
بعد مرور (3) أسابيع من "البروباغندا"، والدعاية المكثفة من جانب تنظيم الإخوان، وتحديد أكثر من موعد لانطلاق قناة فضائية جديدة تتبع التنظيم تحت اسم (الحرية 11/11)، بهدف التحريض على الفوضى في مصر، تزامناً مع انعقاد قمة المناخ (كوب 27) بمدينة شرم الشيخ يوم 11 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، فشلت كافة محاولات التنظيم ولم تنطلق القناة حتى الوقت الراهن، ويؤكد مراقبون أنّ المخطط الإعلامي الجديد للإخوان قد فشل قبل بدايته، وذلك أول مؤشر من مؤشرات انهياره.
وتوضح مصادر مطلعة تحدثت لـ"حفريات" وفضلت عدم ذكر اسمها أنّ سبب الفشل الاستباقي لجبهة التيار الثالث، أو (الكماليون) كما يطلق عليهم، في القدرة على إطلاق منصة إعلامية، يعود إلى احتدام الصراع بين الجبهات الـ (3) المتناحرة بين الإخوان خلال الأشهر الماضية.
وبحسب المصادر، يشهد التنظيم في الوقت الراهن حالة من الصراع بلغت مستوى الحرب بين مختلف قياداته، في حين تحاول كل مجموعة إفساد خطط الأخرى أملاً في الانفراد بالقرار داخل التنظيم وحسم الصراع لصالحها.
كاتب مختص بقضايا الإرهاب والتطرف: إذا كان أيمن الظواهري قال: (نصف معركتنا في الإعلام)، فإنّ شعار الإخوان اليوم هو: (كل معركتنا فى الإعلام)
وتشير المصادر إلى أنّ جبهة التيار الثالث حاولت مراراً تغيير مكان بث القناة الفضائية بعد رفض عدة دول استضافتها، من بينها لندن التي تسيطر فيها بشكل شبه كامل جبهة إبراهيم منير، التي يقودها في الوقت الراهن محيي الدين الزايط بعد وفاة القائم بأعمال المرشد إبراهيم منير.
ولا تتوقع المصادر أن تتمكن قيادات جبهة "الكماليون" من تجاوز أزمة الصراع وإطلاق قناة فضائية جديدة في وقت قريب، بينما تتجه الأمور داخل تنظيم الإخوان نحو مزيد من الانقسامات والتعقيدات بعد موت المرشد العام في الخارج، وما نتج عنه من احتدام الصراع بين الجبهات الـ (3).
أيمن نور... صناعة الفوضى إلى الواجهة مجدداً
كشف السياسي المصري الهارب خارج البلاد، والمتحالف مع تنظيم الإخوان منذ عام 2013، وهو المشرف على عدد من المنصات التابعة لتنظيم الإخوان، ومنها قناتا (الشرق ومكملين) اللتان كانتا تبثان من تركيا قبل قرار إيقافهما في آذار (مارس) الماضي، كشف أنّه يدير القناة التي يعتزم الإخوان إطلاقها تحت عنوان (الحرية 11/11).
وبالرغم من عدم بدء البث حتى اللحظة الراهنة، إلا أنّ نور قد أعلن أنّ المحطة الفضائية سوف تنقل بشكل مباشر التظاهرات التي يدعو إليها تنظيم الإخوان في مصر يوم 11 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.
وتبدو تصريحاته متناقضة مع الواقع؛ لأنّ إدارة القناة نفسها أصدرت بياناً مطلع هذا الأسبوع أكدت خلاله تعثر البث (3) مرات، فقد كان من المقرر لها أن تبدأ البث يوم 21 تشرين الأول (أكتوبر)، ثم 25 من الشهر ذاته، ولاحقاً الأول من تشرين الثاني (نوفمبر)، ولم تفلح أيّ محاولة منها، زاعمة تدخل السلطات المصرية لوقف بث القناة لدى إدارة (نايل سات)، على حدّ زعم البيان.
على خطى القاعدة... الإعلام كل معركتنا
باتت نوافذ الإخوان الإعلامية هي الأمل المعبّر عن الجماعة وتوجهاتها وحقيقة موقفها من العنف، ولعبت هذه النوافذ على وتر الحالة النفسية بديلاً عن وتر الإيديولوجيات والأفكار، بحسب حسين القاضي الكاتب المختص بقضايا الإسلام السياسي والتطرف، في مقاله المنشور عبر موقع "العربية" تحت عنوان: "إعلام الإخوان... مراهنة دون جدوى".
مصادر تحدثت لـ"حفريات" عن فشل جبهة التيار الثالث مراراً في التمكن من إطلاق الفضائية، بعد فشل محاولات تغيير مكان البث ورفض عدة دول استضافتها، من بينها لندن
ووفق القاضي، بات استقطاب تيارات التطرف الديني يعتمد على اجتذاب النفسية المحتقنة والمنفجرة على السوشيال ميديا، بسبب صعوبة الأوضاع الاقتصادية والصحية والتعليمية، ومن ثم تراجع الجانب الفكري وصار هامشياً، وتم اختصار الزمن الذي تستغرقه الجماعات في عملية التجنيد، بسبب عدم الاعتماد على البنية الفكرية، والاعتماد على السوشيال ميديا، من هنا لجأت جماعة الإخوان إلى (الجهاد السيبراني)، فأغرقت العالم الفضائي بالمنصات الإلكترونية، ومنها القنوات الفضائية الجديدة.
ويقول القاضي: "إذا كان أيمن الظواهري قال: (نصف معركتنا فى الإعلام)، فإنّ شعار الإخوان اليوم هو: (كل معركتنا فى الإعلام)، ومن ثم أطلقت الجماعة قناتين فضائيتين، يأتي إطلاقهما متوافقاً مع إستراتيجية الجماعة المعتمدة على وجود أذرع إعلامية تستهدف نشر الفوضى في دول المنطقة، ولذلك لم يكن إنشاء القناتين وليد اللحظة، بل تم التخطيط له منذ مدة، بعد التضييق على قنوات الجماعة من بعض الدول".
مؤشر جديد على فشل التنظيم ونهايته
يرى القاضي أنّ الإعلام يشغل الحيز الأكبر من تفكير الإخوان وتخطيط الجماعة بجبهاتها الـ (3)، سواء عن طريق قنوات فضائية أو مواقع إخبارية أو صفحات متوزعة على شبكات التواصل الاجتماعي، وأخيراً تم بث قناتين جديدتين باسم: (الشعوب) و(حراك 11/11) التي غيرت الجماعة فيما بعد اسمها إلى (الحرية 11/11)، كمحاولة للترويج لأهداف الجماعة الساعية إلى نشر الفوضى، وهز الثقة في الأنظمة الرافضة للإخوان، وعلى رأسها مصر، ولكن كلها محاولات مآلها الفشل لعدة أسباب؛ منها أنّ التوهج الذي حظيت به القنوات السابقة قد انطفأ، وفقد قيمته، ولا يمكن عودة هذا التوهج بقنوات بديلة، بدليل وجود قنوات إخوانية كثيرة لا يكاد المتابع يعرف أسماءها.
لذلك، صار إعلام الإخوان أداة أخرى لفشل الجماعة، والتأكيد على أنّها غير جديرة بحكم الأوطان، بسبب تقديم مصلحة الجماعة على مصلحة الوطن، وأيضاً فقدت الجماعة الملاذ الاجتماعي، حين كان التركيز منذ أعوام طوال على الخدمات المقدّمَة من الجماعة للمجتمع، فانحسرت بشدة الحاضنة المجتمعية لإعلام الجماعة، مع تراجع الكوادر المهنية، والإخفاق حتى في اختيار أسماء بعض القنوات، بحسب الكاتب المصري.
ويضيف: "أصبح المواطن اليوم، رغم ما يعانيه من ظروف اقتصادية صعبة، قادراً على فرز الأفكار التي تهدد وطنه أو التي تهدف إلى التحريض والانتقام، من قنوات يتم تمويلها حسب الجبهة التي تمول القناة، فإن كانت تتبع جبهة (إسطنبول)، فالممول جبهة محمود حسين من اشتراكات الإخوان، ومن رجال الأعمال، أمثال مدحت الحداد، وإن كانت تتبع جبهة الكماليين، فقد يكون تمويلها من إيران لتحقيق مصالح إيران.
مواضيع ذات صلة:
- هكذا وظف الإخوان الإعلام الرقمي لتنفيذ أجندة الجماعة
- ما مدى تأثير الإعلام الرقمي في نشر ثقافة التسامح والتعايش؟
- لماذا فشل رهان تنظيم الإخوان على الإعلام؟ وما بدائله المستقبلية؟