هل صدّع السابع من أكتوبر صورة "الموساد"؟

هل صدّع السابع من أكتوبر صورة "الموساد"؟

هل صدّع السابع من أكتوبر صورة "الموساد"؟


19/02/2024

لطالما أوقع اسم “الموساد” الرعب في نفوس السامعين والقراء، لأنه امتزج بتصور أسطوري خارق لهذا الجهاز الاستخباراتي الإسرائيلي الذي يقوم بعمليات دقيقة خارج دولة الاحتلال الإسرائيلي.

  "الهيئة الاستخبارات والمهمات الخاصة"، والمعروفة اختصاراً باسم "الموساد". هي وكالة الاستخبارات الإسرائيلية المركزية ومجال عملها خارج حدود إسرائيل. يتركز نشاط هذه الوكالة، بحسب مركز مدار، في ثلاثة محاور مركزية، هي: 

أولاً ـ جمع المعلومات في المجالات السياسية، الاجتماعية، العسكرية والأمنية في شتى أنحاء العالم. 

ثانياً ـ تنفيذ "عمليات خاصة" خارج حدود إسرائيل، وفي هذا السياق ارتكب “الموساد” عدداً كبيراً جداً من جرائم الاغتيال. 

ثالثاً ـ إجراء بحوث وتقييمات لكل المواد والمعطيات التي يجري تجميعها لاستخلاص النتائج وتقديم التوصيات إلى الجهات السياسية والأمنية الرسمية في إسرائيل. ويخضع “الموساد” لمسؤولية رئيس الحكومة الإسرائيلية، مباشرة.

تأسس “الموساد” في كانون الأول من العام 1949، ضمن برنامج تنظيم جديد للعمليات والأجهزة الاستخبارية بعد إقامة إسرائيل. وهو واحد من أجهزة الاستخبارات الثلاثة الأساسية في إسرائيل، إضافة إلى: جهاز الأمن العام الداخلي (الشاباك) وشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان). 

اختطاف النازي أدولف آيخمان

والواقع أنّ “الموساد” هو الهيئة الوريثة للقسم السياسي في وزارة الخارجية. وأول من تولى رئاسة “الموساد” كان رؤوبين شيلواح، ثم جاء من بعده إيسار هرئيل الذي أحدث نقلة نوعية كبيرة ومهمة جداً في هذا الجهاز الإستخباري. وفي الخمسينيات اتخذت الحكومة الإسرائيلية قراراً بأن يتولى “الموساد” دورا في تنظيم عمليات هجرة/ جلب اليهود إلى إسرائيل. وقد نال شهرة عالمية واسعة النطاق عندما نجح في اختطاف النازي أدولف آيخمان وإحضاره إلى إسرائيل ومحاكمته كمجرم حرب والحكم عليه بالإعدام.

أدولف آيخمان

ونفذ “الموساد” جرائم اغتيال عديدة بحق قياديين فلسطينيين وعرب في عدد من الدول العربية، وخاصة في لبنان وتونس، وكذلك في بعض العواصم الأوروبية، دون اعتراف رسمي من قبل السلطات الحكومية الإسرائيلية بذلك.

وينفذ “الموساد” عمليات سرية واسعة النطاق في الشرق الأوسط، ويركز جهداً خاصاً في إيران، التي تطور برنامجاً نووياً، وينسب للموساد تنفيذ عمليات اغتيال العديد من علمائه وتنفيذ عمليات تفجيرية وزرع فايروس إلكتروني في حواسيب البرنامج. 

وأفادت تقارير نشرتها صحيفة "نيوزويك" الأمريكية، بأنّ “الموساد” يمارس نشاطاً تجسسياً في الولايات المتحدة. ولا تزال الولايات المتحدة ترفض الإفراج عن الجاسوس الإسرائيلي جوناثان بولارد، المسجون لديها منذ العام 1985 بعد إدانته بتسليم إسرائيل، عبر "الموساد"، وثائق سرية.

 

باحث إسرائيلي: قادة حماس الذين حددتهم إسرائيل كمنظمي خطة الهجوم في 7 أكتوبر ستتم ملاحقتهم حتى في الخارج، سواء في تركيا أو قطر

 

وفي إطار عمل “الموساد” في تعقب عناصر حركة "حماس"، نشر المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ECCI ، تقريراً الشهر الماضي تناول فيه كيف ألقى هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر بظلال من الشك على مدى كفاءة عمل جهاز “الموساد” وأثار تساؤلات حول مدى استعداد الجهاز في مواجهة حركة حماس، وأثبت أنّ هذه العملية كشفت عن القدرات الاستخباراتية الإسرائيلية غير الفعالة.

ويعمل في "الموساد"، نحو (7) آلاف شخص بشكل دائم، مما يجعله ثاني أكبر وكالات التجسس في العالم، بعد وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA). ولا يحظى العاملون به برتب عسكرية، إلا أنّ جميع الموظفين في جهاز “الموساد” قد خدموا فى الجيش الإسرائيلي، وأغلبهم من الضباط. وألحق بجهاز “الموساد” مدرسة لتدريب العملاء مركزها الرئيسي، في مدينة حيفا شمال إسرائيل، ويتم فيها التدريب على قواعد العمل السري والتجسس.

وبلغت جهاز المخابرات الخارجية الإسرائيلي “الموساد” للعام 2018 نحو (مليارين و300 ) مليون دولار أمريكي، ووصلت هذه الميزانية في العام 2019 إلى (مليارين و700 ) مليون دولار أمريكي. 

دور النساء داخل "الموساد"

تشير التقديرات الى أنّ النساء يمثلن حوالي (20%) من القوى العاملة في المهام التمهيدية، والتكتيكية ‏داخل “الموساد”، اقتصر دور النساء في “الموساد” على ما يطلقون عليه “مصائد العسل”، أي على الإغراء والإغواء والمراقبة. لكن مع الزمن تحوّلن إلى المشاركة في عمليات الاغتيال، ووصلن إلى مراتب عليا في جهاز الاستخبارات الإسرائيلي، ولعل أول ما لفت النظر إلى دور النساء في “الموساد” هو دور اثنتين منهن في عملية اختطاف الضابط “أدولف أيخمان” من الارجنتين، في عام 1960، ونقله إلى إسرائيل على متن طائرة “العال”، وهي العملية التي قام بها ثمانية من العملاء بينهم امرأتان.

 النساء يمثلن حوالي (20%) من القوى العاملة في المهام التمهيدية، والتكتيكية ‏داخل “الموساد”

أسست إسرائيل وحدة خاصة من عملاء “الشين بيت ـ الشاباك” (جهاز الأمن الداخلي) و”الموساد” (جهاز المخابرات الخارجية) أطلق عليها اسم “نيلي”، مهمتها تعقب أعضاء حركة حماس المسؤولين عن هجوم السابع من أكتوبر2023 والقضاء عليهم. يقول أهرون بريغمان الباحث السياسي الإسرائيلي في كينغز كوليدج بلندن، الذي كتب دراسات عن المخابرات الإسرائيلية، إنّ مشاركة “الموساد” تعني أنّ “قادة حماس الذين حددتهم إسرائيل كمنظمي خطة الهجوم ستتم ملاحقتهم حتى في الخارج، سواء في تركيا أو قطر،على سبيل المثال”، ومن المحتمل أن تكون قائمة أهداف عمليات الاغتيال غير نهائية.

تقييم دور "الموساد" الآن وغداً

1- يرجع فشل الاستخبارت الإسرائيلية في إحباط هجوم حماس إلى وجود أخطاء في التحليلات والتقديرات الاستخبارتية. ومن المرجح أيضاً أنه قصور في استعداد القوات الخاصة الإسرائيلية. وجود مشكلة في الإجراءات الاستباقية لدى الأجهزة الاستخباراتية وفشل محتمل في تحليل المخاطر.

2- تواجه إسرائيل العديد من الأزمات الداخلية مع استقطاب حاد وانقسام مجتمعي كانا سبباً في إضعاف الأمن القومي وتشتيت انتباه أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، وربما تكون استغلت حماس تلك الأزمات في الداخل الإسرائيلي لتنفيذ الهجوم.

 

اقتصر دور النساء في "الموساد" على ما يطلقون عليه “مصائد العسل”، أي الإغراء والإغواء والمراقبة. لكن مع الزمن تحوّلن إلى المشاركة في عمليات الاغتيال

 

3- يمكن القول إنّ مهمة ملاحقة قيادات حركة حماس خارجياً ستكون معقدة، خاصة لأنّ القيادات يتخذون إجراءات أمنية مشددة لحمايتهم، ولا تتوافر المعلومات الكافية عن أماكن تواجدهم.

4- يدفع تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلىتسريع وتيرة عمل “الموساد” الآن عند نقطة عالية من حيث نشاطه على المستوى الدولي، لحماية السفارات المصالح الإسرائيلية، لا سيما عن بعد الكشف عن نجاح “الموساد” في إحباط عمليات إسرائيليين في دول أوروبية.

5- من المحتمل بعد تصعيد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أن تكون هذه بداية للعديد من العمليات السرية الإسرائيلية لملاحقة قيادات حماس على المستوى الإقليمي والدولي. وقد يدفع ملاحقة إسرائيل إلى قيادات حركة ”حماس” في الخارج، إلى استهداف “حماس” للمصالح الإسرائيلية.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية