هل تكشف الانتخابات المبكرة في باكستان الحجم الحقيقي للإخوان؟

هل تكشف الانتخابات المبكرة في باكستان الحجم الحقيقي للإخوان؟


07/04/2022

شهدت باكستان أسبوعاً حافلاً بالأحداث، انتهى بنجاح رئيس الوزراء، عمران خان، في إحباط مساعي خصومه، وعلى رأسهم الذراع السياسية للإخوان، المتمثلة في الجماعة الإسلاميّة الباكستانيّة، وأميرها سراج الحق، والتي كانت تستهدف سحب الثقة من حكومته.

كان أمير الجماعة الإسلاميّة قد دشن أسبوعاً من الاحتجاجات المكثفة، مطالباً رئيس الوزراء، في كلمة ألقاها أمام حشد في منطقة مينجورا بسوات، بالاستقالة بشرف، على حد وصفه.

اقرأ أيضاً: عمران خان يطالب بحل البرلمان الباكستاني ويتهم واشنطن بالتآمر

واستبق سراج الحق، جلسة سحب الثقة في البرلمان، مؤكداً أنّ عمران خان انتهى، زاعماً في كلمة ألقاها أمام اجتماع عام في تمار غارا تهسيل، أنّ رئيس الوزراء سوف يتعرض عقب إقالته للمساءلة القانونيّة.

سراج الحق وصف الحكومة بأنّها عصابة من اللصوص، وأنّه لا يوجد إمكانية لتغيير النظام في ظل وجودها، زاعماً أنّ زمن الاستشهاد السياسي قد ولى. مضيفاً: "الحكومة كالمصباح الخافت، والجدار المتساقط من تلقاء نفسه، بسبب عدم كفاءتها، الحكومة، التي تزيد من مشاكل الناس كل يوم، تواجه الآن مشاكل خطيرة".

 رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان

أمير الجماعة الإسلاميّة قال إنّ موسم الصيد بدأ برئيس الوزراء أولاً، واتهم عمران خان بإساءة استخدام المصطلحات القرآنيّة والإسلاميّة، وإغراق البلاد في الخمر والإباحية والعري والفساد والربا، وأنّ سياساته تسببت في انتشار البطالة.

سارع زعيم الإخوان، سراج الحق، إلى مطالبة المحكمة العليا بالتدخل، زاعماً أنّ هذا التدخل هو الضامن لسيادة الدستور، في ظل الأزمة السياسيّة الحالية

ولم يتطرق أمير الإخوان إلى مسؤولية جماعته عن إرباك البلاد، إثر متاجرته بقضايا الشباب، وتدشينه اعتصامات وتظاهرات متتالية، وبصورة شبه يومية، دون الوضع في الاعتبار تردي الحالة الوبائيّة في البلاد، وكذا الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها إسلام آباد، نتيجة لعدة تداعيات إقليميّة ودوليّة، وبالطبع فقد غلّف زعيم الإخوان رؤيته السياسيّة الهشة، بغطاء ديني أشبه إلى الخطاب التكفيري؛ لحشد وتجييش البسطاء، وجني ثمار ذلك سياسياً.

فشل جلسة سحب الثقة

من جهتها، رفضت الجمعية الوطنية الباكستانيّة (البرلمان)، في الثالث من نيسان (أبريل) الجاري، مذكرة حجب الثقة المقدمة من المعارضة، وأُلغيت جلسة التصويت، حيث أكّد أسد قيصر، نائب رئيس البرلمان، أنّ التصويت على سحب الثقة من عمران خان غير دستوري، كما استند قاسم خان سوري، النائب الثاني لرئيس البرلمان، إلى المادة الخامسة من الدستور، ليؤكّد على بطلان جلسة التصويت.

سامح مهدي: إنّ أيّ انتخابات مبكرة، سوف تكشف حجم الإخوان الحقيقي في المشهد السياسي الباكستاني، لذلك يسعى أمير الجماعة الإسلاميّة نحو تغيير القوانين الانتخابيّة

وأفادت تقارير أنّ رئيس الوزراء طالب عقب بطلان جلسة التصويت بحل البرلمان، والدعوة إلى انتخابات تشريعيّة مبكرة في أسرع وقت، بعد أن فقد حزبه حركة الإنصاف (PTI) الحاكم أغلبيته في الجمعية الوطنية.

اقرأ أيضاً: الإمارات تخفف معاناة الباكستانيين... حملات علاج تجوب القرى

من جهته، سارع زعيم الإخوان، سراج الحق، إلى مطالبة المحكمة العليا بالتدخل، زاعماً أنّ هذا التدخل هو الضامن لسيادة الدستور، في ظل الأزمة السياسيّة الحالية، وقال سراج الحق في بيان رسمي، إنّه "يناشد القضاء الأعلى، إصدار قرار في الوقت المناسب؛ لضمان إجراء الانتخابات". وأضاف: "يجب إلغاء التعديلات الانتخابيّة المثيرة للجدل، التي أدخلتها حركة الإنصاف الباكستانية الحاكمة، مطالباً بأن يؤخذ في الاعتبار مقترحات جميع الأحزاب السياسيّة؛ لإصلاح القوانين الانتخابيّة، زاعماً أنّ الدولة بأكملها في خطر، بسبب الإجراءات غير الدستوريّة، وأنّ الناس مرتبكون، وكل الأنظار تتجه إلى المحكمة العليا.

مساعي الإخوان لتغيير القانون الانتخابي

من جانبه، قال الدكتور سامح مهدي، أستاذ الفكر السياسي، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، إنّ أمير الجماعة الإسلاميّة بات منزعجاً من حل البرلمان؛ فأيّ انتخبات مبكرة، سوف تكشف حجم الإخوان الحقيقي في المشهد السياسي الباكستاني، ومن ثم فهو يسعى نحو تغيير القوانين الانتخابيّة، نظراً لعجز جماعته عن استيفاء الشروط الموضوعيّة؛ لتحقيق مشاركة سياسيّة فعالة في ظل القانون الحالي.

سامح مهدي: أمير الجماعة الإسلاميّة بات منزعجاً من حل البرلمان

ولفت مهدي إلى دلالة تصريحات سراج الحق الأخيرة، والتي كرر فيها عبارة أنّ "سيادة القانون فقط، هي التي يمكن أن تنقذ باكستان". وبالطبع فهو يقصد القانون الانتخابي الذي تسعى جماعته إلى تشريعه، من أجل محاصصة حزبيّة، تضمن لجماعته تمثيلاً نسبياً في الجمعيّة الوطنيّة، كما إنّه يستخدم من آن إلى آخر نظرية المؤامرة، وهو ما يُفهم من تصريحاته الأخيرة التي زعم فيها أنّ "إضعاف باكستان وجعلها ضحية للاضطراب السياسي، هو أجندة عالمية". وأضاف: "الجماعة الإسلاميّة، كما هو الحال دائماً، تعارض أيّ نوع من التدخل الخارجي في شؤون البلاد، وتريد إجراء انتخابات حرة، مع إصلاحات انتخابية".

أمير الجماعة الإسلاميّة دشن دعايته الانتخابيّة مبكراً، مطالباً الشعب الباكستاني بإنقاذ دولة المدينة المنورة، ونظام المصطفى، على حد تعبيره

وكان سراج الحق قد هاجم كل مكونات المشهد السياسي الباكستاني، إذ قال إنّ "الحكومة والمعارضة، وجميع اللاعبين في هذه اللعبة، قد فشلوا في تحكيم القانون"، كما ادعى أنّ الدستور والتقاليد الديمقراطية، لم يتم الالتزام بها في البلاد، وأنّ رفع الأمر إلى المحكمة العليا؛ أصبح بمثابة إعلان فشل للسياسييّن، مؤكداً بحسب مصادر محلية باكستانيّة، أنّ جميع القوى الكبرى الثلاث في البلاد، تعتمد على المؤسسة القضائيّة، وأنّ المشهد السياسي برمّته في إسلام آباد، لا يؤدي إلى تحقيق مصلحة الشعب، بل من أجل تحقيق المصالح الشخصية.

 

اقرأ أيضاً: الحرب الروسية الأوكرانية... هل بوسع باكستان والهند تحمّل البقاء على الحياد؟

وسرعان ما استخدم سراج الحق أسلوباً دعائياً، حين زعم أنّ الخيار الوحيد أمام الشعب الباكستاني هو انتخاب الجماعة الإسلامية، مدعياً أنّ الجماعة الإسلامية هي حقاً المنقذ الوحيد للبلاد، دون أن يشرح حيثيات ذلك، بل ورفض بإصرار إعطاء المزيد من الفرص لحكام البلاد، الذين ادعى أنّه تم اختبارهم وفشلوا جميعاً.

كان سراج الحق قد هاجم كل مكونات المشهد السياسي الباكستاني

أمير الجماعة الإسلاميّة دشن دعايته الانتخابيّة مبكراً، مطالباً الشعب الباكستاني بإنقاذ دولة المدينة المنورة، ونظام المصطفى، على حد تعبيره. وكثّف من لهجته الخطابيّة، حيث قال إنّ العبيد سوف يكسرون السلاسل، من أجل غاية سامية، هي تكوين دولة الرفاه الإسلاميّة. وأضاف: "هناك 220 مليون شخص في البلاد، هم من العبيد، بسبب هؤلاء السياسيين، لقد حُكمت البلاد من قبل النخبة المستبدة، على مدى الـ 70 عاماً الماضية، فأصبحت باكستان تحت سيطرة المافيا".


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية