هل يتأهب "حارس الأسوار" لموجة عدوان جديدة؟

هل يتأهب "حارس الأسوار" لموجة عدوان جديدة؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
29/05/2021

مع انتهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، أوصى الجيش بزيادة التضييق على حماس وتغيير النهج تجاهها، وباتت معابر غزة مغلقة وزادت تهديدات قادة الجيش بضرورة القضاء على رموز حماس البارزين لضمان الهدوء، كما استُؤنف إطلاق البالونات الحارقة مجدداً نحو غلاف غزة، رداً على إجراءات التشديد الإسرائيلية المتواصلة تجاه غزة.

وشنت إسرائيل عدواناً على قطاع غزة، في 10 أيار(مايو) الجاري، وصف بالأعنف، وذلك في أعقاب قصف كتائب القسام مدينة القدس رداً على محاولات تهجير أهالي حي الشيخ جراح، حيث دمرت إسرائيل خلال هذا العدوان آلاف المنازل والمنشآت الصناعية والتجارية، إلى جانب تدمير البنية التحتية في القطاع، محدثة في ذلك خسائر بشرية ومادية فادحة.

إقرأ أيضاً: أطفال من غزة لـ"حفريات": كنا نتمنى استمرار ساعات النهار

وتوصلت المقاومة الفلسطينية وإسرائيل إلى هدنة، في 20 أيار (مايو) الجاري، برعاية مصرية وأمريكية، على أن يستأنف في أعقاب وقف إطلاق النار الحديث حول الشروط التي وضعتها حماس لتثبيت الهدوء، لكنّ إسرائيل أبلغت الوفد المصري المفاوض بأنّها ترفض وضع حماس لأيّة شروط، وستتعامل مع الوسطاء من منطلق هدوء مقابل هدوء، وهذا ما تعارضه حماس.

تقليص المواجهة

ووصل وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى إسرائيل، في 25 أيار (مايو) الجاري، وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإنّ هدف زيارة بلينكن هو ترسيخ وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، من أجل تقليص احتمال اندلاع مواجهة أخرى بين الجانبين في الأشهر القريبة المقبلة.

تقديرات سياسية بأنّ أيّ عبث إسرائيلي في حي الشيخ جراح والأحياء المقدسية الأخرى وبالمسجد الأقصى، سيفجر الأوضاع على المستوى المحلي والدولي، وإسرائيل تدرك ذلك

وقالت صحيفة "معاريف" العبرية، إنّ "عملية حارس الأسوار على غزة قد  انتهت رسمياً لكن التوتر الأمني ما يزال قائماً، وعلى هذه الخلفية فإنّ استئناف إطلاق القذائف الصاروخية من قطاع غزة، هو سيناريو معقول والهدوء في الأيام الأخيرة مؤقت، في حين أنّ الفجوات بين إسرائيل وحماس ما تزال كبيرة جداً، وليس بمقدور الوسطاء المختلفين، خاصة المصريين الذين يعملون طوال الوقت من وراء الكواليس، الحفاظ على تثبيت هدوء طويل، فأيّ حدث غير عادي، مثل إطلاق نار من القطاع أو عملية طعن في القدس، بإمكانه إشعال التصعيد في الجنوب مرة أخرى".

تغيير المعادلة

ووفق صحيفة "إيديعوت أحرونوت" العبرية، فقد أوصى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، بشن هجمات شديدة ضدّ حماس، ردّاً على إطلاق أيّة قذائف صاروخية أو بالونات متفجرة من قطاع غزة، بادّعاء أنّه بذلك يغير المعادلة التي كانت موجودة سابقاً، والتي من خلالها احتوى الجيش الإسرائيلي العمليات الإرهابية، وهذه السياسة من شأنها استدراج ردّ فعل آخر من غزة.

إقرأ أيضاً: هل أجبر التصعيد في غزة بايدن على إعادة ترتيب أولوياته في الشرق الأوسط؟

وبينت الصحيفة، عن مصادر في الجيش الإسرائيلي قولها، إنّ "حماس ستستغرق سنة أو سنة ونصف من أجل إعادة بناء قدراتها، سواء صنع الأسلحة أو ترميم الأنفاق، ولذلك ليس لديها القدرة على خوض جولة قتالية كهذه قريباً، الأمر الذي سيؤثر على عملية صناعة القرارات وتحدي إسرائيل، لكن إن حدث تصعيد جديد، فإنّ الجيش سيوصي بتوجيه ضربات عنيفة".

 وقال الكاتب والمحلل السياسي الإسرائيلي، عاموس هرئيل، رغم الحفاظ على وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس منذ أن دخل القرار حيّز التنفيذ قبل أيام، إلا أنّ الهدوء في القطاع بعيد عن أن يكون مستقراً، فالاتفاق الذي تم التوصل إليه بدعم أمريكي ووساطة مصرية، لم يدخل إلى تفاصيل التسوية واقتصر في المرحلة الأولى على ضمان الهدوء مقابل الهدوء، ولكن هذه الظروف تبقي عدة قضايا محتملة ستسبب الانفجار في المستقبل، وقد تؤدي إلى اشتعال جديد حتى لو لم تظهر في هذه الأثناء مصلحة فورية لأيّ طرف.

عودة المواجهة المسلحة

في سياق ذلك، قال الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي، جهاد حرب؛ إنّ "اتفاق وقف إطلاق النار المبرم بين حماس وإسرائيل ما يزال هشّاً، وهذا يجعل من إمكانية عودة المواجهة المسلحة أمراً وارداً، في ظلّ تصاعد وتيرة تهديدات قادة الجيش الإسرائيلي بضرب حماس، وفرض المزيد من القيود الصارمة على غزة وأبرزها تغيير طريقة نقل الأموال القطرية، ووضع عقبات أمام إعادة إعمار غزة".

المختص في الشأن الإسرائيلي جهاد حرب

وأشار إلى أنّ "مواصلة إسرائيل في سياسة التطهير العرقي بحقّ المقدسيين في حي الشيخ جراح وحي سلوان، شرق القدس، واستمرار الاعتداء على المصلين في المسجد الأقصى، يشكّل فرصة لإشعال فتيل المواجهة مجدداً، في ظلّ ربط حماس قضية القدس والأقصى بالهدوء والاستقرار بين الجانبين".

المحلل السياسي خالد العمايرة لـ"حفريات": إسرائيل، وبعد انتهاء العملية العسكرية على غزة، لا ترغب في العودة إلى تصعيد عسكري جديد مع حماس

 

وبيّن حرب، في حديثه لـ "حفريات": أنّ "إسرائيل تحاول من خلال الجهود التي يبذلها الوفد المصري لتثبيت وقف إطلاق النار، استغلال قدراتها العسكرية والضغط على غزة وحماس، من أجل منع تقديم الحركة أيّة شروط لإتمام التهدئة، والإبقاء على معادلة هدوء مقابل هدوء، وهذا ما ترفضه حماس على لسان قائدها يحيى السنوار".

خيبة أمل إسرائيلية

وأوضح المختص في الشأن الإسرائيلي، أنّ "نتائج الحرب كانت مخيبة لآمال الإسرائيليين، فإنجازات المقاومة التي كشفت سلسلة تدريجية من مفاجآتها خلال العدوان، جعلت إسرائيل في حالة إرباك حقيقي لكيفية التعاطي معها، بينما لم يحقق الجيش أية مكاسب عسكرية أو سياسية ملموسة خلال جولة التصعيد، لذلك تريد إسرائيل تعويض الفشل بالضغط على غزة وحماس وفرض حصار جديد".

وتابع: "زيارة وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، إلى المنطقة، لا تعبر في مضمونها عن نوايا إدارة بايدن وضع حلول جادة للنزاع القائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لكنّ الزيارة تأتي في سياق تحقيق هدوء في المنطقة، من أجل السماح لإدارة بايدن بمواصلة محادثاتها حول البرنامج النووي الإيراني".

بدوره، أكّد الكاتب والمحلل السياسي خالد العمايرة؛ أنّ "إسرائيل، وبعد انتهاء العملية العسكرية على غزة، لا ترغب في العودة إلى تصعيد عسكري جديد مع حماس، في حين أنّ تهديدات قادة الجيش بالتضييق على حماس، هي مناورات إعلامية لتعويض الفشل الذي أصاب إسرائيل، وخلال الأيام القادمة سيسود الهدوء بين الجانبين، وكلاهما يرغب في ذلك".

تعاطف دولي واسع

وأوضح العمايرة، في حديثه لـ "حفريات":"هناك تعاطف دولي غير مسبوق مع غزة وقضية القدس في أعقاب العدوان الإسرائيلي، وهذا التعاطف أثر بشكل سلبي على إسرائيل، لذلك تواجه إسرائيل ضغوطات إقليمية ودولية غير مسبوقة، تطالبها بالكف عن استمرار العقاب الجماعي الذي تفرضه إسرائيل على سكان غزة، والاعتداءات المتكررة على المقدسات وتهجير المقدسيين".

إقرأ أيضاً: "الرضيع المعجزة": الحيّ الوحيد بعد مقتل 10 من أفراد عائلته

 وأضاف: "قضية القدس، بعد موجة التصعيد الأخيرة، لم تعد قضية حماس وفلسطين فقط، بل أصبحت القضية الحساسة محلّ اهتمام لدى السياسيين حول العالم، لذلك فإنّ أيّ عبث إسرائيلي في حي الشيخ جراح والأحياء المقدسية الأخرى وبالمسجد الأقصى، سيفجر الأوضاع على المستوى المحلي والدولي، وإسرائيل تدرك ذلك".

الكاتب والمحلل السياسي خالد المعايرة

ولفت الكاتب إلى أنّ "حماس لن تعارض محاولات إسرائيل وأمريكا نقل أموال الإعمار إلى غزة عبر وسطاء، فحماس ليست في حاجة لهذه الأموال، ولديها العديد من الطرق السرية لجباية الأموال الخاصة بها، لذلك فإنّ محاولة إسرائيل البحث عن طرق لتحويل الأموال بعيداً عن حماس، تأتي في سياق الانتقام منها، وهذا لن يدفع حماس لتأجيج الوضع على خلفية ذلك".

وتوقع الكاتب أن "تذهب حماس، وبعد فشل إجراء الانتخابات، إلى فتح حوار داخلي والعمل على تشكيل حكومة وحدة وطنية مشتركة، في ظل المحاولات الخارجية لتعزيز الانقسام الفلسطيني، خاصة بعد سياسات بايدن مؤخراً، والتي تسعى إلى قيادة الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، ضدّ حماس، بوصفها منظمة إرهابية".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية