هكذا حوّل أردوغان دبلوماسييه إلى مافيات لاختطاف المعارضين

هكذا حوّل أردوغان دبلوماسييه إلى مافيات لاختطاف المعارضين


07/01/2021

يتقاسم النظامان التركي والإيراني سجلاً حافلاً بالانتهاكات الحقوقية، خاصة، في ما يتصل بقوى المعارضة في الخارج، لا سيما وأنّ كليهما راكم قاعدة، ليست بالهينة، تنشط في عدد من الدول، لنبذ ممارسات السلطة، والكشف عن أهدافها السياسية المشبوهة، محلياً وإقليمياً، وكذا فضح وتعرية سلوكها القمعي بحق المواطنين، وتحديداً الأقليات.

منذ الانقلاب الفاشل في تركيا، استأنفت الأجهزة الأمنية ممارساتها العدوانية بحق المعارضة الموجودة في الخارج، وعمدت إلى تهميش كل الأصوات المعارضة للرئيس التركي

وقد تحولت المؤسسات الحكومية، والمقرات الدبلوماسية، بفعل التسييس المستمر، إلى مجرد أدوات وظيفية، تتوجه ضد الخصوم السياسيين، تحت وطأة وضغط التبعية المباشرة لأوليغاركية الحكم، في طهران أو أنقرة.

لا تعدو الوثائق القضائية الدولية، التي جرى الكشف عنها، مطلع العام الحالي، بخصوص تورط دبلوماسيين أتراك في التجسس على معارضي الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، حدثاً عرضياً، لكن ثمة سوابق عديدة لهذا الأمر، وهو ما يتماثل والدور ذاته الذي يقوم الملالي، بحق خصومه السياسيين الهاربين من بطشه؛ إذ تجري عمليات اغتيالات بحق بعضهم، أو اختطاف وملاحقة البعض الآخر، بواسطة تنظيم الحرس الثوري الإيراني، ثم تنفيذ أحكام إعدام صورية، في طهران، حسبما كشفت منظمات حقوقية أممية.

وبحسب تقرير صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية، العام الماضي: "يواصل النظام الإيراني تصدير الإرهاب إلى خارج حدوده؛ حيث تمّ اغتيل المنشق الإيراني، مسعود مولوي، في إسطنبول، بعد أن هرب إلى تركيا من إيران. إنّ قتل السيد مولوي هو مثال مأساوي آخر يضاف إلى سلسلة طويلة من محاولات الاغتيال المدعومة من إيران خارج الأراضي الإيرانية. إنّ وحشية النظام وأخلاقه لا تعرف حدوداً دولية".

اقرأ أيضاً: بعد الاحتجاجات الطلابية.. هكذا رد رئيس جامعة بوجازيتشي الذي عينه أردوغان

ولفت تقرير الخارجية الأمريكية، إلى أنّ "التقارير حول تورط دبلوماسيين إيرانيين في اغتيال معارض إيراني في تركيا، مثيرة للقلق، لكنّها تتماشى مع أجندتهم؛ إذ إنّ الدبلوماسيين الإيرانيين هم عملاء للإرهاب، وقاموا بعمليات اغتيال متعددة، ومؤامرات تفجير في أوروبا، خلال العقد الماضي".

سيرة القمع

والأمر ذاته، يحدث من خلال أذرع أنقرة الرسمية في الخارج؛ حيث كشف موقع "نورديك مونيتور" السويدي، عن "قيام دبلوماسيين أتراك بتعقب خصوم الرئيس التركي، ومطاردة المعارضين السياسيين له، من خلال جمع معلومات حولهم، وهو ما يمثل انتهاكاً صريحاً للقوانين والقيم الحقوقية، المحلية والدولية، إضافة إلى شن حملات، غير قانونية، لجمع المعلومات، فضلاً عن عمليات استخباراتية أخرى، واسعة النطاق، لجهة توظيفها في توجيه تهم تتعلق بالإرهاب، ومعاقبة أقربائهم ومصادرة ممتلاكاتهم في تركيا".

اقرأ أيضاً: أردوغان يحاول السيطرة على المؤسسات التعليمية والجامعات... ماذا فعل؟

تتفق والمعلومات السابقة، مع ما كشفت عنه وزارة الخارجية البلغارية، في النصف الثاني من العام الماضي، بأنّ السفارة التركية، في صوفيا، نفذت حملة تجسس شاملة وممتدة، ضد معلمين وصحفيين، وعدد آخر من المعارضين للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.

كما ذكرت الخارجية البلغارية، في بيان رسمي، أنّ "السفارة التركية، جمعت معلومات عن الأتراك، إضافة إلى البلغاريين، الذين يعتقد أنّهم ينتمون إلى حركة رجل الدين المعارض، فتح الله غولن، كما جمعت معلومات عن العاملين في المنظمات البلغارية، غير الحكومية، وموظفين وصحفيين يعملون في النسخة البلغارية من صحيفة "زمان" التركية اليومية، وقد سلمت الخارجية البلغارية قائمة بالمتورطين في التجسس إلى الشرطة، للبدء في ملاحقتهم بتهم الإرهاب".

اقرأ أيضاً: أردوغان ينكل بخصومه بقوانين عرفية فُصّلت على مقاس بطشه

وفي العاصمة النمساوية، فيينا، جرى تحقيق مماثل في وزارة الداخلية، على خلفية قيام مواطن من أصل تركي، بتنفيذ عمليات تجسس ضد معارضين لحزب العدالة والتنمية؛ حيث كان يقوم بإرسال المعلومات إلى الأجهزة الأمنية في أنقرة، وقد دشن وزير الداخلية النمساوي، كارل نيهامر، مؤتمراً صحفياً، في أيلول (سبتمبر) العام الماضي، قال فيه "إنّ الجاسوس اعترف بتجنيده لصالح جهاز المخابرات التركي، بغية التجسس على مواطنين أتراك، أو نمساويين، من أصول تركية، لإبلاغ السلطات الأمنية التركية عنهم".

خلايا أردوغان الرسمية للتجسس على المعارضة

وكشف وزير الداخلية النمساوي أنّ "35 شخصاً دخلوا تركيا من فيينا، في الفترة بين عامي 2018 و2020، اعتقلتهم أنقرة وطلبت منهم التعامل مع المخابرات التركية مقابل إطلاق سراحهم".

وبالعودة إلى الوثائق القضائية، التي كشف عنها الموقع السويدي، المتخصص في التحقيقات الاستقصائية، فإنّ "السفارة التركية، في بودابست، تجمع معلومات عن أشخاص يعتقد بأنّهم على صلة بحركة غولن، كما أنّ الدبلوماسيين الأتراك قد جمعوا معلومات حول معلمين أتراك، وممثلي مركز الحوار بين الثقافات، والجمعيات المحلية، ورجال الأعمال وأفراد عائلاتهم، الذين يعيشون في البلاد"، وعليه، شرع مكتب المدعي العام، في أنقرة، في التحقيق مع "12 شخصاً أدرجوا في ملفات التجسس التي أرسلها دبلوماسيون أتراك في بودابست، دون أي دليل ملموس على ارتكابهم لأي مخالفة، ووجهت لهم تهمة "الانتماء إلى جماعة إرهابية". وغالبا ما كانوا يحرمون من الخدمات القنصلية؛ مثل التوكيل الرسمي وتسجيل المواليد، بالإضافة إلى إلغاء جوازات سفرهم، ويتم الاستيلاء على أملاكهم في تركيا، ويواجه عناصر وأفراد من عائلاتهم في الوطن تهم جنائية".

الباحث المتخصص في الشان التركي محمد حامد لـ"حفريات": تجسس أردوغان على المعارضة في الخارج، هو موضوع قديم ومتواصل، ويعود إلى العام 2004

وفي تموز (يوليو) العام الماضي، نشر الموقع ذاته، وثيقة كانت مرفقة ضمن مذكرة رسمية إلى الأمم المتحدة، تبرز عمليات الاختطاف التي وصفتها بـ"المنظمة"، بينما تتم برعاية الدولة التركية، وسفاراتها بالخارج، بهدف "الإعادة القسرية للمواطنين الأتراك المعارضين"، وهو ما علق عليه الدبلوماسيون الأتراك، بأنّها "مزاعم تنشرها حركة غولن".

لذا، فإنّ تجسس أردوغان وبعض الدبلوماسيين الأتراك على المعارضة في الخارج، هو موضوع قديم ومتواصل، حسبما يوضح الباحث المتخصص في الشان التركي، محمد حامد، بل ويعود إلى العام 2004، إذ تمّ رصد حوادث استرجاع المعارضين وخطفهم، بصورة قسرية، من خلال الأجهزة الأمنية الغربية، بعدما امتدت أذرع أردوغان في الغرب وأفريقيا، بين فيينا والنمسا، مروراً بالمكسيك، وحتى كوسوفو وصربيا، لتنفيذ العمليات "المشبوهة"، وقد تكثفت بعد الانقلاب الفاشل والمزعوم، العام 2016، كما تم اختطاف العديد من أعضاء حركة الخدمة، والذين يشتبه بصلاتهم بحركة رجل الدين المعارض عبد الله غولن.

الباحث المصري المتخصص في الشأن التركي محمد حامد

ويضيف حامد لـ"حفريات": "منذ الانقلاب الفاشل في تركيا، استأنفت الأجهزة الأمنية ممارساتها العدوانية بحق المعارضة الموجودة في الخارج، وعمدت إلى تهميش وتقليص كل الأصوات التي تقف على النقيض من ممارسات الرئيس التركي، كما أنّ وتيرة القمع والتجاوزات القانونية ارتفعت بصورة غير مسبوقة؛ فالسجون التركية مكتظة، بينما مؤسسات الدولة، التشريعية والتنفيذية، ومن بينها القضاء والصحافة، تخضع جميعها لسلطة أردوغان المباشرة، في ظل النظام الرئاسي الجديد الذي دشنه، ومن ثم، نجد أنّ شركة طائرات خاصة في أنقرة، تسمى "مافي باشكنت"، متورطة في عمليات اختطاف المعارضين بالخارج، لحساب المخابرات التركية ".



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية