هل تتجه أوروبا إلى مواجهة أكبر مع الحرس الثوري الإيراني؟

هل تتجه أوروبا إلى مواجهة أكبر مع الحرس الثوري الإيراني؟

هل تتجه أوروبا إلى مواجهة أكبر مع الحرس الثوري الإيراني؟


12/01/2023

ترجمة: محمد الدخاخني

ربما يمكن أن يُغفَر لوزير خارجيّة المملكة المتّحدة، جيمس كليفرلي، حرصه على إظهار موقف صارم تجاه إيران، لكنّ تعليقاته الأخيرة تُشير إلى أنّ هناك حاجة إلى بعض الإيضاحات بشأن سياسة المملكة المتّحدة.

في مشاركةٍ عبر الإنترنت حول السّياسة الخارجيّة الأسبوع الماضي، أعلن كليفرلي أنّ المملكة المتّحدة فرضت عقوبات على «الحرس الثّوري الإيرانيّ» بكلّ أجهزته. ولتعزيز هذه النّقطة، غرّدت وزارة الخارجيّة: «تُخضع المملكة المتّحدة «الحرس الثّوريّ الإيرانيّ» بأكمله للعقوبات. سنحاسب طغاة إيران».

في الواقع، فإنّ إجراءات المملكة المتّحدة الشّاملة ضدّ «الحرس الثّوريّ الإيرانيّ» تأتي تحت مظلّة المحادثات النّوويّة بشأن «خطّة العمل الشّاملة المشتركة» فحسب. وكما أشارت أليسيا كيرنز، زميلة كليفرلي ورئيسة لجنة الشّؤون الخارجيّة بـ«مجلس العموم»، بعد مقطع الفيديو الخاصّ به، فإنّ «خطّة العمل المشتركة الشّاملة» ألغت تلك العقوبات تحديداً لهذا العام. كما أنّ تصريح كليفرلي لا يرقى إلى مستوى مطالب البعض بوضع «الحرس الثّوريّ الإيرانيّ» على قوائم المنظّمات الإرهابيّة.

ما أبرزته الواقعة هو صرامةٌ في خطاب الّسياسيّين الغربيّين حول «الحرس الثّوريّ الإيرانيّ». والحديث الصّارم يشير على الأقلّ إلى ضرورة اتّخاذ إجراء حاسم.

 كشفت السلطات البريطانية عشر محاولات إيرانيّة لخطف أو قتل نشطاء على الأراضي البريطانيّة في عام 2022 وحده

الاحتجاجات الجماهيريّة والرّد الوحشيّ للسّلطات منذ وفاة مهسا أميني (22 عاماً)، التي كانت محتجزة بتهمة عدم ارتداء الحجاب بشكل صحيح، أدّت إلى تغيير المناخ الدّبلوماسيّ نحو إيران.

شَهِدت إراقة الدّماء التي عاشتها إيران في أحدث موجة من التّظاهرات والقمع ضغوطاً متزايدة على السّياسيّين لإظهار ردّ فعل أقوى. يُضغَط على وزراء الحكومة للنّظر مجدّداً في سياسة «الحرس الثّوريّ الإيرانيّ».

في الأسبوع الماضي فقط، أقرّ البرلمان الهولنديّ والبرلمان الألمانيّ اقتراحات تطالب بتصنيف «الحرس الثّوريّ الإيرانيّ» منظّمةً إرهابيّة. ويُعتقد أنّ الائتلاف الحاكم في برلين يتّفق مع هذه الخطوة. كما وقّع 43 عضواً من أكبر حزب في ألمانيا، «الحزب الاشتراكيّ الدّيمقراطيّ»، خطاباً مفتوحاً يُطالب بهذه الخطوة.

الحفاظ على خيط مع "حزب الله"

ردّاً على ذلك، أزالت الحكومة الألمانيّة ضمانات ائتمان الصّادرات من التّجارة الإيرانيّة. وتروّج للقضيّة على مستوى «الاتّحاد الأوروبيّ»، لكن خطواتها تشهد مقاومة، ليس أقلّها من فرنسا، التي تحاول الحفاظ على اتّصالاتها مع «حزب الله». بما أنّ حظر «الحرس الثّوريّ الإيرانيّ» من شأنه يؤثّر على «حزب الله»، فرع الميليشيا الإيرانيّة في لبنان، فإنّ ذلك يعني أنّ الدّور الفرنسيّ في التّوسّط بين التّوترات هناك من شأنه أن يُحبَط.

يجب على صانعي السّياسة أن ينظروا إلى «الحرس الثّوريّ الإيرانيّ» باعتباره نقطة الحشد بالنّسبة إلى أيديولوجيا عنيفة ومتطرّفة لها تداعيات خارج نطاق نفوذ إيران المباشر

ولم يَعُد التّمييز بين الأنشطة السّياسيّة والنّشاطات المسلّحة شيئاً يمكن الإبقاء عليه.

في حين أنّ المملكة المتّحدة تتمتّع بحرّيّة أكبر في التّصرّف، فقد ركّزت إجراءاتها، ردّاً على الاضطرابات، على القضاة وكبار الشّخصيات كأفراد وكذلك شركات «الحرس الثّوريّ الإيرانيّ» حتّى الآن في هذه العمليّة.

يُحاجج كسرى أعرابي، وهو محلّل في «معهد توني بلير» في لندن، بأنّه على الغرب ككلّ أن يحظر «الحرس الثّوريّ الإيرانيّ»، ولا يعتمد على العقوبات بشكل جزئيّ. من شأن هذا أن يأتي في أعقاب الخطوة التي اتّخذتها الولايات المتّحدة في عام 2019 عندما صنّفت «الحرس الثّوريّ الإيرانيّ» منظّمةً إرهابيّةً أجنبيّة.

لن يكون من الصّعب سرد أسباب اتّخاذ مثل هذه الخطوة. من هجمات شرق أوسطيّة على ناقلات نفطيّة تجاريّة في مضيق هرمز، إلى هجمات عبر الحدود، إلى بيع طائرات من دون طيّار، أو تأسيس مصانع قنابل، والقيام بعمليّات اغتيال سرّيّة في أوروبا.

أقرّ البرلمان الهولنديّ والبرلمان الألمانيّ مؤخراً اقتراحات تطالب بتصنيف «الحرس الثّوريّ الإيرانيّ» منظّمةً إرهابيّة. ويُعتقد أنّ الائتلاف الحاكم في برلين يتّفق مع هذه الخطوة

في وقت سابق من هذا العام، كان هناك ردّ فعل سياسيّ ضئيل بشكل مفاجئ في المملكة المتّحدة عندما قال رئيس وكالة المخابرات المحلّيّة، «إم آي فايف»، إنّ الوكالة كشفت عشر محاولات إيرانيّة لخطف أو قتل نشطاء على الأراضي البريطانيّة في عام 2022 وحده. مثل هذه الملاحظات تبني خلفيّةً للعمل وهذا ما يجب أن نتوقّعه في عام 2023.

أيديولوجيا معادية للدّول الغربيّة

يوضّح أعرابي نقطة أعمق حول «الحرس الثّوريّ الإيرانيّ»، وهي أنّه ليس مجرّد طليعة خُلقت لحماية النّظام من خطر الإطاحة به. إنّه القلب بالنّسبة إلى أيديولوجيا معادية للدّول الغربيّة. يجب أن يرى المسؤولون هذا الجانب الثّابت في المجموعة وأن يتصرّفوا وفقاً لذلك.

كتب أعرابي في تقرير مؤثّر لـ«معهد توني بلير» في عام 2020:

«يجب على صانعي السّياسة أن ينظروا إلى «الحرس الثّوريّ الإيرانيّ» باعتباره نقطة الحشد بالنّسبة إلى أيديولوجيا عنيفة ومتطرّفة لها تداعيات يتردّد صداها خارج نطاق نفوذ إيران المباشر. يلتزم «الحرس الثّوريّ الإيرانيّ» بما يشير إليه بالتّدريب «الأيديولوجيّ السّياسيّ» للمجنّدين. وتُعدّ النّظرة التي يؤطّر هذا التّدريب فيها متطرّفة وعنيفة».

لوحة جدارية في طهران تصور عناصر من الحرس الثوري في مياه الخليج العربي

كشفت الأبحاث التي أجريت في ذلك الوقت عن الصّلة المباشرة بين نشاط التّلقين العقائديّ هذا - المشترك بين الجماعات الإرهابيّة - ومكتب المرشد الأعلى الإيرانيّ، الذي لديه خليّة في «الحرس الثّوريّ الإيرانيّ» لهذا الغرض.

ويعتقد أعرابي «أنّ الحرس يستخدم التّلقين لردكلة مجنّديه بأيديولوجيا متشدّدة. إنّه لا يدعو فقط لقتل الإيرانيّين الذين يعارضون النّظام من خلال تعذيبهم قبل موتهم».

ويضيف: «طريقة عمل «الحرس الثّوريّ الإيرانيّ» هي: الإرهاب، واحتجاز الرّهائن، والخطف».

سيكون التّمييز بين «الحرس الثّوريّ الإيرانيّ» والشّعب الإيرانيّ خطوة رمزيّة قَيّمة مع انتقال الأحداث في إيران إلى نقطة حاسمة.

بالنّسبة إلى قادة مثل كليفرلي اعتقدوا مؤخّراً وبشكل نسبيّ أنّ التّطبيع مع إيران خيار متاح، فإنّ البلاد تُثار أكثر فأكثر في الأماكن العامّة والخاصّة. والإشارات السّلبيّة من وزير خارجيّة المملكة المتّحدة تجاه طهران ازدادت قوّة.

من المؤكّد أنّ هذا العام سيشهد المزيد من الإجراءات العقابيّة ضدّ إيران ويبدو أنّ الحظر من بين الأدوات التي يمكن أن تضعها المملكة المتّحدة وأصدقاؤها على جدول الأعمال.

مصدر الترجمة عن الإنجليزية:

داميان ماكلروي، ذي ناشونال، 4 كانون الثّاني (يناير) 2023



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية