هل أصبح الاتفاق النووي مع إيران وشيكاً.. ما علاقة الأزمة الأوكرانية؟

هل أصبح الاتفاق النووي مع إيران وشيكاً.. ما علاقة الأزمة الأوكرانية؟


06/03/2022

في خطوة جديدة نحو إطار المساعي الدولية؛ التي تهدف صوب التوصل إلى تفاهم بشأن الاتفاق النووي الإيراني، بدأ المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذريّة، رافايل غروسي، أمس، محادثات مع إيران؛ إذ التقى الأخير مع رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذريّة، محمد إسلامي، فيما يعتزم لقاء وزير الخارجية، حسين أمير عبداللهيان، في وقت لاحق.

انطلقت المحادثات بين المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذريّة، رافايل غروسي، السبت مع الجانب الإيراني، وسط أجواء من التفاؤل الحذر؛ بإمكان التوصل إلى تفاهم بشأن الاتفاق النووي.

الغموض يكتنف التصريحات

في سياق متصل، قال المتحدث باسم المنظمة الإيرانية، بهروز كمالوندي، في تصريحات للتلفزيون الرسمي؛ "نتوقع أن تتم مراجعة المسائل بيننا وبين الوكالة، وأن يحصل تفاهم بشأن الطريقة؛ التي ستتم من خلالها متابعة المواضيع المختلفة".

بينما قال الاتحاد الأوروبي إنّ المحادثات بشأن الملف النووي الإيراني، بلغت "المراحل النهائية"، لكن "النجاح غير مضمون"، وأكدت واشنطن أنّه "من الممكن التوصل قريباً" لاتفاق؛ بشرط حل نقاط شائكة، لا تزال عالقة، محذرة من نفاذ الوقت.

 

مهدی عقباني: العالم يترقب نتائج المفاوضات، في‌ الجولة الثامنة من المحادثات المستمرة منذ 10 أشهر، بدون الوصول إلی نتائج محددة

 

إلى ذلك، حذّر دبلوماسيون يستعدون لختام المفاوضات النووية مع إيران، من أنّه لا ضمانات لحدوث تقدم في المحادثات، حيث قال الدبلوماسي الأوروبي إنريكي مورا، الذي ينسق المفاوضات مع إيران والولايات المتحدة في فيينا، إنّ المحادثات الهادفة لاستعادة الاتفاق النووي، الذي تم التوصل إليه في العام 2015، وصلت مراحلها النهائية، ولكن بعض القضايا لا تزال دون حل، بحسب تصريحات إعلامية لوكالة الأنباء الألمانية.

اقرأ أيضاً: قبل الردع النووي: هل استخدمت روسيا أسلحة "محرّمة" في أوكرانيا؟

من جهتها، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذريّة، في تصريحات يوم الخميس الماضي، إنّ مخزون اليورانيوم المخصب لدى إيران، تجاوز الحد المسموح به، بموجب اتفاق العام 2015، بين طهران والقوى الكبرى، بأكثر من 15 مرة.

إيران شدّدت على أولوية رفع العقوبات، التي فرضت عليها بعد الانسحاب الأمريكي،  والتحقق من هذا الرفع بشكل عملي، ونيل ضمانات بعدم تكرار الولايات المتحدة انسحابها من الاتفاق. وفي المقابل، تركز الولايات المتحدة والأطراف الأوروبية، على عودة إيران لاحترام كامل التزاماتها في الاتفاق.

الاتفاق النووي بين إيران، وكل من الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وروسيا، والصين، وألمانيا، سعت من خلاله الدول الغربية، إلى ضمان عدم تطوير طهران لسلاح ذري، بيد أنّ مفاعيل الاتفاق باتت في حكم اللاغية، منذ انسحاب واشنطن أحادياً منه، في العام 2018، وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران، ما دفع الأخيرة إلى التراجع تدريجياً عن غالبية التزاماتها النووية الأساسيّة.

 

اقرأ أيضاً: مقايضات أنقرة بعد كشف مخطط إيراني لاغتيال إسرائيلي في تركيا

في هذا السياق، يشير مهدي عقباني، عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، إلى أنّ العالم يترقب نتائج المفاوضات، في‌ الجولة الثامنة من المحادثات المستمرة منذ 10 أشهر، بدون الوصول إلی نتائج محددة، سواء إحياء الاتفاق النووي لعام 2015، أو رفع العقوبات المفروضة على نظام الملالي في ايران.

يتابع عقباني تصريحاته لــ "حفريات" مؤكداً أنّه يوجد في‌ مواقف المتفاوضين، قدر كبير من التناقض والغموض؛ وهي أجواء انعكست على الإعلام الغربي. وفي الجانب الأمريكي، أعلن البيت الأبيض عن قرب عقد اتفاق مع إيران، مؤكداً في الوقت ذاته أنّه يحتاج إلى مزيد من العمل، وأنّ الأولوية لأيّ اتفاق تكمن في منع إيران من امتلاك سلاح نووي.

اتفاق جديد أم إحياء للاتفاق القديم؟

كشفت ستيفاني القاق، كبيرة مبعوثي بريطانيا، حول محادثات إيران النووية، أنّ المباحثات غير المباشرة الجارية بين طهران والولايات المتحدة، تهدف إلى إحياء اتفاق العام 2015، وأنّ الأمور تقترب من التوصل إلى اتفاق.

ومن جانبه، تحدث وزير الخارجية الإيراني أمير عبد اللهيان، عن تقدم المباحثات، معرباً عن رضاه عنها، في الوقت الذي قال فيه، علي شمخاني، أمين سر المجلس الأعلى للأمن، إنّ الاتفاق الذي لا يرفع العقوبات، لن يكون أساساً لاتفاق جيد.

کما کشف النائب في البرلمان الإيراني، محمود نبويان، عن تنازلات إيرانية في مفاوضات فيينا، واعتبر أنّ الاتفاق الذي سوف يتم توقيعه في الأيام المقبلة، لن يلبي توصيات البرلمان ومطالب الشعب.

وجدان عبدالرحمن: طهران أنفقت مبالغ طائلة على تخصيب اليورانيوم، سواء بنسبة 20% أو 60 %، وكذا أجهزة الطرد المركزي، غير أنّ ما ستحصل عليه من الاتفاق، لن يضاهي التكلفة

لا تخفي التصريحات المتضاربة، وتسريبات وسائل الإعلام الإيرانية، حقيقة الوصول إلى الدقيقة التسعين من المباراة، ما يطرح سؤالاً حول أجواء الغموض والشك، في تصريحات أطراف الملالي.

 

اقرأ أيضاً: ما العقوبات التي رفعتها أمريكا عن إيران؟ ومتى ستُستأنف مفاوضات فيينا؟

وتتراوح أسباب ذلك بين احتمالين لا ثالث لهما، إمّا استمرار محاولات الولي الفقيه، من أجل الحصول على امتيازات من الجانب الآخر، أو خوفه من عواقب قرار اتخذه بالفعل، ويحاول تأخير إعلان ذلك قدر ما يستطيع، لتقييم الردود المحتملة، ومعالجة الحساسيات.

نظام الملالي في أزمة

يتابع عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية  تصريحاته، لافتاً إلى أنّه في الحالتين، يتكشف ضعف موقف الولي الفقيه، الذي يقف على مفترق طرق، ذلك أنّه إذا رد سلباً على الاتفاق، فإنّه يواجه الاختناق الاقتصادي والانفجار، الذي ينجم عنه، سيّما وهناك الملايين الذين يعيشون تحت خط الفقر، والضغوط المعيشية المتزايدة، وإذا رضخ للاتفاق، وتجرع كأس السم، لا يستطيع الرد على عناصر نظامه، التي تعتبر التخلي عن مقومات السلطة خيانة واستسلاماً. والأهم من ذلك، كيف يتجاوب مع مطالب الشعب، التي امتنع حتى الآن عن الاستجابة لها؛ بحجة العقوبات.

يواجه نظام الملالي في الحالتين خطراً واحداً، وعدواً شرساً هو الشعب والمقاومة، العدو الذي يتحدى  بشعار "عدونا هنا"، ويدعوه إلى الساحة، وفي ذلك تفسير لعدم قدرة الولي الفقيه على اتخاذ قراره الصعب.

من جانبه يقول الباحث في الشأن الإيراني، وجدان عبدالرحمن، في تصريحات خصّ بها "حفريات"، إنّ كلاً من إيران والولايات المتحدة الأمريكية، لديها رغبة في الوصول لمحددات اتفاق حول الأسلحة النووية، لافتاً إلى أنّ كلا البلدين يدركان تماماً، أنّ الخطوة التالية ينبغي أن تتمم باتفاق؛ حيث إنّ واشنطن لا ترغب في بؤرة توتر جديدة، وتحتاج لفرض الاستقرار داخل الشرق الأوسط، حتى تستطيع مواصلة إدارة الصراع مع روسيا والصين، ومن ناحية أخرى، يرغب النظام الإيراني أيضاً، في تجنب الابتعاد عن سياق العقوبات، وتداعياته السلبية على بنية الحكم.

 

اقرأ أيضاً: رفع العقوبات عن إيران، رسائل خاطئة أم مؤامرة مقصودة؟

وبالسؤال عن أوجه الاستفادة المحتملة، من توقيع إيران الاتفاقية النووية، أشار المحلل السياسي وجدان عبدالرحمن، إلى أنّ طهران أنفقت مبالغ طائلة على تخصيب اليورانيوم، سواء بنسبة 20% أو 60 %، وكذا أجهزة الطرد المركزي، غير أنّ ما ستحصل عليه طهران من الاتفاق، لن يضاهي التكلفة، وبالتالي لا استفادة واضحة من الناحية الاقتصادية والمالية.

يردف عبدالرحمن، مؤكداً أنّ الاستفادة الحقيقة؛ ستكون لصالح تثبيت أركان النظام والميليشيات التابعة له.

ويختتم الباحث في الشأن الإيراني تصريحاته، بقوله إنّه يميل إلى ترجيح قيام النظام الإيراني بالرضوخ، في نهاية الأمر، للمطالب الغربية، خاصّة بعد ارتفاع منسوب القلق في النظام العالمي، وتفجر الصراع بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية عبر أوكرانيا.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية