مستوى تنسيق المعارضة يثير هلع أردوغان وحزبه

مستوى تنسيق المعارضة يثير هلع أردوغان وحزبه


12/02/2022

سيعقد زعماء أحزاب المعارضة الستة في تركيا اجتماعهم الأول  حول مائدة مستديرة في 12 فبراير. وبعد أن وافقوا على الحاجة إلى نظام برلماني "معزز"، وبعد ان وجدوا ان لا بديل عن التنسيق والعمل المشترك فيما بينهم بعدما كانوا يواجهون انتقادات اطراف من الحزب الحاكم بشأن ما يبدو انه نوع من الانقسام وعدم وجود أجندة سياسية مشتركة.

الحزب الحاكم ينتابه الهلع من نتائج الاجتماع القادم وينظر بمزيد من القلق بعد  قبول حزب المستقبل وحزب الديمقراطية والتقدم في تحالف الأمة بما يعكس واقعيا نوعًا طموحًا من التوجهات السياسية التي تقلق اردوغان وحكومته وحزبه.

كان الغرض من تلك الخطة إعادة تسمية التحالف المؤيد للمعارضة وإعادة تشكيله.

في الوقت نفسه، هو جزء من محاولة لاستبدال "التعاون المرن بين الأحزاب المعارضة " بـ "تحالف مؤسسي ودائم".

 بعبارة أخرى، تأمل المعارضة أن تضاهي - وإذا أمكن أن تتجاوز - طموحات تحالف الشعب.

 على هذا النحو، يمكن للمرء أن يجادل بأن المعارضة التي تهدف إلى إدارة الفترة التي تسبق انتخابات 2023 وما بعدها، تريد تشكيل "تحالف كبير".

 سيكشف هذا التحالف عن أجندته السياسية وهيكل تقاسم السلطة قبل الانتخابات المقبلة.

من جانب آخر تشعر المعارضة أيضا بثقل المسؤولية والمهام المقبلة، وهي تدرك أن ذهاب أردوغان ليس كافية بل بتغيير النهج الذي اسسه اردوغان ولإنتاج بديل قابل للتطبيق عن نهج الحكومة الحالية.

 يعلم تحالف الأمة انه امام مهمة صعبة وانه ينبغي تشكيل آلية مشتركة لتخطيط وإدارة الحملة مع الاستعداد الجيد لما بعد الانتخابات؟

هذه الأحزاب ستوحد قواها ما دامت تنظر الى نتائج الانتخابات على انها قضية مصيرية وان امامها تحديات مهمة في إطار ترتيب أكثر مرونة يفسح المجال لها لسد كثير من الفراغات لمنح الناخبين قناعة تامة ان لا جدوى من اردوغان وحزبه وحكومته.

 لقد كانت المعارضة موفقة في اختيار حزبي المستقبل والديمقراطية والتقدم  للانضمام إلى كتلة المعارضة، بقيادة حزب الشعب الجمهوري المعارض الرئيسي

. في الوقت نفسه، سيسمح هذا الترتيب للأحزاب الهامشية بالحصول على مزيد من التمثيل والسلطة مقارنة بالمستوى الفعلي للدعم الشعبي.

ومع ذلك، فإن تخصيص المقاعد النيابية واختيار مرشح مشترك ليسا من القضايا التي يتعين حسمها على الورق وانما ستكون على المحك في الميدان.

 لنتذكر أن النتائج الحالية لتنسيق المعارضة جاء بعد  الكثير من وجهات النظر المتباينة وبعض الخلافات حول بعض القضايا التي تخص كل حزب معارض.

 يراهن الحزب الحاكم مثلا على اشتعال التنافس بين المرشحين للرئاسة بين كبار أعضاء تحالف المعارضة وعدم اتفاقهم على مرشح واحد، ويزيد من قلق الحزب الحاكم  إمكانية انضمام حزب الشعوب الديمقراطي بموجب اتفاقية لتقاسم السلطة التي من الممكن ان تدخل حيز التنفيذ في حالة فوز المعارضة المتوقع في الانتخابات المقبلة.

يعكس هذا الطموح بالتأكيد العقلية الليبرالية، التي تؤمن إيمانا راسخا بأنه يمكن حل جميع المشاكل من خلال المفاوضات، وبالتالي فهي تدرك أن طريقها الى السلطة يجب ان يمر عبر الحوار.

لا يزال بإمكان الناس الاختلاف مع الأجندة السياسية المشتركة للمعارضة، ومع ذلك ، قد يجتمع قادتهم باستمرار حول المائدة المستديرة.

على الرغم من أن الخيار الثاني - التعاون المرن في يوم الانتخابات - يبدو أسهل في الإدارة ، إلا أنه سيفشل في إيصال رسالة مفادها أن المعارضة مستعدة للحكم. كما أن المرونة لن تمنع الخلافات الأيديولوجية / السياسية بين تلك الأحزاب الستة من أن تصبح موضوع نقاش عام مستمر.

ومع ذلك، فإن التحدي الأكبر هنا هو أن التحالف الكبير للمعارضة سوف يتشكل من قبل قادة كل من تلك الأحزاب وسوف يكون من بينهم  من يفترض ان ينافس اردوغان شخصيا ويفترض ان يكون مرشح التحالف المؤيد للمعارضة لمنصب الرئاسة.

من الان وصاعدا يجب ان يتهيأ حزب اردوغان الى سماع اخبار المرات التي يجب أن يجتمع قادة المعارضة فيها قبل أن يتمكنوا من الاتفاق على مرشح رئاسي، يجب أن يفوز بأغلبية بسيطة - ناهيك عن تخصيص المقاعد البرلمانية.

 في الواقع، إذا أدت اجتماعات المائدة المستديرة هذه بالفعل إلى "تحالف كبير"، فإن المرشح المشترك للمعارضة سيواجه التحول الجذري وبدء المسار لإطاحة الحزب الحاكم.

 يجب على المرشح ان يحصل على اجماع قادة المعارضة قبل الناخبين.

هذه بالتأكيد مهمة معقدة وشاقة ولكنها ليست مستحيلة. يجب رؤية مستقبل تركيا بعد عام  2023. علاوة على ذلك، فإن هذا الترتيب سيخلق بالتأكيد مسارا سياسيا جديدا إذا تمكن التحالف المؤيد للمعارضة من المطالبة بأكثر من 400 مقعد برلماني - وهو ما سيحتاجون إليه لإصلاح النظام السياسي.

لا يوجد سبب للاعتقاد بأن الشعب التركي، الذي سئم من الحكومات الائتلافية في ظل النظام البرلماني في السابق ثم سئم  حزب اردوغان وحكومته، سيختار إقامة مزيد من السنوات الجديدة لحكم اردوغان.

علاوة على ذلك، أؤكد أن تلك الصيغ الطموحة والدعايات التي هي اقرب الى الاوهام، التي وضعها سياسيون من حزب العدالة والتنمية لتقوية أيديهم على سدة الحكم لا يبدو ان لها رصيد على ارض الواقع.                                                            

عن "أحوال" تركية

الصفحة الرئيسية