توحيد المسار العسكري في ليبيا خطوة حاسمة نحو إنجاز الانتخابات

توحيد المسار العسكري في ليبيا خطوة حاسمة نحو إنجاز الانتخابات

توحيد المسار العسكري في ليبيا خطوة حاسمة نحو إنجاز الانتخابات


13/04/2023

بينما تبدو الأزمة في ليبيا تمضي نحو الانفراج عبر تحرك كافة القوى الفاعلة في الداخل نحو الاجتماعات لتصفية المشاكل فيما بينها تمهيداً لتنفيذ الاستحقاق الانتخابي، مضت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) خطوة نحو إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.

بدا ذلك من خلال عقد اللجنة العسكرية الليبية المشتركة اجتماعاً في مدينة بنغازي شرقي البلاد للمرة الأولى، بحضور الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة عبدالله باثيلي، ومشاركة قادة الوحدات العسكرية والأمنية من المناطق الغربية والشرقية والجنوبية.

اجتماع بنغازي خطوة نحو التسوية

إلى ذلك، أشاد رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عبد الله باثيلي بموقف اللجنة العسكرية من الانتخابات المرتقبة، وتعهدها بتأمينها والقبول بنتائجها، وعبّر عن أمله في أن "يكون الاجتماع العسكري والأمني لقيادات المنطقتين الغربية والشرقية قادراً على المضي قُدماً نحو اعتماد ميثاق شرف؛ يرسم معالم بيئة سياسية مواتية، تلتزم بتأمين انتخابات حرة ونزيهة في عام 2023، وتأييد نتائجها".

وقال باثيلي: إنّ "استمرار هذه الاجتماعات سيسهم في توفير أساس متين لتسوية سياسية تتوج بحل الأزمة، من خلال خلق بيئة مواتية لإجراء انتخابات شاملة وحرة ونزيهة العام الجاري".   

وطالب المبعوث الأممي بضرورة أن يتم تجنيب اللجنة العسكرية تبعات الصراع السياسي بعد المكتسبات التي حققتها، مشدداً على أنّ "هذه الاجتماعات يجب ألّا تحيد عن مسارها؛ بسبب خطابات الاستقطاب التي يميل البعض للترويج لها".

 خلال اجتماع اللجنة العسكرية الليبية المشتركة في مدينة بنغازي شرقي البلاد للمرة الأولى

مصادر ليبية تحدثت إلى "حفريات"، وأشارت إلى أنّ اجتماع بنغازي ضمّ قيادات أمنية تمثل جنوب البلاد، وذلك يُعدّ أمراً جديداً، لا سيّما أنّ تلك المنطقة هي الأكثر حاجة للأمن، وتوفير بيئة مواتية لعقد الانتخابات، بعكس باقي المناطق الشرقية والغربية.

ولفتت المصادر إلى تغيب أمراء الميليشيات المسلحة الكبيرة في طرابلس، بينما حضروا الاجتماع السابق في العاصمة طرابلس قبل أسبوعين. كما غاب أيضاً عماد الطرابلسي وزير الداخلية بالمنطقة الغربية، ورئيس جهاز دعم الاستقرار في طرابلس عبدالغني الككلي، وآمر الكتيبة (301) مشاة في مصراتة، عبد السلام زوبي.

عبد الله الغرياني: اعتدنا على أنّ المسار العسكري يكون بين (5) من القيادة العامة للجيش الليبي، و(5) من المجاميع المسلحة الحاكمة في غرب البلاد

بدوره، ينظر الكاتب الليبي عبد الله الغرياني إلى هذه اللقاءات باعتبارها جيدة، ويعتقد أنّ اللقاء الأخير في بنغازي يحمل نقاطاً مختلفة بعض الشيء. مضيفاً في تصريحاته لـ "حفريات": "اعتدنا على أنّ المسار العسكري يكون بين (5) من القيادة العامة للجيش الليبي، و(5) من المجاميع المسلحة الحاكمة في غرب البلاد، حيث العاصمة طرابلس، بيد أنّ اللقاء الأخير بدا فيه عناصر أمنية، وقادة لبعض الكتائب الأمنية الكبرى المسيطرة في طرابلس، وبعض القادة الأمنيين والعسكريين من المنطقة الشرقية، وتحديداً التابعين للقيادة العامة للقوات المسلحة، وهذه اللقاءات ظهرت للعلن منذ لقاء طرابلس الأخير، فضلاً عن كونهما عقدا في إطار رعاية البعثة الأممية، وحضور السيد عبد الله باثيلي".

ويرى الغرياني أنّ هذه اللقاءات، وبنسبة معقولة، تشي بأنّها تمثل مقاربة لإنجاز العملية الانتخابية، سواء كان ذلك في مدى منظور أو بعيد، لكن على أيّ حال يمكن البناء عليها، شرط النجاح في جهود المسار العسكري وتوحيده، بغية اصطفافه لحماية المسار الانتخابي، في حال انعقاد الانتخابات، وكذا  قبول نتائجها.

ويلفت الغرياني إلى السلطة التنفيذية وأهمية العمل على توحيدها داخل إطار حكومة تستطيع تنفيذ العملية الانتخابية، بالإشارة إلى انتهاء ولاية حكومة عبد الحميد الدبيبة، فضلاً عن رأيه بصعوبة واستحالة العملية الانتخابية في حضور الأخير، بوصفه أهم معرقلي تنفيذها، مؤكداً أهمية العمل على تحييد كافة الأطراف الفاعلة التي ساهمت في الماضي في عرقلة وإفشال الاستحقاق الانتخابي، في سياق خطة أممية واضحة المعالم؛ يتم من خلالها إنشاء سلطة تنفيذية انتقالية، أو سلطة انتقالية بحقائب وزارية محدودة وحكومة تبتعد عن المحاصصة، وتنجز مهامها لإجراء الانتخابات.  

محمد شوبار: لقاء بنغازي الذي جمع لجنة (5+5) العسكرية، وبعض قيادات المجموعات المسلحة، تمّ بتيسير من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا

ويختتم الناشط الليبي عبد الله الغرياني تصريحاته بقوله: إنّ اللقاء الثالث من المفضل، في رأيه، أن يلتئم في مدينة سرت، باعتبارها مدينة محايدة تجتمع فيها كل هذه القوى المسلحة، ربما في وجود حكومة مصغرة تعمل بكل أريحية، من منطقة محمية من الطرفين لتنظيم الانتخابات.

مخرجات الاجتماع

نحو ذلك صدر بيان عن اجتماع اللجنة العسكرية المشتركة، والقيادات العسكرية والأمنية في مدينة بنغازي، ولفت إلى أنّ الاجتماع جاء بهدف تعزيز الثقة بين القادة العسكريين والأمنيين لدعم العملية السياسية، وللمضي قُدماً في توفير بيئة مناسبة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة خلال العام الجاري، والقبول بنتائجها من كافة الأطراف.

وقد اتفق المجتمعون على النقاط التالية:

1. الالتزام الكامل بكل ما نتج عن الحوار بين اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) والقادة العسكريين والأمنيين في اجتماعي تونس وطرابلس.

2. أكد المجتمعون على استعدادهم لتقديم كافة أشكال الدعم؛ لتأمين الانتخابات بكافة مراحلها.

3. الحث على دعم جهود اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، ولجنة التواصل الليبية المنبثقة عنها في إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب.

4. البدء بإجراءات عملية؛ للبدء بمعالجة مشاكل النازحين والمهجرين والمفقودين، وضمان العودة الآمنة لهم، بالتنسيق بين الأجهزة الأمنية المعنية في مختلف مناطق ليبيا.

5. تبادل المعلومات فيما يخص المحتجزين لدى الطرفين، والبدء باتخاذ خطوات عملية لتبادل المحتجزين بأسرع وقت.

6. يقدّر المجتمعون مبادرة القيادة العامة، بالإفراج عن (6) من الموقوفين لديهم من أبناء المنطقة الغربية على قضايا أمنية.

كما تم الاتفاق على تحديد موعد الاجتماع القادم بعد شهر رمضان المبارك في مدينة سبها، جنوب البلاد.

الحاجة لوجود قيادة موحدة

من جانبه، يذهب الكاتب الليبي محمد شوبار إلى أنّ لقاء بنغازي الذي جمع لجنة (5+5 ) العسكرية، وبعض قيادات المجموعات المسلحة، تمّ بتيسير من بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، وبضغط دولي على كافة الأطراف المحلية والإقليمية الفاعلة؛ بهدف تشكيل قوة عسكرية موحدة لمواجهة وطرد القوات الأجنبية، وعلى رأسها مجموعة الفاغنر، وذلك بدوره يحتاج لوجود قيادة موحدة ومدعومة من المجتمع الدولي؛ لتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بشكل كامل، وإدارة موارد الدولة بشكل شفاف وعادل، والتمهيد والإشراف على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي يتطلع إليها قرابة (3) ملايين ليبي سجلوا في سجل الناخبين.

يتابع محمد شوبار تصريحاته لـ "حفريات"، مؤكداً أنّ عملية فرض الأمن والاستقرار في البلاد، وإنجاز العملية الانتخابية، يكمن في عنصرين رئيسيين؛ هما: خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب، والآخر جمع السلاح داخل حيز الدولة وأجهزتها الرسمية؛ ممّا يسهم في فرض الأمن، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة، تعبر عن إرادة الليبيين.

ويتفق الباحث الليبي إبراهيم الأصيفر مع التوجه نفسه، لافتاً إلى أنّ المسار العسكري يمثل أحد أهم مسارات التسوية السياسية في ليبيا، إذا لم يكن أهمها علي الإطلاق. مؤكداً في سياق تصريحات خصّ بها "حفريات" أنّ الذهاب نحو  توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، وضمها تحت سلطة مدنية موحدة، يُعدّ الضامن الوحيد للاستقرار، والذي لا تبحث عنه ليبيا فقط، إنّما كل دول الجوار والمجتمع الدولي، استجابة لكافة المتغيرات التي تعصف بالوضع السياسي والجيوسياسي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحديداً.

إبراهيم الأصيفر: تأتي الاجتماعات الداخلية للمسار العسكري، سواء التي عقدت في العاصمة طرابلس، أو في شرق البلاد ببنغازي، تكملة للاجتماعات التي حدثت المدة الماضية في جنيف وتونس؛ بهدف توحيد المؤسسات الشرطية والعسكرية

إلى ذلك، تأتي الاجتماعات الداخلية للمسار العسكري، سواء التي عقدت في العاصمة  طرابلس، أو في شرق البلاد ببنغازي، تكملة للاجتماعات التي حدثت المدة الماضية في جنيف وتونس؛ بهدف توحيد المؤسسات الشرطية والعسكرية، وتأكيد تبعيتها للسلطة المدنية الموحدة، والتي ستكون مكملة لبعضها البعض؛ بهدف تحقيق الاستقرار والتنمية والنمو الاقتصادي. لذا سيصبح من المنطقي عند توحيد المؤسسة العسكرية والشرطية أن يتم دمج كل القوات الموازية شرقاً وغرباً وجنوباً، وتبعيتها لقيادة أركان موحدة، تتبع السلطة المدنية، وبالتالي إنجاز العملية الانتخابية في أقرب الآجال.

 




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية