
أدرجت محكمة الجنايات المصرية يوم 4 كانون الأول (ديسمبر) الجاري جماعة الإخوان المسلمين على قائمة المنظمات الإرهابية، بعد أن صنفتها الحكومة المصرية منظمة "إرهابية" في العام 2013. وأضافت المحكمة، برئاسة المستشار محمد سعيد الشربيني، عدداً من قيادات وأعضاء جماعة الإخوان إلى قوائم الإرهاب، ومنهم: يحيى السيد موسى، وعلي أحمد بطيخ، وجهاد الحداد.
يأتي هذا الحكم القضائي بعد أيام قليلة من رفع مئات من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين من قائمة الإرهاب في مصر. وقد دفعت هذه الخطوة البعض إلى التساؤل عمّا إذا كان الرئيس عبد الفتاح السيسي يتجه نحو "المصالحة" مع الحركة.
وتضمن القرار، بناء على طلب النيابة العامة في القضيتين رقم (2 و7) لعام 2024، إدراج (15) من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين على قوائم الإرهاب بمصر للمدة نفسها، مع نشر الحكم في الجريدة الرسمية.
الجماعة خطر على الأمن القومي
ومنذ العام 2013 تم حظر جماعة الإخوان المسلمين وتصنيفها جماعة إرهابية بموجب حكم قضائي، بسبب تورطها في أنشطة إرهابية تهدد الأمن القومي.
قرار محكمة الجنايات الذي أكد على تصنيف الجماعة منظمة إرهابية هو إقرار، بحسب الخبراء، بمدى الخطر الذي تمثله على الأمن القومي المصري، كما أنّه قطع الطريق أمام سيناريوهات المصالحة، خاصّة أنّه ضمّ عدداً من قيادات الجماعة المحظورة إلى قوائم الإرهاب.
ومن بين الأِشخاص الذين تمّ إدراجهم على القوائم: أحمد أبو بركة، أحمد بيومي صبرة، محمد أحمد عبده أحمد، حسنين شعبان شادي، عادل فتحي أبو زيد سليمان، محمد حسن السيد أحمد، أمين السيد أمين قنديل، أحمد محمد أمين، محمد عبد الله عبد الحليم علي حسين، خالد طارق حسن فؤاد، محمد عبد الحكيم، محمد عبد الرحمن عرب، محمد فرحات أبو السعود.
جدير بالذكر أنّه في أواخر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي وافقت محكمة الجنايات المصرية على طلب النيابة العامة رفع أسماء (716) شخصاً من قوائم الإرهاب، بعد توقفهم عن ممارسة كافة الأنشطة غير المشروعة ضدّ الدولة ومؤسساتها. وأوضحت النيابة العامة آنذاك أنّ القرار جاء بناء على التحقيقات التي أمرت بها، حيث قامت الأجهزة الأمنية بمراجعة أوضاع المدرجين في القائمة، وتوصلت إلى أنّ الـ (716) فرداً أنهوا تورطهم في أنشطة إرهابية. وأشارت النيابة العامة إلى أنّ الأشخاص الذين بقوا على القائمة قيد المراجعة، كما تمّ وضع خطط لشطب أسماء آخرين توقفوا عن المشاركة في مثل هذه الأفعال.
فض الاشتباك بين الاحتواء والمصالحة
ويعلق الباحث المصري في العلوم السياسية الدكتور عبد السلام القصاص على الأحكام الأخيرة، لافتاً إلى أنّ البعض لم يفرق بين مفهومي الاحتواء والمصالحة، ذلك أنّ المقتضيات السياسية تتطلب تحفيز أولئك الذين دخلوا ضمن المراجعات، أو توقفوا عن ممارسة الإرهاب، ودفعهم نحو مراجعة مواقفهم بإيجابية، بدلاً من إغلاق الأبواب في وجوههم، أمّا المصالحة مع الكيان نفسه، فهي بعيدة المنال، لأنّ الجماعة لم تتوقف يوماً عن التحريض ودعم الإرهاب.
وواصل القصاص تصريحاته لـ (حفريات)، لافتاً إلى أنّ قرار محكمة الجنايات الأخير، باستمرار وضع الجماعة ككيان على قوائم الإرهاب، وإدراج عدد من قياداتها، يؤكد ذلك، ويدعم وجهة النظر القائلة إنّ المصالحة مع الجماعة وهم، وإنّ الخروج منها ومراجعة أفكارها هو الطريق الوحيدة للعودة إلى الوطن. وأضاف: "الجماعة التي يقبع قادتها وعدد من كوادرها في السجون، أو المنفى، لا تمتلك أيّ أوراق ضغط في الشارع، وليس لديها ما تقدمه للدولة من شأنه أن يدفعها إلى التحرك نحو المصالحة".
وتابع: محكمة الجنايات استخدمت حقها القانوني لإدراج قيادات وعناصر جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب، وذلك بعد انتهاء مدة الإدراج السابقة، طبقاً لمذكرة أعدتها النيابة العامة، وفقاً للمادة الثانية من القانون رقم (8) لعام 2015، في شأن تنظيم الكيانات الإرهابية والإرهابيين، حيث استوفت الجماعة كل الشروط التي تقضي بإدراجها من جديد على قوائم الإرهاب
يُذكر أنّ ضياء رشوان، رئيس هيئة الاستعلامات المصرية، أكّد في تصريحات لــ (بي بي سي) أنّ المصالحة بين السلطة والإخوان المسلمين أمر غير محتمل، ولفت إلى أنّ مراجعة أوراق المدرجين على قوائم الإرهاب هو أمر يستحق الثناء وجدير بالتقدير، في إطار حلّ درجة من التعقيد في المشهد الحالي.