مشاكل السياسة والإسلام السياسي

مشاكل السياسة والإسلام السياسي

مشاكل السياسة والإسلام السياسي


11/12/2024

ناصر الحزيمي

إن الصدق المطلق يعتبر مشكلة في السياسة وكذلك الكذب المطلق، والمحبة المطلقة تعتبر مشكلة في السياسة وكذلك الكره المطلق
إلى غير ذلك.

وهي من طبائع الأشياء فما يوجد في السياسة يتنافى مع طبيعة الدين وهذه المفاهيم الموجودة منذ الفترة المبكرة، ثم عرفت إسلاميا إنما كانت أخلاقية لا سياسية أما الحدود فتنظيمات فرضتها الأعراف الاجتماعية السائدة قبل الإسلام وأبقى على بعضها الإسلام كأنظمة قابلة للتطوير والتحول مع مرور الوقت ومقتضياته وتبدل الزمان. بل من مقتضيات الفهم العملي للإسلام أن نظن به هذا الظن وهذه الصورة لا كما تردد جماعات الإسلام السياسي من شعارات مفرغة من معانيها وحقائقها. إن أكبر مشكلة تواجه جماعات الإسلام السياسي هي عدم القدرة على المواءمة بين فلسفة السياسة كمفهوم كلي والطبيعة الأخلاقية للإسلام فتراث الإسلام التاريخي النصي لا يذكر لنا إلا الإسلام الأخلاقي غالباً وهذا مصداق قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث ((إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) وهو حديث واضح لهذا لم يتفق أحد من المنادين بتحكيم الشرع على صورة مانعة جامعة لمفهوم تحكيم الشرع المنادى به من العامة والغوغاء في التجمعات الشعبوية المتطرفة من مبتدعي مفهوم التحكيم أو الحاكمية والأول رفعه الخوارج في وجه الإمام علي رضي الله عنه وكرم وجهه والثاني رفعه معاصرونا من جماعات الإسلام السياسي وكلا الفئتين تجتمعان بعناصر مشتركة مثل الشعبوية وتواضع الجانب المعرفي وانعدام الفقه أو الفهم.

ويكفي أن نقرأ وقائع ذات علاقة بما نحن بصدده مثل حديث معاذ والذي جاء فيه ((...عن أصحاب معاذ بن جبل عن

معاذ بن جبل: أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بعثه إلى اليمن قال له: كيف تقضي إذا عرض لك قضاء؟ قال: أقضي بما في كتاب الله. قال: فإن لم يكن في كتاب الله؟ قال: بسنة رسول الله، قال: فإن لم يكن في سنة رسول الله؟ قال: أجتهد رأيي لا آلو، قال: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره، وقال: الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله.))وهذا الحديث قد ضعفه بعض العلماء إلا أن الرأي المشهور والمحكم أنه صحيح المعنى وهو من أدلة أصحاب الرأي والفقهاء الأصوليين، أما من ضعفه مثل الألباني فذلك لأنه ضد مشروعه الحديثي المبني أساسا على السطحية المعرفية وظاهر النص، فهذا النص قد قعد لنا قواعد منها انفتاح النص على إمكانية انعدام الحكم في الكتاب والسنة وإمكانية الحكم بالرأي أو بما يتناسب مع المصلحة العامة للأمة ولواقعية هذا القول سنجد أنه كثيرا ما بهت من وصل لمرحلة التمكين من جماعات الإسلام السياسي، كما حدث في إيران والسودان وغزة ومرحلة حكم الإخوان المسلمين لمصر، وهي لم تتعدّ غالبا تصفية الخصوم أو تفعيل أحكام فقهية كانت أحكام تاريخية تفرضها المرحلة حتى أصبح من علامات الدولة الدينية (جلد شارب الخمر والزاني أو الرجم والبنوك الإسلامية) وغيرها من علامات تدل عند جماعات الإسلام السياسي على الدولة الدينية أو الإسلامية أو دولة الخلافة كما يحب البعض أن يطلق عليها.

العربية




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية