هل يجرف "طوفان الأقصى" نتنياهو برعاية أمريكية؟

هل يجرف "طوفان الأقصى" نتنياهو برعاية أمريكية؟

هل يجرف "طوفان الأقصى" نتنياهو برعاية أمريكية؟


07/11/2023

كما كانت لهزيمة إسرائيل في حرب أكتوبر تبعات كبيرة على المزاج العام السياسي، وتحولات لاحقة شهدت صعود اليمين بعد عقود من هيمنة اليسار الذي تصدر تأسيس الدولة اليهودية، فإنّ نتائج عملية طوفان الأقصى سيكون لها تأثيرات كبيرة على اليمين واليمين المتطرف الحاكم.

ويرى الباحث في الشؤون الإسرائيلية، إيهاب جبارين، بأنّ اليمين الإسرائيلي انتهى، في وقت أدرك الإسرائيليون أنّهم في حاجة إلى ترميم المؤسسة العسكرية، وهو الأمر الذي ارتهن دوماً بهوية القيادة السياسية.

يتابع جبارين لـ"حفريات" بأنّ القادة العسكريين طالما كانوا في صدارة الحياة السياسية بعد خروجهم من الخدمة العسكرية، وهو الأمر الذي خفت في العقدين الأخيرين، بعد ساسة لم يخرجوا من الجيش، وهم بمثابة "رعاع" في نظر قطاع من المجتمع الإسرائيلي.

وأفاد بأنّ أسهم الجنرالات السابقين تتصدر بعد الحرب، ومنهم قائد معسكر الدولة بيني غانتس، الذي انضم لحكومة الطوارئ، ورئيس هيئة أركان الجيش السابق غادي أيزنكوت، وهما في حكومة الطوارئ وانضما لمجلس الحرب الذي يقود الحرب في غزة.

سهيل دياب: انتهى المسار السياسي لنتنياهو

يذهب الباحث جبارين إلى أنّ الأصوات اليمينية ستبحث عن وجوه لها صلة بالجيش، على غرار رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، وهو ضابط سابق في الجيش، ورئيس الموساد السابق يوسي كوهين، الذي يُعتبر من اليمين "معتمري القلنسوة" لكنه غير متدين على غرار نتنياهو نفسه. وأضاف بأنّ هذا التوجه سيمتد إلى بقية الأحزاب السياسية التي سترشح عسكريين خارج الخدمة في الانتخابات مثل أحزاب العمل وميرتس، بينما الأحزاب اليسارية لم تتعاف من هزيمتها في الانتخابات الأخيرة.

بدوره يقول القيادي في الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، نائب رئيس بلدية الناصرة السابق، سهيل دياب، بأنّه مهما كان مسار الحرب ونتائجها فقد انتهي المسار السياسي لنتنياهو، مضيفاً لـ"حفريات" بأنّ الاستطلاعات توضح أنّ 80% يريدون استقالة نتنياهو على الفور.

من الممكن بعد انتهاء الحرب أنّ يسقط الائتلاف الحاكم إذا فقد الأغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة لكن ذلك يعني الذهاب إلى انتخابات مبكرة

من الناحية القانونية أمام حكومة نتنياهو ثلاثة أعوام مقبلة حتى موعد الانتخابات التشريعية في تشرين الثاني (نوفمبر) 2026. لا توجد طريقة قانونية لإجباره على الاستقالة أو إسقاط حكومته، فضلاً عن أنّ الاحتجاجات لن تجبره على الاستقالة، فقد صمد أمام الاحتجاجات التي خرجت قبل السابع من أكتوبر، والتي استهدفته شخصياً وحكومته على خلفية الإصلاحات القضائية التي حاول الائتلاف الحاكم تمريرها. مع ذلك من الممكن بعد انتهاء الحرب أن يسقط الائتلاف الحاكم إذا فقد الأغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة، وربما يكون استمالة أحزاب من اليمين المتدين أو أفراد من الكتل السياسية هو المسار الذي سيؤدي لإسقاط الحكومة، لكن ذلك يعني الذهاب نحو انتخابات مبكرة.

لدى معسكر اليمين وأقصى اليمين بقيادة بنيامين نتنياهو أغلبية مريحة، من 64 مقعداً، من 120 مقعداً في الكنيست، وبانضمام بيني غانتس إلى حكومة الطوارئ، يُضاف 12 مقعداً جديداً لدعم تلك الحكومة، لكن ذلك مرتبط ببقاء غانتس.

يقول جبارين، بأنّ صعود اليمين المتطرف انتهى، وسيعود إلى التقوقع والانكماش كما حدث بعد الانتفاضتين الأولى والثانية. وبخصوص مستقبل نتنياهو قال بأنّه سيُمنى بهزيمة ثقيلة في الانتخابات المقبلة، ولهذا يواجه الضغوط الأمريكية والداخلية التي تطلب استقالته، وتشكيل حكومة جديدة.

اليمين المتطرف

انتهاء مستقبل نتنياهو السياسي بسبب الإخفاق في حماية إسرائيل من أحداث السابع من أكتوبر سيؤثر على الأحزاب اليمينية، إضافةً إلى التأثير الذي وقع عليهم نتيجة وجودهم في الائتلاف الحاكم. كان نتنياهو بمثابة مهندس حصول معسكر اليمين وأقصى اليمين على الأغلبية البرلمانية في الانتخابات الماضية، بزيادة 14 مقعداً عن التي سبقتها في عام 2021، ومع غيابه ستعود العديد من الانقسامات إلى داخل ذلك المعسكر.

إيهاب جبارين: صعود اليمين المتطرف انتهى

لكنّ معسكر نتنياهو لا يُصنف على أنّه يمين متطرف بشكل عام، على غرار تحالف "الصهيونية الدينية"، فهناك أحزاب يمينية تقليدية ليست ذات صلة بالاستيطان والدعوات المعادية للفلسطينيين والعرب، وتركز على القضايا الاجتماعية والدينية لناخبيها مثل حزبا "يهودوت هتوراه" لليهود الأشكناز الغربين وحزب "شاس" لليهود الشرقيين، ولديهما 18 مقعداً في الكنيست.

يوضح الباحث جبارين بأنّ أصابع الاتهام توجه إلى اليمين بسبب الإخفاق الكبير على المستوى العسكري، ولهذا فهم لا يتدخلون فيما يخص الحرب في غزة.  كما يرى بأنّ تصريحات وزير التراث الإسرائيلي، عميحاي إلياهو، من حزب "عوتسما يهوديت" المتطرف، الذي صرّح بأن أحد خيارات إسرائيل في الحرب في غزة، هو إسقاط قنبلة نووية على القطاع.. هذا التصريح لا يعتبر ذا أهمية. أما عن توجهات الكتلة الناخبة لليمين في الانتخابات المقبلة، فيرى جبارين بأنّها ستذهب إلى من لهم خلفية عسكرية في اليمين المتدين مثل نفتالي بينيت ويوسي كوهين، فضلاً عن حفاظ الكتل الانتخابية للأحزاب الدينية التقليدية على توجهاتها مع احتمال حدوث تغيير.

الباحث إيهاب جبارين لـ"حفريات": توزيع السلاح في الضفة الغربية هو تحقيق لهدف إنشاء الميليشيات والذي يحدث في ظل صمت اليسار الإسرائيلي

تبقى كتلة اليمين المتطرف التي حصلت على 10.83% من الأصوات في الانتخابات الماضية، وتمثّل شريحة من المستوطنين المتطرفين. من المؤكد أنّ زعيمي تلك الكتلة بن غفير وسموتريتش لن يُشركا في أي ائتلاف حكومي يتشكل في الأعوام المقبلة، ولهذا لن يكون أمامها فرص أكبر للمناورة والضغط على نتنياهو كما كان في السابق، ويمكن القول إنّ الائتلاف الحكومي في مركب واحد يواجه نفس المصير، ومن مصلحتهم جميعاً الحفاظ على بقاء الحكومة.

يقول الباحث في الشؤون الإسرائيلية، إيهاب جبارين، بأنّ هذه الكتلة ذات وجود أكبر بالضفة والقدس الشرقية، ويستغلون حالة التركيز على غزة لتحقيق أهدافهم، وهي تعزيز الاستيطان والتنكيل بالفلسطينيين قدر المستطاع وإنشاء الميليشيات التي طالب بها بن غفير. نوه جبارين إلى أنّ توزيع السلاح في الضفة الغربية هو تحقيق لهدف إنشاء الميليشيات والذي يحدث في ظل صمت اليسار الإسرائيلي.

الموقف الأمريكي

ولم تكن الولايات المتحدة راضية عن الائتلاف الحاكم الذي تكون من تحالف اليمين واليمين المتطرف بزعامة نتنياهو، وصدرت تصريحات عديدة من واشنطن ضد الوزيرين المتطرفين؛ وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي يحوز تحالفهما الصهيونية الدينية على 14 مقعداً في الكنيست.

صلاح ملكاوي: نتنياهو كان مزعجاً لواشنطن

يقول الباحث في الشؤون السياسية، صلاح ملكاوي، بأنّ الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل، وستدعم أي حكومة منتخبة، لكن لا يمكن إنكار أنّ نتنياهو كان مزعجاً لواشنطن خلال الأعوام العشرين الأخيرة، وسبب الكثير من التوتر، وتسبب في الإساءة للعلاقات بين واشنطن ومعظم حلفائها في المنطقة.

يوضح ملكاوي لـ"حفريات" بأنّ هناك رغبة أمريكية لرحيل نتنياهو، لكن دون سعي لتحقيق ذلك. مضيفاً بأنّ واشنطن جادة بأي حل للقضية الفلسطينية ترضي عنه إسرائيل والفلسطينيين والعرب؛ لأنها كلما حاولت الخروج من المنطقة بشكل أو بأخر، والتركيز على مناطق وملفات أهم لديها، دائماً تعيدها القضية الفلسطينية إلى المنطقة من جديد.

بدوره يرى القيادي الجبهاوي، سهيل دياب، بأنّ نتنياهو وإسرائيل سقطا في العين الأمريكية في اختبار السابع من أكتوبر، ولا تثق واشنطن في نتنياهو لترميم دور إسرائيل مستقبلاً. وأفاد بأنّ واشنطن تدرس التضحية بنتنياهو كثمن لمنع الإضرار بمجمل مصالحها في الشرق الأوسط، وهو أمر يرتبط بمستقبل بايدن السياسي في انتخابات 2024 في ظل وجود خلافات كبيرة داخل حزبه الديمقراطي بشأن التعامل مع الأزمة.

مواضيع ذات صلة:

من وعد بلفور إلى أطماع نتنياهو

الضغط الشعبي يتزايد على نتنياهو.. الآلاف يطالبون برحيله (صور)

هل بات رحيل بنيامين نتنياهو قريباً؟.. صحيفة أمريكية تجيب



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية