محللون سعوديون لـ"حفريات": مصالح واشنطن ليست أهم من مصالحنا

محللون سعوديون لـ"حفريات": مصالح واشنطن ليست أهم من مصالحنا

محللون سعوديون لـ"حفريات": مصالح واشنطن ليست أهم من مصالحنا


18/10/2022

أكد كتاب ومحللون سعوديون لـ"حفريات" أنّ مصالح واشنطن ليست أهم من مصالحنا، في تعقيبهم على الحملات التي تشنّ ضد المملكة العربية السعودية، في أعقاب تخفيض إنتاج النفط.

وبينما تصرح إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بأنّ قرار أوبك بلس بشأن تخفيض إنتاج النفط يعتبر انحيازاً إلى صف روسيا، كشفت السعودية عن طلب الإدارة الأمريكية منها تأجيل قرار أوبك بلس حتى بعد موعد انتخابات التجديد النصفي، ما يعني أنّ إدارة بايدن تُوظف علاقتها بالسعودية للتأثير على الناخب الأمريكي.

وتسعى إدارة بايدن من وراء تحميل السعودية مسؤولية قرار أوبك بلس إلى تبرير إخفاقها في إدارة ملف الطاقة والتضخم أمام الناخبين، ومواجهة انتقادات خصومهم الجمهوريين، الذين يُحمّلون إدارة بايدن المسؤولية عن الأزمة الاقتصادية، وخاصةً الرئيس السابق، دونالد ترامب، الذي ينشط لدعم المرشحين الجمهوريين، ويكيل الاتهامات لبايدن بالفشل في إدارة العلاقات مع روسيا في أزمة أوكرانيا، وتهديد الكوكب بحرب نووية.

خفض إنتاج النفط

وفي الخامس من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، قررت مجموعة "أوبك+" خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل يومياً، اعتباراً من الشهر المقبل، في خطوة تستهدف دعم الأسعار التي شهدت في الربع الثالث أول خسارة فصلية منذ عامين. وبحسب تقارير صحفية من المتوقع أنّ يؤدي القرار إلى تعافي أسعار النفط التي هبطت إلى نحو 90 دولاراً للبرميل، بعد 120 دولاراً قبل ثلاثة أشهر، بسبب مخاوف من ركود اقتصادي عالمي ورفع أسعار الفائدة الأمريكية وارتفاع الدولار.

وأثار قرار أوبك بلس خلافاً بين الولايات المتحدة والسعودية، بعد الاتهامات التي وجهتها واشنطن بحق الرياض على خلفية القرار، وتحميلها مسؤولية قرار المجموعة، فضلاً عن اتّهامها بالانحياز إلى روسيا في الصراع الغربي - الروسي على خلفية الحرب الروسية على أوكرانيا.

د. محمد الصبان: لا توجد دول تعرضت لضغوط سعودية

وعقب تصريحات عدائية من واشنطن، وتلويح بمراجعة العلاقات بين البلدين، إلى جانب مطالبة مشرّعين ديمقراطيين بوقف مبيعات الأسلحة إلى السعودية، وطرح مشروع قرار "نوبك" الذي يرى في أوبك منظمة احتكارية للنفط، نشرت وزارة الخارجية السعودية بياناً نفت فيه الاتهامات الأمريكية، وكشفت عن طلب إدارة بايدن عدم معارضة القرار، بل معارضة توقيته.

وقال كبير المستشارين الاقتصاديين لوزير البترول والثروة المعدنية السابق، محمد الصبان: "لمسنا تراجعاً في حدة التصريحات الأمريكية ضد المملكة، من خلال حديث وزير الخارجية، لكنّ هذا لا يكفي، لأنّ الانتقادات بدت جاهلة بأنّ تحالف أوبك بلس مكون من 23 دولة، وتم اتخاذ القرار بالاجماع، ولا توجد دول تعرضت لضغوط سعودية لتوافق على القرار، كما زعمت واشنطن".

ومن جانبه قال الكاتب والخبير الاقتصادي، فايز الرابعة: "غير مقبول من أمريكا التي تبحث عن مصالحها، أن تمنع الآخرين من ذلك. ولشعوب الدول المنتجة للنفط الحق في الرفاهية والتنمية، فالنفط ثروتها".

حال لجأت أمريكا إلى تقييد مبيعات الأسلحة فمن المؤكد أنّ السعودية ستبحث عن السلاح في دول أخرى وهو أمر لن يكون في صالح واشنطن

وأضاف الخبير السعودي لـ"حفريات": "إن كانت دول الخليج في فترة تراعي انتعاش الاقتصاد العالمي بزيادة الإنتاج وخفض الأسعار، فإنّ الدول الغربية تفرض الضرائب على النفط ولا تراعي رفاهية شعوبها، فلماذا نتحمل نحن مسؤولية رفاهية شعوبها؟".

وفي تصريحاته في الثالث عشر من الشهر الجاري، وصف منسق الاتصالات الإستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي، ردّ المملكة العربية السعودية على اتهامات واشنطن بـ"الالتفاف" على الحقائق ومحاولة "حرف مسارها"، وزعم أنّ دولاً أخرى من أوبك تواصلت مع واشنطن بشكل خاص، وقالت "إنها اختلفت مع القرار السعودي، لكنها دعمت توجه الرياض مكرهة".

ورداً على تصريحات كيربي، أعلنت وزارة الخارجية السعودية في بيان رفضها التصريحات، وأعادت التأكيد على أنّ قرار أوبك بلس اقتصادي ولا علاقة له بالسياسة، كما شددت على رفض المملكة للإملاءات الخارجية، مع التأكيد على متانة العلاقات مع الولايات المتحدة.

التجديد النصفي

وذكر البيان السعودي أنّه تم التداول حول مقترحات أمريكية لتأجيل اتخاذ قرار "أوبك+" شهراً واحداً، وذكر أنّ السعودية أوضحت "من خلال تشاورها المستمر مع الإدارة الأمريكية أنّ جميع التحليلات الاقتصادية تشير إلى أنّ تأجيل اتخاذ القرار لمدة شهر بحسب ما تم اقتراحه سيكون له تبعات اقتصادية سلبية".

وتسبب هذا الإعلان السعودي عن مفاوضات إدارة بايدن لتأجيل القرار لمدة شهر، في حملة كبيرة من الجمهوريين ضد الرئيس بايدن، وكتب السيناتور توم كوتون عبر "تويتر": أنّ بايدن "طلب من السعودية تأجيل خفض الإنتاج فقط لمساعدة حزبه في الانتخابات النصفية".

وأوضح الكاتب السعودي، بدر السعدون بأنّه "في حملات الانتخابات نسمع الكثير من الصخب والتصاريحات المرتفعة، وخاصة عن الطاقة والسعودية، وهذه منهجية الانتخابات الأمريكية منذ ادارة ريغان".

بدر السعدون: في حملات الانتخابات نسمع الكثير من الصخب

وذكر لـ"حفريات" أنّ ما ذكره البيان السعودي حول طلب تأجيل قرار أوبك يعتبر "مخالفة عظيمة للقانون، جعل الجمهوريين يتحدثون عن إجراءات عزل الرئيس في الكونجرس، وربما يعمدون إلى التصعيد ضد بايدن، لإحراج عدد من زملائهم الديمقراطيين للانضمام إلى مسعاهم، أو يلجأون إلى المحكمة العليا".

ويتوجه الناخبون الأمريكيون صوب صناديق الاقتراع للمشاركة في انتخابات التجديد النصفي في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. ويتركز معظم الاهتمام بالانتخابات النصفية على الكونغرس بمجلسيه: مجلس الشيوخ ومجلس النواب. وبالنسبة لمجلس النواب، يتم انتخاب أعضائه لفترة مدتها عامان، ولذلك يتم تجديد شاغلي جميع المقاعد الـ 435 خلال الانتخابات النصفية. أما أعضاء مجلس الشيوخ، فيتم انتخابهم لفترة مدتها ست سنوات، وفي الانتخابات النصفية يكون ثلث المقاعد البالغ عددها 100 متاحاً للمنافسة الانتخابية.

د. محمد الصبان لـ"حفريات": لمسنا تراجعاً في حدة التصريحات الأمريكية ضد المملكة من خلال حديث وزير الخارجية الأمريكي لكن هذا لا يكفي

وتتجلى أهمية تلك الانتخابات في كون من يسيطر على الكونغرس يهيمن على صناعة القرار ومسار تمرير القوانين، بما يؤثر على خطط إدارة بايدن، ففي حال حصد الجمهوريون الأغلبية سيواجه العديد من العراقيل في بقية مدته الرئاسية، وإن فاز الديمقراطيون بالأغلبية سيحظى بالدعم اللازم لتنفيذ برامجه، خصوصاً فيما يتعلق بالاقتصاد وتحديداً مواجهة التضخم، وهي النقطة الأكثر جدلاً بين الحزبين في الحملات الانتخابية.

وفي تصريح لموقع "شير" الأمريكي، قال أستاذ السياسة بجامعة جورج واشنطن، غاري نوردلينغر: "مَن يسيطر على مجلس النواب أو مجلس الشيوخ يسيطر على البرنامج السياسي". وذكر أنّ حزب الأغلبية يحدد من الذي يقود اللجان المهمة في الكونغرس.

ورقة واشنطن ضد السعودية

واستبعدت واشنطن في تصريحات رسمية الإقدام على خطوة نقل القوات الأمريكية من منطقة الخليج، وأكدت على التزامها بالأمن في المنطقة، وكان مشرعون ديمقراطيون طالبوا إدارة بايدن بهذه الخطوة.

ومن ضمن الأوراق التي دعا مسؤولون وأعضاء بالكونغرس إلى استخدامها ضد السعودية ورقة مشروع قانون مثير للجدل وهو نوبك (No Oil Producing and Exporting Cartels) الذي يعود إلى عام 2007. وفي حديثه لـ"حفريات" استبعد كبير المستشارين الاقتصاديين السابق في وزارة البترول والثروة المعدنية، محمد الصبان، اللجوء إلى بحث هذا القرار: "قرار نوبك لم يُفعّل لفترة طويلة، ويلقى معارضة كبيرة داخل وخارج الكونغرس، وكان الرئيس ترامب رفض توقيعه، وأشك أنّ بايدن سيفعل ذلك، رغم أنّه من الصعب توقع خطواته خلال الفترة المقبلة".

وأشار إلى أنّ هذا القرار سيفتح باباً على الولايات المتحدة من قضايا الاحتكار بحقها، لما تفعله في سوق المنتجات الزراعية، بالتخلص من جزء من الإنتاج للحفاظ على الأسعار. وأكد الصبان على أنّ "المملكة ترفض أي إملاءات، وهي دولة ذات سيادة، ولها مكانة كبيرة في النظام العالمي الآخذ في التشكل". وأضاف أنّ "الغرب لديه ازدواجية؛ فقد تراجعوا عن خططهم لحماية المناخ من أجل تأمين الطاقة، كما أنّ واشنطن تبيع الغاز لأوروبا بأربعة أضعاف سعره فيها".

ونفى الخبير الاقتصادي السعودي، فايز الرابعة، تعمد الدول المنتجة للنفط إحداث ركود في اقتصاديات الدول المستوردة، وقال لـ"حفريات": "نحن نعيش حالة اقتصادية توضح شيء من تعقيدات الاقتصاد وصراعاته؛ فعندما أرادت الولايات المتحدة تخفيض التضخم في اقتصادها رفعت الفائدة دون الاهتمام بما يحدث في باقي دول العالم".

ولفت إلى أنّ الولايات المتحدة تسببت في سحب "مئات المليارات من الدولارات من اقتصاديات دول طبعت عملتها بقدر ما لديها من الدولار، الذي خرج من أسواقها حين رفعت الولايات المتحدة الفائدة، ما تسبب في انخفاض عملات هذه الدول، وارتفاع نسب التضخم فيها".

فايز الرابعة: غير مقبول من أمريكا التي تبحث عن مصالحها، أن تمنع الآخرين من ذلك

ولم تكن علاقة المملكة مع إدارة بايدن في حالة جيدة منذ تنصيب الأخير، في العام 2020، خلفاً للرئيس السابق، دونالد ترامب، بسبب تصريحات بايدن المعادية لولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، وتوظيف ملف حقوق الإنسان ضد المملكة، وعدم مراعاة أمن الخليج في المفاوضات مع إيران، فضلاً عن رفع اسم الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية، والذي يعني تخلياً عن دعم المملكة في حماية أمنها في وجه تهديدات إيران والحوثيين.

ولم تفلح قمة جدة التي جمعت بايدن بزعماء دول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب مصر والأردن والعراق، في حلحلة الجمود في علاقات الإدارة الأمريكية بالسعودية بشكل خاص، وكذا الحال بالنسبة لدول عربية أخرى، كانت تتمتع بعلاقات قوية مع الرئيس ترامب.

ويبقى بيد واشنطن ورقة مبيعات الأسلحة إلى المملكة، وهي ورقة تفقد قوتها عبر توجه المملكة إلى إحلال السلام في اليمن، والدخول في مفاوضات بين الشرعية والحوثيين، وهي خطوة لم تكتمل بعد لكنها تشهد تقدماً بما حدث من تمديد للهدنة بين التحالف والشرعية من جانب مع الحوثيين، ما يعني تخفيف ضغط ورقة قطع صادرات السلاح المتقدمة نسبياً.

وحال لجأت واشنطن إلى تقييد مبيعات الأسلحة، فمن المؤكد أنّ المملكة ستبحث عن السلاح في دول أخرى، وهو أمر لن يكون في صالح واشنطن، التي تعتبر علاقتها مع المملكة إستراتيجية، على الرغم من الخلافات المتقطعة التي تمرّ بها.

وتُعرف انتخابات التجديد النصفي نسبةً إلى تحديد تاريخها بمرور نصف مدة الرئيس، وتشمل العديد من انتخابات الولايات والانتخابات المحلية في اليوم نفسه إلى جانب الانتخابات الأهم المتصلة بمجلسي الكونغرس. ويمكن إجراء انتخابات الولايات والانتخابات المحلية في أي عام، وفي أوقات مختلفة على مدار العام.




انشر مقالك

لإرسال مقال للنشر في حفريات اضغط هنا سياسة استقبال المساهمات
الصفحة الرئيسية