هل تمزق أوكرانيا الحلف بين الصين وروسيا؟

هل تمزق أوكرانيا الحلف بين الصين وروسيا؟


12/03/2022

ترجمة: محمد الدخاخني

قد يكون قرار الصّين بالامتناع عن التّصويت في مجلس الأمن الدوليّ، الذي يدين الغزو الرّوسيّ لأوكرانيا، مصدر إحباط عميق في الغرب، لكنّه سيُرسل أيضاً هزّة عصبيّة عبر وزارة الخارجيّة الرّوسيّة مفادها أنّ حماية الصّين ليست غير مشروطة.

كان الدّبلوماسيّون المقيمون في المملكة المتّحدة، وقد نظروا إلى الموقف الذي اتّخذته الصّين، يتوقّعون أن تنضمّ بكين إلى روسيا في التّصويت ضدّ الاقتراح الذي ترعاه الولايات المتّحدة، لكن، مثل الإمارات العربيّة المتّحدة والهند، امتنعت الصّين عن التّصويت، وتركت روسيا معزولة في استخدام حقّ النّقض كعضو دائم في مجلس الأمن.

اقرأ أيضاً: توتر بين الصين وتركيا.. ما علاقة الإيغور والأكراد؟

على أحد المستويات، يمثّل التّصويت الخطّ الأقلّ مقاومة للصّين، ويُمكن اعتباره بمثابة عودة إلى سلامة الدّعم الصّيني طويل الأمد لحرمة الحدود، والدّعوة إلى عدم التّدخل في شؤون الدّول ذات السّيادة، لكن هناك دلائل أوليّة على أنّ الصّين غير مرتاحة في أن يُنظر إليها على أنّها تُدافع عن أساليب بوتين، والاضطراب المحتمل للاقتصاد العالميّ.

الألعاب الأولمبيّة الشّتويّة

ربما أظهر بوتين احترامه للصّين، من خلال تأخير الغزو إلى ما بعد الألعاب الأولمبيّة الشّتويّة، لكنّ الصّين لم تُستَشر بشأن الغزو. سخر الدّبلوماسيّون الصّينيّون من توقّعات حدوث غزو، وتركوا العديد من المواطنين في مواقعهم. كانت اتفاقيّة الشّراكة الأعمق، الموقّعة مع روسيا في 4 شباط (فبراير)، يوم افتتاح أولمبياد بكين الشّتويّة، مبنية على عدم الغزو. والصّين تستفيد من النّظام العالميّ القائم، وتجد عدم الاستقرار مُقلِقاً، قد تفيد احتماليّة استبعاد روسيا من نظام الدّفع "سويفت" الجهود الصّينيّة لبناء بديل، لكنّ الاضطراب قصير الأجل مثير للقلق.

الصّين لم تُستَشر بشأن الغزو

كان ملحوظاً، على سبيل المثال، أنّ روسيا عرضت محادثات رفيعة المستوى مع أوكرانيا في مينسك، وإن كان ذلك بشروط غير مقبولة، بعد محادثة بين بوتين والرّئيس شي جين بينغ.

في غضون عشرة أعوام، ستكون أوروبا قد حرّرت نفسها من الاعتماد على الغاز والنّفط الرّوسيّ، أصبح ذلك أمراً ملحّاً في روما وبرلين، وسوف تعتمد روسيا على الصّين كعميل

قبل التّصويت، تلقّى وزير الخارجيّة الصّينيّ ثلاث مكالمات من وزيرة الخارجيّة ليز تروس، ومنسّق السّياسة الخارجيّة بالاتّحاد الأوروبيّ جوزيب بوريل، وإيمانويل بون، المستشار الدّبلوماسيّ للرّئيس إيمانويل ماكرون. وقالت الصّين في تلك المكالمات إنّها تكرّر دعمها لعدم التّدخّل وميثاق الأمم المتّحدة، لكنّها تعرب أيضاً عن تعاطفها مع شعور روسيا بأنّها مهدّدة من قِبل جولات توسّع حلف شمال الأطلسيّ الخمس المتتالية.

الصين ترفض تسمية "غزو"

لكن حتّى لو حرَفت الصّين موقفها برفضها بإصرار وصف تصرفات بوتين بأنّها غزو، فقد اقتربت من إدراج روسيا في انتقاداتها.

أكّدت الصّين؛ أنهّ "من الضّروريّ للغاية أن تمارس جميع الأطراف ضبط النّفس الضّروريّ من أجل منع تدهور الوضع في أوكرانيا أو حتّى خروجه عن السّيطرة. يجب حماية سلامة أرواح النّاس العاديين وممتلكاتهم بشكل فعّال، وعلى وجه الخصوص، يجب منع الأزمات الإنسانيّة واسعة النّطاق"، وقالت إنّ أوكرانيا يجب أن تكون جسراً للتّواصل بين الشّرق والغرب، وليس خطّ مواجهة بين الدّول الكبرى، وهذا يعني ضمنياً أنّ الصّين تفضّل أن تكون أوكرانيا دولة محايدة.

اقرأ أيضاً: كيف أصبحت الصين الهدفَ الجديد للجهاديين؟

يكمن الخطر بالنّسبة إلى روسيا في أنّه إذا نزلت إلى وضع المنبوذ، فسوف تُترك كمتوسلة للصّين، بدلاً من كونها شريكة مستقبليّة معها. في غضون عشرة أعوام، ستكون أوروبا قد حرّرت نفسها من الاعتماد على الغاز والنّفط الرّوسيّ، أصبح ذلك أمراً ملحّاً في روما وبرلين، وسوف تعتمد روسيا على الصّين كعميل.

يكمن الخطر بالنّسبة إلى روسيا في أنّه إذا نزلت إلى وضع المنبوذ، فسوف تُترك كمتوسلة للصّين

هناك خطر آخر على روسيا، تفخر الصّين بنفوذها في أفريقيا، وقد صوّت جميع الممثّلين الأفارقة في مجلس الأمن ضدّ روسيا، فعل السّفير الكينيّ ذلك من خلال الإصرار على أنّه عارض التّدخّلات العسكريّة الغربيّة السّابقة، ومزيد من الاختبارات الأوسع للرّأي الأفريقيّ وشيكة.

ماذا تغيّر؟

تريد واشنطن اختبار مسؤوليّة روسيا بشكل أكبر أمام الجمعيّة العامّة المكوّنة من 193 عضواً، والتي يصوّت فيها جميع الأعضاء، يتشكّل الآن تحالف واسع وراء قضيّة أوكرانيا. في نقاش سابق، دانت دول، من جواتيمالا إلى تركيا إلى اليابان، احتضان روسيا للجمهوريّتين الانفصاليّتين المزعومتين، أو أعربت عن دعمها لأوكرانيا.

ربما أظهر بوتين احترامه للصّين، من خلال تأخير الغزو إلى ما بعد الألعاب الأولمبيّة الشّتويّة، لكنّ الصّين لم تُستَشر بشأن الغزو، وسخر الدّبلوماسيّون الصّينيّون من توقّعات حدوث ذلك

عام 2014، بعد احتلال روسيا لشبه جزيرة القرم، تبنّت الجمعيّة العامّة قراراً يُعلن بطلان استفتاء روسيا في شبه جزيرة القرم، حصل على 100 صوت لصالحه، و11 ضدّه، وامتنعت 58 دولة عن التّصويت، بينما لم تصوّت 24 دولة. ستكون القضايا مختلفة قليلاً إذا كان هناك تصويت آخر، لكنّ الغزو الحاليّ أكثر وضوحاً من نظيره، عام 2014، ووسائل التّواصل الاجتماعيّ أكثر نفوذاً والصّين، بمكانتها المتنامية على المسرح العالميّ، تجد صعوبة في التّخفي، مع قوةٍ أكبر ربما تأتي مسؤوليّة أكبر.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

باتريك وينتور، الغارديان، 2022

https://www.theguardian.com/world/2022/feb/27/ukraine-what-will-china-do-there-are-signs-it-is-uneasy-about-putins-methods




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية