هل هناك صفقة أمريكية ـ روسية حول أوكرانيا؟

هل هناك صفقة أمريكية ـ روسية حول أوكرانيا؟

هل هناك صفقة أمريكية ـ روسية حول أوكرانيا؟


21/11/2022

تتوالى المؤشرات حول صفقة تلوح في الأفق بين واشنطن وموسكو، ما تزال في مرحلة التفاوض بين الجانبين، رغم ظهور العديد من الدلائل عليها في الملفات الخلافية "السياسية  والاقتصادية والعسكرية" المرتبطة بأوكرانيا وما بعدها، ومن الواضح أنّ هناك ما يؤيد استمرار هذه الصفقة وصولاً إلى إنضاجها، بالتزامن مع عراقيل ما تزال قائمة، في ظل مقاربات أمريكية وروسية تتطلع لتحقيق مساحات أوسع من المكاسب؛ وتالياً أبرز تلك المؤشرات:

أوّلاً: اللقاءات بين مدير المخابرات الأمريكي "وليام بيرنز" ونظيره الروسي "سيرغي ناريشكين" في أنقرة، والاتفاق على منع استعمال أو التهديد باستعمال الأسلحة النووية في الحرب الأوكرانية، والاتفاق على لقاء جديد في القاهرة أواخر هذا الشهر لاستكمال المباحاث بين الجانبين، ورغم أنّ المعلن هو أنّ هذا اللقاء سيخصص لمناقشة معاهدة "ستارلت" بين واشنطن وموسكو، المعروفة بمعاهدة "تدابير زيادة تخفيض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية والحد منها"، ورغم أنّ موضوع اللقاء يبدو خارج إطار الحرب الأوكرانية، إلا أنّ المؤكد هو أنّ البحث سيكون حول الصفقة بين الجانبين حول أوكرانيا، لا سيّما أنّ تطورات عديدة في هذه الحرب تشير إلى ذهاب الأطراف الفاعلة في هذه الحرب باتجاهات جديدة، تظهر لغة جديدة في الخطاب بين موسكو والغرب، مفرداتها جديدة حول إمكانية انطلاق مفاوضات بين موسكو وكييف، ربما تبدأ بهدنة بين الجانبين.  

 مدير المخابرات الأمريكي "وليام بيرنز" ونظيره الروسي "سيرغي ناريشكين"

ثانياً: على صعيد تطورات العمليات العسكرية، فرغم استمرار المواجهات الروسية الأوكرانية في جبهات القتال في شمال شرق وجنوب شرق أوكرانيا، إلا أنّ حدة هذه العمليات تبدو أقل ضراوة ممّا كانت عليه قبل أسابيع، غير أنّ هناك عناوين جديدة على الصعيد العسكري، أبرزها: استمرار القصف الروسي للمدن الأوكرانية بالتركيز على استهداف محطات توليد الكهرباء ومراكز حيوية أوكرانية، تبدو غير عسكرية، هدفها إجبار أوكرانيا على قبول المفاوضات بمواقف ضعيفة، والانسحاب الروسي من خيرسون لأسباب عسكرية غير مفهومة، قوبلت بردود فعل مشككة ليس في الغرب بل في روسيا، عززت سيناريو أنّ هذا الانسحاب مؤشر على صفقة، أو على الأقل مبادرة من روسيا، تضمنت الحدود الجديدة التي تقبل بها روسيا تمهيداً للمفاوضات، ويشكّل سقوط صاروخ غرب بولندا، وموقف الناتو وتأكيده أنّه صاروخ أوكراني من نوع "إس 300" تم إطلاقه من قبل أوكرانيا لمواجهة الصواريخ الروسية، أحد أبرز العناوين في التطورات العسكرية للحرب، لا سيّما أنّ ردود فعل القيادة الروسية كانت "إيجابية" تجاه "التفهم" الأمريكي لـ"مزاعم" زيلنسكي، التي ظهر معها أنّه يحاول جر الناتو لمواجهة مع روسيا.

رغم استمرار المواجهات الروسية الأوكرانية في جبهات القتال في شمال شرق وجنوب شرق أوكرانيا، إلا أنّ حدة هذه العمليات تبدو أقل ضراوة ممّا كانت عليه قبل أسابيع

ثالثاً: التساهل الروسي في تمرير اتفاق تصدير الحبوب الذي تم إنجازه بوساطة من الأمم المتحدة وتركيا من الموانئ الأوكرانية، والإشادة الأمريكية والأوروبية بالموقف الروسي، رغم أنّ هذا التمديد يستمر فقط لـ (4) أشهر قادمة فقط، وهو ما يعني أنّ روسيا تواصل استمرار التعاطي مع الاتفاق بوصفه ورقة  تفاوض يمكن معها أن يتوقف هذا الاتفاق بالحجج التي استخدمتها موسكو سابقاً، وهي استخدام سفن الحبوب في الموانئ الأوكرانية منصات لإطلاق الصواريخ على البحرية الروسية، وتوريد الأسلحة من حلف الناتو لأوكرانيا، بالتزامن مع اتهامات بأنّ الحبوب المصدرة من أوكرانيا لا تذهب إلى الدول الفقيرة في آسيا وأفريقيا، ويذكر أنّ هذا الاتفاق يتضمن "تغاضياً" من قبل أمريكا والدول الأوروبية عن العقوبات المفروضة على روسيا؛ إذ تصدر روسيا وفقاً للاتفاق كميات كبيرة من الحبوب والأسمدة، وبالتزامن بدأ الحديث مجدداً حول إمكانية إصلاح الضرر الذي وقع على خطوط إمداد الغاز الروسي لأوروبا "نورد ستريم" إثر تعرّضه لتفجير، تؤكد روسيا أنّ الاستخبارات البريطانية تقف خلفه.

رابعاً: مخرجات التقارب الأمريكي ـ الصيني، وتخفيض مستويات التصعيد بين الجانبين، بما فيها لقاءات الرئيسين الأمريكي والصيني على هامش قمّة الـ (20) في أندونيسيا، والإعلان الصيني عن رفض استخدام الطاقة والغذاء سلاحاً، وهو الاتهام الذي يوجّه لروسيا من قبل أمريكا والدول الأوروبية، وتأكيد الاعتراف الأمريكي بأنّ "تايوان" جزء من الصين، وقد تم التأكيد على تحولات في علاقة واشنطن وبكين في اللقاء بين الرئيس الصيني ونائبة الرئيس الأمريكي في تايلند على هامش قمّة آسيا والمحيط الهادئ "أبيك"، وتحت عناوين جديدة أبرزها "إبقاء خطوط الاتصال مفتوحة، بهدف إدارة المنافسة بين البلدين بشكل مسؤول".

ليس هناك صفقة جاهزة بين واشنطن وموسكو حول وضع نهاية للحرب الأوكرانية

مؤكد أنّه ليس هناك صفقة جاهزة بين واشنطن وموسكو حول وضع نهاية للحرب الأوكرانية، وأنّ ما نشهده يعكس تطورات مهمّة تشير إلى أنّ تلك الصفقة أصبحت أقرب من السابق، لأسباب مرتبطة بحجم الخسائر الروسية نتيجة هذه الحرب وانكشافها ومخاطر استمرارها، بالتزامن مع الأزمات التي تواجهها أوروبا، وخاصة أزمة الطاقة، بالتزامن مع أزمة في الداخل الأمريكي بدأت تتعمق في ظل نتائج الانتخابات الأمريكية وفوز الجمهوريين في مجلس النواب، وبدء طرح معارضتهم للدعم الأمريكي لأوكرانيا، ومن المرجح وعلى نطاقات واسعة أنّ الصفقة القادمة بين واشنطن وموسكو ستتجاوز حدود جغرافية أوكرانيا، وسيكون لها انعكاساتها على الشرق الأوسط، وتحديداً في الملفات الإيرانية، ومستقبل القضية السورية، والعلاقة مع إسرائيل، بالإضافة إلى أدوار مصر والمملكة العربية السعودية وتركيا في الإقليم، غير أنّ المؤكد هو أنّ أيّ تحولات في المواقف الروسية ستكون في ملفات إيران، وباتجاهات ربما تعيد إنتاج توافقات أمريكية ـ روسية حين دخلت روسيا في الحرب السورية عام 2015.

مواضيع ذات صلة:

هل تعبت روسيا من الحرب في أوكرانيا؟

كيف تستفيد تركيا من الحرب الروسية في أوكرانيا؟

الانسحاب الروسي من خيرسون بين العسكري والسياسي



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية