هل تُفضي الحرب في أوكرانيا إلى تجديد واشنطن علاقتها بدول الخليج؟

هل تُفضي الحرب في أوكرانيا إلى تجديد واشنطن علاقتها بدول الخليج؟


14/03/2022

للصراع في أوكرانيا تأثير عميق على النظام العالمي، حيث تتغير العلاقات بين مختلف البلدان بوتيرة سريعة مع ما يترتب على ذلك من عواقب.

تحاول إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تحسين العلاقات المتوترة مع حلفاء واشنطن في الخليج. توترت العلاقات الأمريكية-الخليجية بشكل طفيف بسبب سياسات الإدارة الحالية في الشرق الأوسط، بما في ذلك سعيها لإعادة ضبط التواصل مع إيران، التي تشكل تهديداً أمنياً للمنطقة ككل، وقرارها رفع الحوثيين في اليمن من قائمة الإرهاب العام الماضي. وبينما تدرس الولايات المتحدة إعادتهم إلى القائمة في أعقاب هجمات الحوثيين على أبو ظبي في وقت سابق من هذا العام، لم يتم اتخاذ أي إجراء بعد.

اقرأ أيضاً: احتجاج شديد اللهجة من الإمارات ومجلس التعاون الخليجي لإيران

لكن الأزمة الأوكرانية يمكن أن تؤدي إلى إعادة ضبط العلاقات بين واشنطن والدول الخليجية، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار، كما يذكر تحليل نشرته صحيفة "ذا ناشونال"، أنّ دول الخليج قد عمقت علاقاتها مع الصين وروسيا في السنوات الأخيرة. ويضيف التحليل: قد تؤدي إعادة الضبط، إلى جانب زيادة أسعار النفط، إلى زيادة تأثير هذه البلدان في عملية صنع القرار الدولي. وتلفت "ذا ناشونال" إلى أنّ البلدان الخليجية تستجيب بالفعل لحرب أوكرانيا وتداعياتها بقدر كبير من النضج والبراجماتية - وبالتالي، من المرجح أن يفكروا في تجديد علاقاتهم الثنائية مع الولايات المتحدة.

تحاول إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن تحسين العلاقات المتوترة مع حلفاء واشنطن في الخليج

ويشير تحليل نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" إلى أنه بعد الحديث، على مدى السنوات الماضية، عن تراجع أهمية كل من أوروبا، ومنطقة الشرق الأوسط، وبدء الانسحاب الأمريكي منهما، ها هو العم سام يعود قسراً إلى المنطقتين: أوروبا بسبب "الناتو"، ومنطقة الشرق الأوسط بسبب ثرواتها.

مصالح إيران مع من؟
من جانبها، تقول "ذا ناشونال": يبدو أنّ موسكو تعتقد أنّ الحرب في أوكرانيا ستساعد روسيا في حشد حلفائها لتشكيل كتلة مناهضة للغرب. مثل هذا الشيء لم يتحقق. والأسوأ من ذلك، من وجهة نظر الكرملين، أنّ الغرب وقف معاً على نطاق واسع وطبّق بعضاً من أشد العقوبات صرامة، والتي شلت الاقتصاد الروسي في غضون أيام. ظهر إسفين بين روسيا وحليفتها إيران، حيث أثرت حرب أوكرانيا على المحادثات الجارية في فيينا لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 بين القوى العالمية وطهران. حتى وقت قريب، كانت موسكو هي المدافع الرئيسي عن المصالح الإيرانية في فيينا. واليوم، ورد أنّ طهران غاضبة من تحرك موسكو لربط الحرب بالمفاوضات، التي تريد إيران اختتامها في أسرع وقت ممكن حتى ترفع القوى الغربية عقوباتها على اقتصادها.

 

قد تؤدي الأزمة الأوكرانية إلى إعادة ضبط العلاقات بين واشنطن والدول الخليجية، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار، أنّ دول الخليج عمقت علاقاتها مع الصين وروسيا في السنوات الأخيرة

 

وتتابع "ذا ناشونال": أضافت أزمة أوكرانيا عنصراً حيوياً إلى المعادلة: النفط والغاز الإيراني، والذي يمكن أن يكون بمثابة موارد إضافية في الأسواق الدولية بعد أن حظرت الولايات المتحدة وارداتها من النفط والغاز من موسكو. بادرت إدارة بايدن إلى إجراء محادثات مع إيران في هذا الصدد، وكان رد الأخيرة أنها مستعدة لتصدير مواردها فور رفع العقوبات المذكورة. طهران تدعو، بشكل فعال، واشنطن إلى اختتام محادثات فيينا بسرعة.

وتضيف صحيفة "ذا ناشونال": تسعى إدارة بايدن وكذلك الحكومات في الدول الأوروبية الرئيسية أيضاً إلى إبرام الصفقة مع إيران. والسبب بالنسبة لبايدن أنه يحتاج إلى نصر قبل انتخابات التجديد النصفي لهذا العام؛ أما الدول الأوروبية، فلأنها تبحث عن موردي طاقة بديلة في محاولتها لفطم نفسها عن الهيدروكربونات الروسيةومع ذلك، لا تتحدث الدول الأوروبية بصوت واحد حول هذه المسألة. وبحسب الصحيفة، تعد ألمانيا والمجر وإيطاليا وهولندا من بين الدول التي تعتمد بشدة على الطاقة الروسية، وسيستغرق الأمر شهوراً للانتقال بعيداً عن إمدادات موسكو. في غضون ذلك، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تقليل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية إلى ثلث المستوى الحالي بحلول نهاية عام 2022وبينما من المحتمل أن تستفيد إيران من هذه الخطوة، يُقال إنّ المفاوضين الروس سعوا للحصول على ضمان من الولايات المتحدة بأنها لن تفرض عقوبات على إيران في المستقبل؛ يبدو أنّ تفكير موسكو هو أنّ منع العقوبات المستقبلية على إيران من شأنه أن يساعد روسيا على بيع نفطها عبر إيران.

 

يبدو أنّ إيران قررت في الوقت الحالي أنّ مصالحها مع الولايات المتحدة وأوروبا، رغم أنه من الواضح أنها لن تتخلى عن تحالفها الاستراتيجي مع روسيا

 

وتقول الصحيفة: يبدو أنّ إيران قررت في الوقت الحالي أنّ مصالحها مع الولايات المتحدة وأوروبا، رغم أنه من الواضح أنها لن تتخلى عن تحالفها الاستراتيجي مع روسيا. ويبدو أنّ طهران تعتقد أنّ هذا النهج البراغماتي سيساعد نظامها على متابعة أهدافه الإستراتيجية بشكل أفضل.

اقرأ أيضاً: قطر تصطف مجدداً خلف إيران... ما علاقة مجلس التعاون الخليجي؟

وتتساءل الصحيفة: كيف يؤثر ذلك على الأمن في الشرق الأوسط؟ وتجيب: من السابق لأوانه معرفة ذلك. من المرجح أن تغتنم إيران الفرصة لتمويل مشاريعها التوسعية الإقليمية. ومن الناحية المنطقية، فإنّ أي محور محتمل نحو الغرب يجب أن يساعد في كبح سياسات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة. وتضيف الصحيفة: لكن من المحتمل أن يوقع النظام الإيراني وإدارة بايدن اتفاقيات تنتهي بإضفاء الشرعية على مكاسب طهران في سوريا ولبنان والعراق.

الصين وفنزويلا

الصين، الحليف الآخر لروسيا، قامت بالتحوط بدلاً من بذل قصارى جهدها في دعمها لحرب روسيا في أوكرانيا. معادلتها مع كييف تعني أنّ السلام في المنطقة يصب في مصلحة بكين. لقد أوضحت الصين للغرب أنها لا تميل إلى تأييد توسع الناتو باتجاه الشرق خلال العقود الثلاثة الماضية. كما امتنعت عن التصويت في الأمم المتحدة لاستنكار عمليات روسيا داخل أوكرانيا، لكنها لم تلقِ بدعمها الكامل لموسكو أيضاً. ومن غير المحتمل أن يخاطر الغرب بفرض عقوبات على الصين بسبب إظهارها التضامن مع روسيا، بحسب الصحيفة.

حتى فنزويلا، التي قاومت لسنوات النفوذ الأمريكي في أمريكا الجنوبية، تستجيب الآن بشكل إيجابي للجهود الأمريكية الأخيرة لبناء العلاقات. مع تطلع إدارة بايدن على احتياطيات الطاقة الكبيرة لفنزويلا، قد تفكر في رفع العقوبات عن كاراكاس وكذلك إنهاء عزلتها الدولية.

 

امتنعت الصين عن التصويت في الأمم المتحدة لاستنكار عمليات روسيا داخل أوكرانيا، لكنها لم تلقِ بدعمها الكامل لموسكو أيضاً

 

وتختم الصحيفة بأنه حتى قبل أسابيع قليلة، لم يكن من الممكن توقع إعادة تشكيل النظام العالمي بهذه الطريقة الجذرية بهذه السرعة. ولكن مع عدم احتمال انتهاء الحرب في أوكرانيا في أي وقت قريب، مع استمرار القوات الروسية في مضاعفة قوتها داخل أوكرانيا، يمكننا أن نتوقع المزيد من التقلبات في هذا النظام.

تأثير خليجي في السوق

ويرى تحليل نشرته "الشرق الأوسط" أنه كانت الدراسات الاستشرافية تتوقّع حدوث تغيير كوني (في النظام الدولي) من بوابات الاقتصاد، أو الكوارث الصحية والمناخية أو الانفجار المعلوماتي.. وليس من بوابة حرب في أوروبا.

وتؤكد وكالة "رويترز" للأنباء أنه بعد ما تمكنت دولة الإمارات منفردة (في أعقاب تصريحات أدلى بها سفير الإمارات في واشنطن، يوسف العتيبة، والذي قال فيها إنّ بلاده تؤيد ضخ المزيد من النفط) من خفض أسعار النفط المتصاعدة بواقع 13 بالمئة في يوم واحد الأسبوع الماضي، أظهرت الإمارات مدى ما تتمتع به الدول الخليجية المنتجة للنفط من قوة وتأثير على السوق، وبعثت برسالة إلى واشنطن لتذكيرها بأنّ عليها إيلاء مزيد من الاهتمام بحلفائها الخليجيين. ونقلت "رويترز" عن عبد العزيز صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، قوله إنّ الرسالة التي أرسلت لواشنطن مفادها "أنتم بحاجة إلينا ونحن بحاجة إليكم، لذا تعالوا نسوّي القضايا بيننا".




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية