موسم الرياض يثير الجدل تزامناً مع العدوان الإسرائيلي على غزة

موسم الرياض يثير الجدل تزامناً مع العدوان الإسرائيلي على غزة

موسم الرياض يثير الجدل تزامناً مع العدوان الإسرائيلي على غزة


06/11/2023

انطلقت الدورة الرابعة لمهرجان "موسم الرياض" في 20 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وسوف تستمر الفاعليات حتى آذار (مارس) 2024، ولا يُعدّ المهرجان حدثاً فنياً تقليدياً، بل يعتبر أكبر مهرجان في العالم، بوصفه احتفالاً مترامي الأطراف يحوّل الرياض إلى مسرح عالمي يلتقي فيه الفنانون والرياضيون والمؤثرون على وسائل التواصل الاجتماعي.

 وبالطبع يجذب هذا المشهد الثقافي الترفيهي أسماءً وزواراً من جميع أنحاء العالم، إلّا أنّ احتفالات هذا العام، بالتزامن مع الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية المستمرة على قطاع غزة، أثارت جدلاً ترددت أصداؤه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

 في مقطع فيديو تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي على نطاق واسع، أعلن الفنان المصري محمد سلام، اعتذاره عن دوره في مسرحية "زواج اصطناعي"، التي كان من المقرر عرضها على مسرح محمد العالي، ضمن فعاليات المهرجان.

 في المقطع قال سلام لمتابعيه: كنت أتمنى أن يتم إلغاء المهرجان، أو على الأقل تأجيله؛ في ضوء ما يحدث لأشقائنا في فلسطين من قتل وإبادة، لهذا جاء اعتذاري متأخراً، ولا يمكنني لوم إدارة المهرجان، أو مطالبتهم بتأجيل الفعاليات، لكن في الوقت نفسه لن أستطيع أن أؤدي دوري في المسرحية الكوميدية الاستعراضية، وأقوم بالرقص والغناء وتبادل النكات بينما هم يقتلون.

 وقد أثار موقف سلام ردود فعل متباينة، حيث أشاد كثيرون بشجاعته ومخاطرته بحياته المهنية؛ من أجل دعم القضية الفلسطينية، في ظل الوضع الإنساني المتدهور في غزة، وكذلك رفع الوعي بما يحدث في فلسطين، فقد أشادت حلا شيحة، وإيمان العاصي، ومرام أبو عوف وغيرهم من الشخصيات الفنية بموقف سلام.

 وعلى الرغم من ذلك، لم يسلم المقطع المنتشر من انتقادات محمد أمين، وتامر عبد المنعم، وبيومي فؤاد، وعمرو أديب، وغيرهم من الذين اتهموا سلام بادعاء الفضيلة، إضافة إلى وضع زملائه الأكثر احترافية ووفاءً لمسؤوليتهم الفنية في وضع حرج.

 بعد أيام من الصمت، كتب المستشار الفني للمملكة تركي آل شيخ، عبر صفحته على (فيسبوك) تدوينة، قال فيها: "هناك نقطة مهمّة أعتقد يجب الإشارة إليها بوضوح، وأنا في الفترة الأخيرة لم أتحدث كثيراً، لكن اعتقد من المهم الحديث الآن …، عام 1967، عندما احتُلت دول، لم يتوقف أيّ شيء، وفي حرب لبنان لم يتوقف أيّ شيء، وعندما حاربت بلدي (7) أعوام لم يتوقف فيها شيء، ودم السعودي أغلى لديّ من أيّ شيء".

 وتابع آل الشيخ: "عندما يزايد التافهون علينا، يجب أن نوضح الحقيقة، لا أعرف متى تنتهي مسخرة استخدام اسم المملكة، أو اسمي، او اسم موسم الرياض، في أيّ شيء، كشماعة لتحويل الأنظار عن حدث آخر  أو وضع آخر…، وإلى متى السماح للغلط على شخصيات اعتبارية في بلدي والبكاء عند الرد؟ وإلى متى ترهيب كل من يتعاون معنا في عمل شريف، مثله مثل أيّ عمل آخر ..لم أر كرة القدم توقفت مثلاً، وأيّ وظيفة حرة وشريفة، وأيّ وظيفة سياحية أيضاً...، أعتقد أنّ المواطن العربي أصبح ملمّاً وفاهماً اسم تركي آل الشيخ يستخدم لماذا ومِن مَن …، لقد أصبح الوضع مكشوفاً تماماً، وبالأدوات نفسها، وبالصحف نفسها، وبالطريقة نفسها،  وبالأشخاص أنفسهم…، لكنّ السعودي، وأنا منهم، مشغول بتطور بلده ونهضتها، ومرحب بكل زائر ومحب".

 وبرغم موجة الانتقادات الحادة التي هاجمت فعاليات مهرجان "موسم الرياض"، استمرت الفعاليات بلا هوادة، وهذا يعكس اهتمام الحكومة السعودية بقطاع الترفيه، وكذلك طموحها ورغبتها الشديدة لاستضافة الفعاليات الفنية العالمية، وهي الرؤية التي انتهجتها لأعوام قليلة ماضية، لكنّ تزامن الفعاليات مع عدد من الاحتجاجات التي اجتاحت العالم؛ للتنديد بما تقوم به إسرائيل من مجازر في حق الشعب الفلسطيني، أثار غضب كثيرين من المتابعين للمشهد الثقافي والفني، وكذلك أثار تساؤلات حول دور الفن في دعم القضايا والأوضاع الإنسانية التي تحتاج إلى معالجة عاجلة.

المستشار الفني للمملكة تركي آل شيخ

 وإذا أردت استكمال دور الفن على هذه الخريطة التنموية الثقافية، فقد يكون من الملائم، على الأقل، ألّا يتجاهل البرنامج هذا العام ما يجري من عدوان في حق الأبرياء، وقد يتضمن المهرجان كثيراً من فعاليات تضرب بجذور مؤثرة في تاريخ الثقافة العربية، من مقاومة وقصص مشرفة لصد العدوان الجائر، لا سيّما ضدّ المدنيين والأطفال.

 إذا كان لموسم الرياض تأثير جماهيري على مستوى الإقليم، وبالاتساق مع حديث آل شيخ، فمن الجائز، بل لعله من الواجب، أن تكون مساندة الأبرياء والمدنيين ضمن الآثار المتوقعة من مهرجانات فنية وثقافية يُعتدّ بها، على المستوى الإقليمي والدولي. وهذا أيضاً ما يعكس آراء قطاعات واسعة من أصحاب الأفكار البناءة، البعيدة عن استقطابات ومشاحنات لا طائل من ورائها، لا للفن ولا لضحايا العدوان.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية