اختار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن تكون السودان المرحلة الأولى من جولته الإفريقية؛ لأن نظامها يعتبر حليفاً للإخوان المسلمين ولقطر وتركيا، وينتهج سياسة عدائية ضد مصر، ليحظى في العاصمة الخرطوم باستقبال شعبي ورسمي وسط حفاواة مبالغ فيها من جانب النظام السوداني.
أردوغان أعلن أنّ البشير وافق على تسليم جزيرة "سواكن" لتركيا لتديرها لفترة غير معلن عنها
أردوغان لم يتأخر في الكشف عن أطماعه وأهدافه الحقيقية من وراء زيارة السودان فبعد يوم حافل من الاتفاقيات التي تجعل جزءاً كبيراً من الاقتصاد السوداني مرهوناً بالجانب التركي، صرّح أردوغان في ختام الملتقى الاقتصادي بين رجال أعمال سودانيين وأتراك أمس الاثنين، أنّ الرئيس السوداني عمر البشير وافق على تسليم تركيا إدارة جزيرة "سواكن" الواقعة في البحر الأحمر، لفترة زمنية لم يحددها لإعادة إنشائها وإعادتها إلى طابعها التراثي القديم.
وزار أردوغان برفقة نظيره السوداني عمر البشير سواكن؛ حيث تنفذ وكالة التعاون والتنسيق التركية "تيكا" مشروعاً لترميم الآثار العثمانية، وتفقد الرئيسان خلالها مبنى الجمارك ومسجدي الحنفي والشافعي التاريخيين في الجزيرة.
ووقع رجال أعمال أتراك وسودانيين 21 اتفاقية لإقامة مشاريع زراعية وصناعية تشمل إنشاء مسالخ لتصدير اللحوم ومصانع للحديد والصلب ومستحضرات التجميل؛ إضافة إلى بناء مطار في العاصمة السودانية الخرطوم، وإنشاء مجلس للتعاون الإستراتيجي، وأهمها توقيع اتفاقية للصناعات الدفاعية.
وعلق بدوره البشير خلال الملتقى الاقتصادي قائلاً:"نريد رفع الاستثمارات التركية إلى عشرة مليارات دولار في فترة وجيزة".
تسليم جزيرة "سواكن" للأتراك أشعلت الأوساط الشعبية والسياسية في السودان التي لم تبقَ بمعزل عن الحدث الجلل؛ حيث انخرطت في جدل كبير حول ما تمخضت عنه زيارة الرئيس التركي الأخيرة إلى الخرطوم، فكثير من المراقبين والمحللين السياسيين السودانيين يرون أنّ حكومة بلادهم قدّمت لتركيا هدايا مجانية دون أن تحصل على مقابل فعلي.
مراقبون ومحللون سودانيون يرون أنّ حكومة بلادهم قدّمت لتركيا هدايا مجانية دون أن تحصل على مقابل فعلي
ويشار إلى أنّ ميناء سواكن هو الأقدم في السودان قبل الميناء الحالي في مدينة بورتسودان التي أسسها الإنجليز، ويُستخدم الآن في نقل المسافرين والبضائع إلى ميناء جدة السعودي.
وكانت جزيرة سواكن التي تقع على البحر الأحمر مُستعمرة تركية (عثمانية) ما بين 1821 - 1885، واشتهرت كميناء لتصدير الرقيق والذهب والبضائع الأخرى إلى الحجاز آنذاك، الأمر الذي عده السودانيون تنازلاً مجانياً عن سيادتهم على الميناء والجزيرة، وعودة مبطنة لحقبة الدولة العثمانية الاستعمارية عبر الأردوغانية الجديدة.
جمعيات تندد بإهداء البشير لأردوغان أسداً صغيراً وتعتبره سلوكاً همجياً ومشيناً وينم عن روح متوحشة
وأثارت هدية أخرى قدمها البشير لأردوغان جدلاً واسعاً ضمن جمعيات ومنظمات مدنية مهتمة بالبيئة وحقوق الحيوانات؛ حيث نددت جمعيات بإهداء الرئيس السوداني لنظيرة التركي أسداً صغيراً (شبل)، واعتبرت ذلك سلوكاً همجياً ومشيناً، وطالبت الرئيسي السوداني بالتراجع عن هذه الهدية التي تنم عن روح متوحشة وغير نبيل.