هل ستتعامل جماعة الإخوان الأردنية مع أحداث سوريا بانتهازية؟

هل ستتعامل جماعة الإخوان الأردنية مع أحداث سوريا بانتهازية؟

هل ستتعامل جماعة الإخوان الأردنية مع أحداث سوريا بانتهازية؟


22/12/2024

تضع جهات كثيرة ومراكز دراسات عديدة اليوم جماعة الإخوان المسلمين تحت مجهر المراقبة والبحث، لاستبصار الطريقة التي يمكن للجماعة التعامل فيها مع المتغيرات الحادة في المنطقة، وما إذا كانت وضعت سيناريوهات معينة لطبيعة علاقتها مع النظام الجديد في سورية، والدول التي تقف خلفه، أم أنّها ما تزال في مرحلة تقييم الأمور.

ووفق مقالة للكاتب الأردني مكرم الطراونة عبر صحيفة (الغد) الأردنية، فإنّ الجماعة التي استفادت سياسياً من أحداث 7 تشرين الأول (أكتوبر)، وتبنت خطاباً شعبوياً خلاله لتحقق أغلبية نيابية في الانتخابات البرلمانية في أيلول (سبتمبر) الماضي، لم تُخفِ عداءها للنظام السوري السابق، وقد ساندت الثورة السورية بالمظاهرات والمهرجانات على مدار أعوام طويلة. والحقيقة أنّ العداء كان متبادلاً، فالنظام السوري صنف الجماعة على أنّها إرهابية في وقت مبكر من القرن الماضي، وشنّ حملة إبادة على كوادرها والحواضن لها في المدن السورية، خصوصاً في مدينة حماة التي لا يُعرف العدد الحقيقي لضحايا مذبحتها حتى اليوم.

وأكد الكاتب الصحفي أنّ الجماعة لا شك  ترى أنّها جزء من النصر الذي تحقق بالخلاص من نظام الأسد، الأشدّ قمعاً وترهيباً وذبحاً لكوادرها، ممّا يفتح الباب أمامها للتفكير بطبيعة العلاقة تجاه النظام الجديد، وتجاه الدول التي ترعاه.

وأكد الطراونة أنّ الجماعة تُتهم بـ "الانتهازية السياسية"، وهذا تجلى في أعقاب صعود نجم جماعة الإخوان في مصر، والإطاحة بالرئيس السابق محمد حسني مبارك، وانتخاب الرئيس محمد مرسي. وقتها سادت لغة التحدي والصدام من قبل قيادات إخوانية تجاه الدولة الأردنية، واضعة في اعتبارها أنّ النموذج المصري يمكن أن يمثل "فزاعة" تمنح الجماعة على الساحة الأردنية قوة إضافية، وأن ترفعه في وجه الدولة كلما أرادت تحقيق هدف ما.

الجماعة لا شك  ترى أنّها جزء من النصر الذي تحقق بالخلاص من نظام الأسد، الأشدّ قمعاً وترهيباً وذبحاً لكوادرها

وتابع: "الانتهازية والشعبوية جعلاها كذلك لا تتورع عن تحدي الدولة والوجدان المجتمعي، ليذهب بعض قيادييها لتقديم العزاء بمقتل الإرهابي أبو مصعب الزرقاوي، رغم أنّ يديه ملطختان بدماء الأردنيين من ضحايا تفجيرات الفنادق الثلاثة."

وذكر الطراونة أنّ السلوك الذي ستكشف عنه الجماعة في الأردن تجاه الحدث السوري يمكن أن يكشف عن المدى الذي تعتبر فيه الجماعة نفسها جزءاً من النسيج الأردني، أو إلى أيّ مدى هي منفصلة عن الواقع المحلي، كجماعة عالمية تسير وفق دستور فوق أردني، ولا يعبّر عن أيّ منطلقات تنتمي إلينا!.

وقد خالف الكاتب الصحفي الأردني بسام البدارين مواطنه الطراونة قائلاً: "إنّه رغم أنّ كل الأعين السياسية والإعلامية كانت تراقبهم مسبقاً، إلا أنّ جماعة الإخوان المسلمين الأردنية وفي أول تفاعل شعبي لها أعقب التحول الكبير في سوريا المجاورة، تقدمت ببعض الرسائل المشفرة سياسياً من السلطات الرسمية خلال أول فعالية ونشاط على مستوى الشارع بعد صلاة ظهر الجمعة الماضية، الرسالة تكررت بعد صلاة ظهر الجمعة الثانية خلال أسبوعين من الحدث السوري الكبير.

وأضاف البدارين، في مقالة نشرها عبر موقع (القدس العربي)، أنّه يمكن عملياً للخبراء فقط ولبعض قادة الحركة الإسلامية الأردنية تفكيك الشيفرة من اللحظة التي قرر فيها ممثلو الحركة عبر البرلمان إجراء نمط من المشاورات المسبقة مع مراكز القرار العميقة، بعد أيام فقط من إعلان إسقاط نظام سوريا السابق ودخول قوات المعارضة إلى دمشق العاصمة.

وأوضح بدارين: لقد التقط الإسلاميون الأردنيون فيما يبدو رسالة الارتياب المبكرة بموقفهم، والأهم مجسات الرقابة التي تتابعهم مع أول حراك شعبي ليوم الجمعة في فترة ما بعد التغيير في دمشق، مؤكداً أنّ التيار أوفد من يسأل الدولة عن شروطها وقيودها الأساسية في ملف التفاعل مع النظام السوري الجديد. والهدف السياسي الأعمق للاستفسار كان الإيحاء ضمناً للمؤسسات بأنّ التيار الإسلامي يرغب في تأييد الثورة السورية، لكنّه لا يسعى للاحتكاك بخيارات الدولة وموقعها من الحدث السوري .

تزايدت المخاوف من أن تتحول سوريا إلى ملاذ آمن لعناصر الإخوان المسلمين الفارين، خصوصاً في ظل العلاقة القوية التي تجمع قادة سوريا الجدد بالجماعة.

وأكد الكاتب الصحفي الأردني أنّ الجواب الرسمي انطوى على تقدير للاستفسار وعلى إيحاء بأنّ البوصلة الرسمية ليس لديها أيّ قيود مرحلية خلافاً للمألوف في تجميع وتحشيد الشارع الشعبي، وهنا قرر حزب جبهة العمل الإسلامي ومرجعيته الإخوانية توجيه رسالتين في التنظيم المحترف: الأولى اقتصار التحشيد والانطلاق بمسيرات حاشدة على مدينتي الكثافة السكانية، وهما عمّان والزرقاء فقط، والمعنى هنا السعي لطمأنة السلطات بأنّ التيار الإسلامي ليس بصدد تحشيد الحراكات الشعبية في (10) محافظات أخرى على الأقل .

وفي الرسالة الثانية اعتماد الهتاف الرئيسي في تجمعات التظاهرتين في عمّان والزرقاء ومنحهما إطاراً يستند إلى ذكرى تأسيس حركة حماس، ثم ترديد الهتاف القائل "كل الأردن حماس".   

والرسالة هنا تفيد بتجديد مبايعة الشارع للمقاومة الفلسطينية في دعمها، والتركيز مجدداً على أنّ القضية الفلسطينية هي الأساس .

لكنّ الأهم في النقاش السوري بنسخته الأردنية تحديداً هو عدم ترديد هتافات تناصر حكام دمشق الجدد ذوي الصبغة الإسلامية، مع أنّ ممثلين لحركة الإخوان في البرلمان انتقدوا علناً حكومة بلادهم لأنّها لا تتضامن مع تطلعات الشعب السوري الشقيق، ولا تساند ثورته والمتغير الدمشقي بالدرجة الكافية، وهو الموقف الذي عبّر عنه عمليّاً رئيس كتلة جبهة العمل الإسلامي صالح العرموطي تحت قبة البرلمان.

رئيس كتلة جبهة العمل الإسلامي: صالح العرموطي

 وتابع بدارين: إنّ الجميع لاحظوا في عمّان أنّ الخطاب الذي يدعم الثورة السورية حصره المطبخ الإخواني في نوابه في البرلمان، ولاحقاً لم تخصص حراكات شعبية لدعم التغيير في سوريا، وفي الأثناء لم تصدر عن جماعة الإخوان المسلمين بيانات عامة تشارك في احتفالية أهل دمشق، رغم صدور تصريحات تحتفل بسقوط النظام السوري السابق.

هذا، وكتب العديد من الكتاب الأردنيين مقالات عبر الصحف المحلية، حذّرت من استغلال جماعة الإخوان المسلمين لما يحصل في سوريا، ومحاولتها ركوب الموجة لتحقيق مكاسب سياسية او مقايضات للحصول على مزايا حزبية.

ونقلت وكالة مونت كارلو الدولية أنّ طبيعة القوى الجديدة المسيطرة على سوريا، وارتباطها بالإخوان المسلمين، وبالقاعدة، كلها مؤشرات مقلقة للغاية، لهذا ينظر المجتمع الدولي إليها بريبة، وسوف ينتظر الكثير فروع الجماعة لإعلان موقفهم من حكام سوريا الجدد.

وقد ظهر أحمد الشرع، المعروف سابقاً بالجولاني، قائد إدارة العمليات العسكرية في سوريا وقائد هيئة تحرير الشام، في صورة مع أحد المطلوبين البارزين في قضايا "الإرهاب" بمصر، وأثارت تلك الصورة قلقاً وتساؤلات في الأوساط المصرية.

وبحسب (سي إن إن)، فقد تزايدت المخاوف من أن تتحول سوريا إلى ملاذ آمن لعناصر الإخوان المسلمين الفارين، خصوصاً في ظل العلاقة القوية التي تجمع قادة سوريا الجدد بالجماعة التي تُعدّ محظورة في مصر.

يأتي هذا القلق في وقت تشهد فيه تركيا تضييقاً على أنشطة جماعة الإخوان وأعضائها بعد التقارب الأخير بين أنقرة والقاهرة.

يُذكر أنّ العديد من الميليشيات التي قاتلت إلى جانب هيئة تحرير الشام تتبع جماعة الإخوان المسلمين، كما أنّ رئيس حكومة الإنقاذ الذي تسلم زمام الأمور في سوريا ينتمي إلى التنظيم أيضاً، ولا يُخفي ذلك. 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية