نتنياهو وغزة.. مسألة شخصية

نتنياهو وغزة.. مسألة شخصية

نتنياهو وغزة.. مسألة شخصية


15/11/2023

عماد نصير

أخذت الحرب في غزة منعطفًا خطيرًا ويبدو أن إسرائيل مصممة على تصعيد اجتياحها للقطاع وسط تكثيف القصف والعمليات العسكرية التي ذهب ضحيتها آلاف المدنيين أغلبهم من الأطفال والنساء؛ ما أثار موجة غضب شعبي عارمة حتى في الدول الغربية التي تقدم الدعم والسلاح لإسرائيل.

الحديث عن وقف لإطلاق النار والمطالبات المستمرة من قبل بضع دول بوقف الحرب لا سيما البيان الختامي للقمة العربية والإسلامية الاستثنائية التي انعقدت في الرياض يوم السبت، والذي تضمن توصيفًا بأن ما تقوم به إسرائيل في غزة لا يعتبر دفاعًا عن النفس ويرقى لوصفه بجرائم حرب تضرب بعرض الحائط القانون الدولي الإنساني.

في الحقيقة إن أي مسعى أو مطالبة لوقف إطلاق النار ترتطم بواقع أن حرب غزة التي يروَّج لها من قبل الساسة الإسرائيليين بأنها للدفاع عن النفس والقضاء على حماس، هي مسألة شخصية بحتة بالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يعلم تمام العلم بأن أي وقف لآلة الحرب يعني انتهاءه وخروجه من المشهد السياسي إلى الأبد، لذا يريد أن يحقق انتصارًا فريدًا من نوعه في غزة ينتهي باحتلال القطاع كي يبقي نفسه في المشهد.

اليوم تستطيع أن تلاحظ التغير في مستوى الأهداف الإسرائيلية من الحرب، فقبل أيام كان الحديث عن أهداف إسرائيلية تتمثل بالقضاء كليًّا على حماس وتغيير شكل السلطة في القطاع والوضع الأمني وتسليم ذلك للسلطة الفلسطينية كأحد الخيارات المتاحة، ولكن اليوم بات الحديث الإسرائيلي عن احتلال للقطاع وفرض السلطة الإسرائيلية أمنيًّا وسياسيًّا، وهو ما يأتي تحت ذريعة ضمان أمن إسرائيل ويتسق مع مطالبات الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير، الذي قالها صراحة إن على إسرائيل احتلال القطاع لضمان القضاء على أي تهديد يمس أمن إسرائيل.

هذا التغير في الموقف أثار حفيظة واشنطن، التي باتت اليوم في موقف محرج من الموقف الإسرائيلي ومن التصعيد على الأرض الذي وصل حد استهداف المستشفيات وتحويلها إلى ساحات قتال.

جو بايدن طالب نتنياهو بتوضيح تصريحاته حول مستقبل الحكم في قطاع غزة بعد الحرب، ولكن الأخير لم يرد بعد، لا بل أعاد التأكيد أن السلطة الفلسطينية بشكلها الحالي لا يمكنها حكم القطاع.

كل ما سبق ينطوي تحت بند التخبط الإسرائيلي سياسيًّا وعسكريًّا منذ هجوم السابع من أكتوبر، أهداف متغيرة وتصريحات متناقضة، ومخططات منها ما انكشف أمره كمخطط تهجير سكان غزة نحو سيناء المصرية، ومنها ما تحضر له إسرائيل ويتكشف مع مرور الساعات كمخطط احتلال القطاع وفصله عن الضفة الغربية بشكل كامل.

ورغم ازدياد جنون آلة الحرب الإسرائيلية، فإن الانقسامات في مجلس الحرب طفت على السطح، وسط تسريبات تتحدث عن مناكفات بين نتنياهو وأعضاء بالمجلس لا سيما غالانت، إلا أن ذلك لم ينعكس بعد على خطط التوغل الإسرائيلية في القطاع ويبدو أن تل أبيب تسير قدمًا لارتكاب المزيد من المجازر في الشمال لإجبار جميع الغزيين على التوجه جنوبًا، ولكن ماذا بعد، هل سيستمر الجيش الإسرائيلي في التوغل حتى إلى المناطق التي زعم بأنها ستكون آمنة ويرسم خطًّا جديدًا يجبر سكان غزة على النزوح إليه؟

الوضع خطير جدًّا، ويشي بزلزال سياسي قاب قوسين أو أدنى سيقضي وبشكل نهائي على حل الدولتين، في حال فشلت الدول العربية والغربية في كبح جماح آلة الحرب الإسرائيلية الساعية لاحتلال القطاع، في إطار مخطط بات واضحًا للتهجير والإعلان عن نكبة فلسطينية جديدة شبيهة بنكبة الـ48.

عن "إرم نيوز"




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية