هل تنهي جهود السلام الصينية الحرب في أوكرانيا؟

هل تنهي جهود السلام الصينية الحرب في أوكرانيا؟

هل تنهي جهود السلام الصينية الحرب في أوكرانيا؟


08/03/2023

ترجمة: محمد الدخاخني

هل يريد قادة العالم أن تنتهي الحرب في أوكرانيا؟ أم لا يريدون أقلّ من طرد الرّئيس فلاديمير بوتين من مكتبه عن طريق «ثورة ملوّنة» من نوع ما في روسيا؟ طُرِحَت إجابات عن هذين السّؤالين من خلال ردود الفعل على خطّة السّلام المكوّنة من 12 نقطة التي قدّمتها الصّين مؤخراً.

رفض الأمين العامّ لحلف شمال الأطلسيّ، ينس ستولتنبرغ، الأمر على الفور، قائلاً: «إنّها ليست خطّة سلام. والصّين ليس لديها الكثير من المصداقيّة لأنّها لم تكن قادرة على إدانة الغزو غير الشّرعيّ لأوكرانيا». في اليوم نفسه، قال وزير الخارجيّة الأمريكيّ، أنتوني بلينكين، لمجلس الأمن بالأمم المتّحدة: «لا ينبغي لأيّ عضو في هذا المجلس أن يدعو إلى السّلام بينما يدعم الحرب الرّوسيّة على أوكرانيا وعلى ميثاق الأمم المتّحدة».

 ما من شيء مستغرب في ذلك، حقّاً (على الرّغم من أنّ بكين سوف تعترض بالتّأكيد على أنّها تدعم الحرب على أوكرانيا أو على ميثاق الأمم المتّحدة). على كلّ حال، قال الرّئيس الأمريكيّ، جو بايدن، منذ ما يقرب من عام إنّ بوتين «لا يمكن أن يظلّ في السّلطة»، وفي نيسان (أبريل) الماضي، أعلن وزير الدّفاع الأمريكيّ، لويد أوستن: «نريد أن نرى روسيا تضعف إلى درجة لا تستطيع معها فعل أشياء مماثلة لما فعلته أثناء غزو أوكرانيا». بالنّسبة إلى هؤلاء، انتقلت عارضة المرمى في وقت مبكّر من تأمين إنهاء الحرب إلى سحق روسيا.

الرئيس الأوكراني هو الحَكَم

لكن الرّئيس الأوكرانيّ فولوديمير زيلينسكي - الذي قال القادة الغربيّون الأكثر عدوانيّة لروسيا باستمرار إنّه يجب أن يكون الحكم النّهائيّ بشأن ما هو مقبول أو غير مقبول لبلاده - لم يرفض الاقتراح الصّينيّ. العكس تماماً هو الذي حصل. قال إنّه يودّ مقابلة الرّئيس الصّينيّ، شي جين بينغ، لمناقشة الأمر. وأضاف: «دعونا نعمل مع الصّين بشأن هذه النّقطة». وذهب الرّئيس الفرنسيّ، إيمانويل ماكرون، يوم السّبت، أبعد من ذلك بقليل، قائلاً: «ولِمَ لا؟ حقيقة أنّ الصّين تشارك في جهود السّلام أمر جيّد». وكشف أنّه يعتزم زيارة بكين في أوائل نيسان (أبريل) لطلب مساعدة الرّئيس شي في إنهاء الحرب.

لوحة إعلانية تظهر الرئيس الصيني مع شعار يقول "حافظ على وفائنا لتطلعاتنا الأصلية واحتفظ بمهمتنا بحزم"، في بكين، في 28 فبراير

ماكرون محقّ تماماً في القيام بذلك. وتماماً كما كان أحد أكثر الأصوات حكمة في إدانته للغزو، حذّر أنّه «لا يجب علينا إذلال روسيا، حتّى يمكننا، في اليوم الذي يتوقّف فيه القتال، بناء مخرج من خلال القنوات الدّبلوماسيّة». بغضّ النّظر عن رأي النّاس بشأن الحكومة في موسكو، يجب أن يكون الأمر صحيحاً فيما يتعلّق بروسيا نفسها على المدى الطّويل.

ماكرون محقّ

أعتقد أنّ ماكرون محقّ، أيضاً، في التّفكير في أنّه يجب اغتنام أيّ فرصة للسّلام. وقد تكون هذه فرصة. من الواضح أنّ أمثال ستولتنبرغ، الأمين العامّ لحلف شمال الأطلسيّ، يعتبرون اقتراح الصّين حيلة ساخرة؛ لكنّهم يفترضون أنّ الصّين تتصرّف دائماً بسوء نيّة على أيّ حال. لا ينبغي تحدّي هذا الافتراض فحسب، بل يتناسى الرّافضون لخطّة السّلام أنّ الصّين لا تريد هذه الحرب المطوّلة التي، من بين أمور أخرى، تُخاطِر بمستقبلها الاقتصاديّ وتتعارض بشكل واضح مع النّقطة الأولى في خطّتها، والتي تنصّ على أنّه: «يجب التّمسّك بشكل فعّال بسيادة جميع البلدان، واستقلالها، وسلامة أراضيها».

ماكرون هو الوحيد الذي يدرك أنّه مهما كانت حيلة أو تسوية بوساطة صينيّة غير مرضية، فإنّها ستظلّ أفضل من مئات الآلاف من الوفيات. فليحالفه الحظ لأنّه لم يستسلم

ليس هناك شكّ في أنّه في ظلّ الظّروف الحالية قد يكون من الصّعب للغاية التّوصّل إلى نتيجة يمكن للطّرفين قبولها. لكنّني أُحيي ماكرون لأنّه لم يستسلم من دون أن يحاول.

ما أفضل ما يمكن أن يخرج من أيّ نقاشات يمكن أن تنهي الحرب سريعاً؟ ربما شكلاً من أشكال الحيل التي سمحت لكلا الطرفين بحفظ بعض من ماء الوجه على الأقلّ، وسوف يتطلّب الأمر دبلوماسيّة حاذقة للغاية للتغلّب على حقيقة أنّ أجزاء من أوكرانيا أعُلِنَت رسميّاً الآن على أنّها جزء من روسيا. كيف يمكن للرّئيسين أن يصوغا اتّفاقيّة لا تجعل أحدهما يبدو مقهوراً ومهزوماً؟

لكوني لست مترنيخ ولا كيسنجر، ليس لديّ الجواب. لكنّني أعتقد أنّ نوعاً من الحلول البراغماتية غير المتطرّفة قد يجد الكثير من الدّعم من العديد من الدّول الآسيويّة التي أدارت خلافات لا حصر لها لم يتمّ تسويتها نهائيّاً ولكنّها لم تؤدّ في معظم الأحيان إلى نزاع مسلّح. هناك خلافات بين الصّين، وكوريا الجنوبيّة، واليابان، وروسيا حول جزر في بحارٍ قبالة شرق آسيا، وكذلك الحال بالنّسبة إلى تايلاند وكمبوديا حول ملكيّة مجمع معابد، ودول آسيا الوسطى حول أجزاء من وادي فرغانة. في الواقع، هناك خلافات كثيرة جدّاً بحيث يصعب إدراجها كلّها هنا. النّقطة المهمّة هي أنّه، بشكل عامّ، تمّ الانحياز إلى تجنّب الحرب وليس إلى قرارات تُرضي طرفاً بالكامل وتترك الطّرف الآخر يشعر بالخداع.

هل الحل ثورة روسية؟

قد يدعم جزء كبير من دول العالم الجنوبيّ التّسوية، أيضاً - ورأيهم مهمّ، لأنّه ليس للدّول الغربيّة أن تقرّر أنّ الطّريق الوحيدة لوقف هذه الحرب هي ثورة روسيّة جديدة يمكن أن تؤدّي إلى حرب أهليّة كارثيّة.

ماكرون وزيلينسكي يستعدان لركوب طائرة معاً، في طريقهما إلى بروكسل لحضور قمة في البرلمان الأوروبي، في 9 فبراير

أيضاً، في الأمم المتّحدة، يوم الجمعة، قالت سفيرة الإمارات العربيّة المتّحدة، لانا نسيبة، إنّه «ليس لديها أوهام» بأنّ جهود السّلام، بما في ذلك تلك التي يقوم بها الأمين العامّ للأمم المتّحدة، أنطونيو غوتيريش، ستكون سهلة. وأضافت: «أريقت الكثير من الدّماء، ووقعت أضرار جسيمة».

تأثّرتُ أنا نفسي بالتّقارير المفجعة والمفصّلة بشكل ممتاز من أوكرانيا للأكاديميّ والصّحافيّ ديفيد باتريكاراكوس. فكيف يمكن للمرء أن يكون ملتبساً في انحيازاته؟

لكن النّصر السّريع، من قِبل أوكرانيا أو روسيا، يبدو مستبعداً للغاية. ويبدو أنّ ماكرون هو الزّعيم الغربيّ الوحيد الذي يدرك أنّه مهما كانت حيلة أو تسوية بوساطة صينيّة غير مرضية بعد كلّ ما فعلته روسيا، فإنّها ستظلّ أفضل من مئات الآلاف من الوفيات. فليحالفه الحظ لأنّه لم يستسلم.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

شولتو بيرنز، ذي ناشونال، 1 شباط (مارس) 2023



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية