هل تنجح مفاوضات المغرب بكسر مرحلة الجمود السياسي الليبي؟

مستمر منذ أعوام... هل تنجح مفاوضات المغرب بكسر مرحلة الجمود السياسي الليبي؟

هل تنجح مفاوضات المغرب بكسر مرحلة الجمود السياسي الليبي؟


07/06/2023

بعد فترة طويلة من الجمود السياسي وانسداد المسار التفاوضي على القوانين الانتخابية بين مجلسي النواب والدولة، أعلنت اللجنتان المكلفتان منهما بالحوار على هذه المسألة تقدماً في جولة تفاوضية جديدة بالمغرب، وهو ما ينبئ باقتراب البلاد من التوجه إلى انتخابات عامة، قد تكون قبل نهاية العام الحالي.

ويسابق الفرقاء الليبيون الزمن لإقرار توافق كامل يسير بهم نحو انتخابات لا تقصي طرفاً دون الآخر، ما عدا أولئك الذين صدرت في حقهم أحكام بالسجن، وتبدي الغالبية مرونة ورغبة في الدفع نحو الحل، وهو ما يميز المفاوضات الأخيرة بين أطراف العملية السياسية.

ورغم التفاؤل، يظل الوضع ملتبساً حول الحكومة التي ستشرف على الانتخابات، هل هي حكومة الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلّا لحكومة منبثقة من برلمان منتخب، أم حكومة مصغرة يتفق عليها مجلسا النواب والدولة؟

تجاوز النقاط الخلافية

إلى ذلك، أعلن ممثلون عن لجنة (6+6) الليبية المجتمعة بمنتجع بوزنيقة بضواحي العاصمة المغربية الرباط، في وقت متأخر من ليل الثلاثاء، أنّهم تمكنوا من تجاوز عدد من نقاط الخلاف في شأن قوانين الانتخابات الرئاسية والتشريعية في ليبيا، وأضافوا أنّهم سيجتمعون مرة أخرى في المغرب قريباً للتوقيع رسمياً على هذا الاتفاق.

وقال عضو مجلس الدولة الليبي عمر أبو ليفة للصحافيين: "تحاورنا لمدة (10) أيام تقريباً أو أكثر في المملكة المغربية، وتناقشنا حول كل التفاصيل، ثم انتهينا إلى الاتفاق على كل نقاط الاختلاف، وتم سن قانونين؛ الأوّل يتعلق بالسلطة التشريعية، والثني الاتفاق على قانون انتخاب رئيس الدولة".

عمر أبو ليفة: تحاورنا لمدة (10) أيام تقريباً أو أكثر في المملكة المغربية، وتناقشنا حول كل التفاصيل

وأضاف: "تم الاتفاق حول كل النقاط العالقة بتوافق تام، وتم التوقيع على كل ما أنجزناه بكل إرادة حرة واعية من دون إكراه أو ضغط".

وقال عضو مجلس النواب الليبي جلال الشويهدي للصحافيين: "لقد تم التوافق بين لجنة مجلس النواب ومجلس الدولة على قانون انتخابات الرئاسة وقانون انتخابات البرلمان". وأضاف: "ننتظر في الأيام المقبلة حضور رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الدولة للتوقيع أو البت في الاتفاق نهائياً بخصوص هذا القانون".

من جهته، قال وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة: إنّ "الاتفاق محطة مهمّة، لأنّ المجلسين هما المؤهلان للخوض في هذه الأمور المرتبطة بالقواعد الضرورية لتنظيم الانتخابات".

تبدي الغالبية مرونة ورغبة في الدفع نحو الحل، وهو ما يميز المفاوضات الأخيرة بين أطراف العملية السياسية

وأضاف أنّ "المجلسين من خلال لجنة (6+6) كانا في إطار ممارسة مهماتهما، كما هي محددة في الاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات في عام 2016".

ولجنة (6+6) مكونة من (6) أعضاء من مجلس النواب، ومثلهم من مجلس الدولة (نيابي استشاري)، نص على تشكيلها التعديل الـ (13) للإعلان الدستوري (دستور مؤقت وضع بعد الإطاحة بنظام معمر القذافي عام 2011).

ووفق اتفاق المجلسين، كلفت اللجنة بإعداد قوانين انتخابية "توافقية" تجري عبرها انتخابات تحل أزمة صراع على السلطة بين حكومة عيّنها مجلس النواب مطلع عام 2022، وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض التسليم إلّا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب.

نقاط الخلاف

وكانت محادثات لجنة (6+6) قد بدأت في منتجع بوزنيقة في 22 أيار (مايو) في مسعى لحسم الخلاف حول القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ليبيا.

ومن بين النقاط المختلف عليها البند المتعلق بترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية، ولم يوضح أبو ليفة في تصريحه ما إذا كان التوافق بين أعضاء اللجنة شمل هذا البند أيضاً.

وسبق أن أدت الخلافات حول القضايا الدستورية الأساسية، بما في ذلك دور الرئيس والبرلمان، والمسائل الرئيسية المتعلقة بالقانون الانتخابي، مثل أهلية المرشحين المثيرين للخلاف، إلى تعطيل العملية السياسية في ليبيا لفترة طويلة.

جلال الشويهدي: تم التوافق بين لجنة مجلس النواب ومجلس الدولة على قانون انتخابات الرئاسة وقانون انتخابات البرلمان

كما سبق للمملكة المغربية أن استضافت جولات الحوار الليبي الذي انتهى بالاتفاق على المناصب السيادية في كانون الثاني (يناير) 2021، وكذلك رعت لقاء وفدي المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب حول قانون الانتخابات في أيلول (سبتمبر) 2021.

وقد احتضنت الصخيرات بضواحي الرباط في عام 2015 اتفاقاً سياسياً برعاية الأمم المتحدة بين أطراف الصراع في ليبيا لإنهاء الحرب الأهلية هناك.

سبق أن أدت الخلافات حول القضايا الدستورية الأساسية إلى تعطيل العملية السياسية في ليبيا لفترة طويلة

وفي آذار (مارس) الماضي اقترح (باتيلي) وضع خارطة طريق جديدة وواضحة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المؤجلة، في مهلة تنتهي بحلول منتصف حزيران (يونيو) الجاري، محملاً "الحكومات الانتقالية إلى ما لا نهاية، والأجسام الشرعية التي انتهت ولاياتها" مسؤولية عدم الاستقرار وإطالة أمد هذا الوضع.

أعوام من الانسداد السياسي

بدأت مراحل ليبيا الانتقالية التي أعقبت عهد الزعيم الراحل معمر القذافي، حين بدأ المجلس الانتقالي بعد إعلان تحرير البلاد بالتحضير لانتخابات تشريعية هي الأولى، وتم تنظيم عملية اقتراع في شهر تموز (يوليو) 2012، شارك فيها أكثر من مليوني ناخب ليبي من أصل (2.9) مليون يحق لهم الانتخاب، لاختيار (200) عضو للمؤتمر الوطني في البلاد، والذي مثل الجهة التشريعية في ليبيا، وفقاً لإعلان دستوري ينظم العملية السياسية في البلاد.

وذكر متابعو الشأن الليبي حينها أنّ المؤتمر الوطني لم يكن يملك القرار، بل كان تحت سيطرة الجماعات المسلحة، حيث أقر عدة قوانين ساهمت في تعقيد الأزمة السياسية، من بينها قانون العزل السياسي الذي أقصى عدة شخصيات سياسية لعلاقتها بنظام القدافي.

وأطلقت لاحقاً منظمات المجتمع المدني حراكاً واسع النطاق تحت اسم "لا للتمديد" مطلع عام 2014 للمطالبة بانتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة.

وكان شهر حزيران (يونيو) عام 2014 حافلاً بالانتخابات في ليبيا، إذ في 20 حزيران (يونيو) انتخب الليبيون أعضاء هيئة تأسيسية لصياغة مشروع دائم للبلاد، وعادوا مرة أخرى لصناديق الاقتراع في 25 من الشهر نفسه لانتخاب أعضاء مجلس النواب، الجسم التشريعي الجديد في البلاد.

 وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي ناصر بوريطة: الاتفاق محطة مهمّة

بعد انتخاب مجلس النواب لم يستطع المجلس الجديد عقد جلسة في مقره في العاصمة طرابلس، بسبب سيطرة الجماعات المسلحة على غرب البلاد، واختار مدينة طبرق شرقي ليبيا كمقر مؤقت لعقد جلساته، في حين عاد المؤتمر الوطني لعقد جلسات في طرابلس تحت حماية الجماعات المسلحة، ليعلن نفسه برلماناً موازياً في ليبيا، في أول خطوة لتقسيم البلاد سياسياً، في وقت كانت فيه الأزمة الأمنية، وما زالت، مشكلة وسبباً لجميع الأزمات الأخرى في البلاد.

من بين النقاط المختلف عليها البند المتعلق بترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية

وأجمعت كل التحاليل وقتذاك على أنّ قوة السلاح، والجماعات المسلحة الخارجة عن سيطرة الدولة، كانت سبباً في كل المشكلات السياسية التي حدثت لاحقاً.

ومنذ بداية الأزمة في ليبيا، شكلت الأمم المتحدة بعثة  سياسية  لمساعدة ليبيا على الانتقال الديمقراطي للسلطة، خاصة أنّ الحراك الشعبي فيها تحول إلى عسكري، وكانت أوّل خطوة فعلية للبعثة الأممية هي إطلاق حوار وطني بين الأطراف السياسية لرأب الانقسام الذي حدث في 2014.

وظلّت ليبيا من وقتها تواجه عوائق كبيرة، أهمها وجود قاعدة دستورية لإنجاز الانتخابات في ظل وجود تشكيلات مسلحة تسيطر على السياسيين، وهو ما كان عائقاً أمام إنجاز الانتخابات في موعدها المحدد، لكنّ الأمم المتحدة لم تفقد الأمل في أن يتفق الليبيون فيما بينهم، معلّقة آمالاً كبيرة على مفاوضات المغرب.

مواضيع ذات صلة:

هل تقود لجنة (6+6) ليبيا إلى الانتخابات أم تقوضها؟

توحيد المسار العسكري في ليبيا خطوة حاسمة نحو إنجاز الانتخابات

هل اقتربت ليبيا من حل الأزمة المستمرة منذ 2011؟



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية