هل ستتدخل روسيا في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة لمصلحة نتنياهو؟

هل ستتدخل روسيا في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة لمصلحة نتنياهو؟

هل ستتدخل روسيا في الانتخابات الإسرائيلية المقبلة لمصلحة نتنياهو؟


كاتب ومترجم فلسطيني‎
25/10/2022

 

يسود القلق الجبهة الأمنية الداخلية في إسرائيل، بالتزامن مع بدء العد التنازلي لإجراء جولة انتخابات الكنيست الخامسة مطلع تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، وذلك في ظل المخاوف من التدخلات الأجنبية الخارجية التي من شأنها التأثير على نتائج العملية الانتخابية، ولاسيما الدور الروسي الذي بات يؤرق إسرائيل، حيث يستعد جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) لمواجهة أي تدخل خارجي في الانتخابات الإسرائيلية.

 ووفق تقديرات إسرائيلية فإنّ روسيا وإيران تسعيان بطرق عدة للتأثير على مجريات الانتخابات. وتأتي المخاوف الإسرائيلية من منطلق التجارب السابقة، فخلال فترات الأحداث الساخنة مثل الحروب والانتخابات، تلجأ وسائل الإعلام الإسرائيلية لنشر المعلومات بسرعة دون التحقق منها قبل نشرها، ما يجعل الجمهور الإسرائيلي عرضة لمحاولات التأثير الخارجي، ويزيد من رقعة الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة الساعية لتشويه سمعة المرشحين والتأثير عليهم.

وستحسم حملة الانتخابات المقبلة مصير شخصيتين سياسيتين، وهما رئيس الوزراء يائير لبيد ورئيس المعارضة بنيامين نتنياهو، بالنسبة للأخير ستكون فرصته لتحقيق ما لم ينجح في تحقيقه في الحملات الانتخابية الأربع السابقة، في المقابل روسيا تسعى بطرق عدة إلى ضمان الانتخابات لصالح نتنياهو، فيما يتوقع جهاز الشاباك ومعهد أبحاث الأمن القومي في إسرائيل، أن يتم التدخل عبر إثارة الفوضى في إسرائيل وخلق الشعور لدى المواطن بأنّ كل شيء مزيف.

تأثير روسي

صحيفة "هآرتس" العبرية قالت إنّ روسيا تستخدم كيانات واجهة على أمل أن تقوم بإقناع المهاجرين في إسرائيل بصدقية الحرب في أوكرانيا، وأضافت الصحيفة أنّ روسيا عملت على إقامة جمعية خاصة أطلق عليها الجبهة المناهضة للنازية، وستقوم بتسويق رسائل الكرملين في البلاد، في محاولة لتشويه صورة الحكومة في كييف ، وثمة نقطة أخرى تثير الاهتمام تتعلق بحملة لشبكة مجهولة، تدار ضد حزب إسرائيل بيتنا بزعامة وزير المالية أفيغدور ليبرمان، الهدف واضح وهو إقناع المصوتين بعدم انتخابه.

 رئيس الوزراء يائير لبيد ورئيس المعارضة بنيامين نتنياهو

وأجرى معهد أبحاث الأمن القومي في إسرائيل، محاكاة وسيناريو من المحتمل تنفيذه على أرض الواقع في انتخابات الشهر المقبل وكيفية مواجهته بشكل سريع، كما أجرى جهاز الأمن العام (الشاباك) محاكاة أخرى لكنها كانت داخلية ومغلقة، إلى جانب إجراء محادثات أمنية مع أجهزة عدة، وفي خضم هذه الجهود قال المدير العام لمعهد الأمن القومي الجنرال الاحتياط تمير هايمن، إنّ التدخل الأجنبي في الانتخابات يعتبر تحدياً إستراتيجياً، والمعروف أنّه من الصعب ملاحظة تدخل أجنبي بصورة منفردة، إذ بإمكانه أن يندمج في عمليات داخلية من الصعب الإشراف عليها.

وأوردت قناة "كان" الرسمية تقريراً قالت فيه، هناك مخاوف إسرائيلية من إقدام قراصنة على اختراق مواقع الأحزاب الإسرائيلية أو حساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، بهدف بث مضامين موجهة قد تؤثر على نتائج الانتخابات، يأتي ذلك في ظل موجة من القرصنة تستهدف الشركات الخاصة الإسرائيلية، والتي تهدف إلى سرقة قواعد بيانات المستخدمين ومعلومات سرية حول نشاطات الشركة المستهدفة، وفي الكثير من الحالات عمد القراصنة إلى ابتزاز الشركات المستهدفة، وهددوها بنشر المعلومات التي استولوا عليها عبر شبكات التواصل.

منذ 2019 بدأت الأزمة السياسية في إسرائيل التي انعكست في عدم حسم الانتخابات بين معسكر اليمين برئاسة نتنياهو ومعسكر اليسار الوسط برئاسة الثلاثي بيني غانتس وبينت ولبيد

وذكرت صحيفة "معاريف" العبرية أنّ إسرائيل طالبت مؤخراً من روسيا من خلال اتصال هاتفي بين رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي ونظيره الروسي بإيعاز من رئيس الحكومة الإسرائيلية الانتقالية يائير لبيد، بعدم التدخل في الانتخابات الإسرائيلية العامة المقرر إجراؤها. وبحسب الصحيفة فإنّ الطلب الإسرائيلي جاء في ظل المخاوف من شن هجمات سيبرانية، قد تعرقل الانتخابات أو تؤثر على نتائجها.

الانتخابات المقبلة ستكرس الواقع

في سياق ذلك، قال الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور إنّ "جولة انتخابات إسرائيلية خامسة خلال عامين، لن ينتج عنها استقرار سياسي وربما تكون تكريساً للأزمة الداخلية، وينعكس ذلك على الوضع الأمني في إسرائيل، خاصة في ظل التوتر القائم سواء في الداخل أو الخارج، لذلك تريد إسرائيل أن تسير العملية الانتخابية في أجواء هادئة، كي يتم الوصول إلى تشكيل حكومة جديدة تتابع شؤون البلاد".

وأشار منصور في حديثه لـ"حفريات": إلى أنّ "التدخل الخارجي في الانتخابات الإسرائيلية ليس جديداً، بل إنّ جميع الحملات السابقة تأثرت بالتدخل الخارجي، وهذا يعود إلى السوشال ميديا وقوتها تأثيرها ووجود ألاف الحسابات الوهمية، التي تحركها دول تنشر من خلالها إشاعات تؤثر على حظوظ المرشحين، فعلى سبيل المثال أمريكا لا تريد ترشيح بنيامين نتنياهو، وفي المقابل روسيا تؤيد ترشيح نتنياهو".

الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي عليان الهندي لـ"حفريات": سيكون للدور الروسي نشاط كبير وفعال خلال جولة الانتخابات الإسرائيلية المقبلة تحت بند قرصنة العقول، لدعم نتنياهو

وأوضح أنّ "التدخل الخارجي شيء رمزي ويسير بطريقة غير مباشرة يستهدف الرأي العام، وتأثيره في بعض الأحيان يكون قوياً وربما ضعيفاً، فهو يستهدف نشر إشاعات وشيطنة وكشف فضائح بعض الشخصيات من قبل جهات خارجية، تحاول تأييد مرشحين بمثل هذه الطرق على حساب مرشحين آخرين، ولكن يعتقد منصور أنّ إسرائيل ستحاول مواجهة هذا التدخل خلال الجولة الحالية، من خلال مراقبة مواقع التواصل وفرض رقابة على الحسابات".

قرصنة العقول

من جانبه توقع الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي عليان الهندي أنّ "يكون للدور الروسي نشاط كبير وفعال خلال جولة الانتخابات الإسرائيلية المقبلة تحت بند قرصنة العقول، وذلك في خطوة لتأييد المعسكر اليميني المؤيد لروسيا بزعامة بنيامين نتنياهو، كون أنّ روسيا تريد منع إسرائيل من تقديم أي دعم عسكري لأوكرانيا في ظل الحرب القائمة".

عليان الهندي: الدور الأمريكي أيضاً سيكون حاضراً

وأوضح الهندي في حديثه لـ"حفريات": أنّ "الدور الأمريكي أيضاً سيكون حاضراً في ظل تزايد احتمالية فوز نتنياهو في رئاسة الحكومة المقبلة، فهو وغالبية قادة حزب الليكود اليميني لا يزالون يقدمون تعاطفهم للدور الروسي، ويتفهمون سياسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إزاء الوضع في أوكرانيا، وينتقدون تصرفات الرئيس زيلينسكي الذي تصرف بشكل خاطئ أدى إلى تدمير بلاده".

وبين أنّ "التطور التكنولوجي وتزايد الهجمات السيبرانية ضد جمعيات وشركات إسرائيلية، أسفر عن أضرار جسيمة على المستويين المدني والعسكري، فالانتصارات في معارك الإنترنت وبالتحديد الاختراقات السيرانية ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، هي أيضا انتصارات فعلية على أرض الواقع.

ولفت إلى أنّ دور روسيا في تدخلاتها بالعمليات الانتخابية قوي ومؤثر ويعطي نتائج إيجابية، ويستذكر الهندي في ذلك تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية عام 2016، وذلك باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لدعم دونالد ترامب، الذي أعرب عن إعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ما يجعل هذه الخطوة قابلة للتكرار، لتقويض النظام السياسي الإسرائيلي وتقوية نتنياهو الذي يؤيد بوتين.

يشار إلى أنه ومنذ انتخابات عام 2019 قد بدأت الأزمة السياسية في إسرائيل، والتي انعكست في عدم حسم الانتخابات بين معسكر اليمين برئاسة نتنياهو ومعسكر اليسار الوسط برئاسة الثلاثي بيني غانتس ونفتالي بينت ويائير لبيد، ومن ثم إجراء انتخابات أربع مرات، لتكون انتخابات الشهر المقبل الخامسة في غضون ثلاث سنوات من دون القدرة على تشكيل حكومة أكثر قوة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية