع المجموعات الديموغرافية التي شملها الاستطلاع تقريباً - العمر، والجندر، ومستوى التّعليم، والدّين، والمهاجرون، والمولودون في الولايات المتّحدة.

فتاة تقف بجانب الأنقاض خارج مبنى تعرض للقصف الإسرائيلي في رفح، غزة

هذا أمر مهمّ لأنّه خلال ما يقرب من ثلاثة عقود من استطلاعات الرّأي، لم تكن هناك سوى لحظتين أخريين أدّت فيهما قضايا سياسيّة إلى مثل هذا التّحوّل الدّراميّ في وجهات النّظر العربيّة الأمريكيّة - ولم تنتج أيّ منهما، مع ذلك، مثل هذا التّغيير خلال فترة قصيرة من الزّمن.

عندما تحرّك العرب الأمريكيّون

الأولى كانت خلال رئاسة جورج دبليو بوش، عندما تحرّك العرب الأمريكيّون، على مدى أربعة أعوام، بشكل حاسم ضدّ سياسات بوش في العراق وأجندته المحلّيّة القمعيّة لتقويض الحرّيّات المدنيّة والصّورة النّمطية السّلبيّة للحزب الجمهوريّ الحاكم آنذاك عن العرب الأمريكيّين والمسلمين الأمريكيّين.

والثّانية كانت في عام 2016، عندما تراجع العرب الأمريكيّون في مواجهة خطاب حملة دونالد ترامب الرّئاسيّة النّاجحة ضدّ المسلمين.

عندما سئل الأمريكيون العرب لمن سيصوّتون في عام 2024، قال 17 في المائة فقط إنّهم سيصوّتون لبايدن، في تناقصٍ ملحوظ بسبب الحرب على غزة

في حالة بايدن، في حين تراجع التّأييد العربيّ الأمريكيّ لأدائه الوظيفيّ بشكل مُعادِل لبقيّة النّاخبين الأمريكيّين، فإنّ الانخفاض الحادّ، على مدى بضعة أسابيع، في دعم إعادة انتخابه وحتّى حزبه غير مسبوق.

قد لا يكون عدد العرب الأمريكيّين كبيراً مثل بعض المجموعات الانتخابيّة الأخرى، لكن مئات الآلاف من ناخبيهم في ميشيغان وأوهايو وبنسلفانيا تمّت استمالتهم بنشاط من قِبل حملة بايدن في عام 2020. وبالنّسبة إليه، فإنّ استعادتهم مرّة أخرى في عام 2024 ستكون مهمّة شاقّة.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

جيمس زغبي، ذي ناشونال نيوز، 9 تشرين الثّاني (نوفمبر) 2023




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية