مشروع بيان تاريخي للإخوان.. هذا نصه !

مشروع بيان تاريخي للإخوان.. هذا نصه !


04/08/2022

علي محمود

على وقع جماعة تهاوت وتنظيم تحطم تحت أقدام الشعب المصري خرج القيادي الإخواني الهارب «إبراهيم منير» القائم بأعمال المرشد العام لجماعة الإخوان معلنًا أن الجماعة اكتشفت - بعد مراجعات أمينة وصادقة مع النفس - أنها كانت في ضلال؛ نتيجة اعتناق فكر مؤسس الجماعة «حسن البنا»، وأن الجماعة تتبرأ من كل أقواله وأفعاله، وأنها من اليوم لم تعد جماعة؛ بل تقرر تفكيكها وإغلاق مكاتبها بالخارج، وحل لجانها وكتائبها المسلحة، وأنها كتنظيم سري أصبحت محلولة بحكم الواقع العملي، بعد أن اكتشفت أنها سقطت طوال العقود الماضية في هوة التغييب والضلال، واعترف «منير» أنه كان أحد القيادات التي مارست الخداع والإرهاب على الشعب، وأنه قام بتمويل عمليات الإرهاب، وأن مشروعاته سخرها لتمويل أفكار هدامة، وأنه يلتمس من الشعب أن يعفو عنه ويغفر له ولجماعته هذه الآثام والجرائم التي ارتكبوها في حق الوطن، عن جهل وتغييب بسبب أفكار الإرهابي «حسن البنا»، الذي كنا نعتقد أنها أفكار طيبة لا تستهدف سوى مرضاة الله، لكننا اكتشفنا أنها أفكار هدامة للدولة المصرية، ولا تمت للإسلام بصلة، وندعو إلى حرق كل الكتب التي تتناول هذه الأفكار الخبيثة، ونطلب السماح من الشعب على ما فعلناه من قتل وتخريب وتدمير للوطن، وندين لثورة «30 يونيو» والرئيس السيسي بالعرفان والتقدير والاحترام والإجلال أن منحنا فرصة الاستفاقة مما كنا فيه من جهل أدى بنا إلى الضلال وارتكاب الذنوب والآثام المحرمة في كل الأديان.. هكذا تصورت ما كان يجب أن يقوله «إبراهيم منير» في حديثه لرويترز قبل أيام.. وهكذا تخيلت «حديث واجب»، وشهادة حق، وقول صدق بات فرضًا على الجماعة أن تنطق به في بيان اقترح أن تتقدم به لمصر والعالم.. أما وأن «إبراهيم منير» لم ينطق الحق، ولم يتلفظ إلا بالكذب والخداع المعتاد بقوله: «أن جماعته لن تخوض صراعًا جديدًا على السلطة»، فهو يؤكد أنه وجماعته «كاذبون».

الحقيقة التي ينكرها «إبراهيم منير» - كعادة قيادات هذا التنظيم الذين يتنفسون الكذب - أن السلطة في فكر الإخوان هي هدف إستراتيجي للجماعة منذ نشأتها عام 1928، وهو هدف له مرجعية راسخة وضعها مؤسس الجماعة «حسن البنا»، إذ قال في رسالة له للمؤتمر الخامس للجماعة الذي عقد عام 1938، وهو المؤتمر الفاصل في مسيرة الجماعة؛ حيث تحولت فيه من جماعة دعوية إلى سياسية، ومن النشاط العلني إلى التنظيم السري، ومن العمل الخيري إلى المسلح، إذ قال في حديثه عن الإخوان والسلطة: «إن الإخوان المسلمون سيعملون لاستخلاص الحكم من أيدي كل حكومة لا تنفذ أوامر الله، وهو ما يعني أنهم سلطة أعلى من سلطة الدولة، وانتزعوا لأنفسهم حق تقييم الحكومات عما إذا كانت تطبق أوامر الله من عدمه، وبالطبع من وجهة نظرهم.. وأوامر الله هنا عباءة يتخفون وراءها للوصول إلى السلطة، وهو ما فعلوه في مصر عام 2012؛ حين نجحوا في استخدام الدين لتحقيق أهدافهم السلطوية..

ولعل ما كشفت عنه الوثائق السرية البريطانية - التي أفرج عنها قبل سنوات - عن سعي جماعة الإخوان للقفز على ثورة «23 يوليو» عام 1952 - التي قام بها الضباط الأحرار - يؤكد مبدأ القفز على السلطة الذي تنتهجه الجماعة منذ نشأتها، إذ كشفت هذه الوثائق المنشورة، والتي تعود تلك إلى نص تقرير أعدته «فرقة تنسيق الشئون المصرية» في مقر الاستخبارات البريطانية بالقاهرة حينها، «أن تنظيم الإخوان قرر أن يتخلى عن دور "المراقب"، ودخول الحياة السياسية»، وفي مقطع آخر كشف التقرير: «أنه لو جاء الإخوان للسلطة، فإنهم يملكون سلاحًا نفيسًا لا يقدر بثمن؛ يتمثل في كتائبهم التي لم يتم حلها، وتمتلك كميات كبيرة من الأسلحة، ويمكنها بسهولة قلب الموازين في أي صراع على السلطة لمصلحة الإخوان المسلمين»، وفق تقرير الاستخبارات في حينها.

سعي الإخوان للسلطة لم يكن غائبًا في يوم من الأيام منذ عام 1928؛ فهي تستغل أي فرصة - بل وتوجدها - للقفز على الحكم ليس في مصر فقط؛ بل في دول عربية عدة، وللأسف حين تصل تفشل وتتهاوى؛ لأنها لا تمتلك فكرًا ولا برنامجًا ولا منهجًا تطور به الشعوب.. هي تمتلك الكذب والمراوغة والخداع، وحين يتحدث «إبراهيم منير» عن عدم الصراع على السلطة، فهذا القول الكاذب هو نفس الكلام الذي قالته الجماعة أثناء وبعد ثورة «يناير 2011»؛ ففي بداية الثورة أصدرت بيانًا بعدم المشاركة فيها، ثم ما لبثت وأصدرت أمرًا لكتائبها بالمشاركة والقفز على «ثورة الشباب»، ثم حين تم فتح باب الترشح للبرلمان الجديد بعد الثورة، أعلنت كذبًا أنها ستنافس على ثلث المقاعد فقط، ثم عند فتح باب الترشح دفعت بمرشحين على كل المقاعد، وحصلت على الأغلبية بشعارات زائفة، وشراء الأصوات، بالزيت والسكر.

حالة السعار التي أصابت الجماعة للوصول إلى السلطة لم تتوقف عند حد مجلس الشعب؛ بل واصلت أكاذيبها ومراوغتها للوصول إلى السلطة؛ حين أعلنت أنها لن تتقدم بمرشح رئاسي، بل وللإمعان في الخداع والزيف استبعدوا عضو الجماعة عبدالمنعم أبوالفتوح من دعمهم، بعد أن قرر ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية، ثم تراجعوا عن وعودهم - كالعادة - وقرروا ترشيح خيرت الشاطر، نائب المرشد العام للجماعة؛ ليخوض الانتخابات الرئاسية، وبعد منعه بسبب عدم قانونية ترشيحه، قرر الإخوان تقديم «محمد مرسي» إلى سباق الرئاسة، وبعد ذلك جرى ما جرى؛ حيث اكتشف الشعب أنه أمام جماعة "كاذبون" مخادعون، حتى إن البعض أطلق عليهم جماعة الإخوان "المسيلمين" نسبة إلى مسيلمة الكذاب.

سجل حافل بالأكاذيب، وتاريخ طويل مليء بالخيانة، يقدم أدلة قاطعة وبراهين دامغة على إجرام هذه الجماعة الإرهابية التي اتخذت من الإسلام وسيلة لتحقيق أهدافها، والقفز على السلطة من أجل تنفيذ مخططات شيطانية لا تخدم سوى أعداء الوطن، ولا يعدو حديث «إبراهيم منير» سوى محاولة بائسة يائسة لتجميل صورة تنظيم إرهابي أسقطته ثورة «30 يونيو»، ولن يعود بقوة الشعب المصري، وتلك الحقيقة الوحيدة التي لا يعرفها الإخوان.

أليس مشروع البيان المقترح فرصة لكم يا سيد «منير»؟ 

عن "الأهرام"

الصفحة الرئيسية