عماد فؤاد
مصر مستعدة للتعامل مع كل السيناريوهات.. تلك العبارة الحاسمة التى خرجت من القاهرة، فجرت الخلاف بين رئيس الوزراء الإسرائيلى «بنيامين نتنياهو» وقادة الجيش، ومنذ كشف «نتنياهو» يوم الجمعة الماضى عن نيّته شن هجوم على رفح، بزعم تصفية كتائب لحركة «حماس» خرجت على السطح الخلافات بين الجانبين «السياسى» و«العسكرى».
وخلال الاجتماع الأخير لمجلس الحرب فى «تل أبيب»، جاء رد «هرتسى هاليفى»، رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلى صادماً لـ«نتنياهو»، الذى دعا لإعادة قوات الاحتياط، التى سُرّحت من الخدمة العسكرية والتحضير لاجتياح رفح.
نبه «هاليفى» إلى أن إعادة تعبئة قوات الاحتياط تحتاج لوقت طويل، كما أن مثل تلك العمليات البرية تستدعى الاهتمام بالجوانب السياسية، سواء كانت فى الداخل الإسرائيلى، أو فى الخارج، ومع مصر، فى المقام الأول.
وفى انتقاد واضح لسياسات «نتنياهو»، قال رئيس الأركان: «إن هناك قضايا سياسية يحتاج المستوى السياسى إلى حلها أولاً، قبل أن يقوم الجيش الإسرائيلى بما هو مطلوب منه».
صحيفة «يديعوت أحرنوت» أكدت أن الجيش الإسرائيلى لا يتمنى أن تصل الأمور إلى الصدام مع مصر، وهو ما سيتحقق بالاجتياح البرى لرفح، ولم يجد «نتنياهو» رداً سوى اتهام الجيش الإسرائيلى بالمماطلة فى تنفيذ تعليماته.
وسائل الإعلام الغربية ركزت فى تقاريرها على المخاوف الإسرائيلية من تعريض العلاقات مع مصر للخطر، ولفتت إلى أن «تل أبيب» تخشى أن تفقد الدور المصرى المهم كوسيط مهم لتقريب وجهات النظر مع «حماس».
صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، نقلت عن دبلوماسى غربى «كبير» فى القاهرة قوله: «إن المسئولين المصريين حثوا نظراءهم الغربيين على إبلاغ إسرائيل بأنهم يعتبرون أى تحرك لإجبار سكان غزة على العبور إلى سيناء، بمثابة انتهاك من شأنه أن يعلق فعلياً اتفاقية السلام بين البلدين.
قادة الجيش الإسرائيلى لا يغفلون المستوى الاستراتيجى للعلاقات مع مصر، التى يظل التنسيق معها أمراً حيوياً لأى اتفاق مستقبلى لإطلاق سراح الرهائن، حتى إن اصطدم ذلك بالحسابات النفعية الضيقة لنتنياهو، الذى يحاول إنقاذ نفسه بـ«سياسة الأرض المحروقة»، التى خسر بسببها أقرب حلفائه، فوزير خارجية الاتحاد الأوروبى «جوزيف بوريل» أكد أن الهجوم على رفح سيكون بمثابة «كارثة إنسانية لا توصف»، وحذر من أنه قد يثير «توترات خطيرة مع مصر».
ونقلت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن وزير الخارجية البريطانى ديفيد كاميرون قلقه العميق إزاء احتمال قيام إسرائيل بعملية عسكرية فى رفح، وفيما يتطابق مع وجهة النظر المصرية فى تجاوز الأزمة، قال «كاميرون» إنه ينبغى أن يتوقف القتال على الفور حتى يكون بالإمكان إدخال المساعدات وتحرير المحتجزين، يليه «التقدم نحو وقف دائم ومستدام لإطلاق النار». ورغم التواطؤ الأمريكى مع إسرائيل منذ بداية عدوانها الهمجى على غزة، فإن الرئيس «بايدن» أعلن عن انضمامه لدعوات المجتمع الدولى لإسرائيل بوقف الهجوم على مدينة رفح، بحسب صحيفة «الجارديان» البريطانية.
مصر الثابتة على موقفها برفض تهجير الفلسطينيين، وتصفية القضية، أكدت تجنب اتخاذ إجراءات تزيد من تعقيد الموقف، وتتسبب فى الإضرار بمصالح الجميع دون استثناء، و«نتنياهو» ما زال متمسكاً بسياساته التى ستحرق إسرائيل نفسها، والتى أدت لتصدى الجيش نفسه لرغباته المجنونة.
عن "الوطن"