من الإرهاب إلى التنمية... كيف عبرت سيناء المصرية مربع الخطر؟

من الإرهاب إلى التنمية... كيف عبرت سيناء المصرية مربع الخطر؟

من الإرهاب إلى التنمية... كيف عبرت سيناء المصرية مربع الخطر؟


09/05/2023

منذ أعوام ليست ببعيدة، كانت سيناء شمال شرقي مصر تواجه أكبر موجة إرهاب استهدفت المؤسسات الأمنية والبنية التحتية والمدنيين على حدٍّ سواء، ضمن موجة الإرهاب الكبرى التي اجتاحت البلاد، شرقاً وغرباً، في أعقاب سقوط جماعة الإخوان عن الحكم، وما تبعه من نشاط مكثف لأذرعها الإرهابية، سواء المنبثقة عن التنظيم أو المتحالفة معه، لتنفيذ خطة إنهاك أمني وتخريب استهدفت كافة المحافظات، كان لشبه جزيرة سيناء الحدودية، والتي تمثل ارتكازاً أمنياً غاية في الخطورة، النصيب الأكبر منها.

وبعد مرور أعوام، كانت المواجهة الأمنية في أوجها مع تنظيمات الإرهاب، وقد نجحت السلطات المصرية في محاصرة الأنشطة الإرهابية داخل سيناء والقضاء على تواجد الغالبية العظمى من تلك التنظيمات؛ الأمر الذي انعكس بشكل كبير على انخفاض وتيرة العمليات، لتقترب مصر من الإعلان نهائياً عن القضاء على الإرهاب.

وبالتزامن مع المواجهة الأمنية، أقرّت الدولة المصرية منذ أعوام خارطة شاملة للتنمية في سيناء أرفع كفاءة، منها الخدمات والبنية التحتية والتركيز على فرص الاستثمار وتشغيل الشباب، وتوفير خدمات صحية وتعليمية عالية الجودة للأهالي، الأمر الذي تحدث عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مراراً، كان آخرها في آذار (مارس) الماضي، مشيراً إلى أنّ المواجهة الأمنية وعملية التنمية في سيناء قد تكلفت نحو (50) مليار دولار.

محاور التنمية في سيناء

تحدث اللواء طيار أركان حرب محمد صلاح، في أحد البرامج التلفزيونية المصرية عن المحاور الضرورية لتنمية سيناء، وقال: إنّها تتمثل في مجالات الزراعة والإعمار، والبنية التحتية، بما يتناسب مع أهمية هذه القطعة الغالية من أرض مصر، مشيراً إلى أنّ أهم محاور التنمية هي القضاء على الإرهاب وإحلال السلام والأمان على أرض الفيروز.

 اللواء طيار أركان حرب محمد صلاح

وأوضح اللواء طيار محمد صلاح أنّ القضاء على الإرهاب في سيناء كان استمراراً لخطوات العبور في السادس من تشرين الأول (أكتوبر) عام 1973، لافتاً إلى أنّ القوات المسلحة المصرية بذلت جهوداً كبيرة لتأمين عملية التنمية ومحاربة الإرهابيين في الوقت نفسه.

سيناء نحو تنمية شاملة... ما تفاصيل الخطة؟

بالتزامن مع ذكرى تحرير سيناء، التي يحتفل بها المصريون في 25 نيسان (أبريل)، نشر المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية دراسة وافية حول معدلات وأرقام خطة التنمية الشاملة في سيناء.

وبحسب الدراسة للباحثة أسماء رفعت، أصدر مجلس الوزراء المصري في عام 2012 مرسوم قانون رقم (14) لعام 2012 بشأن تشكيل الجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء، كهيئة عامة اقتصادية تابعة لمجلس الوزراء، ليحل محل المشروع القومي لتنمية سيناء، ويهدف إلى إحداث تنمية حقيقية على أرض الواقع.

اللواء طيار أركان حرب محمد صلاح: المحاور الضرورية لتنمية سيناء تتمثل في مجالات الزراعة والإعمار والبنية التحتية

وفي 7 آذار (مارس) 2016 أعلن الرئيس المصري عن استكمال خطته لبناء مجتمع عمراني متكامل في سيناء، وفي اليوم التالي تم إعلان تأسيس شركة جديدة وهي الشركة الوطنية لاستثمارات سيناء، وهي شركة استثمارية حرة تهدف إلى الربح والتنمية معاً، وقد تم فتح باب الاكتتاب العام في أسهم الشركة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2016 لزيادة رأسمالها وتوسيع قاعدة ملكيتها.

وتضمنت خطة التنمية الشاملة التي تنفذها الدولة لتنمية سيناء، وفق الدراسة، (3) محاور رئيسية؛ هي: تحسين مستوى الخدمات الأساسية، والتنمية العمرانية المتكاملة، والتنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات، ويلاحظ ترابط المحاور الـ (3) مع بعضها بعضاً، إذ يؤدي تحسين مستوى الخدمات إلى زيادة جذب السكان وتحقيق التنمية العمرانية، والتي بدورها تساعد على جذب الاستثمارات من خلال توسيع حجم السوق وزيادة الطلب.

خارطة تنموية شاملة

استحوذت مشروعات التنمية في سيناء على ما يزيد عن (600) مليار جنيه منذ عام 2014، وقد توزعت على عدد من القطاعات؛ منها التعليم والصحة والطرق والإنارة والكهرباء  والصرف الصحي، وغيرها، وفق ما أوردته الدراسة.

وتضمنت مشروعات الربط البري إقامة (7) جسور عائمة على قناة السويس، و(5) أنفاق للعبور على جانبي القناة، وتطوير (5) مطارات، هي مطار البردويل الدولي ومطار طابا ومطار شرم الشيخ ومطار الطور ومطار سانت كاترين، بالإضافة إلى تطوير (5) موانئ بحرية وجافة وإنشاء المناطق اللوجستية بها، وهي ميناء شرق بورسعيد البحري وميناء القنطرة شرق البري وميناء العريش البحري وميناء طابا البري وميناء نويبع البحري، فضلاً عن تطوير وإقامة طرق مترابطة.

استحوذت مشروعات التنمية في سيناء على ما يزيد عن (600) مليار جنيه منذ عام 2014

وعلى مستوى مشروعات البنية التحتية، فقد تضمنت (52) مشروعاً لمياه الشرب، و(27) محطة تحلية لمياه البحر، و(25) مشروعاً للصرف صحي، و(92) مشروع كهرباء، بجانب توصيل التيار الكهربائي للتجمعات التنموية بجنوب سيناء.

وبالنسبة إلى التجمعات التنموية من المدن الجديدة، فقد بلغت نحو (17) تجمعاً تنموياً و(12) ألف وحدة إسكان اجتماعي و(49) ألف وحدة إسكان في (4) مدن عمرانية جديدة، كما تم إنشاء (203) مشاريع لصالح التعليم قبل الجامعي، بالإضافة إلى إنشاء (8) جامعات، وإنشاء وتطوير (50) مستشفى ومركزاً صحياً، و(141) مشروعاً لصالح الشباب والرياضة.

وتمّ ضخ استثمارات في عدد من المشروعات التنموية، والتي تمثلت في مشروعات استصلاح  الأراضي للزراعة لمساحة بلغت (674) ألف فدان، ومشروعات مدّ المياه إلى سيناء، ومشروعات تنمية الثروة السمكية، وتم تطوير (5) مناطق صناعية، ومنح قروض المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر في المجالات التي تمثل ميزة نسبية للمنطقة بنحو (2.1) مليار جنيه.

مستقبل التنمية في شبه جزيرة سيناء

بعد نجاح تنفيذ عملية التنمية الشاملة في سيناء، والتي استمرت منذ عام 2014 حتى عام 2022، وقيام الدولة بتنفيذ عدد من المشروعات التنموية، فإنّ الأمر يستلزم، وفق رؤية الباحثة، ضخ مزيد من الاستثمارات العامة والخاصة لتسريع وتيرة التطوير والتنمية.

دراسة: تضمنت خطة التنمية الشاملة التي تنفذها الدولة لتنمية سيناء (3) محاور رئيسية هي: تحسين مستوى الخدمات الأساسية، والتنمية العمرانية المتكاملة، والتنمية الاقتصادية وجذب الاستثمارات

ونظراً لخصوصية الوضع في سيناء، والتي لها أهمية استراتيجية خاصة، وتُعدّ مسألة أمن قومي للبلاد بالدرجة الاولى، فإنّ استمرار تنفيذ المخطط الأمني أمر مهم لضمان تأمينها وتعزيز البُعد الأمني بها، بما يؤدي إلى زيادة جاذبيتها للسكان وتوفير البيئة الآمنة المناسبة لجذب الاستثمارات الوطنية والأجنبية.

وقد يتطلب ذلك، وفق الدراسة، تقديم مزيد من الحوافز يتم إضافتها إلى التشريعات الاقتصادية المتعلقة بتنمية سيناء لتعويض الوقت والإجراءات الإضافية اللازمة للوفاء بالاشتراطات الأمنية الخاصة بالمنطقة.

وكذلك هناك ضرورة لتقديم حوافز اجتماعية لزياد جذب السكان وتعزيز التنمية العمرانية، وذلك من خلال التوسع في إنشاء كافة الجهات الخدمية التي يحتاج إليها المواطنون وتأهلهم لقيادة العملية التنموية، فيتمّ التوسع في إنشاء مدارس متطورة ومستشفيات ومراكز ثقافية ورياضية ودينية ومراكز تدريب وتأهيل لتطوير الصناعات المتطورة والحديثة، جنباً إلى جنب مع الصناعات التي يتميز بها المجتمع السيناوي، مثل المنتجات البيئية اليدوية، والتي تسهم في خلق صورة ذهنية خاصة للمنطقة.

مواضيع ذات صلة:

فيلم "داعش سيناء" يكذّب "الإخوان" ويهدد بنسف المقرات الانتخابية

سيناء معضلة سياسية ومأزق أمني لإسرائيل




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية