هل سينهي طوفان الأقصى العلاقة بين حماس وإيران؟

هل سينهي طوفان الأقصى العلاقة بين حماس وإيران؟

هل سينهي طوفان الأقصى العلاقة بين حماس وإيران؟


10/03/2024

ما زالت تداعيات عملية "طوفان الأقصى" التي شنتها حركة حماس ضد إسرائيل، والرد الإسرائيلي عليها، تشكل ساحة واسعة للتحليل بزاويا وعناوين متعددة، لعل أبرزها الإجابة عن تساؤلات كبرى وعميقة حول دور إيران وعلاقاتها مع حركة حماس، قبل انطلاق العملية وخلالها وما يمكن ان تؤول اليه، لا سيما بعد دخول "الحرب" الشهر السادس، وتدمير قطاع غزة، وقد أصبح واضحاً أن دور إيران بطوفان الأقصى يخضع في مسارات التحليل لمقاربتين برزتا في تفكيك هذا الدور، الأولى: تبرر المواقف الإيرانية بأنها قدمت كل أنواع الدعم لحركة حماس، وليس مطلوبا منها أن تخوض الحرب إلى جانب حركة حماس لا في غزة ولا خارجها.

والثانية: تشكك بمواقف إيران تجاه حركة حماس وطوفان الأقصى، بما فيها التي تذهب بعيدا إلى أن القيادة الإيرانية ورطت حركة حماس وباعتها بمغامرة غير محسوبة، تنفيذاً لاستراتيجية إيرانية جوهرها أن "الوكلاء" في الإقليم مجرد أوراق تفاوضية، وأن حدود الأمن القومي الإيراني هي الحدود الجغرافية للجمهورية الإسلامية.
ويبدو أن المقاربة الثانية التي تشكك بمواقف إيران تجد كثيراً من الأدلة والشواهد، يرددها بعض قادة حركة حماس ومقربون من إيران وجبهة المقاومة، تم التعبير عنها في العديد من المحطات التي ما زالت تشهدها هذه العملية، قاسمها المشترك هو هذا التناقض بين الخطاب والمواقف الإيرانية الحقيقية تجاه القدس والاقصى وتحرير فلسطين، وهو ما لم يجد ترجماته على الأرض مع انطلاق العملية، اذ كشفت "طوفان الأقصى" استراتيجية إيرانية عنوانها "النأي بالنفس عن الدخول بالمعركة، واستثمارها لانتزاع مكاسب إيرانية في مفاوضاتها مع الغرب، واثبات قدراتها في المنطقة "، كانت أبرز ترجماتها تحريك وكلائها في اليمن "الحوثي" ولبنان" حزب الله" ومليشيات الحشد الشعبي العراقي في سوريا، لتنفيذ عمليات إثبات الحضور، دون التغيير في الموازين العسكرية والاستراتيجية للتصعيد في الإقليم، لا بل إنها أثبتت مزاعم إسرائيلية حول خطر إيران، وهو ما استجلبت معه "إسرائيل" دعماً غربياً غير مسبوق، وبالتزامن مع هذا المستوى من رد فعل جبهات المقاومة، عقدت إيران "صفقات سرية" مع أمريكا، تحقق أهداف طهران بالإفراج عن أموالها وربما تجد ترجماتها في اتفاق نووي جديد.
ولعل أبرز المحطات التي تعزز مقاربة الشكوك بالقيادة الإيرانية أن قيادة حماس لم تقدم حتى اليوم مقاربات لأسباب عمليتها والتي أصبح مؤكدا أن التيار الإيراني بالحركة هو من قرر توقيت العملية وخطط لها، لتحقيق أهداف إيرانية تتمثل بكسر أسطورة القوة الإسرائيلية الجبارة، ووقف التطبيع العربي مع إسرائيل، وربما أكدت ذلك تلك التسريبات التي راجت حول اجتماع عقد لقيادات من حماس وحزب الله بقيادة الحرس الثوري الإيراني في بيروت والاتفاق على خطة هجوم متزامنة من غزة وجنوب لبنان والجولان السوري المحتل، تم تنفيذ الجزء المتعلق منه بحماس، فيما امتنعت جبهتا الجنوب اللبناني والجولان عن التنفيذ.

ورغم عدم نفي جبهة المقاومة لهذه التسريبات إلا أن تصريحات قادة من حماس، بما فيها تصريحات خالد مشعل، الذي انتقد رد فعل جبهة المقاومة، وتسريبات قادرة آخرين من حركة حماس بان "إيران غدرت بنا" تشير إلى أن اتفاقا كان قد أبرم بهجوم متزامن، نفذته فقط حركة حماس، ولعل ما يؤكد "غدر" ايران بحركة حماس رد الناطق الرسمي باسم كتائب القسام "ابي عبيدة" على تصريحات لقادة الحرس الثوري بان طوفان الأقصى كان انتقاما لمقتل قاسم سليماني، فقد نفى أبو عبيدة ذلك مؤكدا أن طوفان الأقصى نتائج ثورة تراكمية للشعب الفلسطيني، عمرها أقدم من عمر الجمهورية الإسلامية.

وقبل ذلك وفي محطة لافتة وبعد شهر من انطلاق طوفان الأقصى خرج أقرب حلفاء إيران في المنطقة السيد حسن نصرالله، زعيم حزب الله بخطاب منتظر يؤكد فيه: نفي أي دور او معرفة لإيران بالعملية، والحفاظ على قواعد الاشتباك مع إسرائيل، وأن أي نصر تحققه حماس بهذه المعركة سيكون بصالح السنة والإخوان المسلمين.
العلاقة بين حماس والقيادة الإيرانية بعد طوفان الأقصى لن تبقى كما هي، فلم تعد غزة "ساحة" بقيادة فصيل موال لإيران، وبدأت إرهاصات ذلك تظهر للسطح وأصبحت معلنة، ففي الوقت الذي يعلن فيه وزير الخارجية الإيراني أن إيران تتفق مع القيادة الإسرائيلية في رفض إقامة الدولة الفلسطينية، يصرح إسماعيل هنية بأن الحركة تقبل بإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران، وتدرك أن استفرادها بالسيطرة على قطاع غزة قد انتهت إلى غير رجعة، ورغم العبارات الدبلوماسية والثورية في خطابي الحرس الثوري وحركة حماس، فقد بات مؤكداً  أن هناك تباينا واضحا داخل قيادة حماس تجاه ايران ، يتجاوز مقاربات "الاختلاف في التكتيكات والاتفاق على الاستراتيجيات" تمثله فروع حماس في : الداخل، لبنان، وما يعرف بقيادة حماس الخارج، ومن الواضح أن قيادة الداخل ممثلة بـ "يحيى السنوار ومحمد الضيف" ومجموعة من قادة القسام الذين أسماهم السنوار "مجانين غزة" لا ترى غدرا ولا خيانة من ايران، ومقاييس الانتصار عند هذا التيار يستلهم مفاهيم إيرانية متجذرة لدى وكلاء إيران بالعراق وسوريا ولبنان وفي اليمن ينحصر في سلامة القيادة والإمكانيات والقدرات واستمرار السلطة، ولا يرى هذا التيار في تدمير غزة و"100" الف شهيد ومصاب، والمجاعة مع انتشار الأوبئة، ونزوح أهالي غزة واحتمالات تهجيرهم، إلا صموداً وتضحيات يبني عليها ويستثمر فيها، في الوقت الذي أصبح فيه العالم كله يميز بين استهداف حماس وجناحها العسكري، وبين قتل المدنيين، فيتفق على استهداف حماس ويختلف في قتل المدنيين، وفي الحالين تستثمر إسرائيل كل ذلك.
بعد حرب تموز بين إسرائيل وحزب الله اللبناني عام 2006وفي خطاب النصر الإلهي اعترف زعيم الحزب" حسن نصر الله" أنه أخطأ تقدير الموقف ، ولو كان يعلم أن رد فعل إسرائيل على خطف ثلاثة جنود لاستعادة أسرى الحزب لدى إسرائيل سيكون بتدمير لبنان، لم يكن ليقدم على تلك الخطوة، فهل سيقدم قادة حماس في الداخل والخارج على إعلان مماثل؟ يبدو ببساطة أن قيادات حماس "فوق الأرض" يدركون هذه الحقيقة، لكن القيادات "تحت الأرض" في قطاع غزة يعتقدون أن إعلان إسرائيل الاستسلام بهذه الحرب "قاب قوسين أو أدنى، مع صواريخ إيرانية وجبهة مقاومة، وجيوش جرارة ما زالت تقاتل بصنعاء ودمشق وبغداد، في طريقها إلى القدس.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية