ميليشيات موالية لإيران تقاسم العراق ثرواته... أرقام صادمة لكميات النفط المنهوبة

ميليشيات موالية لإيران تقاسم العراق ثرواته... أرقام صادمة لكميات النفط المنهوبة


07/06/2022

أعاد الخلاف بين إقليم كردستان والحكومة العراقية المركزية على حقوق بيع النفط ملف تهريب الميليشيات العراقية الموالية لإيران كميات كبيرة من الذهب الأسود إلى الواجهة.

فبعد أن نهب تنظيم داعش الإرهابي عشرات الملايين من تهريب النفط العراقي، اتبعت ميليشيات موالية لإيران النهج نفسه في سرقة النفط العراقي ونقله إلى إيران أمام أعين الأجهزة الحكومية.

ونجحت الميليشيات الموالية لإيران خلال الأعوام الماضية بتهريب الملايين من براميل النفط من العديد من الحقول، دون أن تحرك الحكومة ساكناً، وقد استحدثت طرقاً وأساليب جديدة لنهب النفط، وسط معطيات موثقة عن أنّ حجم السرقة كبير جداً، في ظلّ تواطؤ شخصيات سياسية واقتصادية معها.

وكشفت أوساط نيابية عراقية عن استحواذ الميليشيات الموالية لإيران على نصف موارد النفط للدولة العراقية، في الوقت الذي تحتدم فيه الخلافات بين بغداد وأربيل حول من يدير ملفي النفط والغاز في إقليم كردستان.

وتلفت الأوساط إلى أنّ الفساد في قطاع النفط في العراق بلغ مستويات خطيرة، وقد عجزت الحكومات المركزية المتعاقبة على وضع حدٍّ لهذا النزيف نتيجة سطوة الميليشيات، ولعبة التوافقات، التي تقود في النهاية إلى غضّ الطرف عن سلسلة من عمليات الهدر والنهب لثروات العراق.

وتمتلك هذه الميليشيات بعض الحقول النفطية في مناطق ذات غالبية سنّية مثل علاس والقيارة ونجمة، مستفيدة من شركات نقل وإمداد وشحن تسيطر عليها في محافظة البصرة جنوب البلاد لتهريب النفط المسروق من هذه الحقول.

نجحت الميليشيات الموالية لإيران خلال الأعوام الماضية بتهريب الملايين من براميل النفط من العديد من الحقول

وفي السياق، أكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب حاكم الزاملي أنّ عمليات تهريب المشتقات النفطية تصل كمياتها إلى نصف حجم المصدّر الفعلي من النفط العراقي، مشيراً إلى أنّها تذهب إلى صالح مافيات وجهات استعانت بشركات عالمية نفطية.

وقال الزاملي خلال اجتماع موسع للجنتي النفط والطاقة، ومسؤولين عسكريين وأمنيين:  "إنّ لديه معلومات مؤكدة هي أنّ عمليات تهريب المشتقات النفطية تصل كمياتها إلى نصف حجم المصدّر الفعلي من النفط العراقي، وهذا يعني هدر ثروات مالية ضخمة جداً، تذهب إلى صالح مافيات وجهات نافذة متخصصة استعانت بشركات عالمية نفطية لنصب معدات التهريب"، وفق ما نقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية.

 

ميليشيات موالية لإيران تتبع نهج داعش نفسه في سرقة النفط العراقي ونقله إلى إيران أمام أعين الأجهزة الحكومية

 

وتابع الزميلي المنتمي إلى التيار الصدري: "إنّ التخريب طال أيضاً قطاع الكهرباء، حيث تتعرض أبراج الطاقة للتفجير مرة على يد الإرهاب بهدف زعزعة الاستقرار، ومرات عدة على يد جهات نافذة تسعى للحصول على عقد صيانة وإعمار هذه الأبراج التي يتم تخريبها، وذلك حسب المعلومات المتوفرة، مشيراً إلى أنّ هذه الخروقات تطال كذلك المنافذ الحدودية والضرائب والجمارك والموانئ، وجميعها تحرم البلد والعراقيين من عوائد ضخمة، ستحدث تغييراً إيجابياً كبيراً فيما لو ذهبت بالاتجاه الصحيح".

وأكد النائب الأول أنّ "الحدّ من هذه الخروقات يتطلب وقفة جادة من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية، وتقديم دعم خاص للأجهزة الأمنية لتضع حدّاً لهذه الظاهرة التي باتت تهدد اقتصاد العراق، وتدمر مقدرات البلاد، ويجب ضربها مهما كانت الجهات التي تقف خلفها".

ومن جهته، كشف نائب رئيس لجنة النفط والطاقة في البرلمان العراقي نهرو رواندزي عن وجود أنابيب متفرعة عن الأنبوب الرئيسي الناقل للنفط الذي يمتد بين البصرة في جنوب البلاد والناصرية، تصل إلى مقرات الميليشيات الموالية لإيران، مشيراً إلى أنّه "لا أحد يجرؤ على الاقتراب منها".

وأوضح رواندزي، في تصريح نقلته شبكة "رووداو"، أنّه تمّت ملاحظة أنّ "النفط الذي يمرّ عبر أنبوب البصرة إلى الناصرية تنخفض كمياته، فعندما يقولون مثلاً إنّه تم ضخ مليون برميل عبر الأنبوب، وتفحص شرطة النفط الأنبوب بعد عدة كيلو مترات من خلال أجهزة القياس، يتبين فقدان جزء من الكمية المعلن عنها".

وأضاف النائب أنّ التحقيقات في المسألة أظهرت خروج أنابيب فرعية من الأنبوب الرئيسي إلى مقرات الميليشيات، لكن لا أحد يجرؤ على الاقتراب منهم، قائلاً: "هذا هو التهريب والنهب الحقيقيان".

 التخريب طال أيضاً قطاع الكهرباء

وذكر رواندزي أنّ التهريب الذي يجري الحديث عنه "ليس تهريباً بالمعنى الحقيقي، بل هو فساد في تأمين النفط لمعامل ومصانع في محافظات الجنوب والوسط، بينما تلك المصانع والمعامل متوقفة عن العمل، فيتم بيع النفط لمعامل ومصانع في إقليم كردستان لا تمتد يدها إلى بغداد للحصول على حصص لها، وأخبرتهم أنّ المشكلة هي عند وزارة النفط وهناك عقبات في طريق حصول معامل ومصانع إقليم كردستان على حصصها من النفط من وزارة النفط العراقية، وهو ما يقضي به القانون، لهذا تضطر تلك المعامل والمصانع إلى شراء ذلك النفط".

في المقابل، أشار قائد شرطة الطاقة العراقية غانم محمد، في تصريح صحفي أوردته قناة "السومرية"، إلى أنّ النفط يُهرب من مناطق وسط وجنوب العراق إلى إقليم كردستان.

ووفقاً لصحيفة "العرب" اللندنية، فإنّ مراقبين يرون أنّ الجهات النافذة التي تم الحديث عنها ليست سوى الميليشيات لموالية لإيران، لكن لا أحد عملياً في السلطة يملك الإرادة الحقيقية لمواجهة مثل هذه الممارسات والتصدي لها، مشيرين إلى أنّ ما تم الكشف عنه، سواء من قبل الزاملي أو رواندزي، هو أمر معلوم لدى جميع القوى، لكنّ إثارته اليوم لا تخلو من غايات سياسية لها علاقة بالسجالات الجارية حول أزمتي الحكومة ورئاسة الجمهورية، وأيضاً في ارتباط بالتجاذبات الحاصلة بين أربيل وبغداد حول ملفي النفط والغاز.

 

التوافقات السياسية تقود في النهاية إلى غضّ الطرف عن سلسلة من عمليات الهدر والنهب لثروات العراق

 

وتضغط بغداد اليوم على قيادة كردستان لسحب يدها من إدارة النفط والغاز استجابة لقرار قضائي صدر في شباط (فبراير) الماضي، إلا أنّ سلطة الإقليم تصرّ على أنّ لديها الحق في التصرف بالمنتجات النفطية وفقاً لمصالحها العليا، وللقانون الصادر عن إقليم كردستان.

وكانت المحكمة الاتحادية العليا العراقية قد أصدرت حكماً بعدم دستورية قانون النفط والغاز في إقليم كردستان، وألزمت في قرارها حكومة الإقليم بتمكين وزارة النفط العراقية وديوان الرقابة المالية الاتحادي بمتابعة إبرام عقود بيع النفط والغاز في إقليم كردستان.

وترفض حكومة الإقليم الامتثال لأمر المحكمة، معتبرة أنّ قرارها ناتج عن ضغط سياسي وهو غير قانوني، وأنّ للإقليم الحق في إدارة موارده من الطاقة بموجب قانون للنفط والغاز صادر عن برلمانه.

وقد دخلت مؤخراً الميليشيات الموالية لإيران على خط الأزمة، من خلال التهديد بالتصعيد ميدانياً ضد الإقليم في حال لم تتم الاستجابة لطلب المحكمة الاتحادية، وجاءت اللهجة الخشنة للميليشيات بعد استهداف مجهولين لمنشآت نفطية في الإقليم.

 

رواندزي: وجود أنابيب متفرعة عن الأنبوب الرئيسي الناقل للنفط بين البصرة والناصرية، تصل إلى مقرات الميليشيات الموالية لإيران، ولا أحد يجرؤ على الاقتراب منها

 

ويقول المراقبون: إنّ دوافع تحرك الميليشيات مرتبطة بموقف إيران، وبرغبة تلك الميليشيات نفسها في الاستفادة من الثروة النفطية والغازية في الإقليم، ولحرف الأنظار عن عمليات السرقة الممنهجة التي تمارسها بحق نفط العراق، في الوقت الذي يعاني فيه العراقيون من أزمة اقتصادية خانقة وبنية تحتية مهترئة.

ويوضح المراقبون أنّ جميع القوى في العراق تتحمل، على مستويات مختلفة، المسؤولية في عملية سرقة الميليشيات لثروات البلاد، من خلال الصمت أو التواطؤ معها، ذلك أنّ النفط الذي يجري اليوم نهبه يتمّ تهريبه بالأساس إلى جهتين، وهما إقليم كردستان وإيران.

وفي السياق ذاته أشار وزير النفط العراقي السابق والخبير النفطي الحالي جبار علي اللعيبي إلى أنّ العراق أخفق في حماية حقوله النفطية.

وأضاف اللعيبي أنّ هناك هدراً في عائدات الثروة النفطية، ومنها استيراد مشتقات نفطية بمعدل (3-4) مليارات دولار سنوياً، وحرق غاز طبيعي في الحقول بمعدل (6-7) مليارات دولار سنوياً، ونقل نفط خام بمعدل (2) مليار دولار سنوياً، وتفاصيل أخرى بمعدل (2) مليار دولار سنوياً، فيكون مجموع الهدر السنوي (15) مليار دولار وربما أكثر"، هذا بالإضافة إلى عمليات النهب التي لا يمكن تقدير قيمتها، وفق شبكة "الإندبندت" بالعربية.

وكان تقرير لجنة تقصي الحقائق قد أظهر خلال الدورة النيابية الماضية جرائم ميليشيات تابعة لإيران، ومنها ميليشيات الحشد الشعبي، من خلال عمليات ابتزاز مختلفة، وبيع أراضي الدولة، والهيمنة على المشاريع والمزادات، والاستيلاء على منازل المواطنين والمواقع الأثرية، وسرقة النفط.

مواضيع ذات صلة:

التوسع الإيراني في سوريا يهدد أمن الأردن على هذه المستويات

"انتهى عصر الحصانة": الموساد يعيث اغتيالاً في إيران

إيران تعبث في ملف الطاقة وتشعل الخلاف مع كردستان



انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات

آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية