هل قضى إيلون ماسك على حرية التعبير في تويتر؟

هل قضى إيلون ماسك على حرية التعبير في تويتر؟

هل قضى إيلون ماسك على حرية التعبير في تويتر؟


26/04/2023

ترجمة وتحرير: محمد الدخاخني

في الأشهر التي أحاطت بشراء إيلون ماسك لـ«تويتر» بـ 44 مليار دولار، بدا أنّ هناك إجماعاً بين المؤيّدين والنّقّاد على حدّ سواء على أنّ ماسك يتبنّى نوعاً من الإيمان المُطلَق بحرّيّة التّعبير. بالنّسبة إلى البعض، كانت هذه فضيلة. بالنسبة إلى آخرين، مصدر قلق. لكن معظم الخلاف تعلّق بما إذا كنتَ متفائلاً أم لا بشأن ما قد يجلبه تحوّل «تويتر» إلى موقع أقلّ اعتدالاً وأكثر تساهلاً.

وهكذا، في الأسابيع التي أعقبت شراء ماسك الأوليّ للمنصّة، احتفل المحافظون ومن أعلنوا أنفسهم محاربين من أجل حرّيّة التّعبير باستعادة الحسابات المحظورة والمعلّقة والتّراجع عن سياسات الاعتدال القائمة. في غضون ذلك، حذّر النّقّاد من أنّ الرّوح الجديدة لحرّيّة التّعبير المطلقة في «تويتر» تجعل الموقع ملاذاً لخطاب الكراهية والتّطرّف الرّجعيّ.

الاعتدال في منصّة تواصل اجتماعيّ واسعة النّطاق مثل «تويتر» لا بُدّ أن يكون مسألة جدليّة

الاعتدال في منصّة تواصل اجتماعيّ واسعة النّطاق ومُعقّدة مثل «تويتر» لا بُدّ أن يكون مسألة جدليّة يمكن أن يختلف بشأنها الأشخاص العقلاء. ومع ذلك، فيما يزيد قليلاً عن خمسة أشهر منذ شراء ماسك للموقع، أصبح من الواضح أنّ كلاً من مؤيّديه ومنتقديه كانوا مخطئين بشأن ما ستعنيه هذه الصّفقة فعليّاً. وأيّاً كانت صفاته الأخرى، فإنّ إيلون ماسك، بالتّأكيد، ليس «مؤمناً مطلقاً بحرّيّة التّعبير»، ولا شخصاً ملتزماً بشكل خاصّ بحرّيّة التّعبير على الإطلاق. أدّت فترة ولايته القصيرة رئيساً تنفيذيّاً لـ«تويتر»، في الواقع، إلى مزيدٍ من قمع حرّيّة التّعبير، وشَهِدته يحوّل المنصّة إلى الشّيء ذاته الذي كان قد تعهّد بتدميره: أي مكان يكون فيه التّعبير الحرّ عن الرّأي مُقيداً بمراسيم قاسية وتعسّفيّة.

الحسابات اليسارية

الحسابات اليساريّة كانت بين أولى الحسابات المستهدفة الخريف الماضي، حيث أعقبت العديد من عمليّات الحظر تبادلات علنية بليدة بين ماسك وشخصيّات بغيضة على اليمين. وبعد فترة وجيزة من ذلك، حظر ماسك حساباً ينشر معلومات متاحة للجمهور أصلاً حول مكان وجود طائرته الخاصّة. وبعد برهة وجيزة، أُغلقت حسابات صحافيّين بارزين في «فوكس»، و«سي إن إن»، و«الواشنطن بوست»، و«النيويورك تايمز»، إمّا لأنّهم قد أبلغوا عن العديد من عمليات الحظر التي قام بها ماسك أو انتقدوها (استُعيدت هذه الحسابات، لاحقاً، بعد استطلاع رأي نظّمه ماسك على حسابه على «تويتر» وسأل فيه المستخدمين عمّا إذا كان يجب عليه إعادة هذه الحسابات - وقد أصبحت استطلاعاته هذه شبه منتظمة الآن). وفي موضعٍ آخر، استُهدِفَت الرّوابط المتعلّقة بمنصّة «ماستودون» المنافسة لـ«تويتر»، بينما تعرّضت كلمات رئيسة مختلفة لرقابة ناعمة بواسطة خوارزميات «تويتر». وعلى الرّغم من ادّعاءات ماسك بعكس ذلك، يشنّ «تويتر» الآن حملة مماثلة ضدّ منصّة النّشر «سابستاك».

يجب أن تكون هذه دعوة للاستيقاظ بالنّسبة إلى أيّ شخص يعتقد أنّ اعتدال منصّة عامّة حيويّة مثل «تويتر» يمكن تركه لأهواء السّوق

ومن بين أكثر التّطوّرات الشّريرة التي حدثت في الأشهر القليلة الماضية رغبة ماسك الواضحة في تلبية مطالب الحكومة اليمينيّة المتطرّفة في الهند. في كانون الثّاني (يناير)، كشف «إنترسيبت» أنّ «تويتر» فرض رقابة على فيلم وثائقي للـ«بي بي سي» ينتقد رئيس الوزراء الهنديّ، ناريندرا مودي، بالتّنسيق المباشر مع مسؤولين حكوميّين هنود. وفي الآونة الأخيرة، وسط حملة قمع شرطيّة في ولاية البنجاب الشّماليّة، أوقفت الشّركة أكثر من مائة حساب لسياسيّين، ونشطاء، وصحافيّين. كما حجبت الحساب الرّسميّ لـ«بي بي سي نيوز بونجابي». ويبدو أنّ بعض عمليّات الحظر التي فرضها «تويتر» في الهند لها مثيلات في جميع أنحاء العالم.

ما هو مسموح أو ممنوع

مهما كان المسمّى الذي يُمكن أن تنعتَ به كلّ هذا، فإنّه، بالتّأكيد، ليس إيماناً مطلقاً بحرّيّة التّعبير - ناهيك عن أيّ شيء يقترب من سياسة اعتدال متماسكة. مثل الكثير من الأشياء الأخرى المتعلّقة بحكم ماسك لـ«تويتر»، ما هو مسموح به أو غير مسموح به على الموقع في أيّ وقت يبدو أنّه يعود في النّهاية إلى خليطٍ من مزاج الملياردير، طبعه الفوضويّ، ومصالحه الشّخصية - التّجاريّة وغيرها.

مهما كان المسمّى الذي يُمكن أن تنعتَ به كلّ هذا، فإنّه، بالتّأكيد، ليس إيماناً مطلقاً بحرّيّة التّعبير

المُحصّلة هي بيئة يمكن فيها فعليّاً قمع أيّ شيء أو خنقه حسب نزوة رجل ثري لا يُسبر غوره. إذا كان «تويتر» «ميداناً رقميّاً»، كما أسماه ماسك أواخر العام الماضي، فهو الآن ميدان يحكمه رئيس بلديّة استبداديّ ومندفع.

أدّت فترة ولاية ماسك القصيرة رئيساً تنفيذيّاً لـ«تويتر»، ، إلى مزيدٍ من قمع حرّيّة التّعبير، إذ راح يحوّل المنصّة إلى الشّيء ذاته الذي كان قد تعهّد بتدميره

إذا كانت الأشهر القليلة الماضية تُنبئ إلى أيّ شيء، فمن المرجّح أن تُتذكَّر ملكيّة ماسك لـ«تويتر» بالهالة العامّة الفوضويّة التي صاحبتها - والتي تميّزت بتسريح جماعيّ للعاملين، وتعطّل متكرّر في العمليّات الأساسيّة للموقع، والنّزوح المستمرّ للمعلنين. ومع ذلك، في التّقدير النّهائيّ، قد ينتهي الحال إلى أن يكون الإرث الأهم لهذا الملياردير هو المقاربة القمعيّة التي قدّمها من أجل إضفاء الاعتدال على منصّة تعهّد بجعلها أكثر حرّيّة، وانفتاحاً، وشمولاً لوجهات النّظر المتنوّعة. يجب أن تكون هذه دعوة للاستيقاظ بالنّسبة إلى أيّ شخص يعتقد أنّ اعتدال منصّة عامّة حيويّة مثل «تويتر» يمكن تركه لأهواء السّوق - ناهيك عن رجل يبلغ من العمر 51 عاماً، وينشر تغريدات مثيرة للحرج، ويتمتّع بأنا هشّة ومتضخّمة.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

لوك سافاج، جاكوبين، 13 نيسان (أبريل) 2023

 



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية