مهرجان الجونة السينمائي.. حداد وتضامن ونافذة مفتوحة على فلسطين

مهرجان الجونة السينمائي.. حداد وتضامن ونافذة مفتوحة على فلسطين

مهرجان الجونة السينمائي.. حداد وتضامن ونافذة مفتوحة على فلسطين


27/12/2023

منذ إطلاق الدورة الأولى لمهرجان الجونة السينمائي في العام 2017، تمّ اعتباره أحد المهرجانات الرائدة في منطقة الشرق الأوسط، لعرضه مجموعة من الأفلام المتنوعة للجمهور الشغوف بالسينما والمتحمس لها، وخلقه لتواصل أفضل بين الثقافات المختلفة من خلال فن السينما، ووصل صناع الأفلام من المنطقة بنظرائهم الدوليين، من أجل تعزيز روح التعاون والتبادل الثقافي، وبالفعل خلال (6) أعوام، وهو وقت قصير نسبياً في هذه الصناعة، أوجد المهرجان المصري لنفسه مساحة وسط المهرجانات الدولية المهتمة بصناعة الفيلم، وكان من المقرر إطلاق الدورة السادسة في آخر شهر تشرين الأول (أكتوبر) 2023 ، لكن نتيجة للعدوان الإسرائيلي المستمر على فلسطين، والأهوال التي يمر بها قطاع غزة، جاء قرار تأجيل الدورة السادسة، والتبرع بمبلغ (5) ملايين جنيه مصري لدعم جهود الإغاثة الإنسانية لأهالي غزة، وذلك بالتعاون مع مؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية والهلال الأحمر المصري، وعكست تلك القرارت تضامن إدارة المهرجان مع الشعب الفلسطيني، وتعاطفه مع أهالي غزة، وكذلك اتساقه مع المبدأ الذي تبنّاه منذ تأسيسه: "السينما من أجل الإنسانية".

دورة استثنائية "نافذة على فلسطين"

بعد قرار التأجيل قررت إدارة المهرجان إقامة دورة استثنائية في الفترة من 14 إلى 21 كانون الأول (ديسمبر) الجاري، وإضافة برنامج عن فلسطين بعنوان: "نافذة على فلسطين"، بالتعاون مع المؤسسة الفلسطينية للأفلام، وقدّم البرنامج (10) أفلام فلسطينية، (7) منها تعرض لأول مرة، كما صرحت (ماريان خوري) المديرة الفنية للمهرجان في حفل الافتتاح، الذي لم يتضمن أيّ أجواء احتفالية، حيث تم استبدال السجادة الحمراء التي تميز المهرجانات بممر رملي، وكذلك طلبت إدارة المهرجان من الفنانين ارتداء الملابس السوداء في حفلي الافتتاح والختام؛ حداداً على أرواح الشهداء في غزة، وبالفعل حضر الجميع بالملابس السوداء، وظهر الشال الفلسطيني بشكل مميز في إطلالات العديد من الفنانات والفنانين، وكذلك حاول مدير المهرجان (انتشال التميمي) تبرير إقامة الدورة السادسة، رغم تأجيلها سابقاً، في كلمته خلال حفل الافتتاح قائلاً: "باسم مهرجان الجونة السينمائي بدورته السادسة، أحب أن أرحب بكم، وأتمنى لكم دورة ناجحة ومثمرة. خلال الأعوام الـ (6) الماضية، جابه مهرجان الجونة العديد من التحديات، منها كوفيد، وتحديات لوجيستية أخرى، لكنّه خرج من هذه التحديات بتجربة أفضل، وبقوة أكثر، وهذا العام قررنا عقد هذه الدورة رغم تأجيلها من شهرين، لأنّ الظرف كان صعباً جداً، كان هناك حدث ضخم بارد وقاسٍ قضى على حياة الآلاف، وقد يسأل البعض لماذا تم تأجيل المهرجان في تشرين الأول (أكتوبر) وعقده في كانون الأول (ديسمبر)؟ في الحقيقة التدمير موجود والقصف موجود، ولكن اختلفت المقاربة، من الصعب التضحية بالثقافة، فالمهرجان فعل ثقافي وفني، يحمل رسالة أبعد من الترفيه". 

قررت إدارة المهرجان إقامة دورة استثنائية في الفترة من 14 إلى 21 كانون الأول (ديسمبر) الجاري

كذلك جاءت كلمة الفنان المصري محمود حميدة، الذي بدأ حفل الافتتاح بخطاب مؤثر، انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، قال فيه:" أقف اليوم أمامكم لأتكلم عن المسؤولية التي نتقاسمها جميعاً، وهي مسؤولية تسليط الأضواء على أكثر أوقات الإنسانية ظلاماً، فنحن كصناع ومبدعين ومحركي مشاعر وناقلي حقيقة، نمتلك هذه القدرة، وعلينا واجب، لأنّنا رواة القصص غير المروية، وصوت الأصوات الصامتة، وحاملو الحقائق غير المريحة، ومن قصص اليأس نستطيع أن نسلط الضوء على جوهر إنسانيتنا المشتركة، في عالم أصبح يغض البصر عن الفظائع، لدينا القدرة على أن نكون محفزين للتغيير، لأنّ القهر ليس مجرد فصول تاريخية، ولكنّه جروح حية تتطلب الاعتراف والفهم من أجل الشفاء، فلتكن أفلامنا شهادة على صمود الروح الإنسانية، وأملاً في وجه الظلام. السيدات والسادة أشكركم على الحضور، ومكتوب هنا أن أطلب منكم الوقوف حداداً، ولكنّي لن أطلب هذا الطلب؛ لأنّ الحداد كما يعبّر عن الحزن، فهو دافع للنسيان، وأنا لا أريد أن أنسى، ولا أريدكم أن تنسوا".

تظاهرة فنية تدعم القضية الفلسطينية 

حفل الافتتاح شهد مشاركة من المطربة التشيلية الفلسطينية (إليانا)، التي قدّمت أغنيتها "غصن الزيتون"، وكذلك قدّم المطرب المصري (آبو) أغنية The world is blind، وغنّى فريق (كايروكي) أغنية "تلك قضيتي" في حفل ختام المهرجان. وقد ضمت الدورة السادسة من مهرجان الجونة السينمائي (23) فيلماً في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، و(15) فيلماً في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، و(14) فيلماً في مسابقة الأفلام القصيرة، ومجموعة من الأفلام التي تعرض خارج المسابقة، وتمّ عرضها على مدار أيام المهرجان، إضافة إلى الندوات والجلسات التى أقيمت فى هذه الدورة. وأظهر لنا المهرجان أنّ الفن وإقامة المهرجانات لا يتعارض مع القضية، ودوره بالقطع يتجاوز الدور الترفيهي المتعارف عليه، بل يمكنه ويجب عليه طوال الوقت مراعاة الظروف الإنسانية ودعم القضايا المختلفة.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية