مع حلول عيد النيروز... هل اكتشف الإيرانيون حقيقة نظامهم؟

مع حلول عيد النيروز... هل اكتشف الإيرانيون حقيقة نظامهم؟


21/03/2021

تشهد إيران منذ أشهر طويلة احتجاجات في مختلف المحافظات، بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار وانخفاض الرواتب، في ظلّ انهيار العملة المحلية انهياراً غير مسبوق منذ فترة، فقد بلغ سعر صرف الريال الإيراني ربع مليون أمام الدولار الواحد، الأمر الذي جعل الرواتب لا تكفي لسدّ احتياجات المواطنين على الإطلاق، وفي غضون ذلك تواصل السلطات الإيرانية ممارساتها القمعية بحقّ كل من يخرج في تلك المظاهرات الاحتجاجية التي تهدد نظام طهران.

 

إيران تشهد منذ أشهر طويلة احتجاجات في مختلف المحافظات بسبب تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار وانخفاض الرواتب

 

ونظّم متقاعدو الضمان الاجتماعي أمس إضرابات عمالية متفرقة في مدن مختلفة في جميع أنحاء البلاد، للاحتجاج على تدنّي الرواتب وارتفاع الأسعار.

وبحسب صور نُشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فإنّ متقاعدي الضمان الاجتماعي في طهران ومدن مثل؛ تبريز وكرج وأصفهان ورشت وأردبيل وشوشتر وكرمنشاه والأهواز وأراك، تجمّعوا أمام مكاتب الضمان الاجتماعي للاحتجاج على عدم تلبية مطالبهم، وفق ما نقل موقع الدراسات والأبحاث الاستشرافية.

وظهر المحتجون الغاضبون في مقاطع الفيديو وهم يرددون هتافات مثل: "الحكومة تخون والبرلمان يساند"، و"التضخم يتصاعد والناس يموتون"، "ولن نهدأ حتى نحصل على حقوقنا".

وقد تعرّض عدد من المحتجين المتقاعدين خلال تجمعهم في الأسبوع الماضي للضرب والاعتقال على يد القوات الأمنية الإيرانية، بمن فيهم الناشط العمالي كاميار فكور.

 

متقاعدو الضمان الاجتماعي نظّموا أمس إضرابات عمالية متفرقة في مدن مختلفة في جميع أنحاء البلاد

 

وفي سياق متصل، أعلنت وكالة أنباء العمال الإيرانية (إيلنا) عن تجمّع عدد من عمال شركة إيران للسوائل في مدينة تبريز، احتجاجاً على قرار صاحب العمل بإغلاق المصنع.

وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو من تجمّع عمال ومهنيي البناء في مدينة سقز بكردستان، احتجاجاً على عدم وجود حصص للتأمين لهم.

وتأتي هذه الاحتجاجات والاعتصامات العمالية والمتقاعدين تزامناً مع ورود تقارير في وسائل الإعلام وتصريحات المسؤولين تفيد بانخفاض القدرة الشرائية لدى الشعب بشكل ملحوظ.

 وتشير تقارير الأسواق الإيرانية إلى أنه، مع حلول عيد النيروز وزيادة ذهاب المواطنين إلى مراكز البيع للتسوق بمناسبة رأس السنة الإيرانية الجديدة، تُباع البضائع دون إشراف وبالسعر الحر، وفي بعض الحالات تصل إلى 3 أضعاف السعر المفترض.

من جانبه لفت رئيس اتحاد بائعي المواد الغذائية بالجملة إلى انخفاض رواتب الموظفين والعمال والفئات الأكثر تضرراً، وقال: "نشهد انخفاضاً بنسبة 35% على الأقل في طلبات المواد الغذائية مقارنة بالعام الماضي، وذلك بسبب انخفاض القدرة الشرائية لدى الناس".

وفي وقت سابق، كتب المتحدث باسم الحكومة الإيرانية علي ربيعي، في مقال لصحيفة "إيران": "حالياً هناك نحو 3.3 مليون موظف رسمي في البلاد معرّضون للضرر بشكل مباشر".

 

عمال شركة إيران للسوائل في مدينة تبريز وعمال ومهنيو البناء في مدينة سقز بكردستان يحتجون على أوضاعهم

 

وأضاف: "تمّ إغلاق أكثر من 1.5 مليون ورشة عمل، ويواجه 4 ملايين عامل غير رسمي في البلاد عمليات إغلاق أو خفض ساعات العمل أو خفض الأجور وتسريح العمال".

ويشكو المواطنون في إيران من النفقات الهائلة على الميليشيات خارج البلاد، وإهمال الداخل الإيراني، ويطالبون بوقف هذه المشاريع التخريبية.

وكانت دراسة أجراها المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية تحت عنوان "شبكات التسلل الإيرانية في الشرق الأوسط"، قدّرت إجمالي إنفاق إيران على أنشطة ميليشياتها في سوريا والعراق واليمن بنحو 16 مليار دولار سنويّاً.

وحول أوضاع المواطنين المتردية لم يرُق للمتشددين في إيران فيديو نشره الرئيس السابق محمد خاتمي يوم الخميس الماضي حول معاناة المواطنين، و"اعتذاره" عن "النواقص والقصور" عندما كان في السلطة.

وفتح مقال نشرته أمس وكالة "تسنيم" الإيرانية القريبة من المتشددين، يحمل عنوان "سيد خاتمي، أنت جزء من المشكلة، وليس من الحل" ، فتح النار على خاتمي.

وكتبت وكالة "تسنيم": إنّ "الوضع الاقتصادي والاجتماعي السيّئ الذي نمرّ به هو إلى حد كبير نتيجة حكومة وصلت إلى السلطة بدعمكم، وأنتم الآن مرتبطون بشكل وثيق بسجلها".

 

علي ربيعي: حالياً، هناك نحو 3.3 مليون موظف رسمي في البلاد معرّضون للضرر بشكل مباشر

 

وبمناسبة عيد نوروز، رأس السنة الفارسية التي يحتفل بها الإيرانيون السبت، نشر خاتمي مقطع فيديو على موقعه الإلكتروني الخميس.

وقال الرئيس الأسبق "بدلاً من تقديم تمنياتي، أفضل التعبير عن تعاطفي، مع الناس في الآلام والأحزان التي تحمّلوها".

وأضاف: "أعتذر بصدق للشعب الإيراني عن أوجه القصور في عملي، وعن الأشياء التي لم أفعلها، وما كان ينبغي أن أفعله ولم أفعله".

وقالت الوكالة: "ما فائدة التعاطف مع مصائب الناس في بداية العام؟ هل سيحلّ ذلك مشكلة" غلاء المعيشة؟

وبمناسبة العام الإيراني الجديد، بعثت أسر قتلى الاحتجاجات في إيران، وضحايا الطائرة الأوكرانية، وكذلك أسر السجناء السياسيين لدى طهران، برسالة، طالبت خلالها بإنهاء الظلم والجور، وطالبت بتحقيق الحرّية والسلام للجميع.

وأطلق منوشهر بختياري، والد بويا بختياري، أحد ضحايا احتجاجات "نوفمبر 2019"، على العام الجديد عام "لا لإيران".

وقال: إنّه يأمل أن تكون هذه التسمية "رمزاً لإنهاء 43 عاماً من العذاب والفقر والجوع والبؤس التي ألحقها هؤلاء الظالمون بأرضنا".

وشدد "بختياري" أيضاً على أنّ "الحركة المطالِبة بالعدالة للشعب ستسعى دائماً من أجل حرية الشعب، وإحياء هذه الأرض مجدداً حتى الإطاحة بالنظام الفاسد والإجرامي".

وفي رسالتها بعيد النوروز، أعربت شقيقة فرزاد أنصاري، فر فرزانه، أحد ضحايا احتجاجات تشرين الثاني (نوفمبر) 2019، عن تمنياتها "بالسلام والطمأنينة والصحة، وقبل كل شيء الحرّية" للشباب، وفق ما أوردت وكالات أنباء محلية.

 

خاتمي ينشر فيديو يتحدث فيه عن معاناة المواطنين، و"اعتذاره" عن "النواقص والقصور" عندما كان في السلطة، والمتشدّدون يردّون

 

وقالت مخاطبة مسؤولي النظام في طهران: "لم تقتلوا فرزاد فقط، بل مزقتم أسرتي أيضاً، وسلبتم منا كلّ التمنيات والسعادة التي كنا نشعر بها بوجود فرزاد، لقد أخذتم الضحك من شفاهنا، وأعطيتمونا دموعاً وتنهدات ودماً وأنيناً" .

وتابعت مخاطبة الحرس الثوري: "بأيّ سعادة تحتضنون أطفالكم وتقبّلونهم وتهنئونهم، بينما تحطمون أدمغة فلذات أكباد الآباء والأمهات؟".

من جانبه، قال حامد إسماعيلون، الذي لقيت زوجته وابنته مصرعهما في حادث تحطم الطائرة الأوكرانية بصاروخ الحرس الثوري، في رسالته بمناسبة النوروز، التي حصلت عليها قناة "إيران إنترناشيونال": "إنّ العام الماضي كان عاماً صعباً".

وهنأ "إسماعيلون" جميع أولئك الذين يحتفلون بالنوروز، معرباً عن أمله في أن يكون العام الجديد "عام اكتشاف الحقيقة، وعام تحقيق العدالة لعائلات الضحايا، وكل الذين تعرّضوا للقمع والظلم".

 

أسر قتلى الاحتجاجات وأهالي السجناء السياسيين في إيران، وأسر ضحايا الطائرة الأوكرانية، يطالبون بإنهاء الظلم والجور، وتحقيق الحرّية والسلام

 

وفي شباط (فبراير) 2019 أثار الإعلان عن الارتفاع المفاجئ في سعر البنزين موجة من الاحتجاجات في أكثر من 100 مدينة قُمعت بقبضة من حديد.

وسقط 304 قتلى في هذه الاحتجاجات، حسب منظمة العفو الدولية، بينما تحدثت السلطات عن 230 قتيلاً.

يُذكر أنّ النظام في طهران يعطي الأولوية منذ أعوام لميليشياته عوضاً عن شعبه، وقد نهب الأموال التي يستحقها شعبه، والتي يحلم أيضاً بأنها ستنفق ليس على رفاهيته، بل على أدنى مقوّمات العيش الكريم.

وعلى الإيرانيين أن يختاروا في 18 حزيران "يونيو" خليفة للرئيس حسن روحاني، الذي يمنعه الدستور من الترشح لولاية ثالثة على التوالي.

وكان يفترض أن يؤدي أهم إنجاز حققه روحاني، وهو الاتفاق النووي الإيراني في 2015، إلى إخراج طهران من عزلتها وجذب المستثمرين الأجانب لتعزيز الاقتصاد.

لكن بدلاً من ذلك، أدى انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب منه وإعادة فرض العقوبات الاقتصادية الأمريكية على طهران إلى إغراق إيران في ركود عميق.


آخر الأخبار

الصفحة الرئيسية